الرقابة الإدارية على الصفقات العمومية


الرقابة الإدارية على الصفقات العمومية:
 إن الحديث عن الرقابة الإدارية للصفقات العمومية يتطلب الحديث عن الرقابة الإدارية الداخلية  ثم الرقابة الخارجية
الرقابة الإدارية الداخلية تعد الرقابة الإدارية الممارسة على الصفقات العمومية من الرقابات التقليدية التي تمارس من داخل الإدارة، ومن تم فمعالجتها يقتضي الوقوف على ثلاث نقط أساسية:
أولا : مراقبة تحضير الصفقة يختص صاحب المشروع بمراقبة تحضير الصفقة لكونه على دراية بطبيعة ومدى الحاجات المراد تلبيتها، وبالرجوع إلى نص مرسوم 20 مارس 2013 نجده يحدد مجموعة من المعطيات الضرورية لتتبع ومراقبة الصفقة وذلك بمواكبة تحضيرها قبل الإقدام على إبرام الصفقة، ومنها الامر بنشر البرامج التوقعية، واجب التحفيظ  وكتمان السر المهني، محاربة الغش والرشوة
. ثانيا : الرقابة على إبرام الصفقات العمومية تستهدف هذه المراقبة معرفة مدى توفر الشفافية في اختيارات صاحب المشروع عند إبرام الصفقة، ومدى تواجد المنافسة والمساواة وفعالية النفقة، والتأكيد على اختيار العرض الأفضل والأنسب من حيث الجودة والثمن عوض الاكتفاء بمعيار الثمن  المنخفض . ولأجل النهوض بهاته الرقابة فإن المشرع ألزم صاحب المشروع بتتبع إجراءات إبرام الصفقات في مختلف المراحل التي يتم فيها هذا الإبرام وهو ما يفرض حضور ممثل لصاحب المشروع كعضو في لجنة طلب العروض، وفي لجنة قبول المرشحين وفي لجنة المباراة
. ثالثا: مراقبة تنفيذ الصفقة تنصب هذه الرقابة على واجبات الملزمين بالصفقة أي صاحب المشروع "الإدارة" وصاحب الصفقة "المقاول" فالإدارة تكون مسؤولة عن تصرفاتها المخلة بالتزاماتها التعاقدية أثناء التنفيذ حيث يتوجب عليها التنفيذ بكل ما يتضمن الإنجاز التام والجيد للصفقة. أما المقاول فيكون مسؤولا عن الأعمال التي ينجزها، حيث تتم مراقبة ما إذا كان إنجاز الصفقة قد تم وفقا للمواصفات والشروط المتفق عليها، وفي المدة المحددة، أم أنه تم ارتكاب أعمال تدليسية ومخالفات لشروط العمل أو إختلالات بالالتزامات الموقعة. وفي هذا الإطار حددت المادة 138 من مرسوم 20 مارس 2013 الجزاءات التي يتعرض لها المقاول المخل بالتزاماته. كما أشار المرسوم في المادة 164 منه إلى تقنية مهمة بالنسبة لتتبع سير تنفيذ الصفقة وهي تقرير انتهاء تنفيذ الصفقة الذي يكون إلزاميا في كل صفقة يفوق مبلغها مليون  درهم
الرقابة الإدارية الخارجية :بالإضافة إلى المراقبة الداخلية، تخضع الصفقات العمومية لمراقبة أجهزة خارجة عن الإدارة صاحبة الصفقة، وتتمثل هذه الأجهزة في لجنة الصفقات بالإضافة إلى سلطة الوصاية ووزارة المالية، وتستهدف هذه الرقابة ضمان تدبير عقلاني للصفقة يحقق الأهداف من وراء إبرامها وبتطابق تام مع النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل
أولا : رقابة لجنة الصفقات تلعب لجنة الصفقات دورا مهما في المراقبة الإدارية الخارجية عن الصفقات وتم إحداث هذه اللجنة سنة 1936 ،وأصبحت تسمى باللجنة الوطنية للطلبيات العمومية منذ 21 شتنبر 2015 .إذ تقوم بإجراء مراقبة إضافية على تحضير وتنفيذ الصفقات، وإبداء رأيها في القرارات ذات الطبيعة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالصفقات،  والمساهمة في حل الخلافات المثارة بشأنها . بالإضافة إلى أن لهذه اللجنة مهام الاستشارة والمساعدة والدراسة وفحص كل مسألة وعرضها عليها في مجال الطلبيات العمومية من طرف مصالح الدولة ومؤسساتها العمومية، كما تدرس كذلك الشكايات الواردة عليها من طرف كل شخص ذاتي أو اعتباري من أشخاص القانون الخاص يشارك في طلبية عمومية إما بصفة متنافس أو  نائب الصفقة أو صاحب الصفقة . كما تقوم اللجنة بإعداد مشاريع التوجيهات وعرضها على رئيس الحكومة لاتخاذ قرار في شأنها. قبل تعميمها على الإدارات العمومية، بالإضافة إلى دراسة شكايات المتنافسين المتعلقة بإبرام طلبية عمومية، وإبداء رأيها فيما يتعلق بالنزاعات بين  أصحاب الطلبيات العمومية والإدارات العمومية . وتجدر الإشارة إلى أن دور لجنة الصفقات في مراقبة وتتبع وتنفيذ الصفقات أصبح أكثر فاعلية وقوة مقارنة على ما كان عليه الوضع في السابق.
 ثانيا : رقابة سلطة الرقابة تقوم سلطة الرقابة " ممثلة في وزارة الداخلية " بدور هام في مراقبة الصفقات ، فحسب المادة 142 من مرسوم 20 مارس 2013 9 التي تبرمها الجماعات الترابية فإنه يتم تطبيق مقتضيات المادة 162 من نفس المرسوم على الصفقات وعقودها المبرمة من الجماعات الترابية التي يتجاوز مبلغها 3000000 جرهم مع احتساب الرسوم وعلى الصفقات التفاوضية التي يتجاوز مبلغها 1000000 درهم مع احتساب الرسوم، كما أنه يمكن تغيير هذه الحدود بقرار لوزير الداخلية، بالإضافة إلى ذلك فإن تقارير المراقبة والتدقيق يوجه إلى وزير الداخلية وينشر وزير الداخلية ملخصا لتقارير المراقبة والتدقيق في بوابة الصفقات العمومية. كما أنه تتأكد من حسن اختيار طريقة الملائمة لابرام الصفقة
في هذا الإطار يحق لسلطة الرقابة التدخل في توجيه تنفيذ الصفقة نحو التوجه السليم، من خلال التأكد من أن المقاول أو المورد قد أنجز الصفقة في موعدها المحدد وفقا لما ورد في الوثائق النموذجية للتحملات
  ثالثا : رقابة وزارة المالية
تخصص لكل وزارة في ميزانية الدولة اعتمادات خاصة في التجهيزات التي تعرض على تأشيرة وزارة المالية، وبطبيعة الحال فإن لهذه الوزارة الحق في مراقبة صفقات الدولة في مختلف مراحلها، ولهذه الغاية فإن دور وزارة المالية أساسي في مراقبة صفقات الدولة، لأن الأموال التي تصرف أغلبها من ميزانية الدولة  ،وتجدر الإشارة إلى أن المراقبة والتدقيق المتعلق بالصفقات العمومية وعقودها، تخضع لمراقبة وتدقيق بمبادرة من الوزير المعني وتتعلق هذه المراقبة والتدقيقات بتهييئ وإبرام وتنفيذ الصفقات خصوصا تلك المنصوص عليها في المادة 165
 كما تحضر مراقبة وزارة المالية أثناء التأشير على الملف وتشديد الحسابات، ومن أجل تفعيل هاته الرقابة أكثر فقد تم إسناد اختصاصات لكل من مراقب الالتزام بالنفقة والمحاسب العمومي وكذا المفتشية العامة للمالية . وعموما يمكن القول من الناحية العملية أن رقابة وزارة المالية تظل ضعيفة لسببين الأول هو أن حضورها إلزامي بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها 50 مليون درهم . والسبب الثاني يتمثل أحيانا في ضعف إلمام ممثل الوزارة بالمسائل التقنية.



المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق