ابتكار الاجتهاد القضائي الفرنسي للمسؤولية الإدارية على أساس نظرية الخطأ

 

ابتكار الاجتهاد القضائي الفرنسي للمسؤولية الإدارية على أساس نظرية الخطأ

 "كان مصطلح المرفق الأم يستعمل بكثرة من قبل الاجتهاد القضائي الفرنسي في النصف الأول من القرن التاسع عشر غير أن محتواه لم يكن محددا بالدقة إلا في أواخر القرن التاسع عشر حيث يعتبر حكم بلانكو Blanco  الصادر عن محكمة التنازع في 08 فبراير 1873 الحكم الاساسي الدي اعتمد معيار المرفق العام كمعيار جديد لتحديد اختصاص القضاء الإداري اعتمدت محكمة التنازع في حكمها الصادر في 08 فبراير 1873 على معيار جديد لتطبيق القانون الإداري و تحديد اختصاص القضاء الإداري الدي هو معيار المرفق العام .

إن قواعد المسؤولية الإدارية في فرنسا هي ابتداع الاجتهاد القضائي و إلى حكم بلانكو يعود الفضل في ابتكار مسؤولية الدولة عن اعمالها الضارة بحقوق الأفراج في وقت لم تكن فيه مسؤولية الدولة مقررة على الإطلاق لأنه عندما وضعت نصوص القانون المدني لم تكن فكرة مساءلة الدولة عن نشاطها قائمة .

و هكذا أنهى حكم بلانكو حقبة طويلة في الزمن كانت الدولة فيها تسود و لا تتحمل تبعة اعمالها استنادا إلى مرسوم 26 شتنبر 1793 الذي نص : "يحرم على المحاكم العادية أن تتعرض لاعمال الادارة مهما كان نوعها و ذلك تحت طائلة القانون " القضاء لا يمكنهم التعدي على الوظائف الادارية او محاكمة رجال الادارة عن اعمال تتصل بوظائفهم و يحظر على المحاكم حظرا مطلقا النظر في اعمال الإدارة أيا كانت هذه الأعمال و أنه لا يستطيع اعلان الدولة مدينة سوى السلطة الإدارية ".

كما شكل حكم بلانكو ثورة قضائية بالنسبة للنظريات السابقة حيث أرسى مبدأ جديدا مفاده أن كل المنازعات المتعلقة بسير المرافق العامة هي مع إختصاص القضاء الإداري و بهذا تأكد استقلال القانون الإداري بقواعده و نظرياته.

انطلاقا من حكم بلانكو أصبح قانون 16/24 غشت 1790 المتعلق بتنظيم مرافق القضاء و الساري المفعول إلى الأن يعتبر مرجعا من الفصل التام بين الإدارة و بين القضاء اذ لا يمكن للهيئات الإدارية أن تخضع في تصرفاتها و التي تظهر فيها بمظهر السلطة العامة إلى هيئات القضاء العادي كما يمنع القانون المشار إليه أعلاه على المحاكم القضائية أن تعرقل بأية طريقة كانت أعمال الهيئات الإدارية و أن تنظر في القرارت الإدارية أيا كان نوعها ... و في 24 مايو 1872 صدر قانون يخول مجلس الدولة الإختصاص بالنظر في المنازعات الإدارية و ذلك متى اتصلت المناعة بمرفق من مرافق الدولة.

 مع صدور حكم بلانكو تم العدول على مبدأ عدم مسؤولية الدولة في أعمالها المادية أو القانونية لأن القاعدة التي كانت سائدة حتى أواخر القرن التاسع عشر في معظم الدول هي عدم مساءلة الدولة باعتبارها صاحبة سيادة مطلقة و إن مبدأ المسؤولية يتنافى شكلا و مضمونا مع مبدأ السيادة المطلقة و إذا حدث و إن وضعت متضررا على أضرار لحقت به بسبب نشاطها فإن ذلك لن يتم إلا عن سبيل التسامح و عن طريق الاستعطاف فقط



المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق