العقود الإدارية
العقود الإدارية
لقد مكن المشرع الإدارة من القيام بمهامها من وسيلتين: القرارات الإدارية الصادرة عن إرادتها المنفردة و المتسمة بطابع الإلزام أو الإجبار و التي تعد أنجع وسائل القانون العام التي تتسلح الإدارة في مواجهة الأفراد لأداء ماهو منوط بها
و العقود الإدارية: هي التي تتم باتفاق الإدارة مع الأخرين على القيام بمهام عامة فينشأ بينهما عقد (contrat) يحدد حقوق و واجبات كل من الطرفين، إلا أن عقود الإدارة ليست كلها عقودا تخضع لنظام قانوني موحد، فقد يكون عقد الإدارة عقد من عقود القانون الخاص، يخضع لقواعد القانون الخاص عندما تتصرف الإدارة كالأفراد العاديين دون اعتبار لما لها من سيادة أو سلطان، وقد يكون العقد من عقود القانون العام يخضع لقواعد القانون العام، عندما تتمتع فيه الإدار بقواعد و امتيازات السلطة العامة. و هذا النوع الأخير من العقود هو ما يسمى بالعقود الإدارية
و تعد أحكام العقود الإدارية في جوهرها أحكاما قضائية يرجع الفضل فيها إلى مجلس الدولة الفرنسي، حقيقة أن المشرع كثيرا ما يتدخل ليتبنى بعض الأحكام القضائية في مادة العقود الإدارية فيننظمها بنصوص تشريعية، إلا أن النظرية ما تزال في مجموعها قضائية، و لهذا فإن أحكامها تتطور باستمرار لتستجيب لحاجات المرافق العامة المتجددة.
تعريف العقود الإدارية:
و هي تلك الاتفاقات التي تبرم بين الإدارة، كسلطة عامة قائمة على تحقيق المصلحة العامة، و بين الأفراد أو الشركات الخاصة من أجل إنجاز عمل معين يحقق المنفعة العامة بشكل مباشر، مثل إدارة أحد المرافق العامة، أو توريد سلعة أو خدمة معينة، أو تنفيذ أحد الأشغال العامة، أو نقل البضائع و الأفراد و المساهمة في بعض أنواع النفقات، أو إقراض الأموال مع تضمين الاتفاق أهم شروط و قواعد تنفيذ العمل المطلوب و أهم حقوق و واجبات كل من الطرفين المتعاقدين لدى تنفيذ ذلك العمل.
و كثيرا ما تلجأ الإدارة الى إبرام العقود الإدارية كأسلوب من أساليب تسيير أنشطتها و تنفيذ برامجها المختلفة عن طريق التعاون الحر من جانب الأفراد، بدلا من استخدام أسلوب القهر و الإجبار في التعاون معهم و المتمثل في أسلوب القرارات الإدارية.
و هذه العقود، بالرغم من كونها عقود تبرم برضى طرفيها معا، إلا أنها تبرم بين طرفين غير متساويين في القوة أو الهدف، فهي تبرم بين طرف أكثر قوة يسعى الى تحقيق المصلحة العامة و هو الإدارة، و بين طرف أقل قوة يسعى إلى تحقيق مصلحته الخاصة و هو الفرد (الشركة الخاصة) المتعاقد مع الإدارة.
و الذي يعزز قوة الإدارة في التعاقد هو ماتملكه من امتيازات استثنائية تساعدها على رعاية المصلحة العامة. تلك الامتيازات التي لا نجد لها وجودا في العقود التي تبرم في إطار قواعد القانون الخاص.
و تتجلى امتيازات الإدارة فيما تقوم به من صياغة لنصوص العقد و وضع شروطه و قواعده بسلطتها التقديرية و بإرادتها المنفردة، و يبقى للمتعاقد معها حق قبولها أو رفض التعاقد أصلا، فهو ليس ملزما بالتعاقد مع الإدارة بل يتعاقد بمطلق إرادته الحرة. و لكنه إذا قبل مبدأ التعاقد فهو ملزم بقبول شروط الإدارة في التعاقد دون مناقشة، كما يجوز للإدارة أن تعدل البنود التنظيمية للعقد بإرادتها المنفردة ضمانا لحسن سير المرافق العمومية دون أن يتوقف ذلك على إرادة المتعاقد معها.
أما إذا تعلق الأمر بالبنود التعاقدية و هي تلك التي تخص فقط المتعاقدين و لا تسري على المنتفعين فإنه لايجوز للإدارة تعديلها إلا بإرادة الطرف المتعاقد.
كما يجوز للإدارة توقيع العقوبات على المتعاقد معها في حالة مخالفته لشروط العقد.
و من حقها فسخ العقد بإرادتها المنفردة دون اللجوء في ذلك للقضاء، إلى غير ذلك من الامتيازات التي تتمتع بها الإدارة في هذا المجال.