تطور مفهوم المرافق العامة
لقد تطور مفهوم المرفق العام
بنشأة القانون الإداري و استقلاله عن القانون الخاص حيث استقل القضاء الإداري
بالبث في قضايا المرفق العام و ظهر ذلك بشكل بين بعد حكم بلانكو بفرنسا لكن الأصل
أن المرافق الإدارية ظهرت بعد تحول في الفلسفة الليبرالية من الدولة الحارسة الى
الدولة الخدماتية أو منذ ذلك الحين و بفضل القضاء الاداري برزت نظريات حول المرفق
العام كمظهر من مظاهر تدخل الدولة لاشباع الحاجيات العامة للمواطنين
و قد عرف المرفق العام تطورا عاما أثر على تعريفه و ذلك يتبين من التعريف
الأصلي الذي كان نشاط عام تتولاه هيئة عامة قصد تحقيق مصلحة عامة و يخضع للقانون
الاداري حيث يتبين من هذا التعريف أن المرفق العام كان يقدم نشاط عاما من طرف جهاز
عام و لتحقيق مصلحة عامة و يخضع للقانون الاداري انطلاقا من حكم بلانكو كمرجع حيث
يعد هذا الحكم إعلان ميلاد لمفهوم المرفق العام في اعتبار مصنع التبغ كمرفق عمومي لا يمكن حسب القاضي
آنذاك أن تخضع مسؤولية مستخدميه لمبادئ القانون المدني لان الأمر كان يتعلق بمرفق عام
بالرغم أنه كان يمارس نشاطا صناعيا وتجاريا
لكن كان يستثمر مباشرة من طرف إدارة الدولة، بمعنى انه كان يسير في إطار الوكالة، فهو
اعتبر كمرفق عام من طرف القاضي.
و قد عمل القضاء الاداري على توسيع مفهوم المرفق
العام عبر عدة أحكام لتشمل فكرة المرفق العامة المرافق العامة المحلية الى جانب المرافق العامة الوطنية
بعد الحرب العالمية الثانية التجأت الدول الأوربية الى إحداث هيئات
إقتصادية و صناعية كمرافق عامة حيث أصبح هيئات عامة تقوم بنشاط خاصة كما تطور الأمر لتصبح هيئات
خاصة تقوم بمهام المرفق العام و انطلاقا من هذه التحولات و التغييرات التي عرفها
تعريف المرفق العمومي يتبين التطور الذي شهده المرفق العام لنصل الى أزمة تعريف
المرفق العام
و يتضح من خلال تطور تعريف
المرفق العام يقول الفقيه ديجي عن نشاطات المرفق العام أن أنه لا
يمكن إعطاء جواب ثابت لأن هناك شيء ما يتغير بصورة أساسية كل ما يمكن قوله هو أنه
بقدر نمو المدنية يزداد عدد النشاطات القابلة لأن تستخدم كأساس للمرافق وينمو
بالتالي عدد المرافق"
أما ما يصطلح عليه بأزمة المرفق العمومي فقد ظهرت بعد تعدد المرافق العامة
و تنوعها حيث لم يعد معيار المرفق العام كل ما كانت العلاقة بين الادارة والمرفق عمومي نطبق القانون الاداري
لكن مع تعدد المرافق العامة أصبح تطبيق مختلط للقانون بين القانون الاداري و
القانون الخاص و قد برز ذلك بعد حكم ناقلة إلوكا حيث تقرر ان المرفق العام ذو
الطبيعة التجارية و الصناعية اذا كان يدار
بأسلوب القطاع الخاص فإنه يخضع للقانون الخاص و إذا كان يدار بأسلوب القانون العام
فإنه يخضع للقانون الاداري و بالتالي تم اضافة معيار استعمال أساليب السلطة العامة
في ادارة المرفق
في المغرب نشأ المرفق العامة مع
عهد الحماية حيث نقل النموذج الإداري الفرنسي إلى
المغرب وهو النموذج الذي حافظ عليه المغرب حيث قامت فرنسا بإحداث مرافق تهم قطاعات اقتصادية
تسهل لها الاستغلال لخيرات البلاد.
وفي بداية استقلال المغرب استرجعت الدولة بعض المؤسسات ذات السيادة كمرافق
عامة كما قامت لتعويض فرنسا بانشاء شركات
عامة كمرافق عامة ثم شركات مختلطة
كمرافق عامة لتلتجأ الدولة الى التخلي عنها عن طريق الخوصصة
وهكذا تطور المرافق العامة بالمغرب إحداث إدارة مغربية حديثة و أصبح
محايثة لتطور الدولة منذ 1913 إلى احداث المجلس الأعلى في 1957 و بإحداث المحاكم
الإدارية و بالتطورات التي جاء بها دستور 2011 و ذلك بتطور الدور الذي تلعبه
الدولة و بتطور النسيج الاقتصادي للدولة حيث ساهم المرفق العمومي في تطور القانون الإداري
عبر الاجتهادات القضائية
و قد جاء دستور 2011 بعدد من
المستجدات حول المرفق العام من خلال الباب الثاني عشر حول الحكامة الجيدة حيث نص
الفصل 154 على ان تنظيم المرافق العامة يتم على أساس المساواة بين المواطنين و
المواطنات في الولوج اليها و الانصاف في تغطية التراب الوطني و الاستمرارية في
أداء الخدمات و نص الدستور على مبادئ
احترام القانون و الحياد و الشفافية و النزاهة و المصلحة العامة و نص على ميثاق
للمرافق العامة و التصريح بالممتلكات و هيأت حكامة