تلخيص النظرية العامة للالتزامات
النظرية العامة للالتزامات
تكوين العقد
لكي يكون العقد صحيحا وينتج كافة آثره من المفروض أن يتوفر على شروط الإنعقاد وهي ما أصطلح عليها بالاركان (الرضا ، المحل ، السبب) وشروط الصحة ( الاهلية الكافية ، الإرادة السليمة)
I- الأركان اللازمة لإبرام العقد
1- ركن الرضا
الرضا هو الركن الأساسي الذي لا يقوم العقد بدونه ولكي يقوم الرضا بالعقد لا بد أن توجد إرادة لدى المتعاقدين
أولا : وجود الإرادة وكيفية التعبير عنها :
- وجود الإرادة: القاعدة أنه لا يشترط أن يتم التعبير عن الإرادة في شكل محدد وإنما يمكن أن يتم بكل ما يدل على وجودها كالكتابة واللفظ الشفوي أو بالإشارة، ومبدأ حرية التعبير عن الإرادة يستلزم أن يكون تعبيرا صحيحا عن الإرادة، كما يجب أن ينصب هذا التعبير على العناصر الأساسية للألتزام فحتى نكون أمام عقد بيع صحيح لا بد أن يتم الاتفاق بين البائع والمشتري بخصوص هذه العناصر كاملة
- كيفية التعبير عن الإرادة
التعبير الصريح عن الإرادة : التعبير الصريح عن الإرادة هو الذي يعكس إرادة صاحبه بطريقة مباشرة ومن غير حاجة لإعمال الفكر أو الاستنتاج ،ويتم هذا التعبير باللفظ أو الكتابة أو الإشارة المتداولة عرفا، وقد يتم التعبير الصريح عن الإرادة باتخاذ موقف معين لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود
- التعبير الضمني عن الإرادة : التعبير الضمني هو الذي لا يكون بذاته تعبيرا عن الإرادة بشكل صريح وإنما يدل عليها بطريقة غير مباشرة وبعد إعمال الفكر في الاستنتاج والتفسير
هل يتم التعبير عن الإرادة بالسكوت؟
يتعين التمييز بين الإيجاب والقبول ،فالسكوت باعتباره حالة سلبية لا يمكن أن يدل دلالة ضمنية عن الإيجاب الذي يعتبر موقفا إيجابيا متمثلا في عرض بات للتعاقد أما بالنسبة للقبول يتعين التمييز بين حالتين ،الحالة التي يكون فيها السكوت مجردا أي غير مقترن بظروف من شأنها أن تفصح عن دلالته وفي هذه الحالة لا يصلح السكوت تعبيرا عن القبول وهذا ما عبر عنه الفقهاء المسلمون، أما الحالة التي يكون فيها السكوت ملابسا أي مقترن بظروف ملابسة تسمح بأن يستنتج منه القبول بشكل واضح لا غموض فيه في هذه الحالة يعتبر السكوت ملابس تعبيرا عن إرادة القابل ،وقد أخذ المشرع المغربي بالسكوت الملابس تعبيرا عن الإرادة في حالات نص عليها في قانون الالتزامات والعقود ويعتبر الرد مطابقا للإيجاب إذا كتفى المجيب بقول قبلت أو نفذ العقد بدون تحفظ
ثانيا : المراحل التي يقطعها التراضي
* الإيجاب
- تعريف الإيجاب :هو تعبير عن إرادة منفردة بمقتضاه يعلن شخص عن إرادته الباتة في إبرام عقد معين مع تحديد شروطه الأساسية التي إذا قبلت من طرف الشخص الموجه إليه الإيجاب انعقد العقد،
تمييز الإيجاب عن غيره من المؤسسات القانونية:
1 _ الإيجاب والمفاوضات التمهيدية : تعتبر العقود المهمة من الناحية الإقتصادية غالبا ما ينخلع الإيجاب عن هذه الصورة البسيطة التي يسبقها مجموعة من المناقشات والمفاوضات والمحادثات تتعلق بموضوع العقد وتمهد له تعرف بالمفاوضات التمهيدية ، هذه المفاوضات تعتبر بمثابة خطوة نحو الإيجاب فقط دون أن يكون لها دور حاسم في إبرام العقد، وهي قد تطول وقد تقصر حسب أهمية موضوع العقد
2 الإيجاب والدعوة للتعاقد: قد تأتي هذه الدعوة في شكل إعلان يعرب فيه شخص عن رغبته وحاجته إلى توظيف إطار معين يعمل بشهادة معينة ويقبل بأجر معين. أو في شكل نشرات تصدرها شركة السياحة تعلن فيها عن برامج لرحلات بتعريفة محددة مسبقا وكذلك في شكل الدعوة إلى المشاركة في مناقصة أو مزايدة، فهذه الإعلانات والدعوات لا تنطوي على إيجاب في إبرام العقد وإنما هي مجرد دعوة إلى التعاقد حتى ولو تضمنت الأركان والشروط الأساسية للعقد المراد إبرامه
شروط الإيجاب: من شروط الإيجاب أن يكون حازما ونهائيا ويعبر عن النية الباتة لأحد المتعاقدين في التعاقد، كما يشترط في أن يكون واضحا ومحددا لشروط العقد الأساسية بل يكفي أن يتضمن شروطه الأساسية وكذا الشروط التي يعتبرها الموجب أساسية ككيفية أداء الثمن في عقد البيع ومكان التسليم
القوة الملزمة للإيجاب : الأصل أن الإيجاب لا يكون ملزما للموجب بحيث يجوز له التراجع عنه ما لم يتصل بالقبول لكن استثناء من الأصل السابق يصبح الإيجاب ملزما في الحالات التالية
+ حالة تقديم إيجاب مع تحديد أجل للقبول
+ حالة تقديم إيجاب عن طريق المراسلة من دون تحديد أجل
حالات سقوط الإيجاب: يسقط الإيجاب في الحالات الأتية:
+ الحالة التي يفرض فيها الإيجاب من طرف من وجه إليه
+ الحالة التي يكون فيها الإيجاب مقترن بأجل محدد ولم يتوصل الموجب بالرد ممن وجه إليه داخل هذا الأجل
+ في الإيجاب الموجه بالمراسلة من دون تحديد أجله
+ إذا حصلت حالة وفاة الموجب أو فقدانه لأهليته وعلم الموجب له بذلك قبل إصدار قبوله
* القبول:
تعريف القبول: هو التعبير الجدي عن إرادة الشخص الذي وجه إليه الإيجاب والمتضمن لموافقته على ذلك الإيجاب فهو الإرادة الثانية في العقد بعد الإيجاب ويمكن التعبير عن القبول بصفة صريحة أو ضمنية
شروط القبول : حتى يعتد بالقبول لابد من توفره على الشروط الآتية:
+ أن يصدر والإيجاب لازال قائما
+ أن يكون القبول مطابقا للإيجاب مطابقة تامة بمعنى أن القبول يجب أن يكون متفقا مع الإيجاب في كل المسائل الأساسية التي تناولها
+ أن يكون القبول باتا: بمعنى أن موافقة القابل على الإيجاب كما عرض عليه يجب أن تكون تامة ونهائية
* اقتران القبول بالإيجاب
التعاقد بين حاضرين في مجلس العقد : مجلس العقد يعني اتصال الطرفين مع بعضهما مباشرة وانشغالهما بالتعاقد بحيث لا تكون هناك فترة زمنية بين صدور القبول وعلم الموجب به ويتحقق ذلك عادة باجتماع الطرفين في مكان واحد وهو ما يعرف باتحاد مجلس العقد، وإذا كان المشرع المغربي قد سوى بين التعاقد بالهاتف والتعاقد بين حاضرين في مجلس العقد من حيث زمن انعقاد العقد فإن مكان انعقاد العقد بواسطة الهاتف يبقى هو المكان الذي يصدر فيه التصريح بالقبول وليس المكان الذي يصدر فيه الإيجاب
التعاقد بين غائبين عن طريق المراسلة : هو الذي يقوم بين متعاقدين لا يضمهما مجلس واحد ويتم عن طريق تبادل الإيجاب والقبول بالمراسلة وهذا يعني أن هناك فترة زمنية تفصل بين صدور القبول وعلم الموجب به فكيف يتم تحديد زمن انعقاد العقد ومكانه في هذا النوع من التعاقد؟ ،لتحديد زمن انعقاد العقد من الناحية العملية تتجلى في :
+ تحديد الوقت الذي لا يستطيع الموجب بعده أن يعدل عن إيجابه وكذلك تحديد الوقت الذي لا يستطيع بعده القابل أن يعدل عن قبوله،
+ تحديد بداية سريان تقادم الالتزامات المترتبة عن العقد.
تظهر أهمية التحديد فيما يلي:
+ تحديد قانون البلد الواجب تطبيقه على العقد
+ تحديد المحكمة المختصة للفصل في النزاعات التي قد تترتب على تنفيذ العقد، وقد اختلف الفقه والقضاء على مسألة تحديد زمان ومكان انعقاد العقد عندما يتم التعاقد بين غائبين عن طريق المراسلة أو بواسطة رسول ووجدت في هذا الصدد أربع نظريات
1_ نظرية إعلان القبول (أو التصريح بالقبول):
يرى أنصار هذه النظرية أن العقد ينعقد في اللحظة التي يعلن فيها القابل عن قبوله
2_ نظرية تصدير القبول: يتفق أنصار هذه النظرية مع إعلان القبول لكنهم يشترطون أن يكون الإعلان عن القبول نهائياً ولا يتم ذلك إلى بتصديره
3_ نظرية استلام القبول: يرى أنصار هذه النظرية بأن العقد لا ينعقد إلى وقت وصول خطاب القبول إلى محل الموجب، فهذا الوصول يقوم قرينة علم الموجب به
4_ نظرية العلم بالقبول: يرى أنصار هذه النظرية بأن الإرادة لا تنتج أثرا إلى إذا علم بها من وجهت إليه
5_ موقف المشرع المغربي من هذه النظريات
اعتبر المشرع المغربي أنه قد اعتد بوقت ومكان إعلان القابل لقبوله أي بالنظرية الأولى إلا أنه اشترط توصل الموجب بالقبول إذا كان قد حدد أجلا للقبول تطبيقا لما جاء في قانون الالتزامات والعقود على أن يتم هذا التوصل داخل الأجل المحدد وفي حالة التعاقد عن طريق المراسلة يعتبر الإيجاب فيها متضمنا لأجل ضمني يبقى فيه الموجب ملتزما بإيجابه إلى الوقت المناسب لوصول رد المرسل إليه داخل الأجل المعقول
* النيابة في التعاقد
- المفهوم الاصطلاحي للنيابة في التعاقد : هي حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في مباشرة تصرف قانوني معين مع انصراف أثار هذا التصرف إلى شخص الأصيل كما لو كانت الإرادة قد صدرت منه شخصيا ., وتبدو أهمية النيابة في أنها قد تكون ضرورية في العديد من الحالات والنيابة نوعان :
قانونية واتفاقية ، فالنيابة القانونية أو ما يعرف بالنيابة الشرعية هي التي يقرر القانون وجودها ويعين حدودها بشكل مباشر وهي إما ولاية أو وصاية تقديم، أما النيابة الإتفاقية أو ما يعرف بالوكالة الإتفاقية فهي التي يقرر الإتفاق وجودها ويعين حدودها ونطاقها
- شروط صحة النيابة الإتفاقية(الوكالة):
الشرط الاول: حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل :أساس النيابة هي حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في إبرام العقد فإرادة النائب هي التي تتجه إلى إحداث الأثر الناتج عن التصرف القانوني لكن ليس في حق صاحبها وإنما في حق الموكل أو في شخص الأصيل وهذا ما يميز النائب الإتفاقي الوكيل عن الرسول أو الوسيط والمشرع لم يشترط في إرادة الوكيل كمال الأهلية بل اشترط فيه التمييز فقط كما أن إرادة النائب هي التي يتحرى فيها توافر شروط صحة الإرادة وخلوها من العيوب التي قد تؤثر في صحة العقد دون إرادة الأصيل
أما الشرط الثاني :إلتزام النائب بحدود السلطات المخولة له بموجب الوكالة : الوكالة الإتفاقية إما أن تكون عامة حيث يكون للنائب فيها مطلق الحرية بالتصرف من الإلتزام بتعليمات وتوجيهات الأصيل وقد تكون وكالة خاصة بحيث تنحصر حرية تصرف النائب القانوني في الحدود المنصوص عليها في عقد الوكالة وإذا حصل تجاوز من الوكيل وتصرف خارج نطاق الوكالة الممنوحة له فإن أثار التصرفات التي أجراها لا تلزم الموكل كمبدأ عام وقد نص المشرع على حالات معينة تنصرف فيها أثارا التصرفات التي يجريها النائب في حق الأصيل كما تنصرف أثار العقد إلى الأصيل رغم مجاوزة النائب لحدود نيابته إذا كان النائب ومن تعاقد معه حسني النية
الشرط الثالث: تعامل النائب باسم الأصيل ولحسابه : لصحة تعاقد عن طريق النيابة لابد أن يفصح النائب للطرف الأخر عن هويته القانونية كوكيل عن الشخص الأصيل وأنه يتعاقد بهذه الصفة أو على الأقل أن يكون المتعاقد معه عالما بوجود هذه النيابة بطريقة معينة حتى يكون على بينة واختيار من أمره لكن إذا لم يفصح الوكيل عن صفته وتعاقد باسمه الشخصي وكان المتعاقد معه يجهل وجود النيابة فإن أثار العقد تنصرف مبدئيا إلى الوكيل ولا يتأثر الغير بوجود الوكالة
* أثار النيابة في التعاقد
1 : علاقة الأصيل بالنائب : يؤطر هذه العلاقة المصدر الذي يستقي منه النائب صلاحياته فإذا كانت النيابة قانونية (شرعية) فإن القانون هو الذي يحدد حقوق والتزامات النائب والأصيل أما إذا كانت النيابة اتفاقية فإن عقد الوكالة هو الذي يحدد إطار هذه النيابة بحسب ما إذا كانت الوكالة عامة أو خاصة
2 : علاقة النائب بالغير المتعاقد معه : إذا أفصح النائب عن صفته في التعاقد أو علم به الغير فإن أثار التصرف تنصرف إلى الأصيل مباشرة وكأنه هو الذي أبرم العقد حسب ق ل ع ومن ثم فإن المطالبة بالحقوق والإلتزامات المترتبة عن العقد تصدر من الأصيل أو توجه إليه ولا دخل للنائب في ذلك إلا إذا كانت نيابته تمتد لتنفيذ العقد غير أن النائب قد يرتكب خطأ بمناسبة نيابته يسبب به ضررا للمتعاقد معه وهنا يكون النائب مسئولا في مواجهة الغير عن الضرر الذي أصابه بسبب عدم تنفيذ العقد شرط على أن يكون حسن النية
3 علاقة الأصيل بالغير المتعاقد معه : هناك علاقة مباشرة بين الطرفين باعتبارهما الطرفين المتعاقدين لذلك إذا أخل أحدهما بالتزاماته اتجاه الطرف الأخر جاز للمتضرر المطالبة بالتعويض استنادا إلى قواعد المسؤولية العقدية لوجود عقد بينهما
4 تعاقد الشخص مع نفسه : ويفيد ذلك أن يبرم الشخص وحده العقد دون الحاجة لطرف ثان ويمكن تصور الأمر في حالتين:
الحالة الأولى: كون الشخص نائبا وأصيلا في نفس الوقت نائبا عن غيره وأصيلا عن نفسه في نفس العقد
الحالة الثانية: كون الشخص نائبا عن كلا طرفي االعقد ويعني أن ينوب شخص واحد عن طرفي العقد لهما مصالح متعارضة من هنا ظهر هذا الأسلوب في التعاقد الذي أثار جدالا فقهيا حول إمكانية جوازه أو عدم جوازه ،وقد أسفر عن تيارين فقهيين متعارضين الأول يجيز هذا التصرف على أساس أن الوكيل أحق من غيره في الإستفادة من موضوع الوكالة على أن يكون حسن النية والتيار الثاني يمنعه لأن الوكيل عندما يتعاقد أصالة عن نفسه ونيابته عن غيره فإن مصالحه سوف تتعارض فيما بينهما وبالنسبة للمشرع المغربي فلم نجد قاعدة عامة صريحة تبيح أو تمنع تعاقد الشخص مع نفسه
تالتا: صحة الرضا
* توفر الأهلية اللازمة
الأهلية في اللغة هي الصلاحية أو الجدارة أو الكفاءة لأمر من الأمور وباصطلاح هي قابلية الشخص لأن يكتسب الحقوق ويتحمل الإلتزامات وأن يمارس بنفسه التصرفات التي تمكنه من كسب الأولى وتحمل الثانية والأهلية نوعان ، أهلية وجوب وأهلية أداء :
فأهلية الوجوب هي قابلية الشخص في أن يكتسب الحقوق ويتحمل الإلتزامات وهي تثبت له بمجرد ولادته حيا وتستمر معه إلى حين مماته
أما أهلية الأداء فهي قابلية الشخص في أن يمارس الشخص بنفسه التصرفات القانونية التي يكون من شأنها أن تكسبه حقا أو تحمله إلتزامات على وجه يعتد به قانونا ،ومن المبادئ الثابتة كمال الأهلية عند الشخص وذلك ببلوغه سن الرشد القانوني 18 سنة والأهلية المدنية للشخص تخضع لقانون أحواله الشخصية كما أن القواعد المنظمة للأهلية قواعد أمرة لاتصالها بالنظام العام والأصل في الإنسان كمال الأهلية ،غير أنه تأتي بعض الحالات ينعدم فيها كمال الأهلية مما يؤثر على تصرفاته القانونية وانعدام كمال أهلية الشخص قد يصل إلى حد فقدانها كليا وقد يقتصر على نقصانها فقط
- فقدان الأهلية وأثره على التصرفات القانونية
حسب مدونة الأسرة فإن عديم الأهلية هو الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز والمجنون وفاقد العقل جميع تصرفات عديم الأهلية تكون باطلة بطلانا مطلقا ولا تنتج أي أثار سواء كانت تصرفات نافعة نفعا محضا أو ضارة ضررا محضا أو تدور بين النفع و الضرر ،فانعدام الأهلية تجرد الشخص حتى من أهلية اغتناء أي أهلية اكتساب الحقوق دون التحمل بأي التزام بحيث تكون تصرفاته باطلة ولا تنتج أي أثار قانوني
- نقصان الأهلية وأثره على التصرفات القانونية
يعتبر ناقص الأهلية حسب مدونة الأسرة هو الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد والسفيه والمعتوه ،وتخضع تصرفات ناقص الأهلية للأحكام التالية تكون نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا وتكون باطلة إذا كانت مضرة به ويتوقف نفاذها إذا كانت دائرة بين النفع والضرر على إجازة نائبه الشرعي حسب المصلحة الراجحة للمحجور ،ويختلف حكم التصرفات التي يجريها ناقص الأهلية باختلاف نوع التصرف أما بالنسبة للتصرفات العوضية (أي التي تضور بين النفع والضرر) الأصل فيها الجواز إن جلبت مصلحة لناقص الأهلية أو القابلية للإبطال لمصلحته إن كانت لفائدة من تعاقد معه
* عيوب الرضا
- عيب الغلط
الغلط هو تصور خاطئ للواقع يؤدي إلى إبرام عقد ما كان الشخص ليبرمه لو تبين حقيقة الأمر أو على الأقل كان ليتفاوض بشروط أخرى غير التي تعاقد بها تحت وطأة الغلط وللغلط أنواع مختلفة منها ما يمنع الرضا ويؤدي بالتالي إلى بطلان العقد بطلانا مطلقا وقد يقع الغلط المانع في سبب الالتزام التعاقدي ونجد أن الغلط الذي لا يؤثر على صحة العقد ولا يعيب إرادة من وقع فيه هذا الغلط ،فهناك الغلط الذي يعيب الإرادة فقط دون أن يعدمها ويجعل العقد قابلا للإبطال
+ حالات الغلط المؤثر : هو الغلط الذي يؤثر في إرادة المتعاقد بأن يعيبها فقط دون أن يعدمها فيكون الجزاء المدني المترتب عن ذلك هو إبطال العقد للمصلحة : الغلط في القانون ويقصد به سوء فهم المتعاقد لقاعدة قانونية حيث يفهمها فهما خاطئا إما جهل المتعاقد لوجود قاعدة قانونية فيضن أنه ليس هناك قاعدة تنظم موضوعا معينا بينما توجد هذه القاعدة وإما اعتقاده بوجود قاعدة قانونية غير موجود في الواقع وتعامله على أساس ذلك ، ومن أمثلته اتفاق الورثة على توزيع التركة على أساس أن الزوجة ترث الثمن فيتبين لهم أنها ترث الربع لأن الهالك لا أبناء له
الغلط في الشيء: فيشمل الغلط في ذاتية الشخص كأن يبيع شخص الدكان رقم 1 ويظن أن المشتري أنه يشتري الدكان رقم 2 ،كما يشمل الغلط في مادة الشيء كأن يبيع التاجر حقيبة من الجلد الاصطناعي ويعتقد المشتري أنها من الجلد الطبيعي ويشمل أيضا الغلط في صفات الشيء الجوهرية كأن يقتني شخص لوحة زيتية على أنها من رسم فنان مشهور فيتبين فيما بعد أنها من رسام مبتدئ
الغلط في الشخص: إن الغلط الواقع على الشخص لا يخول الإبطال إلا إذا كانت شخصيته أو صفة فيه محل اعتبار في العقد ومثال ذلك أن يعب شخص مالا لشخص أخر معتقدا أنه قريب فإذا به ليس كذلك أو اتفاق شخص مع صانع ليصنع له خزانة خشبية على أساس أنه نجار ماهر فيتبين له أنه لا يعرف في النجارة،
الغلط الواقع من الوسيط: إن هذه الحالة يستخدم فيها أحد المتعاقدين وسيطا في إبرام العقد فيقع هذا الوسيط في غلط يتعلق بالشيء أو بالشخص ،وأن لهذا المتعاقد أن يطلب الإبطال وهي حالة الغلط في الشيء وحالة الغلط في شخص أحد المتعاقدين
+ الشروط الواجب توفرها في الغلط حتى يخول الإبطال
الشرط الأول: أن يكون الغلط هو الدافع للتعاقد بمعنى أن للغلط أثر فعال على الرضا بحيث لو علم المتعاقد بحقيقة الأمر لما أقدم على التعاقد والمسألة هنا شخصية تختلف من متعاقد إلى أخر وباختلاف الظروف فالغلط الذي يدفع شخصا للتعاقد قد لا يدفع شخصا أخر وإنما يعتد به فقط في الحالات التي يدفع فيها فعلا إلى التعاقد أو يكون هو الدافع الأساسي
الشرط الثاني: أن يكون الغلط مما يعذر عنه : فالغلط الواقع في القيمة الفنية للوحة الزيتية لا يعتبر مما يعذر عنه إذا صدر من خبير في أعمال فنية لكنه يعتبر غلطا يعذر عنه إذا صدر عن إنسان عادي لا خبرة له في مجال الفنون ،إذن فتقدير الغلط يقوم على معيار ذاتي
- عيب التدليس
التدليس باعتباره عيبا يشوب الرضا هو الالتجاء إلى الحيلة والتضليل والخداع بقصد إيقاع المتقاعد في غلط يدفعه إلى التعاقد، والمتقاعد تحت وطأة التدليس إنما يتقاعد تحت تأثير الوهم الدي أثاره في دهنه المدلس، وحتى ينهض التدليس سببا للإبطال لابد من توفره على مجموعة من الشروط وهي:
الشرط الأول: استعمال الطرق الإحتيالية : لقياس التدليس يجب أن تستعمل طرق إحتيالية تولد الغلط في دهن المتقاعد فتخفي الحقيقة عنه. واستعمال الأساليب الإحتيالية يقوم على عنصرين:
العنصر المادي: الأساليب الإحتيالية المستعملة.
وتتمثل في الوسائل المادية كتقديم وثائق مزورة أو شهادات كاذبة،وقد أكدت محكمة النقض في أحد قراراتها أن إبراز الأعمال المادية المكونة للتدليس كاف لقيامه، وقد يختلف التدليس بمجرد الكذب أو الكتمان فالكذب وإن كان الأصل فيه أنه لا يعتبر أسلوب احتيال ولا تدليس إلا أنه يعتبر كذلك إدا تعلق بواقعة معينة لها اعتبارها عند التعاقد.
العنصر المعنوي: نية التضليل : يتعين أن يكون الغرض من استعمال الأساليب الاحتيالية هو تضليل المتقاعد الأخر لإيقاعه في غلط يدفعه إلى التعاقد فإذا لم يوجد هدا القصد انتفى التدليس ،بالإضافة إلى أن نية التضليل يجب أن يكون الهدف أو الغرض غير مشروع.
الشرط الثاني: أن يكون التدليس هو الدافع إلى التعاقد.
يجب أن تكون الحيلة المستعملة ذات تأثير في إرادة المتعاقد ويميز الفقه عادة بين التدليس الدافع والتدليس غير الدافع
فالتدليس الدافع هو الذي يحمل على التعاقد بحيث لولاه لما أقدم الشخص على إبرام العقد. بينما التدليس العرضي هو التدليس الذي لا يحمل على التعاقد وإنما يقتصر أثره على التعاقد بشروط.
الشرط الثالث: أن يكون التدليس صادرا من المتعاقد الأخر أو أن يكون على علم به.
لا يكفي لقيام التدليس استعمال الأساليب الاحتيالية بنية التضليل لدفع المتعاقد الأخر إلى التعاقد. وإنما يجب أن يكون هدا الاستعمال قد تم من طرف المتعاقد نفسه أو من طرف نائبه أو من طرف شخص أخر يعمل بالتواطؤ معه أو من طرف شخص من الغير إدا كان المتعاقد الذي يستفيد منه عالما به.
- عيب الإكراه
الإكراه هو إجبار غير مادي أو أدبي يمارس على الشخص فيولد رهبة في نفسه إلى التعاقد، وقد يصل الإكراه إلى حد إعدام الإرادة مما يجعل العقد باطلا بطلانا مطلقا، والشروط الواجب توفرها ف الإكراه حتى يكون عيب في الإرادة هي:
الشرط الأول: استعمال وسيلة تهديد : إن قوام الإكراه هو استعمال وسيلة تهديد من شأنها أن تولد الرهبة في نفس الشخص وتدفعه إلى التعاقد، أما إدا لم تنجح الوسيلة في إحداث الرهبة في نفس الشخص فإن الأمر لا يعتبر إكراها، وقد تكون الوسائل المستعملة في الإكراه مادية كالضرب وقد يكون الإكراه معنوي أو نفسي كالتهديد بإلحاق الأذى بالنفس أو الشرف أو المال، كما أن الإكراه ليس من الضروري أن يقع على المتعاقد نفسه وإنما يمكن أن يقع على من يرتبط به بعلاقة دم.كما أنه ليس من الضروري أن يباشر التهديد أو الإكراه من طرف المتعاقد نفسه
الشرط الثاني: أن يكون الإكراه هو الدافع إلى التعاقد : يجب أن يكون استعمال وسائل التهديد هو الدي دفع بالمتعاقد إلى إبرام العقد، أما إدا كان الشخص مقدما على التعاقد سواء تعرض للتهديد أم لم يتعرض له فإن وسائل التهديد هنا لا ترقى إلى مستوى الإكراه الدي يبطل العقد، ولتقدير ما إدا كان الإكراه معيبا للإرادة أم لا، فإن القاضي يعتمد المعيار الشخصي ببحثه في كل حالة على حدة،
الشرط الثالث: أن يكون الإكراه غير مشروع : من خلا إدا كانت الوسيلة المستعملة غير مشروعة من أجل الوصول إلى غرض غير مشروع، أما إدا كانت وسيلة التهديد مشروعة وكان الغرض من استعمالها مشروعا أيضا فلا نكون أمام إكراه معيب للإرادة، لكن قد يحدث أن تكون الوسيلة مشروعة والغرض غير مشروع فيتحقق الإكراه ،كما لو فاجأ شخص أخر يرتكب جريمة معينة فهدده بالتبليغ عنه إدا لم يدفع له مبلغا غير مستحق من المال ،لكن إدا كانت الوسيلة مشروعة والغرض مشروع فلا يتحقق الإكراه.
- الغبن
الغبن هو عدم التعادل بين الأداءات المتقابلة للأطراف المتعاقدة بين ما يعطي الشخص وما يأخذه مما يخل بالتوازن الاقتصادي للعقد، والقوانين التي تقوم على مبدأ سلطان الإرادة ضيقت كثيراً من دائرة الغبن بمفهومه التقليدي، إلا أنه مع تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية وما نتج عن دلك من زعزعة مبدأ سلطان الإرادة أصبح المشرع يتدخل في العقود لحماية الطرف الضعيف فيها، وقد اتسع مدلول نظرية الغبن في العقود وأسفر عن ظهور نظرية جديدة للغبن تكمن في نظرية الغبن الاستغلالي.
1_ النظرية التقليدية للغبن:
وفقا لهده النظرية يؤخذ تحديد الغبن بنظرة مادية موضوعية قاصرة فقط على مجرد فقدان التعادل المادي، أي قيمته في نظر المتعاقد ، والمشرع المغربي لم يعتد بالغبن باعتباره عيبا عاما ينبسط على جميع العقود كما هو الشأن بالنسبة لعيوب الإكراه والتدليس والغلط ،وإنما قيد دلك باقتران الغبن بالتدليس أو أن يكون ضحيته قاصر أو ناقص الأهلية
__ الحالة الأولى: الغبن المقرون بالتدليس:
التدليس المنتج للغبن يعقد به كسبب للإبطال سواء كان صادرا من المتعاقد المستفيد من الغبن نفسه، أو كان صادرا من غيره بالتواطؤ معه.
الحالة الثانية: الغبن الذي يكون ضحيته قاصر أو ناقص للأهلية.
نص المشرع المغربي على هذه الحالة حيث أجاز للقاصرين وناقصي الأهلية التمسك بالغبن وطلب إبطال العقد حتى لو كان التصرف الدي أجروه قد أبرموه بمعونة نائبهم الشرعي، شرط أن يزيد على الثالث
2_ النظرية الحديثة للغبن
إن النظرية الحديثة للغبن ترتكز أساسا على الاستغلال وهو الحالة التي يضطر فيها الشخص إلى إبرام تصرف قانوني معين تحت وطأة الحاجة أو المرض أو ناقص التجربة، ولتحقيق الاستغلال لابد من عنصرين :
عنصر مادي أو موضوعي وهو عبارة عن اختلال التعادل اختلال فادحا بين ما يحصل عليه المتعاقد المغبون وما يعطيه .
عنصر نفسي أو ذاتي، وهو استغلال المتعاقد ضعف أو طيش بين أو هوى جامع في نفس المتعاقد الأخر أو عدم خبرته. ورغم عدم أخد المشرع المغربي صراحة بنظرية الغبن الاستغلالي إلا أنه يمكن أن نجد لها تطبيقات مهمة في القانون المدني المغربي.
2-/ المحل
إن المحل التعاقدي شرطا ضروريا لقيام العقد . وقد حدد المشرع شروطا لا بد من توفرها في محل الإلتزام الارادي وذلك تحت طائلة بطلان العقد بطلانا مطلقا وهذه هي الشروط:
أولا : أن يكون المحل مشروعا
يجب أن يكون المحل مشروعا بمعنى أنه يجب أن يكون شيئا أو حقا أو فعلا يجوز التعامل فيه . وإلا فإنه لن يصلح محل للإلتزام التعاقدي.
ثانيا : أن يكون المحل معينا
المحل يجب أن يكون معينا سواء كان شيئا أو عملا أو امتناعا عن عمل ، من خلال تحديده كافيا يبين عناصره ومضمونه ويبعد عنه كل الإبهام.
ثالثا : أن يكون المحل ممكنا
يقصد بهذا الشرط أن لا يكون المحل مستحيلا وهذا شرط طبيعي تقتضيه طبيعة الأمور. فمن العبث أن يلتزم الشخص بفعل المستحيل وهكذا اذا كان محل الالتزام إعطاء شيء فيجب أن يكون هذا موجودا او قابلا للوجود وأن يكون إعطاؤه ممكنا.
II- جزاء الإخلال بعناصر تكوين العقد
1-/ البطلان
أولا : تعريف البطلان
البطلان هو نتيجة عدم مراعاة توافر عناصر العقد الأساسية أو شروط صحتها، ينصرف إلى التصرف القانوني فيجعله تصرفا كأن لم يكن ،لا ينتج أي أثر لا بالنسبة للمتعاقدين ولا بالنسبة للغير
ثانيا : أنواع البطلان
البطلان ليس واحد بل ينقسم إلى درجات بحسب قوة وشدة تأثيره على التصرف القانوني هدا التقسيم يختلف من الفقه التقليدي إلى الفقه الحديث، فالفقه التقليدي قسم البطلان إلى مطلق ونسبي لكن أمام ظهور حالات يكون فيها التصرف باطلا من دون وجود نص قانوني كزواج شخصين من جنس واحد حيث تبين عجز هدا التقسيم فأصبح البطلان وفقا للفقه التقليدي ينقسم إلى ثلاث درجات وهي الإنعدام والبطلان المطلق والبطلان النسبي، وقد ظهر اتجاه حديث يقتصر على التقسيم الثنائي للبطلان فيقسمه إلى بطلان مطلق وبطلان نسبي وأساس هدا التقسيم هو أن للعقد أركان عامة لا بد من قيامها ومراعاة شروطها حتى يتكون العقد، فإذا تخلف ركن منم هده الأركان كان العقد باطلا بطلانا مطلقا، كما أن الرضا لا بد أن يصدر عن شخص كامل الأهلية وأساس التفرقة بين البطلان والإبطال في إطار النظرية الحديثة ينبني على تحديد نوعية المصلحة التي تم الإضرار بها. والمشرع المدني المغربي بدوره أخد بالتقسيم الثنائي
ثالثا : تمييز البطلان عما يقاربه من النظم القانونية
* البطلان والإبطال
يختلف البطلان عن الإبطال في أن البطلان هو الجزاء المدني الذي يطال العقد بسبب تخلف ركن من أركانه أو اختلال شرط من شروطه ، والفرق بين البطلان والإبطال هام ، العقد الباطل يكون عديم الوجود القانوني ومن ثم فهو لا ينتج أي أثر قانوني ،في حين أن العقد القابل للإبطال هو عقد له وجود قانوني ويمكنه أن ينتج كافة أثاره كالعقد الصحيح تماما إدا لم يتقدم صاحب المصلحة بطلب إبطاله،
* البطلان والفسخ
البطلان شرط من شروط تخلف العقد فيؤثر في وجوده حيث يصبح كأن لم يكن لدلك فهو جزاء يصاحب تكوين العقد، أما الفسخ فهو جزاء يطال العقد الصحيح التام الأركان والشروط بسبب امتناع أحد طرفي العقد عن تنفيذ التزاماته التعاقدية.
* البطلان وعدم النفاد
إن العقد الباطل لا وجود له من الناحية القانونية وبالتالي فهو لا ينتج أي أثر لا بالنسبة للمتعاقد ولا بالنسبة للغير، أما فيما يتعلق بالعقد غير النافد فهو عقد صحيح له وجود قانوني وينتج كافة أثاره بالنسبة لأطرافه المتعاقدة ، لكن هده الآثار لا تسري في حق الغير، كما أن عدم النفاد قد يكون نتيجة عدم احترام شكلية معينة ينص عليها القانون كتسجيل العقد لدى الجهات المختصة.
2-/ الأحكام العامة للبطلان
أولا : أحكام العقد الباطل
* نطاق العقد الباطل
البطلان يتم في حالتين
الحالة الأولى: تخلف أحد أركان العقد الأساسية
أركان العقد الأساسية هي الرضا والمحل والسبب، ويعتبر العقد باطلا إدا كان أحد طرفي العقد عديم الأهلية ، أو جاءت إرادة الطرفين غير متطابقين حول العناصر الأساسية للإلتزام.أو كان الدافع إلى العقد غير مشروع أو غير حقيقي.
الحالة الثانية: وجود نص قانوني يقرر البطلان.
وهي الحالات التي يتدخل فيها المشرع ويقرر بطلان العقد بنص خاص لاعتبارات تتعلق بالنظام العام بالدرجة الأولى .وهي حالات مختلفة وغير محددة ونستحضر ما نص عله ق ل ع الدي يتضمن ما يلي: " يبطل بين المسلمين بيع الأشياء المعتبرة من النجاسة توافقا لشريعتهم مع استثناء الأشياء التي تجيز هده الشريعة الاتجار بها، كالأسمدة الحيوانية المستخدمة في أغراض الفلاحة "
* النتائج المترتبة عن تقرير البطلان.
يترتب عن البطلان مجموعة من الآثار المهمة نجملها في ما يلي:
- حق التمسك بالبطلان.
إدا توافرت حالات البطلان جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، سواء كان طرفا في العقد أو أجنبيا عنه، لدلك فإن صاحب المصلحة يجب أن يستند في تمسكه بالبطلان على تضرر حقه بسبب هدا العقد الباطل، كما يجوز للمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها ودون أي طلب من أي ذي مصلحة ودلك متى توافرت إحدى حالات البطلان.
- العقد البطلان لا يحتاج إلى إبطال
العقد الباطل لا حاجة له لطلب إبطاله أو الاتفاق على اعتباره كذلك، وما على صاحب المصلحة إلا تجاهل وجود هدا العقد والتصرف على هدا الأساس دون أن يترتب في ذمته أية التزامات قانونية اتجاه الطرف الأخر.
- بطلان الالتزام الأصلي يؤدي إلى بطلان الالتزام التابع.
إدا تقرر بطلان الالتزام الأصلي لسبب من الأسباب المعتبرة قانونا ترتب عن دلك بطلان الالتزامات التابعة له، لأن الالتزام الأصلي باطل وما بني على باطل فهو باطل. ولكن بطلان الالتزام التبعي لا ينتج عنه بطلان الالتزام الأصلي ما دام هدا الأخير قام صحيحا ومستوفيا لكل الشروط القانونية،
- العقد الباطل لا تصححه الإجازة ولا التصديق
ينص ق ل ع على إجازة العقد الباطل بقوة القانون أو التصديق عليه لا يكون لهما أدنى أثر.، والإجازة هي تصحيح العقد برفع العيب الذي يلحقه أما التصديق على العقد أو إقراره فهو تصرف قانوني يصدر من شخص من الغير بالنسبة للعقد وبه يجعل هدا العقد نافدا في مواجهته، فلا الإجازة ولا التصديق يصححان العقد الباطل والعلة في دلك أن العقد الباطل عديم من الناحية القانونية.
- العقد الباطل لا يصححه التقادم.
يسري التقادم على دعوى البطلان وهي في دلك تخضع للقواعد العامة المطبقة على الدعوى الناشئة عن الالتزامات بشكل عام ،والتقادم نوعان تقادم مكسب وتقادم مسقط ، فالتقادم المكسب هو الذي يكسب الحق بمرور مدة زمنية معينة ،أما التقادم المسقط فهو الذي يسقط الحق لعدم المطالبة به مدة زمنية معينة. ومثال دلك هبة باطلة شكلا إدا لم يسلم الواهب الشيء الموهوب كان قد مضى على الهبة أكثر من 15 سنة.
ثانيا : أحكام العقد القابل للإبطال.
العقد القابل للإبطال هو عقد له وجود قانوني يكون مستوفيا لكل الأركان الأساسية للعقد
* حالات إبطال العقد
يمكن تقسيم حالات الإبطال إلى ثلاث وهي:
- حالة القاصر وناقص الأهلية
باعتبار أن الأهلية المدنية للشخص تخضع لقانون أحواله الشخصية فإن القاصر أو ناقص الأهلية وفقا لمدونة الأسرة يشمل الصغير المميز الذي بلغ 12 سنة كاملة لكن لم يصل إلى سن الرشد القانوني إضافة إلى السفيه والمعتوه.
- حالة وجود عيب من عيوب الرضا
لا يكفي لقيام العقد وإنتاجه لأثار القانونية وجود الرضا، وإنما يجب أن يكون هدا الرضا سليما بأن يصدر عن شخص كامل الأهلية وأن يكون خاليا من عيوب الإرادة. وعيوب الإرادة نوعين عامة تؤثر في العقد وعيب لا يعتد به إلا غي حالات استثنائية محددة قانونا وهو الغبن،
- حالة وجود نص قانوني
يمكن إبطال العقد في حالة وجود نص قانوني يقضي بدلك ونجد العديد من التطبيقات لهده الحالة في التشريع المدني المغربي أهمنا بيع ملك الغير ،كما أنه إدا قام شخص بتفويت شيء لا يملكه لأخر على سبيل البيع فإن هدا البيع يقع صحيحا لكنه يكون مهددا بالإبطال لمصلحة المشتري إدا لم يقره المالك الحقيقي.
* النتائج المترتبة عن تقرير الإبطال.
-حق التمسك بالإبطال
لا يتم إبطال العقد إلا بناء على طلب بتقدم به المتعاقد الذي تقرر الإبطال لمصلحة، ولا يمكن للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه كما لا يمكن لشخص أخر أن يتمسك به. وإذا تعاقد أحد الأشخاص تحت تأثير الغلط أو التدليس أو الإكراه أو تعرض للغبن وفقا للحالات المحددة قانونا، فلا يمكن طلب إبطال العقد إلا من طرف من تعيبت إرادته ، بحيث إدا لم تتم إدا لم تتم المطالبة بإبطال العقد داخل الأجل القانوني ،فلا يمكن للطرف الأخر الامتناع عن التنفيذ والدفع بإبطال العقد.
- تصحيح العقد القابل للإبطال بالإجازة.
ما دامت الغاية من تقرير الإبطال هي حماية مصلحة خاصة فيمكن لصاحب هده المصلحة إجازة العقد عن طريق التنازل عن الحق في طلب إبطاله. وحتى تصح الإجازة لابد أن تصدر عن بيئة واختيار وأن يكون من صدرت عنه متوفرا على الأهلية القانونية اللازمة لتصحيح مثل هدا التصرف
- تصحيح العقد القابل للإبطال بالتقادم.
إدا لم يتمسك صاحب الحق بإبطال العقد بحقه بأن أغفل المطالبة بالإبطال داخل الأجل الدي يحدده المشرع ،سقط حقه في إبطال العقد ،لأن سكوته هدا يعتبر قرينة على تنازله وتخيله عن حقه في طلب الإبطال ،كما أن ق ل ع قد حدد بداية سريان مدة التقادم ،كما أن أجل التقادم هو مرور 15 سنة من تاريخ إبرام العقد ،فإدا كان العقد قابلا للإبطال للإكراه ،ولم يزل هدا الإكراه إلا بعد مرور 10 سنوات على إبرام العقد فيمكن لمن مورس عليه الإكراه الاستفادة من الأمد الطويل وطلب إبطال العقد.
*** تنفيذ العقد***
I- أثار العقد من حيث الموضوع
1-/ مبدأ القوة الملزمة للعقد والاستثناءات الواردة عليه.
أولا : مفهوم مبدأ القوة الملزمة للعقد
القوة الملزمة للعقد أي أن العقد الذي ينشأ على وجه صحيح يقوم مقام القانون في تنظيم العلاقة التعاقدية القائمة بين المتعاقدين ،وهو ما يعبر عنه بالعقد شريعة المتعاقدين ،ويقصد بهده القاعدة أن الالتزام الناشئ عن العقد يعادل في قوته الالتزام الناشئ عن القانون. ويستمد العقد قوته الملزمة من إرادة المتعاقدين،
ثانيا الاستثناءات الواردة على مبدأ القوة الملزمة للعقد
هده الاستثناءات تفرضها مبادئ العدالة التعاقدية وواجب حسن النية في تنفيذ الالتزامات المترتبة عن العقد ونذكر منها :
* نظرية الظروف الطارئة.
بغية الحفاظ على نوع من التوازن بين المصالح الاقتصادية للأطراف المتعاقدة خولت بعض التشريعات المدنية، للقاضي إمكانية التدخل لتوزيع تبعة الظرف الطارئ على عاتق الطرفين ،ورد التزام إلى حد المعقول والمنطقي ونظرا للانتقادات التي واجهت هده النظرية وضع أنصارها بعض الضوابط والشروط لتطبيقها.
* تعديل التعويض ألاتفاقي
لقد أعطى المشرع للقاضي سلطة مراجعة التعويض ألاتفاقي ،ودلك ترجمة منه لوعي السلطة التشريعية المغربية بالمرونة التي أصبحت تطبع نظرية العقد ويعدم جدوى التشبث المطلق بمبدأ القوة الملزمة للعقد.
وتتم المراجعة على ثلاثة صور:
مراجعة الشروط لجزئية المبالغ فيها بتخفيضها.
مراجعة الشروط الجزئية الزهيدة بالرفع منها
تخفيض الشرط الجزئي المتفق عليه.
* إلغاء الشروط التعسفية
أدت العديد من التشريعات المدنية إلى سن قوانين جديدة منظور إليها من زاوية اجتماعية فدفها حماية الطرف الضعيف في العلاقات التعاقدية غير المتكافئة تعرف بقوانين حماية المستهلك ،ومن بين المقتضيات الحمائية التي تحتويها هده القوانين والتي تشكل استثناءا عن مبدأ القوة الملزمة للعقد هو إعطاء القاضي سلطة إلغاء الشروط التعسفية وإعادة التوازن للعقد
*** جزاء الإخلال بتنفيذ العقد***
إن الإخلال بتنفيذ العقد يفترض وجود عقد صحيح قابل لإنتاج كافة أثاره القانونية لكن إنتاج هذه الأثار قد يتعطل بسبب أحد المتعاقدين أو بفعل قوة قاهرة ،مما يدفع بالمتعاقد الأخر إلى المطالبة بفسخ العقد
1-/ فسخ العقد يتخذ عدة صور:
أولا : أنواع الفسخ نتطرق إلى أنواع الفسخ من خلال
* الفسخ القضائي : وهو عقد بمقتضاه يستطيع المتعاقد أن يطلب قضائيا حل العقد عند عدم تنفيذ متعاقد الأخر التزاماته المتقابلة أو تأخره في تنفيذها والحال أن تنفيذ هذه الإلتزامات أصبح غير ممكن كليا أو جزئيا، ويتعين للمطالبة قضائيا بفسخ العقد توافر الشروط التالية
1 : أن يتعلق الأمر بعقد ملزم لجانبين : وهو العقد الذي يرتب التزامات متقابلة في ذمة كلا طرفيه فيكون الفسخ نتيجة عدم تنفيذ أحد الطرفين لالتزاماته
2 : أن يكون المدين بالإلتزام في حالة مطل: بتأخره عن تنفيذ التزاماته إما كليا أو جزئيا من غير سبب مقبول،
3 : أن يكون الدائن مستعدا لتنفيذ التزاماته : وذلك بأن يكون قد أدى ما بذمته للطرف الأخر أو عرض أدائه عرضا حقيقيا
* الفسخ الإتفاقي : يمكن للمتعاقدين الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه وبقوة القانون بمجرد إخلال أحدهما بالتزاماته ،فبمجرد تحقق هذا الشرط يقع العقد منفسخا دون الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء وحتى في حالة اللجوء فإن الحكم القضائي يكون معلنا للفسخ فقط لا مؤسس له ،وقد أكدت محكمة النقض هذا الأمر في العديد من قراراتها
* الفسخ القانوني (انفساخ العقد)
ينفسخ العقد بشكل تلقائي وتنقضي الإلتزامات المترتبة في ذمة طرفيه بقوة القانون عندما يصبح تنفيذ المدين بالتزاماته مستحيلا لسبب أجنبي لا دخل له فيه، وقبل أن يصبح في حالة مطل ،ـ والإستحالة المقصودة هنا هي الإستحالة المطلقة التي يتعذر فيها على كل شخص عادي متوسط الفطنة والذكاء ،فإذا تحقق السبب الأجنبي إنفسخ العقد بقوة القانون وبشكل تلقائي دون حاجة للجوء إلى القضاء للحكم به،
ثانيا : الأثار المترتبة عن الفسخ
الأثار المترتبة عن الفسخ سواء كان قضائيا أو اتفاقيا أو قانونيا هو انحلال العقد وزواله من وقت نشوءه نعرض التفاصيل من خلال
* أثار الفسخ بالنسبة للمتعاقدين
إن انحلال العقد بأثر رجعي بسبب الفسخ يفرض إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل إبرام العقد فإذا كان العقد لم ينفذ بعد تحلل كل طرف التزاماته اتجاه الطرف الأخر ،أما إذا كان نفذ كليا أو في جزء منه وجب على متعاقد رد ما أخذه للمتعاقد الأخر إستنادا على قاعدة استرداد غير المستحق، لكن إمكانية الرد هذه قد تتعذر في بعض الحالات كهلاك محل العقد، ويقتصر الفسخ في إنتاج أثاره على المستقبل ولا يسري على الماضي
* أثار الفسخ بالنسبة للغير
إن تطبيق مبدأ الأثر الرجعي للفسخ يشمل بالإضافة إلى المتعاقدين الغير كذلك ،لذلك إذا كان المدين بالإلتزام قد تصرف في موضوع العقد بأي نوع من أنواع التصرفات الناقلة للملكية فإنه يمكن للدائن استرداد الشيء من يد حائزه متى كان ذلك ممكنا ،غير أن تطبيق هذا المبدأ قد يصطدم في بعض الحالات بمبدأ اكتساب الحقوق عن حسن نية،
2-/ الدفع بانعدام التنفيذ
إن الدفع بانعدام التنفيذ يعتبر ضمانة أساسية للوفاء بالالتزامات في العقود الملزمة للجانبين إذ يحق لكل طرف الإمتناع عن تنفيذ التزاماته إلى حين أن ينفذ الطرف الأخر التزامه المقابل، طبعا ما لم يكن ملزما بالتنفيذ أولا،
لكن اهتمام هذه الإمكانية في الإجبار على تنفيذ العقد يحتاج إلى توافر مجموعة من الشروط
أولا : شروط الدفع بانعدام التنفيذ
حتى يحق التمسك بعدم تنفيذ الالتزام لابد من توافر ثلاثة شروط وهي :
* أن يكون العقد ملزما للطرفين
العقد الملزم للطرفين هو العقد الذي يرتب التزامات متقابلة في ذمة كلا طرفيه، بحيث يصبح كل منهما دائنا ومدينا اتجاه الطرف الأخر
* أن تكون الالتزامات المترتبة عن العقد مستحقة الأداء
إن الدفع بانعدام التنفيذ يستلزم أن تكون الالتزامات المتولدة عن العقد ثابتة ومستحقة الأداء حالا، بمعنى أن لا يكون الوفاء بالإلتزام معلق على شرط أو أجل
* أن لا يكون أحد الطرفين مجبرا على تنفيذ التزاماته أولا
يمكن للمتعاقدين الاتفاق على أن ينفذ أحدهما التزاماته أو البعض منها قبل الطرف الأخر، في هذه الحالة يتعين على الطرفين التقيد بهذا الشرط وفاءا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ،وقد أكد القضاء على ضرورة توافر هذا الشرط لصحة التمسك بالدفع بانعدام التنفيذ
ثانيا : الأثار المترتبة عن الدفع بانعدام التنفيذ
يتخذ وقف التنفيذ من الناحية العملية أكثر من مظهر قانوني فهو قد يتمثل في عدم تمكين المدين من الاستفادة من منفعة الشيء أو المال متى كان العقد ناقلا للملكية (البيع) وقد يتمثل في عدم تمكين المدين من الإستفادة من منفعة الشيء متى تعلق الأمر بالعقود التي ترد على المنفعة (الكراء مثلا) وقد يتخذ صورة الامتناع عن أداء خدمة أو عمل معين متى تعلق الأمر بالعقود الواردة على العمل، ولا يقتصر أثار الدفع بانعدام التنفيذ على المتعاقدين فقط بل تتعداه إلى الغير بمن فيهم الخلف العام والخاص ودائني المتمسك بهذا الدفع، وبمفهوم المخالفة فإنه لا يسري الدفع في حق الغير إذا كان هذا الغير قد كسب حقه قبل ثبوت الحق في التمسك بالدفع، وذلك وفاء لمبدأ احترام الحقوق المكتسبة للغير عن حسن نية.