انواع التشريع

أنواع التشريع.

سنعرض تباعا لأنواع التشريع الثلاثة. أي كلا من التشريع الأساسي ( الدستور ) والتشريع العادي والتشريع التنظيمي.

أولا- التشريع الأساسي.

إذا كان القانون كتشريع وحسب تنصيص الدستور أسمى تعبير عن إرادة الأمة فالقاعدة القانونية الدستورية إن صحت هذه العبارة هي أسمى قانون لأنها الأساس الذي يقوم عليه الحكم في الدولة : فهذا القانون الأسمى هو المنظم للسلطات داخلها والمحدد لاختصاصاتها .بل هو الذي يقرر في ضمان الحريات والحقوق الأساسية.من أجل كل ذلك فهو يحتل المرتبة الأولى في هرمية القوانين.

وبالرجوع لطريقة وضع هذا النوع من التشريع ونقصد به بالأساس الدستور نجدها تأخذ في التنوع بحسب المنهجية الممكن اعتمادها حسب التطور الذي عرفه مفهوم الدولة.

هناك أولا ما يسمى بالدستور الممنوح الذي تظهر فيه الإرادة المنفردة لمن يتولى السيادة والسلطان.
وقد تأخذ طريقة وضع الدستور شكل اتفاق بين الشعب ومن يتولى السيادة.
هناك أيضا طريقة ثالثة وربما هي الأكثر تأييدا حسب البعض حيث ينتخب الشعب هيئة تأسيسية تتولى وضع الوثيقة الدستورية.
أما الطريقة الرابعة والتي تعرف تطبيقا متميزا في بلدنا فيتم فيها عرض الوثيقة الدستورية على الاستفتاء الشعبي بعد وضعها من طرف لجنة خاصة تكون محصنة في تشكيلها وتعيينها وطريقة وأسلوب اشتغالها.

ونحن هنا لا نقدم سوى معلومات عامة لتبسيط الفهم بحيث نحيل وبكل موضوعية على فقهاء وأساتذة القانون الدستوري المغاربة من أجل تدقيق وتعميق فهم هذه المسطرة - مسطرة وضع الدستور - الذين نكن لهم عظيم التقدير والاحترام.

أهمية وأولوية القواعد القانونية الدستورية تأتي بالبداهة من طبيعة وسمو المواضيع التي تتولى تنظيمها ( الحريات والحقوق الأساسية - الملكية - السلطة التشريعية - السلطة التنفيذية - السلطة القضائية - استقلال القضاء - حقوق المتقاضين - المحكمة الدستورية - الجهات والجماعات الترابية - المجلس الأعلى للحسابات - المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي - الحكامة - مراجعة الدستور ).

ثانيا- التشريع العادي.

مر معنا حسب مقتضيات الفصل 70 من دستور المملكة المغربية أن البرلمان هو الذي يمارس السلطة التشريعية ويصوت على القوانين.

وفي الدستور نفسه - حسب الفصل 71 - مجال اختصاص السلطة التشريعية محدد بمواضيع بعينها من بينها ما يتعلق بالحقوق والحريات الأساسية / نظام الأسرة والحالة المدنية / الجنسية ووضعية الأجانب / تحديد الجرائم والعقوبات / التنظيم القضائي / المسطرتين المدنية والجنائية وغيرها من المواضيع المهمة والحيوية كتلك المتعلقة بالاتصال وبالوظيفة العمومية وبمصالح وقوات حفظ الأمن وبالنظامين الانتخابي والضريبي...

لكن يمكن للحكومة أن تشرع أيضا في حاتين :

- الأولى تسمى حالة التفويض - الفصل 70 من الدستور - حيث تأذن لها السلطة التشريعية في زمن محدد ولغاية معينة بإصدار " مراسيم تشريعية " يعمل بها بمجرد نشرها بالجريدة الرسمية للمملكة.
إلا أنه ينبغي عرض المراسيم المذكورة على البرلمان قصد المصادقة عليها بعد انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن.

- الثانية تسمى حالة الضرورة - الفصل 81 من الدستور - حيث خلال الفترة الفاصلة بين الدورات وبقوة القانون وبدون إذن يمكن للحكومة أن تصدر " مراسيم قوانين " بالاتفاق مع اللجان البرلمانية المعنية بالأمر.
هذه المراسيم هي أيضا لا بد من عرضها على مصادقة البرلمان خلال انعقاد أول دورة عادية.

هذا التشريع العادي يأتي من حيث الترتيب والدرجة بعد التشريع الأساسي. وهو يمر بأربعة مراحل حتى يتخذ شكل قواعد قانونية نافذة وملزمة.

1- المرحلة الأولى تتعلق بالاقتراح. أي عرض مشروع أو مقترح قانون على البرلمان. وهو حق مكفول لكل من الحكومة والبرلمان وبشكل ومفهوم أسمى لجلالة الملك.

هنا نميز بين ما تتقدم به الحكومة ويسمى " مشروع قانون " وما يتقدم به أعضاء البرلمان ويأخذ تسمية " مقترح قانون ".

2- المرحلة الثانية ينصص عليها الفصل 78 من الدستور حيث تودع مشاريع القوانين بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب.

إلا أن مشاريع القوانين المتعلقة بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية وبالقضايا الاجتماعية فهي تودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين.

يبقى أنه وبحسب مقتضيات الفصل 79 من الدستور يمكن للحكومة أن تدفع بعدم قبول كل مقترح أو تعديل لا يدخل في مجال القانون والذي سبق أن عرضنا لمواضيعه. وكل خلاف في هذا الشأن تبت فيه المحكمة الدستورية في أجل 8 أيام بطلب من رئيسي المجلسين أو من رئيس الحكومة.

نضيف لما ذكر وحسب تنصيصات الفصل 80 من الدستور تحال مشاريع ومقترحات القوانين لأجل النظر فيها على اللجان التي يستمر عملها خلال الفترة الفاصلة بين الدورات.

بعدها تأتي مرحلة التداول بغية المصادقة ثم التصويت - الفصل 84 من الدستور -.

3- المرحلة الثالثة تتعلق بالأمر بتنفيذ القانون من طرف جلالة الملك. فحسب مقتضيات الفصل 50 من الدستور يصدر جلالة الملك الأمر بتنفيذ القانون خلال الثلاثين يوما التالية لإحالته على الحكومة بعد تمام الموافقة عليه.

وبمقتضى الفصل 95 من الدستور لجلالة الملك أن يطلب من كلا المجلسين قراءة جديدة لكل مشروع أو مقترح قانون بخطاب.

4- المرحلة الرابعة ينصص عليها نفس الفصل 50 من الدستور حيث ينشر القانون الذي صدر الأمر بتنفيذه بالجريدة الرسمية للمملكة في أجل أقصاه شهرا ابتداء من تاريخ ظهير إصداره.

ثالثا- التشريع التنظيمي.

هو الذي يصدر عن السلطة التنفيذية من تشريع لتنظيم المصالح والمرافق العمومية وتنسيق العمل في الإدارات الحكومية والوزارات.

بالرجوع لدستور المملكة نجد الفصل 72 الذي ينصص على أن المجال التنظيمي يختص بالمواد التي لا يشملها اختصاص القانون الذي سبق وأن عرضنا له في الفصل 71 من الدستور.

الفصل 90 من الدستور ينصص من جهته على أن رئيس الحكومة يمارس السلطة التنظيمية ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء.

جلالة الملك باعتباره الممثل الأسمى للأمة يصدر قرارات ملكية في شكل ظهائر ذات قيمة قانونية. أما رئيس الحكومة فيمارس السلطة التنظيمية في شكل مراسيم تسمى " مراسيم حكومية " أو " مراسيم تنظيمية ".بملاحظة أن دستور 2011 ذهب في اتجاه تعزيز اختصاصات رئيس الحكومة.

نخلص إلى أن التشريع التنظيمي على أنواع ثلاثة.

1- مراسيم تنفيذية تضع المقتضيات التفصيلية لتنفيذ التشريع العادي.

2- مراسيم تنظيمية هي التي سبق ذكرها.

3- مراسيم ضبطية تتخذ للحفاظ على الأمن العام / الصحة العامة / السكينة العامة.
فؤاد السموني

 
 
المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق