تاريخ إحداث المقاولات العمومية بالمغرب
عرف المغرب نظام المقاولات العمومية منذ زمن
طويل، و اعتمد عليها أساسا في التنمية الاقتصادية أخذا باتجاه التعددية في الشكل
القانوني لها كما هو الشأن بفرنسا، إلا أنه للمقاولات العمومية المغربية خصوصيتها
المرتبطة بظروف المغرب الاقتصادية، و الاجتماعية المختلفة، و لازالت تلعب هذه
الظروف دورا أساسيا في تكييف النصوص القانونية لتلك المقاولات العمومية و تطويرها.
ولقد عرفت المقاولات العمومية في المغرب تطورا عبر مراحل:
- مرحلة ما قبل 1930: لقد تم فيها إحداث أولى المقاولات العمومية: المكتب
الشريف للفوسفاط، و مكتب الأبحاث و المساهمات المعدنية، ومكتب الاستثمارات
المعدنية و الذي أصبح فيما بعد يسمى المكتب الوطني للماء الصالح للشرب.
-
مرحلة 1930-1956:
أ- خلال الفترة الأولى 1930-1945 فإن المقاولات العمومية المغربية عرفت نفس
التطور الذي عرفته مثيلاتها الفرنسية حيث أن الهدف من إنشائها كان واحدا ألا و هو
التخفيف من الأزمة الاقتصادية لسنة 1929، حيث عرف المغرب ظهور عدة مقاولات في
مختلف الميادين؛ فمثلا في الميدان الفلاحي، أحدث المكتب الشريف المهني للحبوب، و
في الميدان التجاري، أحدث المكتب الشريف للمراقبة و التصدير، و في ميدان النقل، تم
إحداث المكتب المركزي للنقل، و في ميدان الثقافة و الفن، أحدث المركز
السينماتوغرافي المغربي,
ب- خلال الفترة 1945-1956 فإن المغرب لم يعرف إلا عددا
قليلا من المقاولات العمومية خلافا لما كان عليه الوضع في فرنسا، فتم إنشاء المكتب
المغربي للسياحة، ومكتب تقييم المنقولات، والصندوق المركزي للضمان.
-
مرحلة ما بعد الاستقلال:
أ- المرحلة الأولى 1956-1960 تميزت بظهور
عدة مقاولات عمومية وطنية و ذلك بهدف تمكين المسؤولين من إمكانية التصرف في
الخيرات الاقتصادية الوطنية التي تعود بالنفع على جميع المواطنين، كما عرف المغرب
خلال هذه الفترة مساهمات في رأسمال شركات خاصة، فأصبحت هذه الأخيرة شركات اقتصاد
مختلط، وكانت الدولة تقصد من وراء ذلك فرض الرقابة الجزئية أو الكاملة على بعض
القطاعات الحيوية كالقطاع المنجمي، والقطاع الصناعي، و قطاع القروض، و النقل، و
السياحة، و هكذا تم خلال هذه الفترة إنشاء دار الصانع، كما تم إحداث مكتب الأبحاث
و المساهمات الصناعية، بالإضافة إلى إنشاء المكتب الوطني للشاي، و في الميدان
المالي تم إحداث بنك المغرب بهدف إصدار العملة و تزويد الدولة بالأوراق النقدية و
القروض، و خلال نفس السنة أي 1959 تم إحداث البنك الوطني للتنمية الاقتصادية، و
البنك المغربي للتجارة الخارجية، و صندوق الإيداع و التدبير، والمكتب الوطني للري،
والشركة المغربية الإيطالية لتكرير البترول SAMIR
ب- مرحلة مابعد1960 : عرفت هذه الفترة
إحداث عدد من المؤسسات العمومية و توسيع أنشطتها عن طريق المساهمات و الفروع و
أعطيت لشركات الاقتصاد المختلط العناية اللازمة، كما منحت بعض القطاعات الخاصة ذات
النفع العام تسهيلات أكبر و امتيازات أوسع و ذلك لهدف تحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد، وعلى سبيل المثال يمكن أن نذكر في هذا
المجال:
-
أحدث صندوق الإيداع و التدبير 1960سنة فرعا
له يسمى بالشركة العامة العقارية CGI حيث يملك
كامل أسهمها.
-
ثم إحداث الصندوق الوطني
للقرض الفلاحي سنة 1961 لإعادة تنظيم القرض الفلاحي و كذا الصندوق الخاص بالقرض
العقاري و السياحي سنة 1967 و ذلك لتمويل العمليات الفلاحية و الإنجازات العقارية
والفندقية.[1] و هكذا تم إحداث عدد من المؤسسات العمومية. كما انطلقت سياسة الخوصصة في المغرب بإعداد القانون رقم
39-89 المأذون بموجبه في تحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص سنة 1990، والقوانين
الأخرى المرتبطة بهذا المجال. وتعد هذه النصوص من الإجراءات التشريعية التي ساهمت
في مسلسل الانفتاح الذي انطلق منذ الثمانينات والذي خص تحرير التجارة الخارجية
والأثمان وانفتاح الاقتصاد الوطني على الاستثمار الأجنبي وإصلاح النظام الجبائي. وتهدف الخوصصة أساسا
منذ انطلاقها سنة 1990، إلى عصرنة الاقتصاد المغربي عن طريق الانفتاح على الاقتصاد
العالمي، والمساهمة بشكل أوسع في المبادلات التجارية الدولية، وتحسين النتائج
الصناعية والمالية للمنشآت ومضاعفة الاستثمارات التي من شأنها خلق مناصب شغل
وكفاءات جديدة[2]
[1]الصروخ ملكية، النظام القانوني للمقاولات العمومية
الوطنية و الدولية دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة
الأولى 1991، الصفحة 127