إحداث المؤسسات و المقاولات العمومية
يقصد بإحداث المؤسسات العمومية؛ تدخل السلطة ذات
الاختصاص القانوني بإنشاء مرفق عمومي يمنحه الشخصية المعنوية العمومية، فيتحول
بموجبها إلى مؤسسة عمومية، وتختلف هذه السلطة، باختلاف أنواع هذه المؤسسات، وهكذا
، يكون إحداث المؤسسات العمومية الوطنية
من اختصاص السلطة التشريعية التي تدخل بموجب الفصل 71 من الدستور المغربي لسنة
2011 في مجال القانون، و يمكن إرجاع الحرص على إحداث هذه المؤسسات العمومية بقانون
إلى ما يلي:
أولا يتعلق
الأمر بإحداث شخص معنوي جديد و هناك رغبة لإعطاء أهمية كبرى لإحداثه بشكل يختلف عن
الأشخاص الأخرى.
ثانيا يعتبر إحداث
هذه المؤسسات العمومية خصوصا التجارية و الصناعية منها تضييقا على حرية التجارة و
الصناعة من هنا تظهر أهمية تدخل المشرع قصد إجازة ذلك بقانون.[1]
بينما يتم إحداث المؤسسات العمومية المحلية حسب
ما إذا كانت ذات طبيعة جهوية، إقليمية، أو جماعتية. و هكذا يدخل إحداث المؤسسات
العمومية في نطاق الاختصاصات المنقولة للمجالس الجهوية، التي نجد على رأسها إقامة
و صيانة المستشفيات و الثانويات و المؤسسات الجامعية...، و يمكن لهذه المجالس أيضا
أن تقترح إحداث المرافق العامة الجهوية وطرق تنظيمها و تدبير شؤونها خاصة عن طريق
الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقلة، و في ذات التوجه يتم إنشاء المؤسسات
العمومية الجماعية بقرار من المجلس الجماعي المختص، الذي يقرر في طرق تدبير المرافق
العمومية الجهوية عن طريق الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقلة....[2]
و يتم إحداث المؤسسة العمومية المشتركة ما بين الجماعات،
بقرار من وزير الداخلية بعد الإطلاع على مقررات المجالس الجماعية المعنية بالأمر،
حيث يمكن للجماعات أن تؤلف بينها أو مع
جماعات ترابية أخرى مجموعات للجماعات أو مجموعة لجماعات ترابية أخرى، قصد إنجاز
عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة
للمجموعة، على أن يصادق على إحداث المجموعة بقرار من وزير الداخلية بعد الإطلاع
على المداولات المتطابقة لمجالس الجماعات المشتركة، و هو ما يؤكد توجه المشرع نحو
جعل مجموعة الجماعات الترابية مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال
المالي و تطبق عليها النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالمراقبة على
الجماعات.
تحدث المجالس الجهوية شركات للتنمية الجهوية كشركات
مساهمة أو تساهم في رأسمالها بالاشتراك مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة
للقانون العام أو الخاص، بهدف ممارسة أنشطة ذات طبيعة اقتصادية التي تدخل في
اختصاصاتها أو تدبير مرفق عمومي تابع لها، و لا تخضع هذه الشركات لأحكام المادتين
8 و 9 من القانون 39.89
المؤذن بموجبه بتحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص، غير أنه لا يجوز أن تقل مساهمتها في رأسمال شركات التنمية في 34 في
المائة، و أن تكون أغلبية رأسمال الشركة في ملك
الشخص المعنوي العام أو الأشخاص
المعنوية العامة [3]
و نفس الشئ بالنسبة لمجالس العمالات و الأقاليم بناء على المقتضيات الواردة في
المادة 122 من القانون التنظيمي 112.14[4] ، و
كذلك يمكن للجماعات أو مجموعة للجماعات أن تنشئ شركات للتنمية المحلية[5].
أما بالنسبة للشركات العامة فيجب التمييز
اصطلاحيا بين المؤسسة العمومية établissement public و المقاولة العمومية
entreprise publique لأن جل الفقه يستعمل نفس المصطلح، أي مصطلح مؤسسة
عمومية للدلالة على المؤسسة العمومية و في نفس الوقت على المقاولة العمومية، و كأن
الأمر يتعلق بمرادفين[6] .
فالمؤسسة العمومية تعتبر شخصا عاما ينشأ أساسا من أجل تسيير مرفق عام متميز، و قد
يكتسي إما طابعا صناعيا أو تجاريا و إما طابعا إداريا و اجتماعيا، أما المقاولة
فتعتبر عمومية ابتداء من وصول المساهمة العمومية إلى نسبة معينة في رأسمالها، وفق
ما تنص عليها المقتضيات الواردة في القانون 69.00 ، و تأخذ المقاولة العمومية
أشكالا مختلفة :
- مقاولة عمومية منظمة في إطار شخصية معنوية
عامة أي مؤسسة عمومية.
- شركة
مساهمة أي شخصية معنوية خاصة، و تأخذ إما شكل شركات ذات الرأسمال العمومي تملك
الدولة كل رأسمالها، أو تأخذ شكل شركة اقتصاد مختلط تساهم فيها الدولة إلى جانب القطاع الخاص.[7] و هكذا فإن الشركات ذات الرأسمال العمومي، شركات
مساهمة تحدثها الدولة للمساهمة في مجال من مجالات التنمية الاقتصادية، و خلافا لما
قد يحدث في بلدان أخرى، فإن إحداث هذه الشركات غير ناتج عن التأميم، ولا عن نقل بموجب اتفاق لمؤسسة خاصة الى القطاع
العام، بل وجودها ينطلق من أسلوب قيام الدولة أو أحد الأشخاص العامة بتأسيسها بصورة
مباشرة و امتلاك جميع أسهمها، حيث أنه ليس هناك نص قانوني يعبر بوضوح عن السلطة
التي تعود لها سلطة تأسيس الشركات ذات الرأسمال العمومي في المغرب، وقد أدى ذلك
إلى تباين في مجال الممارسة فهناك بعض الشركات العامة تم إحداثها بقانون كالشركة
الوطنية للمنتوجات النفطية، شركة التهيئة و التنمية الجهوية للغرب، و من جهة أخرى
هناك نسبة كبيرة من الشركات العامة ذات الرأسمال العمومي تم إحداثها بمجرد إيداع
نظامها الأساسي، و تعود المبادرة في التأسيس عادة إلى الوزارة الوصية على القطاع بتأشير
مع وزارة المالية: شركة تدبير الأراضي الفلاحية و شركة التنمية الفلاحية و الشركة
الوطنية لتسويق البذور، الشركة الوطنية للصلب و الحديد.
و لابد من
التأكيد في هذا الإطار ان الاختصاص في إحداث الشركات العامة ذات الرأسمال العمومي،
يتسم بالغموض بحيث أنه أمام غياب نص قانوني صريح يبقى هذا الاختصاص غير مرتبط
بالسلطة التشريعية.
أما شركات الإقتصاد المختلط فهي أيضا شركات مساهمة
تنتج عن اشتراك القطاعين الخاص و العام في رأسمالها، و ينحصر تطبيق هذه الطريقة في
المرافق العامة الإقتصادية، التجارية و الصناعية، و تخضع للقانون التجاري، و قد
تكون مساهمة الأشخاص المعنوية العامة في رأسمال الشركة مرتفعة أو منخفضة لكن بنسبة كافية حتى تتمكن هذه الأخيرة من
مراقبة تسيير الشركة كما ينص على ذلك القانون 69.00 المتعلق بالرقابة المالية
للدولة على المقاولات العمومية حيث نص على أن نسبة المساهمة العمومية يجب ان
تتجاوز 50 في المائة[8].
كما
يمكن للمؤسسات العمومية و الشركات ذات
الرأسمال العمومي و شركات الاقتصاد المختلط، إحداث شركات تابعة و لاحقة لها بناء على مقررات مجالسها
التداولية و بمرسوم من السلطة المكلفة كما
جاء في المادة 8 من القانون 39.89 المتعلق بتحويل منشات عامة إلى القطاع الخاص.
وقد سجلت المحفظة العمومية، خلال الفترة ما بين
بداية 2018 و شتنبر 2019 ، إحداث 17 مؤسسة عمومية ( الصندوق المغربي للتأمين
الصحي، الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة، 12 مركز جهوي للاستثمار، الهيئة الوطنية
لضبط الكهرباء و المركز الاستشفائي الجامعي طنجة تطوان الحسيمة و المركز
الاستشفائي الجامعي سوس ماسة).
و فيما يتعلق
بالشركات التابعة و المساهمات العمومية غير المباشرة، فقد تم إحداث 14
وحدة جديدة
بموجب الترخيص المنصوص عليه في المادة 8 من القانون39.89 المتعلق
بتفويت المساهمات
العمومية الى القطاع الخاص.
[1] محمد الأعرج، طرق تدبير المرافق العامة
بالمغرب، منشورات المجلية المغربية
للإدارة المحلية و التنمية ، سلسلة مؤلفات و أعمال جامعية، الطبعة الأولى 2004،
الصفحة 59
[2] أحمد بوعشيق، المرافق العامة الكبرى ، دار النشر
المغربية الدار البيضاء، الطبعة الخامسة 2000، الصفحة 93
[3] المادة 145 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق
بالجهات، الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015، الصفحة 6608
[4] المادة 122 ،القانون التنظيمي 112.14 المتعلق
بالعمالات و الأقاليم، الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015، الصفحة
6644
[5] المادتين 130، 131 من القانون التنظيمي 113.14
المتعلق بالجماعات ، الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015 ، الصفحة
6684,
[6] جمال الدين زوهير، القاضي و مفهوم المقاولة
العامة في المغرب، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، العدد 19 أبريل-
يونيو 1997، الصفحة 130
[8] المادة 1، قانون 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، الجريدة
الرسمية عدد، بتاريخ 18ديسمبر2003