عقد الشغل المحدد المدة و غير المحدد المدة
عقد الشغل من العقود الزمنية التي يلعب فيها عنصر المدة دورا بارزا. بحيث يكون محدد المدة أو غير محدد المدة .و اذا كان المشرع لم يعرف هذين العقدين. فان ذلك راجع الى صعوبة التمييز بينهما. حتى يمكن تحديد ماهية كل واحد منهما على حدة.
و تزداد الصعوبة بالنظر الى تراجع عقود الشغل غير محددة المدة لصالح العقود المحددة المدة، هذه الأخيرة التي عرفت انتشارا كبيرا في الأونة الأخيرة.و في عدة ميادين خاصة تلك المتميزة بطابع موسمي كالفلاحة و الميدان الفندقي الى غيرها من المجالات.
و اللجوء الى عقد الشغل المحدد المدة يحقق عدة مزايا :
فمن الناحية
الاقتصادية تفيد هذه العقود في التخفيف على المؤسسات التي تكون في ضيق أو في أزمة.
فيما يخص بعض الاجراء و الذين تحتاج اليهم المؤسسة في فترة محددة ,أو في حالة الاستعجالية أو الاستثنائية.
في الوقت الذي تؤدي فيه العقود غير المحددة الى الاحتفاظ بأجراء داخل المقاولة رغم قلة كفاءتهم المهنية .
أما من الناحية الاجتماعية ,فهذه العقود تساهم في تشغيل أجراء لا يستطيعون أو لا يرغبون في العمل الا لمدة محددة .أو من هم أصبحوا عاطلين عن العمل بحيث يتمكنون ولو بصفة مؤقتة من الحصول على مورد رزق خاصة و أنهم يطمئنون الى مدة اشتغالهم بحيث يضمنون حصولهم على الأجر طيلة تنفيد العقد المحدد المدة.خلافا لعقد الشغل غير محدد المدة .بحيث يكون الأجير من خلاله غير متأكد من المدة التي سوف يشتغلها داخل المؤسسة.
ويبقى أهم ما تحققه هذه العقود للمشغلين وما يدفعهم الى اللجوء اليها.هو عدم خضوعهم وعدم تحملهم بالالتزامات التي يفرضها القانون الشغل فيما يتعلق بتسريحهم للأجراء القارين.كما تمكنهم من الحصول على يد عاملة طبيعة و بأقل تكلفة.خاصة و أن الأجير لا يكون أمامه سوى قبول شغل يخوله لحصوله على مورد رزق.
لذلك و حتى نقف على أهمية التمييز بين عقد
الشغل المحدد وغير المحدد المدة. يكون من اللازم
الرجوع الى ما جاءت به الأحكام العامة المنصوص عليها في ق.ل.ع وما جاءت به مدونة الشغل.
تمييز عقد الشغل المحدد المدة عن عقد الشغل غير محدد المدة
باستقرائنا
للفصل 723 ق.ل.ع نجده يشير الى أن "اجارة الخدمة أو العمل .عقد يلتزم بمقتضاه
أحد طرفيه بأن يقدم للاخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له"
و كذلك ما ينص عليه الفصل 727 من ق .ل.ع والذي
جاء فيه"للشخص أن يؤجر خدماته الى أجل محدد أو لأداء عمل معين أو لتنفيذه
والا وقع العقد باطلا بطلانا مطلقا"
ان
تفحص النصين أعلاه يدفع الى الاعتقاد أن المشرع قد جعل عقد الشغل عقدا محدد المدة
منذ وضع ق.ل.ع.
إلا أن الرجوع إلى الفصل 728 من ق.ل.ع و الذي ينص على أنه "يبطل كل اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص بتقديم خدماته طوال حياته أو لمدة تبلغ من الطول حدا بحيث يظل ملتزما حتى موته" يجعلنا نرجح أن التحديد المشار إليه الفصلين السابقين .لا يتعلق بالتحديد الدقيق و المطلق لهذه المدة لأن الشخص لا يمكنه العمل طوال حياته أو حتى مماته.بل هناك فترة سيتوقف فيها هذا العقد عن السريان وانتاج اثاره المتمثلة في أداء الأجير للعمل المطلوب منه خاصة عند بلوغ الشخص سن التقاعد.
وهذا ما يجعل العقد الذي لم يتم تحديده بشكل واضح أي ربطه بأجل محدد أو انجاز عمل معين يستمر في الزمن و
يعتبر غير محدد المدة ما لم يكن
هناك سبب يؤدي إلى إنهائه قبل هذا الأجل.
و إذا كان من غير الممكن القول من خلال ما سبق بوجود تمييز بين العقد المحدد وغير المحدد فان المشرع قد نص على هذا التمييز من خلال الفصل الأول من النظام النموذجي المنظم للعلاقات الرابطة بين الأجراء و مؤاداه إذا كان من غير الممكن القول من خلال ما سبق بوجود تمييز بين العقد المحدد و غير محدد المدة, فإن المشرع قد نص على هذا التمييز من خلال الفصل الأول من النظام النموذجي المنظم للعلاقات الرابطة بين الأجراء ومؤجريهم في المهن التجارية و الصناعية و المهن الحرة الصادرة في 23أكتوبر 1948 حين أشار إلى أنه:
"في
بيان أصناف الأجراء يتكون أجراء المقاولة من:
أجراء قاريين
أجراء مؤقتين, يستخدم الأجراء القارون
لمدة غير محددة, يستخدم الأجراء المؤقتون من أجل النيابة عن الأجراء
المتغيبين, أو القيام بعمل موسمي مؤقت لمدة محددة.
أن الإشغال
أي أجير بالمقاولة دون انقطاع لأكثر من أثني عشر شهرا, يعتبر بصفة تلقائية أجيرا
قار, إلا إذا نص عقد أجارة الخدمة الكتابي على شرط صريح بخلاف ذلك.
و بتوالي
المراحل التي مر منها تمييز عقد الشغل المحدد المدة عن غير محدد المدة تأتي فترة
مدونة الشغل و التي جاءت واضحة في هذا الاتجاه و في التميز بين العقدين حيت نصت المادة16
على أنه "يبرم عقد الشغل لمدة غير محددة, أو لمدة محددة, أو لإنجاز شغل معين.
يمكن أبرام
عقد الشغل محدد المدة في الحالات التي لا يمكن أن تكون فيها علاقة الشغل غير محددة
المدة
كما نصت
المادة 17 على أنه: " يمكن في القطاعات غير الفلاحية, عند فتح مقاولة لأول
مرة أو مؤسسة جديدة داخل المقاولة أو إطلاق منتوج جديد لأول مرة أبرام عقد الشغل محدد المدة, لمدة أقصاها سنة
قابلة لتجديد مرة واحدة و يصبح العقد بعد ذلك في جميع الحالات غير محدد المدة.
غير أن العقد
المبرم لمدة أقصاها سنة يصبح, في حالة استمرار العمل به إلى ما بعد أجلهّ, عقدا
غير محدد المدة.
وفي القطاع
الفلاحي يمكن إبرام عقد الشغل محدد المدة لمدة ستة أشهر قابلة لتجديد على أن ل لا
يتجاوز مدة العقود المبرمة سنتين. و يصبح العقد بعد ذلك غير محدد المدة."
و على
العموم, فإن عقد الشغل إما محدد المدة أو غير محدد المدة. ويكون العقد محدد المدة,
إذا تم إبرامه لمدة من الزمن معينة كشهرين و ثلاث أشهر أو أكثر أو كانت مرتبطة
بإنجاز مشروع معين, بحيث ينتهي العقد بانتهاء هذا المشروع. أما عقد الشغل غير محدد
المدة, فإنه يبرم دون تحديد مدة معينة له, من طرف المتعاقدين ولا يرتبط بإنجاز
مشروع معين. و يبقى عقدا غير محدد المدة, حتى لو انتقل الأجير بين عدة أوراش للعمل
ما دام أن هذا العمل يؤدى دون انقطاع و بصفة مستمرة.
و عند سكوت
عقد الشغل عن تحديد ما إذا كان محدد المدة أو غير محددها, فالأصل أن يعتبر غير
محدد المدة, ما لم يوجد شرط صريح مخالف ضمن شروط عقد الشغل المكتوب, و هذا ما كرسه
المجلس الأعلى (محكمة النقض) من خلال مجموعة من القرارات الصادرة عنه. وكذلك ما لم
توجد وثائق تثبت الطابع المؤقت للعمل الذي يؤدي الأجير.
إلا أن هذه
القاعدة لا يمكن تطبيقها بكيفية مطلقة, بل يجب الأخذ بعين الاعتبار نوع الشغل و
الأعراف المحلية, كالتعاقد مثلا للعمل في أعمال موسمية بطبيعتها, حيث تنتهي
بانتهاء الموسم.
و ما يؤكد
هذا التوجه أن المشرع المغربي قد نص على حالات إبرام عقود شغل محددة المدة على
سبيل الحصر من خلال المادة 16 في فقرتها الثالثة إلا أنه ترك المجال مفتوحا لإحداث
حالات أخرى للعقد المحدد المدة في بعض القطاعات و بصفة استثنائية.
2- حالات
إبرام عقد الشغل محدد المدة
حدد المشرع
المغربي في إطار مدونة الشغل عقد الشغل المحدد المدة كما يلي:
+ حالة إحلال
أجير محل أجير آخر في حالة توقف عقد الشغل هذا الأخير, ما لم يكن التوقف ناتجا عن
الإضراب: و حالات توقف عقد شغل الأجير نصت عليها المادة 32 من المدونة. و تختلف
مدة التوقف من حالة لأخرى: بحيث قد تطول هذه المدة إلى سنة و نصف و قد تقصر لتكون
فقط بضعة أيام.
+ ازدياد
نشاط المقاولة بكيفية مؤقتة, قد تحتاج المقاولة و في بعض الفترات من سنة لأجراء
إضافيين, إما بسبب وقوع حادث مثلا, أو حدوث فيضان, أدى إلى خسائر داخل المؤسسة
فتحتاج إلى هؤلاء لإصلاح ما تم لإتلافه, أو بسبب ازدياد الطلب على منتوج معين بحيث
تحتاج إلى أجراء لزيادة الإنتاج مثلا في فصل الشتاء يزداد الطلب على بعض الألبسة
أو الأغطية.
+ إذا كان
الشغل ذا طبيعة موسمية, سنخصص لهذا النوع من العقود فقرة خاصة. كما أضافت المادة
17 من المدونة حالات أخرى يكون فيها العقد محدد المدة و هي:
+ فتح مقاولة
لأول مرة مؤسسة جديدة داخل المقاولة.
+ إطلاق
منتوج جديد لأول مرة.
ويتم إبرام عقد الشغل في هذه الحالات لمدة أقصاها سنة قابلة لتجديد مرة واحدة, و يصبح العقد بعد ذلك في جميع الحالات غير محدد المدة. غير أن العقد المبرم لمدة أقصاها سنة يصبح في حالة استمرار العمل به إلى ما بعد أجلة, عقد غير محدد المدة.
أما في القطاع الفلاحي فيمكن إبرام عقد شغل محدد المدة لمدة ستة أشهر قابل لتجديد,
على ، لا تتجاوز مدة العقود المبرمة سنتين, و يصبح لعقد بعد ذلك غير محدد المدة.
3- تحول عقد
الشغل المحدد المدة إلى عقد غير محدد المدة
عقد الشغل
ووفق وما ينص عليه الفصل 753 ق.ل.ع. قد يتحول إلى عقد غير محدد المدة, إذا ما تم
تجديده صراحة من قبل الطرفين لمدة تزيد عن سنة, أو ضمنيا إذا استمر في إنتاج أثاره
بعد انتهاء مدته, ودون أن يبادر أحد الطرفين إلى إنهائه. و لهذا يمكن القول أن عقد
الشغل ينشأ محددا تم يتحول إلى عقد غير محدد و قد يتم التنصيص في وتبقى العقد على
تجديده صراحة و على عدد مرات تجديده و إلا اعتبر غير محدد المدة.
و إذا كان
العقد المحدد المدة ينتهي بإنتهاء مدته, أو العمل الذي أبرم لأجله, دون ×طار أو
تعويض عن الإشعار أو الإعفاء, فإن العقد غير محدد المدة لا ينتهي غلا عب أحد طرفين
عن نيته في الإنهاء, مع احترام الإجراءات القانونية من مهلة للإخطار ووجود مبرر
مشروع