قضية حكم بلانكو Blanco

قضية بلانكو Blanco
يعد حكم محكمة التنازع الفرنسية في قضية بلانكو الشهيرة (Blanco) بتاريخ 08 فبراير 1873 نقطة الأساس والبداية للوجود الحقيقي والواقعي للقانون الإداري، وتتالت بعدها الأحكام واستقرت المبادئ القانونية لتشكل دعائم وأسساً للقانون الإداري في فرنسا
التعليق:
إن محكمة التنازع الفرنسية بموجب قرار بلانكو قد قررت من جهة مسؤولية الدولة عن الأضرار الناجمة عن المرافق العامة ، و من جهة أخرى اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بها.
بيان الوقائع و الإجراءات : مسؤولية مرافق الدولة
تتمثل الوقائع في كون طفل قد صُدم و جُرح بفعل عربة تابعة لشركة التبغ التي تستغلها الدولة الفرنسية عن طريق الاستغلال المباشر.
و قد رفع أب الطفل دعواه أمام المحاكم العادية للمطالبة بتحميل الدولةالمسؤولية المدنية عن الضرر اعتمادا على المواد 1382 إلى 1384 من القانون المدني.
و رفع الأمر إلى محكمة التنازع التي أسندت الاختصاص إلى القضاء الإداري للفصل في النزاع.
و بذلك أقر قرار بلانكو مسؤولية الدولة ووضع حدّا للمفهوم القديم القاضي بعدم مسؤوليتها ، غير أنه أخضع هذه المسؤولية لنظام خاص يميزها عن المبادئ الواردة في القانون المدني في باب المسؤولية بين الأفراد و ذلك بفعل حاجيات المرفق العام.
و النتيجة التي ترتبت على ذلك هي اختصاص القضاء الإداري في هذا الشأن تطبيقا لقانون 16 و 24 غشت 1790 الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأيشكل كان في عمل الجهاز الإداري .
و إذا كان قرار بلانكو يعتبر من بين القرارات المُنشئة للقضاء الإداري فإن التطورات اللاحقة للاجتهاد القضائي قد أدت إلى تغييرالقواعد المعمول بها ، و من ذلك أن المرفق العام لم يعد هو المعيار المتميز لتحديدالاختصاص النوعي وبالخصوص النزاعات المتعلقة بالمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي والتجاري التي أصبحت من اختصاص القضاء العادي . كما أن المشرع قد تدخل في بعض الميادين لتوزيع الاختصاص مثل قانون 31 ديسمبر 1957 الذي أحال على المحاكم العادية منازعات الأضرار التي تتسبب فيها المركبات ( مثل قضية بلانكو .
و قد تكَوّن قانون المسؤولية الإدارية منذ قرار بلانكو على أسُس قضائية بالدرجة الأولى ، و بصفة متميزة عن القانون المدني ، غير أن النتائج المتوصل إليها لم تكن حتما مغايرةللحلول التي توصل إليها القاضي العادي ، كما أنه لم يقع استبعاد قواعد القانون المدني و مبادئه بصفة كلية .
و إذا كانت مِيزة القضاء الإداري في البداية تتمثل في غياب الطابع العام و المطلق لمسؤولية الدولة ، فإن هذه الأخيرة قد توسعت شيئا فشيئا إلى غاية إقرار المسؤولية دون خطأ ، سواء بناءً على المخاطر أو على اختلال المساواة أمام الأعباء العامة ، وبذلك ظهر نظام مناسب للضحايا أكثر من القانون المدني


المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق