قراءة اولية لقانون الكراء الجديد رقم 67-12 في المغرب

قراءة اولية لقانون الكراء الجديد رقم 67-12 في المغرب

المستجد الأول: اعتماد شكلية الكتابة في القانون الجديد للكراء

فقد كان عقد الكراء في السابق يمكن إبرامه شفويا بمجرد تراضي الطرفين، لكن في القانون الجديد للكراء رقم 67.12 نص المشرع صراحة على أن عقد الكراء يبرم وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ يتضمن عدة بيانات تتعلق بالطرفين وبالمحل المكترى والمرافق التابعة له والغرض المخصص لها وبيان مبلغ الوجيبة الكرائية المتفق عليها ودورية أدائها، بالإضافة إلى طبيعة التكاليف الكرائية التي يتحملها المكتري والوسيلة المتفق عليها لأداء الوجيبة والتكاليف الكرائية وكذا الالتزامات التي يتحملها كل طرف..
وهذا التوجه المتعلق بجعل شكلية الكتابة حاضرة بقوة في عقد الكراء وما يتعلق به هو أن المشرع حرص على إثبات جميع المعاملات الناتجة عن عقد الكراء كتابة، فاستوجب إنجاز بيان وصفي للمحل موضوع العقد في محرر ثابت التاريخ (المادة 8) واشترط الحصول على  الموافقة الكتابية للمكري في حالة رغبة المكتري في إدخال تغييرات على المحل والتجهيزات المكتراة تحت طائلة إلزامه عند إفراغه للمحل بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه أو احتفاظ المكري بالتغييرات المنجزة دون أن يحق للمكتري حق المطالبة بالتعويض عن المصاريف المؤداة (المادة 15)، كما استلزم، بالنسبة للمحلات المعدة للاستعمال المهني، ضرورة الحصول على الموافقة الكتابية للمكري في حالة تولية الكراء أو التخلي عنه جزئيا (المادة 41)، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة سلوك مساطر كتابية مضبوطة في مختلف الإجراءات الناتجة عن عقد الكراء كحالة إشعار المكتري بانتقال ملكية المحل (المادة 4) وحالة إشعار المكري بالقيام بالإصلاحات التي تقع عليه (المادة 10) وحالة إنذار المكتري المتخلف عن أداء الوجيبة الكرائية (المادة 23) وكذا في حالة التعبير عن الرغبة في مراجعة الوجيبة الكرائية (المادة 37)، وغير ذلك من الإجراءات التي استلزم المشرع صراحة أو ضمنا احترام شكلية الكتابة في القيام بها، مما يؤكد أن المشرع اتخذ من اعتماد شكلية العقود منهاجا مطردا في كافة القوانين الحديثة التي يصدرها.

المستجد الثاني: وجوب توفر المحل المكترى على المواصفات الضرورية للسكن اللائق.

فانسجاما مع ضرورة محاربة السكن غير اللائق، تم النص في المادة الخامسة من هذا القانون على ضرورة توفر المحل المكترى المعد للسكنى على  ما أسماه القانون "المواصفات الضرورية من حيث الأجزاء المكونة له وشروط التهوية والمطبخ ودورة المياه والكهرباء والماء" وإذا لم يتوفر المحل على المواصفات المذكورة في المادة الخامسة، فإن المشرع، في المادة السادسة، وضع أمام الطرفين حلا ملائما يتم من خلاله تجاوز هاته الوضعية غير السليمة، فنص على إمكانية الاتفاق كتابة على الأشغال التي يمكن للمكتري القيام بها وكيفية خصم مصاريفها من الوجيبة الكرائية، ويتم تضمين ذلك كله في اتفاق مكتوب مؤرخ وموقع بين الطرفين المتعاقدين ومصادق على توقيعهما لدى الجهات المختصة يحدد بالخصوص قيمة المصاريف وكيفية خصمها من الوجيبة الكرائية ومدة الخصم وكيفية تعويض المكتري في حالة إفراغه قبل نهاية العقد للمحل المكترى مقابل إثبات المصاريف التي تم إنفاقها، ويتم ذلك كله قبل إعداد البيان الوصفي لحالة المحل المعد للكراء الذي يتضمن وصف المحل بكيفية مفصلة ودقيقة؛ هذا البيان الوصفي الذي جعل المشرع إعداده إلزاميا وقت تسلم المحل ووقت استرجاعه، بحيث يتم إرفاقه بالعقد وينجز في محرر ثابت التاريخ ويتضمن وصف المحل بكيفية دقيقة ومفصلة، مع تجنب استعمال بعض الصيغ الفضفاضة من نوع "حالة جيدة" أو "حالة متوسطة" أو ما شابههما.
ويرمي حرص المشرع على توفر المحل على كافة المرافق الضرورية وإعداد بيان وصفي للمحل إلى ضبط مرافق المحل ومحاربة السكن العشوائي، بالإضافة إلى  تفادي النزاعات التي قد تنشأ بين الطرفين بخصوص تحديد وضعية المحل أثناء تسلمه وأثناء استرجاعه.

المستجد الثالث: وضع معيار محدد للتعويضات والضمانات التي يستفيد منها أحد الطرفين عند الاقتضاء.

فقد جاء القانون الجديد ليضع معايير محددة للتعويضات وكذا الضمانات التي يستفيد منها أحد طرفي عقد الكراء عندما تقتضي الضرورة ذلك، ويمكن التمثيل لذلك بالحالات التالية:
- حالة احتفاظ المكتري بالمحل المكترى عند إنهاء أو فسخ العقد: فقد نصت المادة 13 من القانون الجديد على أن المكتري يعتبر محتلا بدون سند، ويجب عليه أن يدفع للمكري تعويضا عن شغله للمحل لا يقل عن ضعف الوجيبة الكرائية.
- حالة حرمان المكتري بصفة كاملة أو جزئية من محل الكراء لأكثر من ثلاثة أيام بفعل إجراء المكري لإصلاحات مستعجلة بالمحل: فقد منحت المادة السابعة عشرة من القانون الجديد للمكتري الخيار أن يفسخ العقد أو يلجأ للقضاء للمطالبة بخصم جزء من مبلغ الوجيبة الكرائية بما يتناسب والمدة التي حرم خلالها من المحل المكترى.
- حالة تصحيح الإشعار بالإفرغ: نصت المادة 51 على أنه يجب على المكري في حالة تصحيح الإشعار بالإفراغ أن يؤدي للمكتري إضافة إلى صوائر الانتقال المثبتة، تعويضا قيمته وجيبة كراء سنة حسب آخر مبلغ الوجيبة المؤدى من طرف المكتري.
- حالة إفراغ المكتري من المحل بناء على سبب غير صحيح أو سبب لم يتم تنفيذه من طرف المكري: نصت المادة 51 على أن للمكتري الحق في مطالبة المكري بتعويض يساوي قيمة الضرر الذي لحقه نتيجة ذلك، على أن لا يقل عن الوجيبة الكرائية لمدة سنة.
- تحديد ضمانة تغطية مبالغ الكراء والتكاليف الكرائية غير المؤداة وكذا الأضرار التي قد تلحق بمحل الكراء والتي يمكن أن يتسبب فيها المكتري في مبلغ لا يمكن أن يزيد على واجب شهرين من وجيبة الكراء.
والمشرع بهذا التحديد حاول تجاوز النزاعــات الناشئة عن هاته النوازل، كما يرمي إلى قطع الطريق أمام بعض السماسرة والانتهازيين الذين يستغلون حاجة الراغبين في الكراء فيقومون بفرض مبالغ باهظة عليهم كضمانة.

المستجد الرابع: تحديد الإصلاحات التي يتحملها المكتري ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.

فقد تحدث القانون الجديد على الإصلاحات التي يتحملها المكتري أصالة ولا يلزم بها المكري ما لم يكن مكلفا بها بموجب العقد، وهي الواردة في المادة 19 التي تنص على أنه يراد بالإصلاحات أشغالُ الصيانة المألوفة والإصلاحات البسيطة التي يقتضيها الاستعمال الطبيعي للمحلات، وتشمل بالخصوص:
- الأجزاء الخارجية المخصصة للاستعمال الخاص للمكتري كالأبواب والنوافذ والألواح الزجاجية والترابيس والأقفال؛
- الأجزاء الداخلية كالتجهيزات الكهربائية وأشغال التبليط والصباغة والحدادة والستائر والشبابيك؛
- إصلاح أو تغيير صنابير الماءوالتجهيزات الصحية بالمحل المكترى.
وتتم كل هاته الإصلاحات على نفقة المكتري استثناء من أحكام الفصل 639 من قانون الالتزامات والعقود، الذي ينص على أن إصلاحات الصيانة البسيطة لا يلزم بها المكتري إلا إذا كلف بها بمقتضى العقد أو العرف.

المستجد الخامس: تحديد مسطرة أسبقية رجوع المكتري إلى المحل بعد إصلاحه أو إعادة بنائه.

استلهم المشرع هاته المسطرة من ظهير 24/05/1955 المنظم لكراء المحلات التجارية والصناعية والحرفية، حيث نصت المادة 50 على أن المكتري يحظى بالأسبقية للرجوع إلى المحل بعد إصلاحه أو إعادة بنائه بشرط أن يستعمل هذا الحق داخل الشهرين المواليين للإشعار الصادر عن المكري وإلا سقط حقه. ولذلك يتعين على المكري إخبار المكتري خلال أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمه رخصة السكن أو شهادة المطابقة حسب الحالة. ويمكن للمكتري أن يطلب من المحكمة تحديد أجل للمكري يتعين خلاله تنفيذ سبب الإفراغ، ذلك أن المكري قد يتحايل على المكتري فيستصدر حكما بتصحيح الإشعار بالإفراغ من أجل الإصلاح أو إعادة البناء، ثم بعد أن يتم إفراغ المكتري ويسترجع المحل يتملص من تنفيذ السبب الموجب للإفراغ، ولذلك أعطى المشرع للمكتري إمكانية اللجوء إلى المحكمة لتحدد للمكري أجلا يتعين خلاله تنفيذ سبب الإفراغ، فإن كان الأمر يتعلق بالإصلاحات فيجب عليه مباشرة الإصلاحات وإن تعلق الأمر بالهدم وإعادة البناء فإنه يجب عليه مباشرة إجراءات الهدم وإعادة البناء.
المستجد السادس: تحديد الحالات التي يمكن فيها للمكري أن يطلب من المحكمة فسخ عقد الكراء وإفراغ المكتري دون توجيه أي إشعار بالإفــراغ.
حيث حددت المادة 56 خمس حالات يكن فيها للمكري أن يطلب من المحكمة فسخ عقد الكراء وإفراغ المكتري من المحل المكترى دون توجيه أي إشعار بالإفــراغ وهي:
- حالة استعمال المحل والتجهيزات المكتراة في غير ما أعدت له؛
- حالة إدخال تغييرات على المحل المكترى بدون موافقة أو إذن المكري؛
- حالة إهمال المحل المكترى على نحو يسبب له ضررا كبيرا؛
- حالة عدم أداء الوجيبة الكرائية التي حل أجلها رغم توصله بإنذار الأداء؛
- حالة استعمال المكتري المحل المكترى لأغراضٍ غير تلك المتفق عليها في العقد أو المخالفة للأخلاق الحميدة أو النظام العام أو القانون.
ففي هاته الحالات كلها يمكن للمكري أن يلتمس من المحكمة فسخ عقد الكراء وإفراغ المكتري دون سلوك مسطرة الإشعار بالإفراغ.

المستجد السابع:  تخصيص التولية والتخلي عن كراء المحلات المعدة للاستعمال المهني بمقتضيات خاصة تراعي خصوصيات هذا النوع من المحلات.

فإذا كان الأصل هو أن تولية المحل المكترى أو التخلي عنه، كليا أو جزئيا، لا يجوز بدون موافقة المكري، فإنه في حالة المحلات المعدة  للاستعمال المهني لا يحق للمكري أن يعترض على التولية أو التخلي إذا ما التزم المتولى له أو المتخلى له باستعمال المحل المكترى لمزاولة نفس النشاط المهني الذي كان يزاوله بها المكتري الأصلي، أو لمزاولة نشاط مهني مماثل شريطة أن لا يترتب عن ذلك إدخال تغييرات على المحل المكترى، أو إحداث تحملات إضافية بالنسبة للمكري أو تغيير طبيعة عقد الكراء، ويتم لذلك استدعاء المكري من طرف المكتري ليشارك في العقد ويشعره بنيته في تولية الكراء أو التخلي عنه للغير (المادة 40)، وإذا كان مبلغ الوجيبة الكرائية في حالتي التولية أو التخلي يفوق وجيبة الكراء الأصلية للجزء الذي وقعت توليته أو التخلي عنه فللمكري الحق في طلب زيادة الوجيبة الكرائية الأصلية بقدر ذلك (المادة 42).
وقد خص المشرع كراء المحلات المعدة للاستعمال المهني بهذه المقتضيات حماية للمهن ومراعاة لخصوصيات هذا النوع من المحلات.

المستجد الثامن مسطرة استرجاع حيازة المحلات المهجورة أو المغلقة 

فقد كان مشكل فتح المحلات المغلقة واسترجاع حيازة المحلات المهجورة من المشكلات العويصة التي لم يتطرق لها المشرع في مختلف المقتضيات القانونية المتعلقة بالكراء سواء في ظهير الالتزامات والعقود أو في ظهير 24 ماي 1955 أو في ظهير25 دجنبر 1980 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للأماكن المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني المنسوخ بهذا القانون الجديد، مما خلف فراغا قانونيا حاول الفقه والقضاء تجاوزه عن طريق اللجوء إلى مقتضيات الفصل 450 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أن رئيس المحكمة يأذن لعون التنفيذ في فتح أبواب المنازل والغرف والأثاث لتسهيل التفتيش في حدود ما تقتضيه مصلحة التفتيش، وهو مقتضى بعيد كل البعد عن فتح المحلات المهجورة كما ناقش ذلك أستاذنا محمد الكشبور في كتابه "الكراء المدني والكراء التجاري"، كما أثير النقاش حول القضاء المختص هل هو القضاء الاستعجالي أو قضاء الموضوع، ولم يتم حسم هذا الخلاف سواء على مستوى محاكم الموضوع أو على مستوى محكمة النقض.
لكن المشرع في القانون الجديد رقم 12.67 خصص لهذه المعضلة الباب التاسع بأكمله (مع ملاحظة أن المشروع الذي تقدمت به الحكومة لم يتضمن أية إشارة لهذا الموضوع وإنما تمت إضافة هذا الباب أثناء المناقشة) حيث قسمه إلى فرعين خصص الأول لمسطرة استرجاع المحل المهجور أو المغلق من طرف المكري وخصص الثاني لاسترجاعه من طرف المكتري، كما حدد بشيء من التدقيق وضعية اعتبار المحل مهجورا (المادتان 57 و 58) والتي استوجب لذلك أن يظل مغلقا لمدة ستة أشهر على الأقل بعد إخلائه من طرف المكتري من جميع منقولاته وأغراضه كليا أو جزئيا، أو بعد غياب المكتري عن المحل وعدم تفقده من طرفه شخصيا أو من يمثله، أو بعد وفاة المكتري أو فقدانه للأهلية القانونية، ولا يعتبر مهجورا ما دام المكتري موفيا بالتزاماته إزاء المكري.
وحددت المادة 59 الجهة التي يقدم إليها المكري طلب الاسترجاع، حيث حسمت النقاش الدائر حول هذا الموضوع فنصت على تقديمه إلى السيد رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات، واسترسل المشرع في تبيان المسطرة التي ينبغي سلوكها طيلة الدعوى من خلال المواد من 60 إلى غاية 66 حيث تطرق إلى مختلف الإجراءات التي يتم القيام بها سواء خلال استدعاء المكتري أو خلال تنفيذ الأمر بالاسترجاع ومصير المنقولات الموجودة بالمحل، وكذلك الشأن بالنسبة لظهور المكتري أثناء تنفيذ الأمر بالاسترجاع، قبل أن ينتقل إلى تبيان استرجاع المحل من طرف المكتري، بحيث إن المشرع لم يغلق الباب أمام المكتري الذي قد تدفعه ظروفه الخاصة إلى هجران المحل وإغلاقه، وتم تنفيذ الأمر باسترجاع الحيازة من طرف المكري، بل وضع أمامه إمكانية تقديم طلب أمام رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بشرط إثبات أداء المبالغ الكرائية المترتبة بذمته وقبل مرور ستة أشهر على التنفيذ. وفي حالة استحالة تنفيذ الأمر بإرجاع الحالة جاز للمكتري أو من يقوم مقامه المطالبة بالتعويض عن الضرر أمام المحكمة المختصة.
وهكذا تدخل المشرع فحسم النقاش الدائر حول معضلة استرجاع حيازة المحلات المهجورة أو المغلقة، فبين الجهة المختصة والمسطرة المتبعة ومصير المنقولات الموجودة بالمحل، مما يجعل هذا القانون ناجعا في هذا الباب.

المستجد التاسع: إمكانية استفادة الأم الحاضنة لأطفالها من استمرار مفعول الكراء لفائدتها بنفس الشروط التعاقدية التي كانت تربط مطلقها مع المكري.

نصت المادة 54 من القانون الجديد على أنه "يمكن في حالة طلاق الزوجين أن يستمر مفعول الكراء لفائدة الأم الحاضنة لأطفالها بنفس الشروط التعاقدية التي كانت تربط مطلقها مع المكري."
فقد كان بقاء المطلقة في المحل المكترى الذي تقطنه مع مطلقها بعد انفصام العلاقة الزوجية وانقضاء العدة يعتبر بمثابة احتلال بدون سند ولا قانون، خصوصا إذا قام الزوج بفسخ عقد الكراء، حيث يكفي اللجوء إلى قاضي المستعجلات ليضع حدا للاحتلال ويقضي بإفراغها.
غير أن المشرع، اليومَ، أحسن صنعا حين استحضر البعد الإنساني الذي ينبغي أخذه بعين الاعتبار، وإدراج المطلقة الحاضنة لأطفالها ضمن الفئات التي يمكن أن يستمر مفعول الكراء الذي يربط  مطلقها مع المكري لفائدتها، مع العلم أن هذا التنزيل ليس في نفس مرتبة الفروع والأصول والأزواج، بل إن المشرع يتحدث فقط عن "إمكانية استمرار مفعول الكراء لفائدة المطلقة" لكن بشروط يمكن استنباطها من خلال منطوق النص، وهي أن يتم الطلاق وأن تكون المطلقة أما، وأن تكون حاضنة لأطفالها، أما المطلقة غير الحاضنة فلا تستفيد من هذه الإمكانية، لأن الغاية من هذه المكنة هي حماية الأم الحاضنة من عناء البحث عن محل آخر للكراء، مع استفادتها من مميزات الكراء القديم الرابط بين مطلقها وبين المكري، 

المستجد العاشر: اعتبار المستفيد من الوصية الواجبة والطفل المكفول بمثابة الفروع المباشرين الذين يمكن أن يستمر مفعول الكراء لفائدتهم بعد وفاة المكتري الكافل أو المكتري الذي مات ابنه قبله وترك له أحفادا، كما يمكن للمكري الكافل أو المكري الذي مات ابنه قبله وترك له أحفادا أن يسترد المحل المكترى لسكن أحفاده.

حيث إن مقتضيات المادة 45 أعطت للمكـري إمكانية استرداد محله من المكتري بناء على احتياجه لإسكان الحفيد المستفيد من الوصية الواجبة (أي ابن أو بنت الابن وابن أو بنت البنت) المؤسسة بمقتضى المادة 369 وما يليها من مدونة الأسرة، وكذلك الشأن بالنسبة للمكفول المنصوص عليه في القانون رقم 01.15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، كما أن مقتضيات المادة 53 تنص على أن مفعول الكراء يستمر لفائدة المستفيد من الوصية الواجبة أو المكفول، وكل ذلك بشرط أن يكونوا تحت كفالته بصفة قانونية ويعيشون معه فعليا عند وفاته.
فالمشرع، من قبلُ، كان يتحدث عن الفروع المباشرين دون غيرهم من الأحفاد المستفيدين من الوصية الواجبة أو الأطفال المكفولين، وجاء القانون رقم 12.67 ليضيف المكفولين والمستفيدين من الوصية الواجبة في انسجام مع ما ورد في القوانين الأخرى من جهة، ورغبته في حماية هاته الفئة من الضياع والتشرد واحتراما لمبادئ حقوق الأطفال من جهة أخرى.
تلك إذن أهم المستجدات التي جاء بها القانون رقم 12.67، وكلها مستجدات تنصب في إطار تحديث الترسانة التشريعية المنظمة للعلاقات الكرائية وانسجامها مع باقي القوانين الأخرى،


المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق