قرار لمحكمة النقض في ملف تجاري

 القرار عدد 25/3

المؤرخ في 11/03/2015

 ملف تجاري عدد 1123/3/1/2012

القاعدة

"الضرر لا يعوض إلا مرة واحدة..

خرقها عرضة للنقض" 

 

 

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

بتاريخ 11/03/2015 ان الغرفة التجارية القسم الثالث بمحكمة النقض في جلستها العلنية أصدرت القرار الاتي نصه:

بين القرض الفلاحي للمغرب ش م في شخص ممثله القانوني الكائن مقره الاجتماعي برقم 28 أبو فارس المريني الرباط الطالب.

ينوب عنه الأستاذ        المحامي بهيئة الناظور والمقبول للترافع أمام محكمة النقض.

وبين         الكائن          المطلوب بناء على مقال النقض المودع بتاريخ 10/07/2012 من طرف الطالب المذكور بواسطة نائبه الأستاذ        والرامي إلى نقض قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم 420 الصادر بتاريخ 06/03/2012 في ملف عدد 1526/11.

وبناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف.

وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974.

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 17/02/2015.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 11/03/2015.

وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.

وبعد تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد           والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد   

وبعد المداولة طبقا للقانون:

حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بفاس بتاريخ 06/03/2012 في الملف رقم 1526/11 تحت عدد 420 إن المطلوب     تقدم بمقال إلى المحكمة التجارية بوجدة مفاده أنه يتوفر على حساب بنكي لدى        تحت رقم    وفي بداية شهر غشت 2008 لاحظ أن رصيده البنكي سحبت منه مبالغ مهمة بلغت في مجموعها 105.000,00 درهم وبعد بحثه في الأمر اتضح أن ابن أخيه المسمى        كان يقتطع شيكات من دفتره ويقوم بتزوير توقيعه ويسلمها للمدعو     الذي يقوم بسحبها، وانه تقدم بشكاية في هذا الخصوص توبع على أثرها الأشخاص المذكورين من أجل السرقة والمشاركة والتزوير في محرر بنكي واستعماله، مضيفا أن مسؤولية القرض الفلاحي المدعى عليه في هذا الصدد قائمة أيضا على اعتبار أن التوقيعات التي تحملها الشيكات المسحوبة من رصيده مختلفة تمام عن توقيعه، ملتمسا الحكم عليه بأدائه له المبالغ المسحوبة من رصيده، والفوائد القانونية من تاريخ الطلب تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 2.000,00 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ.

وأجاب المدعى عليه بأن المدعي عندما قدم شكاية ضد الفاعلين وان النيابة العامة تابعتهما من أجل السرقة والتزوير في محرر بنكي واستعماله قد اختار الطريق الجنائي ولا حق له بالتالي في إقامة هذه الدعوى مضيفا أن الأصل في التوقيع أن يصدر الساحب الذي حرر الشيك وأن موظف البنك يضاهي ويقارن التوقيع الوارد على الشيك بنماذج التوقيعات المودعة لدى البنك عن طريق الفحص العادي دون أن يكون ملزما ببذل عناية خبير الخطوط، ولما كان تزوير الشيكين قد تم بكيفية متقنة فإن البنك لا يتحمل اي مسؤولية في سحبه خاصة وأن المدعي هو الذي أهمل المحافظة على دفتر شيكاته وأثناء سريان الدعوى أدلى المدعي بمذكرة التمس بمقتضاها الحكم على المدعي عليه بأدائه له مبلغ 105.000.00 درهم والفوائد القانونية والغرامة التهديدية، كما أدلى بمقال إصلاحي ملتمسا فيه اعتبار الدعوى مقدمة في مواجهة     في شخص ممثله القانونية، وبعد إجراء بحث في النازلة صدر الحكم بأداء المدعى عليه للمدعى مبلغ 105.000,00 درهم والفوائد القانونية من تاريخ التنفيذ، ايد استئنافيا بمقتضى القرار المطعون فيه.

في شأن الوسيلة الوحيدة:

حيث ينعى الطاعن على القرار خرق الفصلين 1و32 من ق.م.م والفصلين 25 و66 من ق ل ع، وخرق القاعدة الفقهية "من اختار لا يرجع" وقاعدة "عدم جواز جبر الضرر مرتين وفساد التعليل الموازي لانعدامه، وعدم ارتكازه على أساس ذلك أنه أثار في جميع مراحل القضية أن المطلوب حسم مال ادعائه لما أورد بمقاله واقعتين أساسيتين الأولى أن ابن أخيه الذي كان يعيش معه هو الذي اقتطع شيكين من دفتر شيكاته وزور توقيعه فيهما بإتقان واستخلص قيمتهما بواسطة شريك له يدعى        مقابل اقتسامهما المبالغ المتحصلة منهما، والثانية أن النيابة العام تابعت ابن أخيه وشريكه بجرائم السرقة والمشاركة والتزوير في محرر بنكي واستعماله، فبثبوت الواقعتين المذكورتين يكون المدعي قد وجه دعواه على غير ذي صفة بعد أن حدد الجهة التي زورت عليه واستفادت من المبالغ المختلسة من حسابه ثم لجوؤه للقضاء في إطار جبر الضرر.

كما أثار الطالب أن مسؤوليته تنتفي في إطار ما يبذله من العناية المهنية المعتادة وهو ما سلكه من الناحية النظامية في المقارنة والمضاهاة للتوقيع النموذجي، فالطالب لا يسأل بصفة مطلقة عن صرف سندين مقدمين إليه للتحصيل نظاميا والحال أن الساحب ارتكب تقصيرا واهمالا ساعد على تزويرهما، وأن ابن أخيه وشريكه هما اللذان استفادا من قيمة الشيك موضوع النزاع وهما المتسببان بفعلهما مباشرة في الضرر الذي لحق المطلوب والطالب معا، الأمر الذي يفيد أن المسؤولية المثارة غير قائمة بعناصرها الثلاث الخطأ والضرر والعلاقة السببية وأن الحكم المستأنف خرق قاعدة "من اختار لا يرفع" غير أن القرار المطعون فيه استبعد كل ما أثاره الطالب بتعليل جاء فيه " أنه بموجب العادات والأعراف الناشئة عن العمل البنكي والتي كرسها الاجتهاد القضائي أن المؤسسة البنكية ملزمة بالتحقق من صحة بيانات الورقة التجارية قبل الوفاء بقيمتها وفي مقدمة ذلك التوقيع تحت طائلة مسؤوليتها عن الضرر الذي قد يحصل لزبونها أو للغير جراء ذلك وهو الأمر الذي لم يقم به المستأنف الذي قام بصرف قيمة الشيكين موضوع النزاع دون التأكد مما إذا كان التوقيعين الواردين عليهما صادرين عن زبونه المستأنف عليه أم لا على الرغم من وجود فوارق جوهرية بين هذين التوقيعين ونموذج التوقيع المودع لديها وهي مسألة لم تكن في حاجة إلى بذل عناية الشخص الخبير بالخطوط وإنما يكفيه في ذلك إجراء مقارنة بينهما عن طريق العين المجردة حتى يتسنى له الوقوف على حقيقة الأمر، وأن عدم قيام المؤسسة البنكية باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على حقوق زبونها يجعلها مسؤولة عن الضرر الحاصل له من جراء ذلك ويكون بالتالي محقا في مطالبتها بالإضافة إلى التعويض بإرجاع قيمة الشيكين المسحوبة من حسابه " والحال أن التعليل المذكور يعتبر تعليلا فاسدا لا أساس له في القانون اعتبارا لكل ما ذكره الطالب في كتاباته المشار إليها أعلاه.

كذلك أثار الطاعن أن المطلوب قد تم تعويضه تعويضا مدنيا كاملا، إذ حكم له بقيمة الشيكين موضوع الدعوى وبتعويض عن الأضرار التي لحقت به وبأنه لا يجوز المطالبة بالتعويض مرة أخرى بنفس الضرر طبقا لقاعدة أن الضرر لا يجبر إلا مرة واحدة واستدل الطاعن بنسخة لحكم جنحي عدد 1374 قضى لفائدة المطلوب بصفته مطالبا بالحق المدني بتعويض مدني قدره 350.000.00 درهم يؤديه الاظناء         وشريكه وشامل لقيمة الشيكين المحددة في مبلغ 327.800,00 درهم ولتعويض مدني قدره 22.200,00 درهم غير أن القرار المطعون فيه رد الدفع باختلاف الدعويين موضوعا وأساسا وأن من حق المستأنف (المطلوب) أن يعوض مرتين بإرجاع قيمة الشيكين من جهة وبالتعويض جراء ما تعرض له من فعل جرمي تمثل في سرقة شيكاته وتزوير توقيعه من جهة أخرى، والحال أن ما ذهب إليه القرار يعتبر تطبيقا غير سليم لا مبرر له إلا في مفهوم الاثراء بلا موجب المنصوص عليه في الفصل 66 من ق ل ع، ومخالف لمنطوق الحكم الجنحي المستدل به، ويعد خرقا لقاعدة من اختار لا يرجع مما يتعين معه نقضه.

حيث أن الطالب أدلى للمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بحكم جنحي صادر عن ابتدائية     تحت عدد 2027 بتاريخ 20/10/2008 في الملف الجنائي عدد 1908/2008 قضى في الدعوة المدنية لفائدة المطلوب بأداء الاظناء       بالتضامن لفائدة المطالب بالحق المدني تعويضا مدنيا قدره 350.000.00 درهم مع تحميلهم الصائر وأنه بالرجوع إلى تعليلات الحكم المذكور يلفى أن المبلغ المحكوم به بشكل قيمة الشيكات المسروقة والمزورة بمبلغ 327.800.00 درهم والباقي تعويضا عن الضرر الناتج عن الجريمة، الأمر الذي تبين منه أن المطلوب سبق أن عوض في إطار الدعوى الجنحية، ولما كان التعويض لا يمكن الحكم له إلا مرة واحدة أن الإنسان لا يعوض عن نفس الضرر مرتين فإن القرار المطعون فيه والذي قضى لفائدة المطلوب بقيمة الشيكين في مواجهة الاظناء المشار إليهم أعلاه يكون قد خرق قاعدة أن الضرر لا يعوض إلا مرة واحدة وجاء سيء التعليل عرضه للنقض.

وحيث أن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين بمقتضيات إحالة الملف على نفس المحكمة.

لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه واحالة الملف على نفس المحكمة المصدرة له للبث فيه من جديد طبقا للقانون وهي متركبة من هيئة أخرى وتحميل المطلوب في النقض الصائر.

كما قررت اثبات حكمها هذا بسجلات المحكمة المذكورة إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.

وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة    رئيسا والمستشارين السادة:     مقررا و    و    و    أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد     وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة  


المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق