مبدأ المساواة أمام المرافق العامة
يعتبر مبدأ المساواة من المبادئ الأساسية
التي تحكم المرافق العامة وهو نابع من المبدأ العام للمساواة الذي قررته جميع
الشرائع السماوية لاسيما الشريعة الاسلامية
التي أكدت على هذا المبدأ في العديد من الأيات القرآنية وكذا الاحاديث النبوية
الشريفة منها قول الرسول صلى الله عليه و سلم " الناس سواسية كأسنان المشط
" كما ان إعلانات الحقوق قررت مبدأ المساواة في نصوصها من ذلك اعلان حقوق الانسان
والمواطن بفرنسا وكذا في ديباجة الاعلان العالمي
لحقوق الانسان .
[1]
وبالرجوع الى الدستور المغربي الجديد نجده
يؤكد في العديد من فصوله على مبدأ المساواة منها الفصل السادس الذي ينص على مساواة
جميع الأشخاص ذاتيين او اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية أمام القانون والفصل
التاسع عشر الذي ينص على المساواة بين الرجل والمرأة .... إلى غيرها من الفصول
التي تناولت مبدأ المساواة من جوانب متعددة
وإذا كان
مبدأ المساواة يشكل عنصرا أساسيا ألي تدبير اداري يقوم على فكرة الديمقراطية فإن
ماينبغي ملاحظته هو ان المناداة به لا يمكن ان يكون لها صدى حقيقي في الواقع
التطبيقي إلا اذا كان هناك قضاء فاعل يؤمن بضرورته وباستحضار التجارب الرائدة في
هذا المجال نسترشد في هذا الصدد بالنظام القضائي الفرنسي بإعتباره مرجعية للاجتهاد
القضائي المغربي تبين بأن مجلس الدولة وكذا محكمة التنازع كان لهما الفضل في تنويع
إعمال مبدأ المساواة كأساس لأي تطور يمكن أن يعرفه أي نظام اداري سليم وجعله عنصرا
لا محيد عنه في النشاطات التي تمارسها المرافق العامة [2]
ولقد أكد مجلس الدولة الفرنسي هذا المبدأ
في العديد من احكامه من أشهرها حكمه الصادر بتاريخ9 مارس 1951 في قضية جمعية حفلات الكونسرفتوار والذي
جاء فيه " على إثر الجزاء الذي أوقعته لجنة إدارة جمعية حفلات الكونسرفتوار
طبقا لنظامها ، على عضوين فيها، لقيامهما رغم الحظر الموجه إليهما بالمساهمة في
حفلة نظمتها الإذاعة الفرنسية في يناير 1974 ، قررت إدارة الإذاعة وقف كل إرسال
اذاعي لحفلات الجمعية الطاعنة ، ومن حيث أن ادارة الإذاعة الفرنسية استعملت
سلطاتها لغاية أخرى غير تلك التي منحتها من أجلها ، وأخلت بمبدأ المساواة الذي
يحكم المرافق العامة ، والذي يعطي الجمعية الطاعنة الحق في المعاملة وبث حفالتها
كسائر الجمعيات الكبرى الأخرى ، فإن هذا الخطأ يرتب مسؤولية الإدارة ومن المجالات
التي أقر فيها مجلس المجلس مبدأ المساواة الذي يعني أن كل الأشخاص الموجودين في
وضعية مماثلة إزاء المرفق العام يجب ان يخضعوا لنفس القواعد ما يلي : ü
-
مساواة
المواطنين أمام الأعباء العامة
-
المساواة
أمام الضرائب
-
المساواة في الانتفاع من الخدمة
-
المساواة
بين النساء و الرجال
وتعتبر
المساواة في الاستفادة من خدمات المرفق العام أول مظهر لهذا المبدأ بيد أنه لا يجب
الأخذ به على إطلاقه بل يجب التمييز في الاستفادة من خدمات المرفق العام بين ما إذا
كان إداريا حيث يطبق مبدأ المساواة بصرامة وما إذا كان تجاريا أو صناعيا حيث تكون الاستفادة
بمقابل مادي يختلف مقداره حسب نوعية الخدمة
ومن مظاهر هذا المبدأ أيضا نجد مساواة جميع المواطنين في ولوج وظائف
المرفق العام فضلا عن المساواة في تحمل أعباء المرفق العام .
[1] ابراهيم كومغار، المرافق العامة الكبرى على
نهج التحديث مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2009 ، ص 9