خصائص التحرير الإداري
إذا كان التحرير
الإداري يعتمد على مبادئ المصلحة العامة، المسؤولية و التسلسل الإداري من خلال
المفردات و التعابير التي تميزه، فإنه يتميز بخصوصيات عن باقي انواع التحرير و تتثمل
في:
أولا :الموضوعية و الحياد
يعتمد أسلوب التحرير الإداري على الحياد و
الفعالية والشفافية و الموضوعية، حيث لا مجال فيه لاستعمال اسلوب شخصي أو اسلوب
يعبر عن الأحاسيس أو الانفعالات و العواطف؛ المتروك للمراسلات الشخصية، و ذلك لأن أغلب الوثـائق الإدارية لا يكون محررها هو موقعها، بالإضافة أن موقعها لا يوقعها لصالحه و إنما
لصالح الإدارة، و بناء على المهام التي يزاولها داخل المصلحة التي يشرف عليها، و
في حدود الاختصاصات و الصلاحيات المخولة له، و حيث أن الموظف العمومي شخصيته منفصلة عن الوظيفة التي
يزاولها، و أن الوقت الذي سيقضيه أو سبق أن قضاه على رأس الإدارة التي يشرف عليها
مؤقت.
ثانيا: المجاملة و اللباقة و التأدب في العبارات.
يتميز الأسلوب الإداري سواء من خلال كلماته أو جمله أو تعابيره بطابع
التحضر و اللباقة، مع المرونة في إطار الاحترام المتبادل بين جميع العاملين في
الفضاء الإداري رئيسهم و مرؤوسهم أو مع الغير، حيث أن إضفاء الاحترام في أسلوب
التحرير الإداري لا ينفي عن هذا الاسلوب تميزه بالصرامة، كمظهر من مظاهر السلطة
العمومية، لكن الاحترام يضفي على الإدارة سمعة و صورة جديدة عن الإدارة، التي تسعى
للاستجابات لطلبات المواطنين، كما يجسد مظهرا من مظاهر احترام السلم الإداري لكنه
لا محل في التحرير الإداري للألقاب و النعوت و الألفاظ المبتذلة أو التحقيرية أو
العواطف الجياشة أو غير ذلك من العبارات أو الجمل الجارحة أو العارية عن الأدب و
المروءة أو الماسة أو المهينة بالأشخاص.
و إذا كانت الإدارة تجد نفسها في بعض الأحيان
مرغمة على رفض بعض الطلبات أو اتخاذ مواقف صارمة فإنه يجب أن تعبر عن موقفها
بطريقة لبقة تتسم بالمجاملة.
كما تقضي قواعد المجاملة و اللباقة عدم
الإشارة بالاسم الى الأشخاص الخارجيين عن الإدارة عندما يكون رأيهم أساسي في
الموقف الذي تتخذه بخصوص قضية معينة .
تالثا : الحذر
إن الحذر يرتبط بخصائص أخرى يتميز بها التحرير
الإداري ألا و هي المسؤولية و الموضوعية و المجاملة، حيث يشبه البعض التزام الحذر
في التحرير الإداري بالعمل الديبلوماسي الرصين، لذا فيجب التزام الحذر لما يترتب
عن الوثيقة الإدارية من نتائج تتمثل في :
-
مسؤولية الإدارة بأكملها عما يكتب باسمها.
-
الأخطاء المرتكبة في الوثيقة الإدارية تنسب الى الجهاز الإداري برمته
و ليس لمحرر الوثيقة أو الموقع عليها.
-
نتيجة لمبدأ الاستمرارية في الإدارة فإن أي إجراء يتخذه موظف سابق
يكون ممكنا قبوله من طرف خلفه.
و لتفـادي بعض النتـائج الغير المرغوب فيها، فـإن مبـدأ الحــذر يــقتـضي
انتــقاء الجمل و الكلمات و التعابير المرنة، و التي لا تنطوي على التزام كامل أو
تعهد واضح أو اتهام صريح، حيث أن عدم التزام الحذر و عدم التوفق في اختيار جمل
مناسبة يمكن أن يورط الإدارة لتصبح ملزمة تجاه الغير نتيجة استعمال بعض العبارات
أو الجمل.
لذا فإن من قواعد التحرير الإداري استعمال بعض الصيغ المرنة التي لا
تلزم بأي شيء، أو استعمال أفعال شرطية لتعليق حصول نتائج معينة على أشياء مشكوك في
حصولها، لكي لا يتم الالتزام بأشياء مدققة قد ترتب مسؤولية واضحة تجاه الإدارة، و
في حالة الإخبار بأحداث أو وقائع يكون ذلك بكامل التحفظ في انتظار الحصول على تأكيد
قاطع أو دلائل و حجج موثوق بها.
و يذكر أنه في سياق التزام الحذر لابد من إضفاء طابع المجاملة على
المكتوب الإداري.
رابعا: الدقة و الوضوح و الايجاز و الفعالية و التجانس.
إنها مميزات مطلوب أن تتجسد في المكتوب
الإداري، حتى لا يلتبس مضمونه على مستعمليه و يتمكنوا من تطبيق مقتضياته و استخلاص
نتائجه ، و يتجلى الوضوح في التحرير الإداري بتفادي استعمال كلمات فارغة لا جدوى
منها، أو التي تؤدي الى تفسيرات و تأويلات متعددة حيث أن الكلمات البسيطة و
المفهومة تجعل الوثيقة الإدارية أكثر دقة، و ذلك لا يعني الاختصار فلا بد أن تكون
الوثيقة متوازنة في فقراتها و مركزة في جملها و رصينة في أفكارها و معانيها و
متماسكة في أسلوبها ، و لا يجب أن يكون الاختصار على حساب المجاملة و اللياقة التي
يتطلبها التحرير الإداري.
و هكذا فإن الوضوح و الدقة و التفاعل و التجانس يتطلب تقديم معلومات هادفة، و تجنب الجمل الطويلة و الاقتصار على ما هو هام
و ضروري باستعمال الصيغ الصحيحة و الدقيقة، و التغاضي عن التوابع و الأشياء
الزائدة التي تستعصي على القراءة و الفهم، و هذا ما يعني استعمال الكلمة المناسبة
في المكان المناسب حتى تؤدي المعنى المطلوب، و توفر إضاعة الوقت في إعادة التوضيح
و رفع الالتباس، لأن التجانس في الأسلوب الإداري يعبر عن سلطــة و استمرارية العمل
الاداري، و نجـاعــته و جدواه، فلا اختصار و لا إطناب و لا رموز و لا بناء
للمجهول,
كما أن الوضوح يتحقق في استعمال عبارات
متداولة و شائعة و مفردات مألوفة و جمل قصيرة يسيرة الفهم و دقيقة المضمون و
متسلسلة و منظمة، و الابتعاد قدر الإمكان عن العبارات الفنية و الرمـوز المبهمة، و
تجنب إثقال الوثيقة الإدارية بالمعلـــومات الزائـدة و الاقتصار على أهمها و
أكثرها ارتباطا بالموضوع و أجدى نفعا للقارئ. كما أن احترام منهجية توزيع النص و
عرض الوثائق و الأحداث و البيانات حسب الترتيب الزمني، أو الأولوية أو المراحل و
إحكام الربط و ترقيم الصفحات و وضع النقاط.
إذ يجب إفراغ كل
هذه المبادئ و الخصائص السالفــة الذكر في منهجية التحرير الإداري و لغة المراسلات
الإدارية.
و هذه مبادئ التحرير الإداري