الحماية الاجرائية للمرأة من خلال المسطرة الجنائية
المطلب الاول: المرأة الأم في حالتي التفتيش و الحكم عليها بالاعدام.
ان المشروع المغربي وضع مجموعة من الضمانات القانونية حماية للمرأة وصيانة لكرامتها و حرمتها بحيث نص بشكل صريح على تفتيش المرأة من قبل امرأة من بين احد الافعال المنصوص عليها قانونا ينتذبها ضابط الشرطة القضائية، او في حالة ما حكم عليها بالاعدام نص المشروع سواء قانون الجنائي او قانون المسطرة الجنائية على مراعاة وضعيتها اذا كانت حاملا، ولهذا ارتاينا ان نقسم هذا المطلب الى فقرتين:
ü الفقرة الاولى: تفتيش المرأة المتهمة.
ü الفقرة الثانية: الحماية الجنائية للمرأة الحامل في حالة الحكم عليها بالاعدام.
الفقرة الاولى: تفتيش المرآة المتهمة.
يعتبر تفتيش المرآة المشتبه بها بارتكاب جريمة او فعل مخالف للقانون من الامور التي تمس المرأة في انوتثها او قد تشجع على ذلك،فالمرأة تتميز بتكوين جسمائي وبصفات جسدية حساسة، فلمس المرأة في اي جزء من جسمها يخدش حياءها ويمس كرامتها، فإن المشروع احتاط لهذا الامر فأوجد نصوصا قانونية تنظم تفتيش المرأة امام أجهزة العدالة، ومن بين هذه النصوص نجد المادة 60 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص بشكل صريح على وجوب تفتيش المرأة من طرف امرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية التي يتولى مهمة التفتيش، نفس المقتضى تم تأكيد عليه في المادة 81 من قانون المسطرة الجنائية بدورها على عدم انتهاك حرمة المرأة عند التفتيش.
كما ان الظهير الشريف رقم 200_ 99_1 الصادرة في 25 غشت 1,999 والقاضي بتنفيد القانون رقم 98_23 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، نص بدوره في المادة 68 على انه "... لا يمكن تفتيش المتقلين إلا بواسطة اشخاص من جنسيتهم وفي ظروف تصان فيها كرامتهم مع ضمان فعالية المراقبة".
وتجدر الاشارة ايضا الى ان هذه القواعد تمليها ضرورة الحفاظ على النظام العام ولا تحتاج الى نص صريح الاقرارها فهي تتبع من المتطلبات الحفاظ على الخلف والحياء العام، حيث ان في مخالفتها مخالفة لقواعد السلوك و الاخلاق والاداب العامة، وهذا في حد ذاته يشكل جرائم نص على تجريمها القانون الجنائي المغربي.
الفقرة الثانية: الحماية الجنائية للمرأة الحامل في حالة الحكم بالاعدام.
من المعلوم على ان الرجل و المرأة متساويان في مجال العقاب الجنائي فالقانون الجنائي ما شرع إلا لتطبيق على جميع من تبث تورطهم في فعل جرمي لكن المشرع المغربي خص المرأة نتيجة ظروف خاصة بها متميز ارجي من خلالها تنفيذ عقوبة الاعدام في حقها و ذلك في حالة ثبوت حملها، حماية للمرأة وحماية لأمومتها في نفس الوقت، وهذا ما نستشفه من خلال الفقرة الثانية من المادة 602 من فانون المسطرة الجنائية التي نصت على أنه " إذا كانت المحكوم عليها امرأة ثبت حملها فإنها لا تعدم الا بعد مرور ستتين على ضع حملها" و ينطبق هدا المقتضى تماما مع أحكام الشريعة الاسلامية، التي اقرت وجوب تأجيل عقوبة الحامل إلى ما بعد مرور فترة الرضاعة الطبيعية التي هي حولين كاملين وخير مثال على ذالك قصة الغامدية، التي جاءت لتعترف لرسول الله بحملها من زنا فأخرالرسول صلى الله عليه وسلم رجمها الى ان فطمت ولدها والقطام كما هو معلوم حولين كاملين.
وقد احسن المشروع بتمديد هذه المدة سنتين. تماشيا مع السنة النبوية ومع مصلحة الطفل والام التي تنفذ عليها العقوبة الا بعد اطمئنناىها على صحة و سلامة طفلها كما ان تناول حليب الام لمدة عامين كاملين له فوائد عديدة على صحة الطفل.
وبالاضافة الى الحماية المقررة للحامل المحكوم عليها بالاعدام فقد نص المشروع في المادة 32 من القانون الجذاتي على ان المرأة المحكوم عليها بعقوبة سالبة للحرية اذا تبث انها حامل لاكثر من ستة اشهر فعنها لا تنفذ العقوبة الا بعد وضعها باربعين يوما، فإن كانت معلقة وقت صدور الحكم فإنها تنتفع من نظام الاعتقال الاحتياطي، واضافة الفقرة الاخيرة من هذه المادة إلا انه يتم تأخير تنفيذ العقوبات السالبة للحرية في حق النساء الاتي وضعن قبل الحكم عليهن باقل من اربعين يوما، وهذا الاستثناء وان كان قد شرع لمصلحة الطفل فانه يضمن في الوقت ذاته حماية هامة للمراة الحامل، بحيث يمكنها ان تنعم ايام مع طفلها وتطمئن عليه و تتركه في ايادي امنة.
وانسجاما ايضا مع مقتضيات المادة 602 من قانون المسطرة الجنائية نصت المادة 637 من نفس القانون على ان الاكراه البدني لا ينفذ في ان واحد على الزوج وزوجته ولو من اجل ديون مختلفة ولا تنفذ على امرأة حامل ولا امرأة مرضع في حدود سنتين من تاريخ الوضع.
المطلب الثاني: الحماية الاجرائية للمرأة في حالة الاكراه البدني و مشروع قانون المسطرة الجنائية.
ü لقد حاول المشروع المغربي صياغة مجموعة من القواعد القانونية لحماية حقوق و حريات المرأة و مركزها داخل المجتمع، وقد منحها مجموعة من الضمانات القانونية تتلاهم مع مركزها القانوني و الاجتماعي. وقد ارتأينا ان نقسم هذا المطلب الى فقرتين:
ü الفقرة الولى: حالة تطبيق الكراه البدني على المرأة الحامل.
الفقرة الثانية: الحماية الاجرائية للمرأة الام في مشروع قانون المسطرة الجنائية.
الفقرة الاولى: حالة تطبيق الاكراه البدني على المرأة الحامل.
وتطبيقا الاكراه البدني ينجز عن طريق الزوج بالغريم في السجن، ولكن اذا كان الغريم هو و زوجته معا فإنه لا يمكن المطالبة بالاكراه البدني في ان واحد ضدهما ولو من اجل ديون مختلفة و ذالك طبقا للفصل 637 من قانون المسطرة الجنائية، كما انه لا يمكن لا الحكم ولا المطالبة بتطبيق الاكراه البدني ضد غريم لفائدة زوجته
واعتبارا لكون الاكراه البدني هو عقوبة سالبة للحرية فان تطبيقها على المرأة الحامل، وبرغم من وجود نص في قانون المسطرة الجنائية فإنه يجب تطبيق العقوبات السالبة للحرية ضد المرأة الحامل اي لا يمكن تطبيق الاكراه البدني على المرأة الحامل الا بعد بسنتين.
ومبدأ عدم تنفيذ العقوبة على الحامل وتأجيلها بالنسبة لعقوبة الاعدام و العقوبات السالبة للحرية والاكراه البدني في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية هم مبدأ قديم عرفته الشريعة الاسلامية من يوم وجودها فمن المتفق عليه ان الحد لا يقام على الحامل حتى تضع سواء كان الحمل من زنى او غيره وذلك حماية للمرأة و الطفل وفي ذلك حديث الغامدية فقد روي ان امرأة حبلى من بني غامد جاءت الرسول صلى الله عليه وسلم مقرة بالزنا وهي حامل وقالت انها حبلى من الزنا فقال لها"ارجعي حتى تضعي ما في بطنك" فكلفها رجل من الانصار حتى وضعت فأتى النبي فقال وضعت الغامدية فقال لا نرجمها و ندع ولدها صغيرا ليس له من يضعه فقال رجل من الانصار فقال إلى ارضاعه يا رسول الله فرجمها.
وقد جرى صحابة الرسول من بعده على هذا، فيروي ان امرأة زنت من ايام عمر رضي الله عنه فهم عمر برجمها وهي حامل فقال له معاذ "ان كان سبيل عليها فليس لك سبيل على حملها " فقال عجز النساء ان يلدن مثلك ولم يرجمها.
الفقرة الثانية: حماية المرأة الام في مشروع قانون المسطرة الجنائية.
فبالضافة الى الابقاء على مقتضيات المتعلقة بتفتيش النساء وعدم انتهاك حرمتهم اثناء دالك، وكذا الاخذ بعين الاعتبار وضعية المرأة في حالة الحمل و الرضاعة اثناء تنفيذ الاكراه البدني. نص قانون المسطرة الجنائية على إحداث خلاليا التكفل بالنساء و الاطفال بالمحاكم بمقتضى المادة1_5_82 من قانون المسطرة الجنائية تفعيلا لدور المؤسسة القضائية في توفير العناية و الاهتمام الازمين لضمان الحماية القضائية للنساء ضحايا العنف و الاطفال على اختلاف اوضاعهم، وزجر كل انواع الإساءة التي يمكن ان تقع هذه الفئة ضحية لها. حيث يتمثل الهدف الاساسي من احداث هذه الالية في الرقى بالعمل القضائي في مجال توفير الحماية للنساء والاطفال و تيسير ولوجهم للقضاء و توفير متخصص في قضاياهم بما في ذالك ضحايا التجار بالبشر وإعطاء تدخله البعد الانساني والاجتماعي المائم لاوضاعهم من جهة، وتعزيز سبل التعاون و التنسيق من جهة اخرى مع باقي القطاعات الحكومية المعنية بالتنمية الجتماعية و الصحة و الشباب و الرياضة و التربية الوطنية و الامن الوطني و الدرك الملكي و غيرها من القطاعات الحكومية ذات الصلة بالنوضوع وكذا فعاليات المجتمع المدني.
ويتجسد هذه الخلايا في مايلي:
- تهيئة فضاءات خاصة بالستقبال بالمحاكم، و تعزيزها بوسائل تقنية الضرورية للعمل وبمواد بشرية مؤهلة للتعامل مع الفئة خصوصا المساعدات الجتماعية.
- الحرص على احترام قواعد و معايير نوعية موحدة تخص الخدمات التي تقدمها الخلايا وانشاء اليات للمراقبة و التتبع لضمان جودة هذه الخدمات و تقييمها.
- اشراك قضاة الحكم وقضاة التحقيق بالمحاكم ممن لهم إلمام و اهتمام خاصة بحقوق المرأة و الطفل و التنسيق و التواصل الدائم معهم.
- تحقيق التكامل في المهام و قدرات المتدخلين الرئيسيين في مجال التكلف بالنساء و الاطفال و مكافحة الاتجار في البشر.
- تطوير معلومات حول قضايا الطفل و المرأة و التجار بالبشر و تحليلها من أجل توظيفها لتجويد التكفل القضائي اللفئات المستهدفة.
كما اضافت المادة 6 من المشروع فقرة اضافية الى المادة 302 من قانون المسطرة الجنائية، بموجبها على انه اذا تعلق الامر بقضية عنف او اعتداء جنسي ضد امرأة او قاصر يمكن للمحكمة بطلب من الضحية ان تعتقد جلسة سرية.