المراقبة الادارية على الجماعات الترابية في ظل دستور 2011
المراقبة الادارية على الجماعات الترابية في ظل دستور 2011
دخل مفهوم المراقبة الادارية إلى القانون الوضعي المغربي، لأول مرة، بعد صدور دستور 29 يوليوز 2011، حيث كرسه الفصل 145 من النص المذكور. جاء في هذا الفصل ما يلي: "يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الادارية".
لم يعط الدستور أي تعريف لهذا المفهوم. كما ان الفصل 146 المتعلق بالمواد المحددة بالقانون التنظيمي للجماعات الترابية، لم يشر إلى أي تكليف للمشرع التنظيمي بتحديد مفهوم المراقبة الادارية او تعريفه. إلا أنه لا شيء يمنع هذا المشرع من تحديد شروط ممارسة المراقبة الادارية على الجماعات الترابية، إذ أن التنصيص على المواد التي سيحددها القانون التنظيمي ما هو الا تحديد توجيهي وليس حصري. ولعل استعمال عبارة "تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة" لمِؤشر واضح إلى ما ذهبنا اليه. يتضح إذن أن على المشرع –العادي او التنظيمي- تحت رقابة القاضي الدستوري، تحديد شروط ممارسة المراقبة الادارية، آلياتها وكذا مساطرها.
ينبغي لهذه المراقبة أن تمكن الولاة والعمال، بصفتهم ممثلي السلطة المركزية، من تأمين تطبيق القانون وتغليب المصالح الوطنية على المصالح المحلية، ثم الحفاظ على وحدة النظام القانوني الوطني للبلاد. غير أنه يتوجب أيضا على المشرع الحرص على عدم المساس بمبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية المنصوص عليه في الدستور. هكذا يكون الرهان هو تحقيق التوازن بين مبدأ التدبير الحر من جهة والمراقبة الادارية من جهة أخرى. في هذا الشأن تبدو التجربة الفرنسية جديرة بأن تكون مرجعا هاما.
فقد نص الدستور الفرنسي في فصله 72 على المراقبة الادارية التي يمارسها ممثلوا الدولة على الجماعات الترابية. و تم تنظيم آليات ممارسة هذه المراقبة بمقتضيات تشريعية، خاصة مقتضيات القانون الصادر بتاريخ 2 مارس 1982 المتعلق بحقوق وحريات الجماعات الترابية.
إن بعض المتخصصين في هذا المجال يرون أن المراقبة الادارية تتناقض تماما مع مبدأ التدبير الحر(1)، إلا أن هذه المراقبة تعتبر أكثر ليونة واكثر تلاؤما مع الحريات المحلية إذا ما قارنها بآلية الوصاية الادارية التقليدية (2).
فالمراقبة الادارية لا تمكن إلا من مراقبة مشروعية القرارات. هذه المراقبة إذن، لا يمكن في أي حال من الاحوال أن تشمل مراقبة الملاءمة. فممثل الدولة يكتفي بمراقبة مشروعية القرارات الصادرة عن الجماعات الترابية ومطابقتها للقانون، ولا يتمتع بسلطة المصادقة. كما أنه لا يمكن له إلغاء قرارات أو مداولات الجماعات الترابية. فكل ما تخوله له هذه الآلية الجديدة هو إمكانية اللجوء إلى القاضي الاداري من أجل البث في القرارات المشكوك في مشروعيتها (3).
- طبيعة المراقبة الادارية:
- مجال تطبيق المراقبة الادارية
- اللجوء إلى المحكمة الادارية
1. طبيعة المراقبة الادارية