مبادئ و مرتكزات و رهانات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
المطلب الأول: مبادئ و مرتكزات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
حددت الحكومة عدد من المبادئ التوجيهية لاعداد و بلورة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تتمثل في في أربعة مبادئ:
المطابقة مع الإطار الدولي:
وقعت
المملكة المغربية وصادقت على الاتفاقيات الدولية والإقليمية الكبرى في مجال
البيئة والتنمية المستدامة. وتنسجم
الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مع
الممارسات الدولية النموذجية، وتقتبس
منها التحديات التي قررت المملكة رفعها في
مجال التنمية المستدامة، ومنها مكافحة
التغير المناخي، ومكافحة التصحر وحماية
التنوع البيولوجي، إلخ
التطابق مع مبادئ الميثاق الوطني للبيئة و التنمية المستدامة
نسجم التدابير
العملية التي قدمت في إطار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
مع المبادئ الواردة في القانون-الإطار
،99-12 ومنها :[1]
• مبدأ الإندماج؛
• مبدأ المجالية الترابية؛
• مبدأ التضامن؛
• مبدأ الاحتياط؛
• مبدأ الوقاية؛
• مبدأ المسؤولية؛
• مبدأ المشاركة
ج-
التزام الأطراف المعنية: الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة هي قبل كل شيء
مسلسل مستمر، يلزم الفاعلين بتغيير سلوكياتهم بالنسبة للتنمية بمفهومها الكلاسيكي.
وعليه، فهي تحدد أهدافا خلال الفترة ،2030-2017وترسم تدابير وإجراءات عملية يلتزم بها مختلف الفاعلين. وقد تم تحديد
أغلب هذه التدابير أو البدء في تنفيذها من طرف السلطات العمومية، ويتمثل دور
الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في السهر على متابعة تنفيذها. وبالمقابل،
هناك بعض التدابير الجديدة التي تهدف إلى الاستجابة لبعض
رهانات الاستدامة التي لم تؤخذ بعين
الاعتبار من قبل. وبمجرد المصادقة عليها من طرف الحكومة واعتمادها، تصبح هذه
الاستراتيجية التزاما ي ِ لزم الجميع وفق مقتضيات القانون-الإطار
د-استراتيجية عملية .
تعتبر
الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة عملية وذلك بارتكازها على تدابير
ملموسة وميدانية وكذا باعتمادها على
الاستراتيجيات والمخططات والبرامج التي هي
في طور التنفيذ، ولا تتناقض هذه
الاستراتيجية بأي حال من الأحوال مع الاختيارات
التنموية التي تبنتها المملكة.[2]
و
إذا كانت هذه مبادئ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي لها رؤية تروم
تنفيذ الاقتصاد الأخضر الشامل بالمغرب في أفق 2030 جائت بعد تشخيص قام على إدماج
أربعة مرتكزات رئيسية للتنمية المستدامة و هي: الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي و
الثقافي. حيث يؤكد واضعي هذه الاسترتيجية أن المرتكز الاقتصادي يشكل قاطرة بلا منازع لهذه الرؤية الاستراتيجية لأنه لا
يمكن تصور تنمية مستدامة بمعزل عن اقتصاد سليم بمؤشرات أداء قوية.
فلكل القطاعات استراتيجياتها و لكن يمكن تجاوز المعيقات للوصول الى التنمية
المستدامة من خلال البحث المستمر عن الاتقائية بين القطاعات وكذا من خلال إدماج
أكبر للاعتبارات السوسيو-بيئية.
ويعتبر تحقيق اقتصاد بيئي أمرا ممكنا
من خلال وضع لبنات الاقتصاد الدائري أو تطوير
التصنيع الأخضر، كما يلزم تعزيز
المرتكز الاجتماعي، خصوصا السياسات ذات الصلة
بالصحة التي ظلت، رغم التحسن النسبي
الذي رسمته مؤشرات مستوى الأداء، دون مستوى الأهداف التي سطرت لها مما يضعف مسلسل
التنمية البشرية.
كما أن ولوج الجميع لنظام تربوي مجاني
جيد يظل أيضا تحديا يتعين رفعه لتفادي تعميق الفوارق الصارخة. أما محاربة الفقر
ومبدأ التضامن (خاصة التضامن على المستوى الترابي)، فيلزم نهجها بشكل حقيقي، لأن
الساكنة الأكثر عوزا وفقرا مسؤولة دائما عن حماية مواردنا حيث تعتبر الساكنة
القروية بالمناطق الجبلية الضامن الرئيسي لاحتياطاتنا المائية والغابوية، بينما
ساكنة الواحات تساهم في محاربة التصحر. وبالمقابل،
نجد أن واقع عيش هاتين الفئتين من الساكنة يصنف في مستويات متدنية وأقل من المعدل
المتوسط الوطني حسب المؤشرات السوسيو-اقتصادية، و بالتالي، فإن إعادة التوزيع
العادل للثروات مع أخذ مفهوم أداء خدمات النظم البيئية يشكل بديلا ممكنا. وقد
أظهرت نتائج التشخيص أن المرتكز البيئي يظل الفرع الضعيف في شجرة التنمية، حيث ظلت
المبادرات البيئية أساسا مبادرات علاجية يتم اللجوء إليها في حالات الاستعجال، ولم
يتم بعد اعتبار البيئة كمصدر للتنمية المستدامة. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى أخذ
الأضرار البيئية بعين الاعتبار عند صياغة السياسات العمومية، من أجل فك الارتباط
القائم بين التنمية الاقتصادية من جهة والضغط على الموارد من جهة أخرى، فضلا عن
خلق مناصب شغل خضراء مستدامة في المهن المرتبطة بالبيئة[3].
أما بالنسبة للمرتكز الثقافي، فيمكن
الاعتماد عليه من أجل رسم استراتيجية قائمة
على الخصوصيات المغربية. وعليه، فقد
استطاعت الاستراتيجية أجرأة هذا المرتكز من
خلال رهان حماية الفضاءات الحساسة الخاصة
(الواحات، الشريط الساحلي، المناطق
الجبلية)، وأيضا من خلال إدماج
الصناعة التقليدية كمكون ضمن منظومة الاقتصاد
الأخضر، وكذلك عبر دعم وتثمين المكون
الثقافي.
وحتى يتسنى بلورة هذه الرؤية
الاستراتيجية، تم تحديد 7رهانات كبرى تضم عدة محاور
استراتيجية لها أهدافها وإجراءاتها
ومشاريعها. وبهذا تشكل الاستراتيجية وثيقة
مرجعية لدعم مجموع السياسات العمومية
الرامية لبلوغ التنمية المستدامة. ويظل
الرهان الكبير هو تنفيذ هذه
الاستراتيجية، خاصة في الشق المتعلق بتحديد المشاريع
التي تنسجم مع الأهداف المسطرة
المطلب الثاني: رهانات الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
لقد تم وضع 7 رهانات للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدمة و كل رهان يتضمن عدة محاور استراتيجية.
الرهان الأول: تعزيز حكامة التنمية المستدامة
ترتبط
صعوبة الحكامة الخاصة بالتنمية المستدامة بضرورة وضع آليات ضبط وتنظيم اتخاذ
القرار على مستويات متعددة ضمانا لتدبير مشترك للموارد الطبيعية.
ويجب أن تؤطر الحكامة العلاقة بين
المستويات المعنية وأن تضع الاليات القانونية والاقتصادية التي من شأنها أن تضمن
التنفيذ الفعلي لسياسة تنموية مستدامة.
وإذا كانت الحكامة الوطنية للتنمية المستدامة
بالمغرب قد تعززت من خلال ترسيخها دستوريا فإن تحليل الاستراتيجيات القطاعية الذي
تم خلال مرحلة التشخيص مكن من إبراز عدد من الاختلالات والمعيقات ذات طبيعة:
•مؤسساتية: وتتمثل في غياب التخطيط
والتنسيق والإلتقائية خلال مرحلة تنفيذ الاستراتيجيات، وتعقيد وطول المساطر،
وتداخل الاختصاصات، وصعوبات تنفيذ النصوص على المستوى المحلي...[4]
• قانونية: وتتمثل في وجود مجالات لا
تغطيها القوانين، وقوانين تنظيمية متجاوزة،
ومشاريع إصلاح لم يكتب لها الاكتمال، وغياب النصوص التطبيقية...
• مالية: وتتمثل في خصاص في التمويلات،
وصرف الاعتمادات في غير وجوهها، وتسعيرة أقل من الكلفة، وغياب الشفافية،إلخ وتشكل
النقائص التي تعتري مجال التخطيط الخاص بالتنمية المستدامة وكذا غياب التنسيق بين
الإدارات حيث تنحوا كل واحدة منهما نحو
تغليب الخصوصيات القطاعية على تصورها للتنمية المستدامة، أهم العوائق التي تكبح
مسار تحقيق التنمية المستدامة. كما أن
الرؤية الشاملة التي تستحضر الاقتصاد الأخضر كرافعة للتنمية المستدامة، تستوجب
القطع مع تعقيدات وتعدد المشاريع وكذا السلوكيات التي تسيء بأي شكل من الأشكال
للمحافظة على الموارد أو التساوي بين الفاعلين. ومن أجل تنفيذ الحكامة
الجيدة، تم تحديد أربعة محاور استراتيجية
المحور الاستراتيجي الأول: اعتماد الأداء المثالي للدولة كرافعة لتنفيذ التنمية المستدامة
المحور الاستراتيجي الثاني: تقوية الإطار المؤسساتي للتنمية المستدامة ودور الفاعلين
المحور
الاستراتيجي الثالث: تعزيز الإطار القانوني وآليات المراقبة
المحور
الإستراتيجي الرابع: تقوية الآليات الاقتصادية والمالية للتمكن من تنفيذ سياسة
ضريبية بيئية
الرهان الثاني: إنجاح الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر
منذ
عدة سنوات، قطع مفهوم «الاقتصاد الأخضر» صلته مع عالم المتخصصين في
الاقتصاد البيئي ليدخل في الخطاب
السياسي العام. وتأتي الأهمية المكتسبة لهذا المفهوم
من توالي خيبات الأمل التي أفرزها
اعتماد النموذج الاقتصادي المهيمن والإحباط الناتج عن
تعدد الانتكاسات المتتالية، فضلا عن
الاختلالات التي طبعت العشرية الأولى من الألفية
الثالثة، خاصة الأزمة الاقتصادية
والمالية لسنة .2008ولكن وبالمقابل، شكل وجود نموذج
اقتصادي جديد وبديل لا ترتبط فيه
الثروة المادية لزوما بالزيادة في الأخطار البيئية أو شح
الموارد أو تفاقم الفوارق الاجتماعية
الصارخة، وجها جديدا فرض نفسه بإصرار على المشهد
التنموي، كما أن العديد من الوقائع
والأحداث تفرض بدورها انتقالا لا محيد عنه نحو الاقتصاد الأخضر لاعتبارات اقتصادية
واجتماعية. وهكذا، تلزم الحجج الجديدة الحكومة
والقطاع الخاص على بذل جهود مضاعفة
للانخراط في هذا التحول الاقتصادي، مما يحتم
على الحكومة وضع قواعد جديدة تشجع على
منتوجات سليمة بيئيا، والتخلي
التدريجي عن الدعم الذي كان سائدا من
ذي قبل، وتعديل سياساتها المضرة بالبيئة،
وتبني تدابير تحفيزية جديدة، مع تدعيم
بنيات الأسواق والآليات الاقتصادية، فضلا عن
إعادة توجيه الاستثمار العمومي وجعل
الصفقات العمومية منخرطة في المسار الأخضر[5].
أما بالنسبة للقطاع الخاص، فكل هذا
يقتضي فهم وقياس مدى جدوى الفرصة الحقيقية
التي سيمثلها هذا الانتقال نحو
الاقتصاد الأخضر في العديد من القطاعات الحيوية،
والتفاعل مع الإصلاحات السياسية
والإشارات التي تتعلق بالأثمان والرفع من مستويات
التمويل والاستثمار ويشكل الأمن
الغذائي مشكلة تخيم بظلالها على المشهد التنموي، و تظل المخاطر المرتبطة بالماء
والنقص المنتظر في هذه المادة الحيوية
والذي سيناهز 5مليارات متر
مكعب في أفق 2030تهديدا قائما يستدعي اهتماما
بالغا ومعالجة دقيقة.
وقد تم خلال العشرين سنة الأخيرة
استثمار رساميل هامة في مجال الاستثمار العقاري
والطاقات المتجددة والمحروقات
الأحفورية والأصول المالية، بينما بقيت الاستثمارات
ضعيفة في مجالات الطاقات المتجددة،
والنجاعة الطاقية، ووسائل النقل العمومي،
والفلاحة المستدامة، وحماية المنظومات
البيئية والتنوع البيولوجي، وحماية التربة.
ويقتضي هذا الوضع قلب هذه التوجهات خدمة لمرامي
التوازن والأمن الغدائيين على
المستويين المتوسط والبعيد.
ورغم أن مصطلح الاقتصاد الأخضر لا
يعوض مصطلح التنمية المستدامة، إلا أنه أصبح
أمرا مؤكدا أن تحقيق التنمية
المستدامة رهين بشكل كلي بمقاربة اقتصادية جيدة، لأن
عشرات السنوات من خلق ثروات جديدة
بناء على نموذج الاقتصاد البني (الملوث) لم
تنجح فعلا في القضاء على التهميش
الاجتماعي والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية
والإنجاز الجزئي لأهداف الألفية،
بينما تظل التنمية المستدامة هدفا حيويا على المدى
البعيد، يفترض تبني الاقتصاد الأخضر. إذ هناك
عدة قطاعات منتجة تحتوي على إمكانات كبيرة لخلق القيمة المضافة وتوفير مناصب
الشغل، فضلا عن توفرها على قدرات قوية
للتقليص من حدة الضغط على الموارد. و
لتحقيق هذا الرهان يحتم اعتماد المحاور التالية
لضمان فصل الارتباط بين التنمية الاقتصادية والضغط على الموارد والمجالات
الطبيعية.
المحور
الاستراتيجي الأول: التوفيق بين عصرنة القطاع الفلاحي ومقتضيات
التنمية
المستدامة
المحور
الاستراتيجي الثاني: ضمان المحافظة والتدبير العقلاني للموارد
البحرية
المحور
الاستراتيجي الثالث: تثمين أفضل للغابات ضمانا لتدبيرها
المستدام
المحور
الاستراتيجي الرابع: إدراج تسريع الوتيرة الصناعية ضمن مسار
الاقتصاد الأخضر
المحور الاستراتيجي الخامس: تسريع وثيرة تنفيذ الانتقال الطاقي
❙المحور الاستراتيجي السادس: التوفر على قطاع منجمي مستدام
❙المحور الاستراتيجي السابع: تشجيع الصناعة التقليدية المستدامة
❙المحور الاستراتيجي الثامن: تشجيع النقل المستدام
المحور
الاستراتيجي التاسع: الملاءمة بين التنمية السياحية وحماية
المجالات
المحور
الاستراتيجي العاشر: دعم التدبير المندمج للنفايات من أجل
خلق اقتصاد
دائري
المحور
الاستراتيجي الحادي عشر: خلق التوافق بين التنمية العمرانية
ومبادئ التنمية
المستدامة
الرهان التالت: تحسين تدبير و تثمين الموارد الطبيعية، و دعم المحافظة على التنوع البيولوجي [6]
أسفر
النمو الديمغرافي عن تزايد الضغط الممارس على الموارد : الماء، والتربة، والموارد
النباتية والحيوانية... وعلى الرغم من
تقليص وتيرة النمو السكاني، فلا زال الضغط
قائما، كما أن الطابع المتكرر للجفاف
قد رسخ ندرة هذه الموارد وسرع مسار تدهورها.
يمتلك المغرب، الذي يعتبر بلدا
للانتقال البيو-مناخي والإيكولوجي، موارد هشة
تهددها مخاطر التدهور السريع في حالة
الاستغلال المفرط. كما تتميز التربة بهشاشة
مرتفعة وتتعرض لكل أنواع التعرية.
وتعرف الغابات كذلك تراجعا مستمرا، كما أن
الفضاءات السهوبية مهددة بالتصحر،
والسواحل تعاني من الانجراف أو الاستغلال
المفرط. وفضلا عن ذلك، تتعرض الموارد
البحرية الى استنزاف كما أن بعض المواقع
البحرية الثمينة تتعرض لتلف تام.
وتهدد الكوارث الطبيعية المجال، في حين يبقى
التخطيط على المدى البعيد وكذا إعداد
وتنفيذ المخططات الاستعجالية والاستصلاحية
من أجل مكافحتها ضعيفين. ومن المؤكد بأن كل هذه
العناصر لها تأثيرات على توفر الموارد مستقبلا (المياه، موارد الصيد البحري) من
جهة، وعلى شروط نظافة وسلامة المجال من جهة أخرى، كما أن التوقعات الخاصة بتطور
المجال البيئي تبين نقصا في الاستدامة : استنفاذ للموارد، تدهور إطار العيش، وتدني
شروط النظافة... كل هذه العناصر تتسبب في ارتفاع
تكلفة لتدهور البيئي. وهكذا، يبقى الخيار
الوحيــد هو التنميــة التي تدمج المكون البيئـي في جميـع مراحلها وتستطيع أن
تعالج بعض المشاكل التي سبق التطرق إليها وذلك بوقف تراجع
الموارد الطبيعية وتجدد موارد أخرى
والمساهمــة في التنمية الاقتصاديــة والاجتماعيــة
لبلدنا.
ونظرا للدور الكبير الذي تلعبه كذلك
المناطق الرطبة في تحقيق التنمية الاجتماعية
والاقتصادية ببلادنا، فقد بذلت جهود
كبيرة سواء على المستوى القانوني من خلال
اعتماد قانون خاص بالمناطق المحمية
سنة 2010بما فيها المناطق الرطبة وكذا إنجاز
إستراتيجية وطنية للحفاظ على المناطق
الرطبة، من أجل تعزيز هذه الإجراءات والحفاظ
المستدام على هذه النظم الإيكولوجية
الهشة، والتعريف بها، وإبراز الإمكانيات التي
تزخر بها والعمل في اتجاه الاستغلال
الرشيد لها لضمان توازنها[7]
وهكذا،
يهدف الرهان الثالث للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة إلى تحسين
تدبير وتثمين الموارد الطبيعية، مع
دعم المحافظة على التنوع البيولوجي. ولتنفيذ هذا
الرهان تم تحديد 3 محاور استراتيجية
وهي:
المحور الإستراتيجي الأول: تأمين التزويد بالماء وتدعيم التدبير المندمج للموارد المائية
المحور الاستراتيجي الثاني: تطوير معرفة الضغوط الممارسة على التربة
المحور الاستراتيجي الثالث: حماية التنوع البيولوجي وتقوية سياسات المحافظة عليه
الرهان
الرابع: تسريع تنفيذ سياسة وطنية لمحاربة التغيرات المناخية[8]
رغم أن انبعاث المملكة المغربية من
الغازات الدفيئة يبقى متواضعا بالمقارنة مع عدة
دول، فإن موقعها الجغرافي يجعلها في
وضعية هشة حيال التأثيرات السلبية للتغيرات
المناخية (تكاثر الظواهر القصوى من
جفاف وفيضانات، وعدم انتظام التساقطات على
مستوى المكان أو الزمان وكذا ندرة
الموارد المائية...). وتزداد هذه الهشاشة استفحالا
بسبب تنامي ظاهرة التصحر وشح مصادر
الموارد المائية، كما أن النظام الفلاحي القائم
أساسا على الزراعات البورية، وبالتالي
على الارتباط بالتساقطات المطرية، تظل الهشاشة
أمام تأثيرات التغيرات المناخية امرا
قائما. ومع تزايد حاجيات الساكنة والقطاعات
الصناعية، ستزيد هذه الهشاشة قوة
وبوتيرة متسارعة بتسارع التحولات المناخية التي
سيعرفها المغرب والتي ستنعكس على أمنه
الغذائي.
ولمواجهة هذا التحدي، التزم المغرب
بشكل إرادي بتنفيذ تدابير التكيف والتخفيف من
انبعاث الغازات الدفيئة في إطار
مقاربة مندمجة وتشاركية مسؤولة، تطبيقا للإرادة
السياسية النابعة من توجيهات الملك ،
وفي تناغم وانسجام
تام مع الجهود الدولية في هذا المجال
التي قادت في سنة ،2015وفقا لمبدأ المسؤولية
المشتركة والمتباينة، إلى وضع اتفاق
دولي جديد لمحاربة التغيرات المناخية، تمت المصادقة
عليه في المؤتمر 21لأطراف
الاتفاقية الإطارية حول التغيرات المناخية المنعقدة بباريس سنة
2015والذي حددت إجراءات تنفيذه إبتداء من المؤتمر الذي نظم بمراكش سنة
.2016
وتشكل السياسة الوطنية في مجال
التغيرات المناخية إطارا عمليا لبلورة استراتيجية
على المدى المتوسط والطويل، تمكن من
تقديم إجابات بشكل استباقي وطموح عن
التحديات التي يطرحها التغير المناخي،
كما تشكل الإطار المرجعي لتنسيق التدابير
ُ والمبادرات التي اتخذت لمحاربة
التغيرات المناخية وآلية سياسية مهيكلة ودينامية
وتشاركية مرنة من أجل وضع لبنات تنمية
خضراء لمواجهة التغيرات المناخية.
وبالرغم من قناعتها الراسخة بحتمية
مواجهة التغيرات المناخية، فإن المملكة المغربية
واعية أيضا بمحدودية وسائلها، وأولها
محدودية الموارد المالية، لأن الاوراش التي يجب
فتحها تحتاج إلى دعم من المنتظم
الدولي من خلال التعجيل بوضع «الصندوق الأخضر
للمناخ»، وفق مقاربة عادلة في توزيع
الدعم بين مشاريع التكيف ومشاريع التخفيف.
وبعدها تأتي المحدودية التكنولوجية
حائلا دون وضع مخططات جريئة للتكيف مع
التغيرات المناخية، والتخفيف من
انبعاث الغازات الدفيئة اللذان تتطلبان توظيفا وضبطا لتقنيات وتكنولوجيات ناجعة.
وعليه، يمكن القول إن هدف الرهان الرابع من الاستراتيجية الوطنية للتنمية
المستدامة يروم تحسين مستوى الوعي بالتغيرات المناخية. ولهذا الغرض، تم تحديد 3 محاور استراتيجية :
المحور الاستراتيجي الأول: تحسين الحكامة المناخية
المحور الاستراتيجي الثاني: ضمان الانخراط الترابي في مسار مكافحة الاحتباس الحراري
المحور الاستراتيجي الثالث: استغلال فرص تمويل البرامج المناخية
الرهان الخامس: إيلاء عناية أكبر بالمجالات الترابية الهشة
يتميز المغرب بتنوع ترابي كبير، مما يحتم عليه مواجهة العديد من
التحديات المختلفة التي تلتقي رهاناتها في الشق المتعلق بحماية الموارد، وتحسين
جاذبية كل مجال ترابي والبحث عن التنافسية بفضل التفوق التنافسي الذي يجب تثمينه
في كل منطقة.
وتقترح الاستراتيجية الوطنية للتنمية
المستدامة تدعيم المبادرات لصالح المجالات الترابية الأكثر هشاشة. وعليه، تم
اعتماد 3أصناف من المجالات الترابية ذات الخصوصية والتي يستدعي وضعها تنسيقا
للجهود من اجل ضمان تنمية مستدامة :
• الساحل الذي تتركز فيه %54من الساكنة، و %80من الأنشطة الصناعية و %50من البنيات السياحية، مما يشكل ضغوطا تهدد استدامته وتزيد من المخاطر
التي تمس بسلامته (فيضانات، سكن غير لائق، تلوث.).
• الواحات والمناطق الصحراوية والتي
تمتد على مساحة %40من التراب الوطني وتظل مجالات فقيرة، ناقصة التجهيز وجد هشة. وتشكل
أشجار الأركان والواحات آخر حماية للصمود في وجه زحف التصحر. ويظل بذلك الحفاظ على
احتياطيات محميات المحيط الحيوي (البيوسفير) ضروري للتوازن البيئي لصالح باقي جهات
المملكة.
• المناطق الجبلية، التي تشكل مجالات
تعرف عددا من التناقضات بامتياز، حيث تعرف تركيز الأغلبية الكبرى من الموارد
المائية والغابات والتنوع البيولوجي للمملكة، إلا أن ساكنة هذه المناطق الغنية
بالموارد الطبيعية تعاني من الفقر المدقع، كما تدل على ذلك مجموع المؤشرات
الاجتماعية التي لا تتجاوز المعدل الوطني.
وعليه، يهدف الرهان الخامس من
الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة إلى تحسين تنسيق المبادرات والأنشطة داخل
مجالات ترابية محددة. وقد تم تحديد 3محاور استراتيجية:[9]
المحور الاستراتيجي الأول: تحسين التدبير المستدام للساحل
المحور الاستراتيجي الثاني: حماية وتثمين مناطق الواحات والمناطق الصحراوية
المحور الاستراتيجي الثالث: تعزيز سياسات تدبير المناطق الجبلية
الرهان السادس: دعم التنمية البشرية و تقليص الفوارق الاجتماعية و المجالية
حقق
المغرب تطورات إيجابية في المجال الاجتماعي. بل تمكن من تجاوز بعض أهداف الألفية
من أجل التنمية. وهكذا انتقل الهدف المتعلق بمعدل الفقر من سنة 2001إلى %6سنة .2011وانتقلت نسبة البطالة من %14برسم سنة 1999 إلى %9في .2012ونسبة تمدرس المغاربة المتراوحة أعمارهم بين 15و 24سنة
فقد وصلت إلى %85سنة 2012 بعد أن كانت في حدود %58برسم سنة 1994 وتراجعت نسبة وفيات الرضع والأطفال من ‰47بين سنتي 2003-1999إلى ‰30للفترة ،2011-2007وتراجعت نسبة وفيات الأطفال ( 1-0سنة) من ‰40إلى ‰29في نفس الفترة.
أما بالنسبة لوفاة الامهات فقد انتقلت
النسبة خلال عشر سنوات من 227وفاة في كل 100 ألف ولادة حية بين 1995و 2003إلى 112 وفاة في كل مائة ألف ولادة حية في .2009
إلا أنه يتعين دعم الجهود المبذولة من
أجل تدارك التأخير الخاص بثلاثة من أهداف الألفية
من أجل التنمية وهي : التعليم / خاصة
الشق المتعلم بمحو أمية الصغار، دعم المساواة بين الجنسين وضمان استقلالية النساء
وتحسين الصحة الإنجابية.
كما
أن النتائج المحصل عليها على مستوى أهداف الألفية من أجل التنمية تتعلق بمجموع
الساكنة، وتعبر عن معدلات على المستوى الوطني. إلا أن هذه المعدلات تخفي وراءها
فوارق يمكن أن تكون صارخة بين المجالين القروي والحضري، وبين الجهات، وبين الفئات
الاجتماعية وبين النساء والرجال.
كما أن النجاح في خفض مستوى الفقر،
تقابله الفوارق المسجلة على مستوى الدخل
وتفاقم الفوارق بين السكان. وعليه،
فإن محاربة الفقر بالمغرب يجب أن تكون ابتداء من
اليوم مسألة تقليص للفوارق الاقتصادية
والاجتماعية. أما بالنسبة للفوارق المجالية، فلا
نجدها فقط بين المجالين القروي
والحضري، بل نجدها أيضا بين الجهات.
وإيمانا منه بالحواجز العديدة التي
تعيق التنمية المستدامة والعادلة بين مختلف الجهات،
أعطى المغرب الانطلاقة للعديد من
المبادرات من أجل تحسين ظروف عيش الساكنة في
وضعية صعبة. وقد شكلت المبادرة
الوطنية للتنمية البشرية أحد المبادرات الناجحة.
وتلتقي العديد من البرامج القطاعية
المهيكلة مع روح وفلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: فالركيزة الثانية من
مخطط المغرب الأخضر رسمت كهدف مباشر الزيادة في الإنتاج، وتهدف بطريقة غير مباشرة
إلى تحسين الدخل الفلاحي بالنسبة لـ 3مليون قرويا يعيشون أوضاعا سوسيو-اقتصادية هشة. وإذا مكن تنفيذ برامج
الصحة العمومية من تحسين وضعية الصحة عموما بالمغرب، فإن الفوارق لازالت قائمة بين
المجالين القروي والحضري، وبين الرجال والنساء.[10]
وقد أعطى المغرب، منذ ما يزيد عن 10سنوات،
مكانة هامة للتربية. ومكنت الجهود المبذولة من رفع نسب التمدرس وإنهاء الدراسة
بالطور الابتدائي. إلا أن العديد من الإشكاليات لا زالت مطروحة.
فالإنصاف والجودة يشكلان الرهانين
الكبيرين للتعليم. كما أن رفع نسبة المتمدرسين حتى أطوار أكبر من مسارهم الدراسي
مع تقليص نسب التكرار، سترفع لا محالة من نسبة استكمال التكوين مهما كان الوسط
والنوع الاجتماعي والمجال الجغرافي للتمدرس.
وعليه، فإن الرهان السادس
للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة يهدف إلى دعم التنمية البشرية وتقليص
الفوارق الاجتماعية والمجالية. ولتنفيذ هذا الرهان، تم تحديد 3محاور استراتيجية:
المحور الاستراتيجي الأول: استثمار مكتسبات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لمحاربة الفقر
❙المحور الاستراتيجي الثاني: دعم نظام الصحة واليقظة الصحية
❙المحور الاستراتيجي الثالث: سد الخصاص في ميدان التعليم
الرهان السابع: النهوض بثقافة التنمية المستدامة
لا
يمكن تحقيق الأهداف المسطرة في الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة دون تنفيذ
الإجراءات المصاحبة.
وقد شكل البحث العلمي على الدوام
رافعة أساسية للوعي برهانات وشروط التنمية
المستدامة. حيث تستبق منظومة البحث-التنمية هذه المشاكل وتوضح رهاناتها
وتقترح حلولا لها، كما تعطي توضيحات هامة بالنسبة الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين.
ويتمخض عن الانتقال نحو الاقتصاد
الأخضر تطورا في المهن الممارسة. حيث أن أهم القطاعات تتأثر بالإصلاحات القانونية
والتطور المستمر للمعايير البيئية. ولمواكبة هذه التحولات، تحتاج المقاولات لتشغيل
أشخاص وأعون تلقوا تكوينا حول هذه التحولات.
ومن هنا يكون الرهان هو تكييف مضامين
التكوين مع مستلزمات حماية البيئة وترسيخ مبادئ التنمية المستدامة. وتوفق المهن
الخضراء بين حماية البيئة ومحاربة البطالة وخاصة التشغيل غير النظامي. حيث أن
هذه المهن الخضراء تشكل فرصة جديدة للاندماج الاجتماعي بالمغرب: فالأمر لا يتعلق
بخلق فرص شغل للشباب المؤهل في مختلف الميادين بل تعتبر كذلك فرص شغل حقيقية
للأشخاص في وضعية الهشاشة، ولذوي مستويات التأهيل الضعيف نسبيا وأولئك الذين تم
إقصائهم من سوق الشغل. وإذا
كانت هذه الاستراتيجية ترتكز على الأعمال ذات الأولوية لضمان الانتقال نحو نموذج
تنموي جديد دون إحداث قطيعة مع النموذج الحالي و هنا نتسائل عن أي نموذج تنموي
يتحدث واضعي هذه الاستراتيجية مادام لجنة النموذج التنموي التي عينها الملك لهذا
الغرض لم تضع تقريرها بعد فهل سيعاد بلورة هذه الاستراتيجية و سائر المخططات
القطاعية لتتماشى مع النموذج التنموي
المنتظر، فالتنمية المستدامة هي مسار طويل ومشترك بين الأجيال. ويمكن قياس نتائجه
عن طريق مؤشرات التتبع، رغم أن التحول الفعلي يتم داخل الجيل من خلال تكوين
الأطفال والشباب وتلقينهم مبادئ وقيم المواطنة البيئية. هذه المبادئ ستشكل لا
محالة دعامة لثقافة تنمية مستدامة حقيقية
المحور الاستراتيجي الأول: تقوية المواطنة البيئية من خلال برامج التربية والتحسيس والتواصل
المحور الاستراتيجي الثاني: جعل الابتكار والبحث، رافعة للانتقال نحو التجسيد الفعلي للتنمية المستدامة
المحور الاستراتيجي الثالث: الارتقاء بالتكوين في المهن الخضراء
المحور الاستراتيجي الرابع: تعزيز الارتقاء بالثقافة كرافعة للانتقال نحو مجتمع مستدام
ولضمان تنفيذ هذه الإستراتيجية، تم وضع آليات للتتبع والتقييم بغية تحقيق الأهداف المتوخاة وضبط وتصحيح الإجراءات المتخذة عند الاقتضاء. وفي هذا الإطار تم وضع لجان وطنية على النحو التالي:
اللجنة الإستراتيجية ذات الدور السياسي خاصة فيما يخص المصادقة على التوجهات الإستراتيجية حيث يترأسها رئيس الحكومة و تضم 22 ممثل لمختلف القطاعات الحكومية بالإضافة الى ممثلين عن الجهات و القطاع الخاص و المجتمع المدني و المؤسسات العمومية
لجن تتبع و مواكبة الاستراتيجية تضم الكتاب العامين للقطاعات الحكومية و المؤسسات العمومية وهي ذاب بعد تنفيذي[11]
و إذ تطرقنا في هذا المبحث الى الرهانات و المرتكزات سنتطرق في المبحث الثاني الى مؤشرات هذه الاستراتيحية و مشاريعها التي انطلقت مادام لا يمكن الحديث عن حصيلة في ظرف سنتين خاصة أن المؤشرات الموضوعة غير محددة لتاريخ مضبوط لتحقيق 138 هدف حددته هده الاستراتيجية
[1] موقع وزارة البيئة www.envronement.ma تاريخ الزيارة 2 يوليوز 2020 على الساعة العاشرة صباحا
[2] موقع وزارة البيئة، مرجع سابق
[3] موقع وزارة البيئة، مرجع سابق
[4] موقع وزارة البيئة، مرحع سابق
[5] موقع وزارة البيئة، مرجع سابق
[6] موقع وزارة البيئة، مرجع سابق
[7] موقع وزارة البيئة، مرجع سابق
[8] موقع وزارة البيئة، مرجع سابق
[9] موقع وزارة البيئة، مرجع سابق
[10] موقع وزارة البيئة، مرجع سابق