تلخيص لمادة المسؤولية المدنية

تلخيص لمادة المسؤولية المدنية
دة.نادیة المشیشي
محاور المادة:
- مبادئ عامة في المسؤولیة المدنیة
- نظام المسؤولیة التقصیریة
- نظام المسؤولیة العقدیة
مبادئ في المسؤولیة المدنیة
تعریف المسؤولیة: قیام شخص بأمر یستوجب مساءلته لماذا قام بھذا الأمر، لكونه خالف الواجبات الملقاة على عاتق و أیضا على عاتق من یتولى رعایتھم.
أنواع المسؤولیة:
- المسؤولیة الأدبیة  ھي الإخلال بالنظام الاخلاقي العام للمجتمع، تتم بارتكاب خطأ أدبي یترتب عنه جزاء أدبي لا قانوني.
- المسؤولیة القانونیة تترتب ھذه المسؤولیة القانونیة عن إخلال شخص ما بقواعد القانون. و قد ینتج عن  هذا الاخلال مسؤولتین؛ إذا كان الاخلال یمس المصلحة العامة ھنا نكون امام مسؤولیة جنائیة، و في حالة ھذا الاخلال یمس المصلحة الخاصة نكون امام مسؤولیة مدنیة.
مثال على ذلك:
جریمة السرقة تجتمع فیھا المسؤولیة المدنیة و المسؤولیة الجنائیة، و كذلك جریمة القتل تجتمع فیھا المسؤولیة المدنیة و المسؤولیة الجنائیة.
- أوجه الاختلاف بین المسؤولیة الأدبیة و المسؤولیة القانونیة:
یكون الإختلاف ھنا من حیث النطاق والجزاء؛
فمن حیث النطاق:
نطاق المسؤولیة الأدبیة أوسع و أشمل من نطاق المسؤولیة القانونیة، لأن نطاق المسؤولیة الأدبیة یجمع بین علاقة الشخص بالأخرین و خالقه، عكس نطاق المسؤولیة القانونیة فھو منحصر فقط في العلاقة بین الاشخاص.
أما من حیث الجزاء:
طبیعة الجزاء في المسؤولیة الأدبیة فھو یكون جزاء معنوي مرتبط بذات الشخص أما طبیعة الجزاء في المسؤولیة القانونیة یكون مادي في شكل الضرر إما أن یكون تعویض.
للحصول على تعویض جبر الضرر یجب على المتضرر رفع دعوى من أجل ذلك.
أھمیة وقوع الضرر:
في المسؤولیة الأدبیة لا یشترط وقوع الضرر.
المسؤولیة القانونیة یجب حدوث الضرر.
تنقسم المسؤولیة القانونیة الى مسؤولیة جنائیة و مسؤولیة مدنیة:
- المسؤولیة الجنائیة: یقوم الشخص بأفعال یجرمھا القانون الجنائي حيث أنه لا جریمة و لا عقوبة الا بنص، و الھدف منھا ھو الردع و الجزر لكل من سولت له نفس ان یقوم بأمر یجرمھ القانون.
- المسؤولیة المدنیة: ھو الاخلال بالتزام یفرضه التعایش الاجتماعي سواء كان منصوص علیھ في اطار نصوص قانونیة او یفرضه مبدأ عدم الاضرار بالغیر.
- أوجه الاختلاف بین المسؤولیة المدنیة و المسؤولیة الجنائیة:
المسؤولیة المدنیة و المسؤولیة الجنائية یشتركان في وقوع الضرر، المتضرر في إطار المسؤولیة الجنائیة ھو المجتمع بأكمله حتى لو كان ھذا الفعل الجنائي مجرم او الفعل الاجرامي موجه الى شخص محدد.
المتضرر في إطار المسؤولیة المدنیة، الضرر لا یمس المجتمع و إنما یمس شخص معین سواء كان طبیعي او معنوي و لیس المجتمع بأسره؛ من خلال ھذا الشرح یظھر لنا الاختلاف بین المسؤولیة المدنیة و المسؤولیة الجنائیة، فھذا الاختلاف
یكون من حیث الجزاء فالجزاء في المسؤولیة الجنائیة یكون الھدف منه ھو ردع الجاني و زجره و غیره لیكون عبرة للآخرین و حمایة الأمن و استقرار المجتمع،  أما الجزاء في المسؤولیة المدنیة یكون الھدف لیس الزجر بل جبر الضرر یعني الجزاء ھو عبارة عن تعویض من طرف الشخص المسؤول عن ھذا الضرر.
أھمیة الضرر في المسؤولیة المدنیة و المسؤولیة الجنائیة:
المسؤولیة الجنائیة: لتحقق ھذه المسؤولیة یجب اولا وقوع الضرر، وأیضا إحتمال وقوع الضرر وقد یضر المجتمع أو الفرد.
المسؤولیة المدنیة: الضرر یعتبر شرطا ضروریا.
الاثار القانونیة لإجتماع المسؤولیة المدنیة و المسؤولیة الجنائیة:
من حیث اختصاص القضاء ھناك خیارین الخیار الاول: المحكمة الجنائیة بحیث تكون الدعوى المدنیة تابعة للدعوى العمومیة ھنا نكون امام دعوة واحدة.
الخیار الثاني: المحكمة المدنیة ولكن شریطة ان یبث الحكم النھائي في الدعوى العمومیة. في إطار المسؤولیة الجنائیة ستقوم النیابة العامة باعتبارھا تمثل المجتمع.
في اطار المسؤولیة المدنیة الشخص المتضرر ھو من سیرفع الدعوى للحصول على تعویض.
أما من حیث التقادم: تتقادم الدعوة الجنائیة حسب إذا كانت جنایة او جنحة او مخالفة و تتقادم الدعوة المدنیة حسب إذا كانت مسؤولیة عقدیة او مسؤولیة تقصیریة.
الجنایات: تتقادم بمرور 15 سنة من یوم وقوع الجنایة؛
الجنح: تتقادم بمرور 4 سنوات من یوم وقوع الجنحة؛
المخالفات: تتقادم بمرور سنة من یوم وقوع المخالفة.
أنواع المسؤولیة المدنیة :
تقسم المسؤولیة المدنیة إلى مسؤولیة عقدیة ومسؤولیة تقصیریة:
- المسؤولیة العقدیة: وھي التي تنشأ نتیجة الإخلال بالتزام تعاقدي سابق، فمثلاً في عقد البیع المنجز إذا لم یقم المشتري بدفع الثمن على الرغم من استلامه المبیع یعد مسؤولاً عن الأضرار التي تلحق بالبائع نتیجة ذلك.
لقیامھا یجب أن: *أن یكون عقد صحیح؛ *أن یكون الإخلال بالالتزامات العقدیة؛ *أن یكون ھناك ضرر.
-2 المسؤولیة التقصیریة: وھي التي تنشأ نتیجة الإخلال بالتزام قانوني عام یفرض عدم الإضرار بالغیر.
أوجه الإختلاف بین المسؤولیة التقصیریة والمسؤولیة العقدیة:
- من حیث الأھلیة: یتطلب القانون سن الرشد لصحة اغلب العقود لقیام المسؤولیة التعاقدیة ,لأنھا تقوم على ارادة المتعاقد , في حین یكتفي القانون بسن التمییز في المسؤولیة التقصیریة .
- من حیث الانذارأو الاعذار: یعتبر الانذار ضروریا في بعض الحالات للحصول على التعویض في المسؤولیة التعاقدیة و خاصة في الحالة التي لم یعین فیھا أجل للالتزام أما المطالبة بالتعویض وفق أحكام المسؤولیة فلا یحتاج الى مثل ھذاالانذار أو الاعذار . و یلاحظ أن المشرع المغربي اعتبر الانذار غیر ضروري للدائن في مجال المسؤولیة التعاقدیة في حالتین: - اذا رفض المدین صراحة تنفیذ التزامه. - اذا اصبح التنفیذ مستحیلا .
- من حیث الاثبات: من المتفق علیه فقھا و تشریعا أن الاثبات في المسؤولیة التعاقدیة یقع على المدین , بحیث یكفي الدائن ان یثبت وجود عقد صحیح و ادعاء عدم تنفیذ ھذا العقد فلا یمكن للمدین في ھذة الحالة  أن ینفي عنه ھذا الادعاء الا باثبات تنفیذ العقد أو أن عدم تنفیذه یرجع الى سبب أجنبي حال دون التنفیذ. في حین یقع عبئ الاثبات في المسؤولیة التقصیریة على الدائن المتضرر الذي یلزمه اثبات الخطأ و الضرر و العلاقة السببیة حتى یتمكن من الحصول على حقه في التعویض .
- من حیث التقادم: تتقادم دعوى المسؤولیة التقصیریة بمرور خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فیه الى علم الفریق المتضرر من الضرر و تتقادم المسؤولیة التعاقدیة مبدئیا بمرور 15 سنة مع مراعاة بعض الاستثناءات التي ینص علیھا قانون الالتزامات و العقود و بعض القوانین الخاصة .و من ذلك ما نص علیھ الفصل 388 ق . ل.ع من تقادم دعوى التجار و الموردین و أرباب البضائع ضد غیرھم من التجار و الموردین بخمس سنوات.
- من حیث التضامن: تقوم المسؤولیة التقصیریة بحكم القانون على مبدأ التضامن بینما التضامن في المسؤولیة التعاقدیة لا یفترض وجوده بین المدینین  بل لابد من الاتفاق علیه في العقد أو في اتفاق خاص.
- نظام المسؤولیة التقصیریة:
تعد المسؤولیة التقصیریة نوعا من نوعي المسؤولیة المدنیة وتترتب عن الاخلال بواجب قانوني عام یقضي بعدم الإضرار بالغیر.
تختلف أنواع وطبیعة وأحكام المسؤولیة المدنیة التقصیریة بالتشریع المغربي، ولتوضیح ذلك سنعمل على دراسة المسؤولیة الشخصیة التي تعد الأصل في المسؤولیة التقصیریة، وبعض حالات المسؤولیة الموضوعیة على الشكل التالي:
1- المسؤولیة عن العمل الشخصي
2-  المسؤولیة على فعل الغیر
3-  المسؤولیة عن الحیوان والأشیاء
4-  حالات خاصة للمسؤولیة التقصیریة
تعد المسؤولیة عن العمل أو الفعل الشخصي من اھم مظاھر المسؤولیة المدنیة عموما ویقصد بھا المسؤولیة التي تعود لفعل شخصي وبعبارة أخرى  فعل یصدر عمن أحدث الضرر متضمنا تدخله مباشرة في إحداثه دون وساطة شخص آخر.
وفي ھذه الحالة تثبت مسؤولیة الشخص المتسبب في الضرر،  فیلزم بجبره عن طریق أداء تعویض، ولأداء التعویض الذي
یشكل أحد الآثار القانونیة لھذه المسؤولیة یجب أولا أن تتوفر شروط ھذه المسؤولیة والتي تسمى أركانھا.
أركان المسؤولیة عن العمل الشخصي:
1- الخطأ:
الخطأ: ھو إخلال الشخص بالتزام قانوني مع إدراكه لھذا الإخلال.
انواع الخطأ:
الخطأ الإیجابي والخطأ السلبي:
* الخطأ الإیجابي ھو الذي یكون فعل المخطئ فیه فعلا ایجابیا وھو ما أشار إلیھ الفصل 78 من ق.ل.ع بعبارة "فعل ما كان یجب الإمساك عنھ"، كتجاوز السرعة القانونیة أو إتلاف مال الغیر...
*الخطأ السلبي فیكون بالإمتناع عن عمل أو باتخاد موقف سلبي مستقل عن أي عمل إیجابي، وھو ما عبر عنه المشرع في المادة 78 من ق.ل.ع بعبارة "ترك ما یجب فعله" كحفر المقاول لحفرة في الطریق العام دون وضع إشارة على حافتھا لیلا للتنبیه إلى وجودھا...
الخطأ العمدي والخطأ الغیر العمدي:
*الخطأ العمدي ھو الذي یسمى أیضا "الجرم" الإخلال بواجب قانوني بنیة الإضرار بالغیر سواء كان الفعل إیجابیا أو سلبیا.
لخطأ الغیر العمدي أو الخطأ بإھمال الذي یسمى أیضا "شبه الجرم" فھو الذي یترتب عن الإخلال بواجب قانوني مصحوبا بإدراك الفاعل دون قصد الإضرار بالغیر؛ بحیث یحصل الضررنتیجة الإھمال والتقصیر المنسوبین للشخص المخطئ.
الخطأ الجسیم والخطأ الیسیر :
*الخطأ الجسیم ھو الخطأ الذي لا یرتكبه الشخص القلیل الذكاء والعنایة (الغبي).
*الخطأ الیسیر ھو الخطأ الذي یكون فیه الإخلال أقل جسامة.
* أركان الخطأ:
--- الخطأ المادي، التعدي:
یتحقق التعدي أو الإنحراف عند الإخلال بالتزام قانوني ثم بشكل عمدي أو عن طریق الإھمال والتقصیر.
--- مخالفة النص القانوني:
حدد القانون مجموعة من الالتزامات القانونیة، یشكل الإخلال بھا تعدیا یوجب المسؤولیة.
--- مخالفة التزامات غیر محددة في نصوص قانونیة:
یترتب الخطأ أیضا عند الإخلال بالتزامات غیر محصورة تشریعیا، ولكنھا من الإلتزامات العامة التی یفرضھا مبدأ التعایش
الإجتماعي وما یفرضھ من احترام لحقوق الآخرین وعدم الإضرار بھم.
وھذه الإلتزامات یصعب حصرھا لذا أوجد الفقھ معیارین لضبط سلوك الأفراد أولھما شخصي وثانیھما موضوعي:
*المعیار الشخصي: یعتمد على كفاءة الشخص و قدراته الذاتیة بمعنى إذا كان الشخص یستطیع التمییز و الادراك یحاسب على الخطأ و في حالة العكس لا یحاسب على الخطأ.
*المعیار الموضوعي: یعتمد على الوسطیة و الاعتدال في تحدید سلوك المعتدي لذا یظل ثابتا لا یتغیر من شخص إلى آخر.
***** الركن المعنوي، الإدراك أو التمییز:
لایكفي لقیام الخطأ توفر الركن المادي فقط، یلزم في الشخص المعتدي أن یكون مدركا لما قام به ولنتائجه ویرتبط الإدراك بعنصر التمییز بحیث یعد التمییز مناط المسؤولیة، تتحقق إدا وجد وتنعدم إذا فقد.
وقد تعرض ق.ل.ع لھذا الركن في المادة 77 بنصه على أن "كل فعل ارتكبه الإنسان عن بینة واختیار" فمصطلح البینة یدل على ضرورة إدراك الشخص للعمل الذي یقوم به  بحیث یعرف أنھ سیلحق أضرارا بالغیر، وأیضا بموجب الفصلین 96 و 97 باعتبار أن القاصرین وذوي العاھات لا یسألون عن الأضرار الناتجة عن أفعالھم إلا إذا توفرت لدیھم درجة كافیة من التمییز لتقدیم نتائج أفعالھم.
وبذلك تتمثل حالات انعدام التمییز في القانون المغربي في:
-1 حالة الصبي الغیر الممیز: فحسب المادة 96 من ق.ل.ع فإن الصبي الغیر الممیز لا یسأل عن أفعاله بخلاف الصبي الممیز الذي یتحمل مسؤولیة كاملة عن أفعاله، والصبي الغیر الممیز وفق مایستفاد من المادة 214 من مدونة الأسرة ھو الذي لم یتم اثنتي عشرة سنة شمسیة كاملة.
-2 حالة المجنون: فإذا صدر الفعل من فاقد العقل وھو في حالة إفاقة فإنه یسأل عن أفعال، أما إذا صدر الفعل وھو في حالة جنون مطبق فلا یعد مسؤولا.
-3 حالة السكر: إذا كان السكر اختیاریا فإنه یحول دون تحمل المسؤولیة وذلك معاملة لھذا السكران بنقیض قصده، بخلاف إذا كان السكر اضطراریا فإنه ینفي المسؤولیة وفق ماینص علیه الفصل 93 من ق.ل.ع الذي ینص على أن "السكر إذا كان اختیاریا لا یحول دون المسؤولیة المدنیة في الإلتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم ولا مسؤولیة مدنیة إذا كان السكر غیر اختیاري، وعلى المتابع إثبات ھذه الواقعة"، وأیضا ما نصت علیه الفقرة الأخیرة من المادة 217 من مدونة الأسرة بنصھا على أنه "... الفقدان الإرادي للعقل لا یعفى من المسؤولیة".
-4 حالة الصم والبكم وغیرھم من ذوي العاھات البدنیة: یسأل ھؤلاء الأشخاص عن الأضرار الناجمة عن أخطائھم مالم یقم الدلیل على أنھم لا یتمتعون بالدرجة اللازمة من التمییز لتقدیم نتائج أعمالھم (الفصل 97 من ق.ل.ع).
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع أعفى القاصرین فاقدي التمییز لأسباب إضطراریة من تحمل المسؤولیة، لكنھ بالمقابل خول للمتضررین من أفعال ھؤلاء الأشخاص متابعة الأشخاص المكلفین برقابتھم سواء كانت رقابة قانونیة أو اتفاقیة بالإستناد على قواعد المسؤولیة عن فعل الغیر المنظمة بمقتضى الفصل 85 من ق.ل.ع.
حالات إنتفاء الخطأ:
أولا:حالة الدفاع الشرعي:
نصت الفقرة 1 من الفصل 95 من ق.ل.ع على أنھ "لا محل للمسؤولیة المدنیة في حالة الدفاع الشرعي..." وعرفه
المشرع في الفقرة 2 من نفس الفصل بأنه الحالة ".. التي یجبر فیھا الشخص على العمل لدفع اعتداء حال غیر مشروع موجه لنفسه أو لماله أو لنفس الغیر أو ماله".
من ھنا فإن حالة الدفاع الشرعي تنفي المسؤولیة عن مرتكب الخطأ، لكن الشخص لایعتبر في حالة دفاع شرعي إلا إذا توفرت مجموعة من الشروط الموضوعیة وھي:
-1 یجب أن یكون ھناك إعتداء حال یقتضي دفعهإلحاق الأدى بالمعتدي، سواء كان ھذا الإعتداء موجھا لنفس المدافع أو ماله أو لنفس الغیر أو ماله.
-2 یجب أن یكون الإعتداء غیر مشروع، أما إذا كان مشروعا لا یجب دفعه كمطاردة الشرطي للمجرم من أجل القبض علیه.
-3 أن یكون الدفاع متناسبا مع خطورة الإعتداء مثلا إستعمال الأسلحة في حالة السب.
ثانیا:حالة الضرورة:
إن ق.ل.ع لم یتطرق إلى حالة الضرورة بخلاف ق.ج التي اعتبرھا من الأسباب التي تعدم المسؤولیة الجنائیة، لكنھ قیدھا
بمجموعة من الشروط بنصھ في الفصل 124 على أنه لا جنایة ولا جنحة ولا مخالفة في الأحوال التالیة:
- إذا اضطر الفاعل مادیا إلى ارتكاب الجریمة أو كان في حالة استحال علیه معھا استحالة مادیة اجتنابھا وذلك لسبب خارجي لم یستطع مقاومته.
ویقصد بحالة الضرورة الحالة التي تجعل الشخص مجبرا ومضطرا لدفع خطأ جسیم عن طریق التضحیة بما ھو أقل
منھ أو مساو له مثلا اضطرار سائق إلى الإصطدام بالحائط تفادیا لدھس أحد الراجلین، أو إخماد حریق بأدوات مملوكة للغیر الأمر الذي یؤدي إلى إتلافھا.
لكن یشترط لقیام حالة الضرورة مجموعة من الشروط وھي:
-1 أن یكون ھناك خطر یھدد الشخص نفسھ الذي یصدر منه الإعتداء أو غیره من الأشخاص سواء كان الخطر یھدد النفس أو المال.
-2 ان یكون مصدر الخطر غیر صادر من المعتدي فإن كان المعتدي ھو مصدر الخطر یعتبر تعدیا غیر مشروع یرتب بالتالي مسؤولیة كبیرة.
-3 أن یكون الخطر المراد تفادیه أكبر أو مساوي للضرر الذي وقع فمثلا الشخص الذي یتلف مالا للغیر ذا قیمة محدودة لینقد منزلا ذا قیمة أعلى بكثیر یعتبر في حالة الضرورة.
ثالثا:رضا المضرور:
توجد بعض الحالات التي ینتفي فیھا الخطأ التقصري بقبول المضرور نتائج الفعل الضار، كأن یطلب من شخص آخر ھدم منزله أو إتلاف أشجار ضیعتھ.
الضرر:
یعتبر الضرر الركن الثاني للمسؤولیة التقصیریة فلا یكفي لقیام لقیام المسؤولیة وقوع الخطأ بل یتعین أن یترتب عنوالخطأ ضرر وإلا انتفت مصلحة المضرور في رفع دعوى المسؤولیة.
أولا: تعریف الضرر:
یعرف الضرر عموما بأنه الأذى الذي یصیب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له سواء كانت ھذه الحقوق والمصالح مادیة أو معنویة.
ثانیا:أنواع الضرر:
-1 الضرر المادي:ھو الذي یصیب مصلحة مالیة للمضرور أو سلامته الجسدیة.
-2 الضرر المعنوي:یعد كل تعد على شرف وشعور وحریة الشخص وبصفة عامة قیمه الأخلاقیة ضررا معنویا كقتلالأب وما یترتب عن ذلك من شعور بالحزن، أو إصابة الشرف بھتك العرض والسب والشتم.
شروط الضرر:
أولا:كون الضرر مباشرا: یعد ھذا الضرر مظھرا لرابطة السببیة بین الخطأ والضرر، بحیث یشترط أن یترتب الضرربصفة مباشرة عن الفعل الضار، أما إذا لم یتولد مباشرة عنه فلا یجب التعویض عنه ھذا ما أشار إلیه الفصل 77 من ق.ل.ع بعبارة "إذا ثبت أن ذلك الفعل ھو السبب المباشر في حصول الضرر".
ثانیا:كون الضرر شخصیا:القاعدة العامة أن المضرور وحده له الحق في الحصول على التعویض سواء كان شخصا طبیعیا أو معنویا، لأن التعدي أصاب أحد مصالحه وتعد المصلحة مناط الدعوى. لكن الحصول على التعویض قد یشمل أشخاصا آخرین یرتبطون بالمضرور بعلاقات قانونیة كالقرابة والمصاھرة والإلتزام بالنفقة، وإذا كان المشرع المغربي یضیق من حلقة الأشخاص الذین یستفیدون من التعویض عن الضرر المعنوي، فمثلا الفصل الرابع من ظھیر 2/10/1984 یحصر لائحة الأشخاص المستفیدین من الضرر المعنوي في ذوي المصاب المتوفى من زوج أو زوجة وأصوله وفروعه من الدرجة الأولى، بخلاف التعویض عن الضرر المادي المترتب عن حالة الوفاة أیضا فیستفید منه كل شخص تجب علیھ نفقته وفق نظام أحواله الشخصیة، وكل من كان یعوله
ثالثا: كون الضرر محققا:
لاتقوم مسؤولیة المعتدي إلا إذا وقع الضرر سواء وقع حالا بأن یقع دفعة واحدة كموت الأب واستحقاق أبنائه التعویض،أو تراخى في المستقبل كأن یحصل في مراحل متباعدة فیما بینھا كحالة تفاقم الضرر المترتب عن حوادث الشغل والأمراض المھنیة، بحیث یتحقق الضرر في ھذه الحالة مستقبلا لذا سمي الضرر المستقبلي.
- العلاقة السببیة:
یشترط لقیام العلاقة المسؤولیة التقصیریة بالإضافة إلى ركني الخطأ والضرر ركنا ثالثا یتمثل في كون الخطأ ھو السبب في الضرر؛ أي تحقق العلاقة السببیة بینھما.
وتعرف السببیة عموما بأنھا إسناد الفعل إلى مصدره المباشر بأن تكون علاقة مباشرة بینھما، وبالتالي ولكي تتحقق المسؤولیة التقصیریة یجب أن تكون علاقة مباشرة بین الخطأ الذي ارتكبه المسؤول والضرر الذي أصاب المضرور.
- معاییر السببیة المباشرة:
تطرح مسألة تحدید معاییر السببیة في حالتین اولھما عند وقوع اضرار متعاقبة وثانیھما عند تعدد اسباب الضرر.
اولا: معیار السببیة المباشره عند وقوع اضرار متعاقبة: قد یترتب عن الخطأ الواحد سلسلة من الاضرار المتعاقبة بعضھا مباشر والبعض الاخر غیر مباشر مما یطرح اشكالیة تحدید الضرر القابل للتعویض. وكقاعده عامة فإن الضرر الذي یكون قابلا للتعویض ھو الضرر المباشر اي ما كان نتیجة طبیعیة لإرتكاب الخطأ، اما الاضرار الأخرى فلا یسأل عنھا لأنھا أضرار غیر مباشرة. وفي ھذا الاطار اشترط المشرع المغربي لقیام المسؤولیة وبالتالي استحقاق المضرور للتعویض ان یكون الخطأ ھو السبب المباشر في حصول الضرر، ویبقى للقضاء السلطة التقدیریة لتحدید الضرر المباشر من غیره.
ثانیا: معیار السببیة المباشره عند تعدد اسباب الضرر: تتعدد في ھذه الحالة الاسباب التي تؤدي الى احداث الضررالواحد، كترك شخص باب سیارته مفتوحا عن اھمال مما اغرى لصا على سرقتھا وقیادتھا بسرعة فائقة مما أدى الى اصابة أحد المارة وقتله. فأیھما السبب الحقیقي للوفاة؟ ھل ترك باب السیاره مفتوحا ام سرقتھا وقیادتھا بسرعة؟ في ھذا المجال ظھرت نظریتان المانیتان ھما نظریة تعادل الاسباب ونظریة السبب المنتج.
-1 نظریة تعادل الاسباب: یذھب انصار ھذه النظریة إلى ضرورة الاعتداء بكل سبب تدخل في احداث الضرر كیفما كانت طبیعته سواء كان مباشرا او غیر مباشر فكل الاسباب في نظرھم متكافئة ومتعادلة وبالتالي یلزم كل متسبب بأداء تعویض جزئي عن الضرر الحاصل من طرفه.
-2 نظریة السبب المنتج: یعتمد انصار ھذه النظریة على السبب المنتج أي السبب الذي یحدث الضرر عادة وحسب المألوف اما الاسباب الاخرى التي یعتبرونھا عارضة فیسقطونھا من حسابھم لأنھا لا تؤدي إلى إحداث الضرر في الحالة العادیة. وقد أخد كل من الفقه والقضاء بھذه النظریة وكرسھا المشرع المغربي في الفصل 78 من ق.ل.ع بنصه على أنه"كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه، لا بفعله فقط، ولكن بخطئه أیضا، وذلك عندما یثبت أنھذا الخطأ ھو السبب المباشر في ذلك الضرر".
***إنتفاء علاقة السببیة:
تنتفي علاقة السببیة بین الخطأ والضرر إذا وحد سبب أجنبي لا دخل للمعتدي فیه، ویتحقق السبب الأجنبي بالقوة القاھرة والحادث الفجائي أو خطأ المضرور أو فعل الغیر.
*أولا: القوة القاھرة والحادث الفجائي:
-1 تعریف القوة القاھرة والحادث الفجائي:
تعتبر القوة القاھرة الحادث الذي یستحیل دفعه كالأمطار والزلازل بخلاف الحادث الفجائي الذي یعد أمرا داخلیا كامنا في ذات الشيء.
ویقصد بالقوة القاھرة كل فعل أجنبي لا ید للإنسان فیه كالحوادث الطبیعیة والحروب وغیرھما من الأحداث الغیر المتوقعة، وقد عرف المشرع المغربي القوة القاھرة في الفصل 269 من ق.ل.ع.
كما جعل في الفصل 95 من ق.ل.ع كل من القوة القاھرة والحادث الفجائي أحد الأسباب التي تؤدي إلى الإعفاء من المسؤولیة، إذا لم یسبقھا أو یصطحبھا فعل یؤاخذ به المدعى علیه.
-2 شروط القوة القاھرة والحادث الفجائي:
یشترط في كل من القوة القاھرة والحادث الفجائي للإعفاء من المسؤولیة إما جزئیا أو كلیا شرطین وھما:
أ-عدم إمكانیة توقع الحادث: یشترط في الحادث أن یكون غیر متوقع، والتوقع یكون وقت ارتكاب الفعل في المسؤولیة التقصیریة، أو من خلال إبرام العقد في المسؤولیة العقدیة، أما إذا أمكن توقعه  فلا یعد سببا للإعفاء من المسؤولیة.
ب-إستحالة دفع الحادث: یقصد بذلك أن الحادث یستحیل دفعه عند وقوعه استحالة مطلقة، أما إذا كان یمكن تفادیه بأعمال أخرى ولو فیھا مشقة أو إرھاق أو كلفة، فلا تنتفي المسؤولیة.
*ثانیا:خطأ المضرور:
-1 حالة خطأ المضرور لوحده: یؤدي إثبات المدعى علیه في دعوى المسؤولیة أن الضرر المطالب بالتعویض عنه یرجع
للمضرور نفسه إلى الإعفاء الكلي أو الجزئي من المسؤولیة؛ لأن الضرر حدث بفعل خطأ المضرور، كمحاولة شخص الإنتحار فألقى بنفسه أمام سیارة یقودھا صاحبھا مراعیا أنظمة السیر فتدھسه وتردیه قتیلا.
-2 حالة استغراق أحد الخطأین للآخر: تؤدي ھذه الحالة إلى تحمیل المسؤولیة الكاملة للطرف الذي استغرق خطأه خطأ
الطرف الآخر، ویتحقق ذلك في فرضیتین:
"الفرضیة الأولى:أحد الخطأین أكبر جسامة من الآخر: وذلك بأن یكون خطأ الطرفین وقع عمدا، بحیث یستغل الطرف الآخر
ھذه الفرصة لإتمام قصده، ففي ھذه الفرضیة یتحمل المسؤولیة كاملة مرتكب الخطأ العمدي.
"الفرضیة الثانیة: أخد الخطأین نتیجة للخطأ الأول: وذلك بأن یرتكب كل من المضرور والمعتدي خطأ ساھم في إحداث
الضرر، إلا أن خطأ المضرور كان نتیجة لخطأ المعتدي، فیلزم ھذا الأخیر بتعویض الضرر الحاصل للمضرور.
-3 حالة الخطأ المشترك: یقصد بالخطأ المشترك مساھمة كل من المضرور والمخطئ بخطأ مستقل ساھم في إحداثالضرر، بحیث لا یستغرق أحدھما الآخر، ففي ھذه الحالة تشطر المسؤولیة بنسبة مساھمة كل منھما في إحداث الضرر،فإن تعذر معرفة ھذه النسبة توزع المسؤولیة بالتساوي بینھما.
*ثالثا: خطأ الغیر
یؤدي خطأ الغیر أیضا إلى الإعفاء الكلي أو الجزئي من المسؤولیة، ویقصد بخطأ الغیر كل شخص من غیر المضرور
والمعتدي والأشخاص الذین لا یسأل عنھم، أما الأشخاص الذین یسأل عنھم كالأبناء القاصرین فلا یعتبرون من الغیر. ففي
ھذه الحالة یعتد بخطأ الغیر سواء كان ھذا الغیر معلوما أو مجھولا، وبحسب استغراقه أو عدم استغراقه لخطأ المضرور
أو كان نتیجة أحدھما للآخر. أما إذا كان مشتركا بینھما فیسأل كل من الغیر والمضرور بنسبة مساھمة خطئه وإلا قسمت
علیھم المسؤولیة بالتساوي عند تعذر معرفة نسبة المساھمة.
آثار المسؤولیة التقصیریة الشخصیة:
إذا توفر كل من الخطأ والضرر والعلاقة السببیة بینھما التزم المسؤول بجبر الضرر الذي تسبب فیه وذلك بتعویض المتضرر، ھذا الأخیر أي التعویض یشكل الجزاء الذي یترتب عنه قیام المسؤولیة، إن لم یتنازل المضرور عن المطالبة به، كما یمكن أن یتفق الأطراف على تعدیل أحكام ھذه المسؤولیة.
**دعوى المسؤولیة:
یقصد بدعوى المسؤولیة المطالبة التي تتم أمام القضاء لجبر الضرر الذي تعرض له المضرور بفعل خطأ المعتدي.
-الإختصاص القضائي في دعوى المسؤولیة:
*أولا: الإختصاص النوعي:
-1 قضاء القرب: تنص المادة 10 من القانون 42.10 المتعلق بتنظیم قضاء القرب وتحدید اختصاصاته على أنه: "یختص
قاضي القرب بالنظر في الدعاوى الشخصیة والمنقولة التي لا تتجاوز قیمتھا خمسة آلاف درھم، ولا یختص في النزاعات
المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضایا الإجتماعیة ..."
وبالتالي یختص قضاء القرب في قضایا التعویض إذا كان المبلغ المطالب به یقل أو یصل إلى 5000 درھم، أما إذا تجاوز ذلك فیرجع الإختصاص للمحاكم الإبتدائیة.
-2 المحاكم الإبتدائیة: ینص الفصل 18 ق.م.م في فقرته الأولى على أنه: "تختص المحاكم الإبتدائیة، مع مراعاة الإختصاصات الخاصة إلى أقسام قضاء القرب، بالنظر في جمیع القضایا المدنیة وقضایا الأسرة والتجاریة والإداریة والإجتماعیة ابتدائیا وانتھائیا مع حق الإستئناف...".
یتبین من ھذا الفصل أن الإختصاص النوعي لدعاوى المسؤولیة یرجع للمحاكم الإبتدائیة إذا تجاوز مبلغ التعویض المطالب به 5000 درھم.
*ثانیا: الإختصاص المحلي:
خرج المشرع المغربي في الفصل 28 ق.م.م عن القواعد العادیة للإختصاص المحلي بتخویله للمتضرر رفع الدعوى أمام
المحكمة التي وقع بدائرتھا العمل المسبب للضرر أو أمام المحكمة التي یوجد بدائرتھا موطن المدعى علیه.
كما یمكن رفع دعوى التعویض أمام المحاكم الزجریة في إطار الدعوى المدنیة التابعة.
أطراف دعوى المسؤولیة:
أولا: المدعي:
ترفع الدعوى من طرف المضرور الذي یشكل المدعى في ھذه الدعوى لكونه ھو الذي یتوفر على الصفة والمصلحة لرفعھا، كما یشترط فیه الأھلیة التامة أما إذا كان مصابا بعارض من عوارض الأھلیة فیرفعھا بالنیابة عن نائبه الشرعي.
ثانیا: المدعى علیه:
یشكل المدعى علیه الطرف الثاني في دعوى المسؤولیة، وھو بصفة عامة الشخص المسؤول عن الضرر اللاحق بالمضرور سواء عن عملة الشخصي أو عن غیره أو عن الأشیاء التي في حراسته، وإذا توفي ینتقل الإلتزام بالتعویض إلى تركته بناء على الفقرة الأولى من الفصل 105 من ق.ل.ع التي تنص على أنه "في الجریمة وشبه الجریمة، تكون التركة ملزمة بنفس التزامات الموروث..."
****الإثبات والتقادم:
*أولا: الإثبات: یقع على المدعي وھو المضرور عبء الإثبات طبقا للقواعد العامة؛ بحیث یقع علیه إثبات أركان ھذه المسؤولیة وھي الخطأ والضرر والعلاقة السببیة بینھما.
*ثانیا: التقادم: ینص الفصل 106 من ق.ل.ع على أنه "إن دعوى التعویض من جراء جریمة أو شبھ جریمة تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فیه علم الفریق المتضرر الضرر وھو من المسؤول عنه، وتتقادم في جمیع الأحوال بمضي 20 سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر".
وبالتالي فإن مدة تقادم دعوى التعویض محدده تشریعیا في خمس سنوات تبتدئ من الیوم الذي یعلم فیھ المضرور بوقوع الضرر ومعرفة الشخص المسؤول عنه، او بمرور عشرین سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر.
**التعویض:
یترتب على اكتمال أركان المسؤولیة عن العمل الشخصي جبر الضرر ومحو اثاره، وذلك بتعویض المضرور إما بصفة ودیة أو عن طریق القضاء بمقتضى دعوى المسؤولیة.
- وقت نشوء الحق في التعویض وتقدیره:
-1 وقت نشوء الحق في التعویض:
اختلف الفقه حول الوقت الذي ینشأ فیه التعویض فذھب اتجاه اول الى ان الحق في التعویض ینشأ من تاریخ المطالبةالقضائیة، بینما ذھب اتجاه اخر الى ان ھذا الحق ینشأ من وقت صدور الحكم، لكن الاتجاه الغالب والذي تبناه القضاء أیضا ھو ان الحق في التعویض ینشأ من وقت وقوع الضرر، الان ھذا الوقت ھو الذي تكتمل بھه اركان المسؤولیة، فمتىتحقق الضرر نشأ الحق في التعویض عنه.
-2 وقت تقدیر التعویض:
یلحق الفعل الضار ضررا بالمضرور قد یكون ضررا ثابتا او متغیرا او ضررا لا یعرف مداه، مما یطرح إشكالیة تحدید وقت احتساب أو تقدیر التعویض.
فإن كانت الحالة الأولى والمتعلق بثبات الضرر من یوم حدوثه إلى صدور الحكم لا تطرح أیة إشكالیة حول وقت تقدیرالتعویض، فإن الإشكال یطرح في حالة تغیر الضرر كأن یتفاقم أو یخف أو لا یعرف مداه.
ھنا اختلفت الآراء الفقھیة بین قائل بوجوب تقدیر التعویض یوم تحقق الضرر، ومن تم الإعتداد بالعناصر التي كانت موجودة وقت نشوء الحق في التعویض أي وقت وقوع الضرر، وبین قائل بوجوب تقدیر التعویض یوم صیرورة الحكم نھائیا، لأنه بالرغم من نشوء الحق في التعویض من یوم حدوث الضرر فإن مقداره یظل غیر محدد إلى أن یصدر الحكم،بحیث یجب الإعتداد بجمیع العناصر التي توجد وقت الحكم كالقیمة الشرائیة للنقود والظروف الإقتصادیة العامة، وھذاالإتجاه ھو الإتجاه الذي أخذ به أغلبیة الفقه وأیضا القضاء سواء في فرنسا أو المغرب.
كیفیة تقدیر التعویض:
یرمي التعویض إلى جبر الضرر ومحو آثاره ویتخذ مظھرین، تعویض عیني یتم عن طریق إزالة الضرر وإعادة الحالة إلى ما كانت علیه أو تعویض نقدي الذي یجبر فیه الضرر بمبلغ نقدي وھو الذي یسود دعاوى المسؤولیة ویخضع لمجموعة من القواعد منھا:
-1 وجوب أن یكون التعویض كاملا.
-2 مراعاة طبیعة الخطأ في تقدیر التعویض بین كونه عمدیا أو غیر عمدي، جسیما أو یسیرا.
-3 تطبیق قاعدة التضامن بین المسؤولین سواء كانوا متعددین ویعملون متواطئین.
الإتفاقات المعدلة لأحكام المسؤولیة التقصیریة الشخصیة:
أولا: الإتفاقات المعدلة للمسؤولیة قبل تحقیقھا:
تتعلق ھذه الإتفاقات بالحالة التي یتفق فیھا طرفین على الكلي أو الجزئي من المسؤولیة عند وقوع الضرر، وإن كان ھذا الطرح نادر الحصول، فإنه قد یحدث كاتفاق المالك مع جاره على الإعفاء من المسؤولیة إذا أصاب أحدھما ضررا من جراء انھیار البناء الذي یملكانه بسبب قدمه أو من جراء تجاوز المضار العادیة للجوار.
وتعد ھذه الإتفاقات باطلة وعدیمة الأثر قانونا لأن أحكام المسؤولیة التقصیریة من النظام العام وبالتالى لا یحوز مخالفتھا،
ومن شأن ھذه الإتفاقات التشجیع على الأعمال الغیر المشروعة.
ثانیا: الإتفاقات المعدلة للمسؤولیة بعد تحقیقھا:
قد یتفق كل من المضرور والمخطئ بعد حدوث الضرر على تعدیل أحكام المسؤولیة التقصیریة الشخصیة إما بالإعفاء منھا كلیا أو جزئیا أو التخفیف منھا أو التشدید فیھا أو التنازل عن التعویض.
فھذه الإتفاقات صحیحة وتنتج آثارھا لأن لیس فیھا ما یخالف النظام العام. ولأنھا تحدث بعد ارتكاب الفعل الضار.
****المسؤولیة عن فعل الغیر:

حدد المشرع المغربي حالات المسؤولیة عن فعل الغیر في الفصلین 85 و 85 مكرر من ق.ل.ع وتتعلق ب:
أولا: مسؤولیة الأب ثم الأم بعد موته بالنسبة للضرر الذي یحدثه أبناؤھما القاصرون المقیمون معا.
ثانیا: مسؤولیة المخدوم والمتبوع بالنسبة للضرر الذي یحدثه الخادم أو التابع.
ثالثا: أرباب الحرف بالنسبة للضرر الذي یحدثه متعلموھم ما دام تحت رقابتھم.
رابعا: الأب والأم وغیرھما من الأقارب والأزواج بالنسبة للضرر الذي یحدثه المجانین وغیرھم من مختلي العقل إذا كانوا یقیمون معھم، وكذلك من یتحمل بمقتضى عقد رعایة ھؤلاء الأشخاص أو رقابتھم.
خامسا: المعلمون وموظفو الشبیبة والریاضة بالنسبة للضرر الحاصل من الأطفال والشباب خلال الوقت الذي یوجدون فیه تحت رقابتھم.
المسؤولیة التقصیریة عن فعل الغیر القائمة على الخطأ الواجب الإثبات:
ینص ف 85 مكرر من ق.ل.ع على أنه "یسأل المعلمون وموظفو الشبیبة والریاضة عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان خلال الوقت الذي یوجدون فیه تحت رقابتھم.
والخطأ أو عدم الحیطة أو الإھمال الذي یحتج به علیھم، باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، یلزم المدعي إثباته وفقا للقواعد القانونیة العامة..."
یتبین من ھذا الفصل ان المشرع بنى المسؤولیة التي یتحملھا رجال التعلیم وموظفو الشبیبة والریاضة عن الأخطاء التي یرتكبھا التلامیذ والشبان الذین في عھدتھم على الخطأ الواجب الإثبات.
**شروط مسؤولیة رجال التعلیم وموظفو الشبیبة والریاضة عن فعل الأطفال والشبان:
یتبین من خلال دراسة الفصل 85 مكرر من قلع انه یلزم شرطین لتحقق مسؤولیة رجال التعلیم وموظفو الشبیبة والریاضة عن الاطفال والشبان الذین في عھدتھم، وھما وجود طفل أو شاب تحت اشراف معلم أو موظف الشبیبةوالریاضة وان یحدث الضرر الذي یتسبب فیھ الطفل أو الشاب خلال فترة الدراسة أو التمارین الریاضیة.
---وجود التلمیذ أو الشاب تحت إشراف المعلم أو الموظف التابع للشبیبة والریاضة:
تنص على ھذا الشرط الفقرة الأولى من الفصل 85 مكرر من ق ل ع بتقییدھا مسؤولیة رجال التعلیم وموظفو الشبیبةوالریاضة عن الأفعال الضارة أو التي یتسبب فیه التلامیذ والشبان بأن تقع ھذه الأفعال خلال فترات إشرافھم علیھم كأوقات الدراسة وممارسة التداریب الریاضیة، وأیضا خلال الرحلات الجماعیة للتلامیذ خارج المؤسسات التعلیمیة،وبصیغة المخالفة تنعدم مسؤولیتھم إذا وقع الفعل خارج الأوقات النظامیة للعمل كوقوع الفعل خارج المؤسسة.
لكن المعلم الذي نص علیه الفصل المذكور أعلاه ھو رجل التعلیم الذي یعمل في إطار الوظیفة العمومیة أو في التعلیم الخصوصي سوء كان معلما في المستوى الإبتدائي أو الثانوي لتوفره على إمكانیة ضبط سلوك التلامیذ خلال الحصص الدراسیة، أما أستاذ التعلیم الجامعي فلا یخضع لمقتضیات الفصل 85 مكرر لإنعدام عنصر الإشراف على الطلبة.
كما یقصد بموظف الشبیبة والریاضة الموظف الذي یتولى تلقین التداریب الریاضیة للأطفال والشباب دون غیره من الموظفین الآخرین.
---حدوث الضرر الذي یتسبب فیه التلامیذ أو الشباب للغیر خلال فترة الدراسة أو تلقي التمارین الریاضیة:
یسأل رجل التعلیم ومعلمو التداریب الریاضیة عن الأضرار التي یحدثھا التلامیذ أو الشبان الذین في عھدتھم للغیر، والذي یشمل الأجانب الذین لا علاقة لھم بالمؤسسة التعلیمیة أو الریاضیة، وأیضا الأشخاص الذین یوجدون في نفس المؤسسة التي ارتكب فیھا الفعل الضار بما في ذلك التلامیذ أو الشبان الذین یشاركونه في تلقي الدروس أو التمارین الریاضیة.
***الأحكام الخاصة بمسؤولیة رجال التعلیم وموظفو الشبیبة والریاضة:
أولا: أساس مسؤولیة رجال التعلیم وموظفو الشبیبة والریاضة:
تتحقق مسؤولیة رجال التعلیم وموظفو الشبیبة والریاضة على الخطأ الواجب الإثبات، مما یتطلب من المضرور إثبات الخطأ الصادر من المعلم أو موظف الشبیبة والریاضة الذي یشرف على التلمیذ أو الشاب، وبذلك خالف المشرع فیما یخص الأسلوب القانوني لھذه المسؤولیة للمسؤولیات الأخرى عن فعل الغیر؛ التي تبنى في جلھا على الخطأ المفترض.
ثانیا: حلول الدولة محل رجال التعلیم العام وموظفو الشبیبة والریاضة:
وفق الفقره الثالثھ من الفصل 85 مكرر تحل مسؤولیة الدولة محل مسؤولیة موظفیھا نتیجھ فعل ضار من الاطفال أوالشبان الذین عھد بھم الیھم بسبب وظائفھم، وفي ھذه الحالة ترفع الدعوى امام المحاكم الإداریة ولیس امام المحاكم المدنیة
والغایة من ذلك تأمین تعویض الضحایا لقدرة الدولة على ذلك في جل الحالات بالمقارنة مع قدرة موظفیھا.
ثالثا: جواز مباشرة الدولة لدعوى الإسترداد:
تحل الدولة محل موظفیھا في تعویض الاضرار الناجمة عن موظفیھا لكن وحسب الفقرة الخامسة من الفصل 85 مكرر
الآنف الذكر یجوز للدولة مباشرة دعوى الاسترداد إما على رجال التعلیم أو موظفي الشبیبة والریاضة، وإما على الغیر وفقا للقواعد العامة.
وبالتالي یبقى للدولة خیار اللجوء إلى دعوى الإسترداد أو عدم ممارستھا.
رابعا: التقادم
خالف المشرع في الفقره الأخیرة من الفصل 85 مكرر من ق ل ع مدد التقادم المنصوص علیھ في الفصل 106 من نفس القانون بحیث جعل مدة التقادم بالنسبة إلى تعویض الأضرار التي یتحمل بھا رجال التعلیم وموظفي الشبیبة والریاضة أو الدولة عندما تحل محلھم بثلاث سنوات تبدأ من یوم ارتكاب الفعل الضار، بخلاف المسؤولیة التقصیریة فھي تتقادم بصفة عامة بمضي خمس سنوات تبتدئ من وقت علم المتضرر بالضرر ومن المسؤول عنه أو بمضي عشرین سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر، ومدة ثلاث سنوات تخص تقادم الدعوى ولیس سقوط الحق في المطالبة بالتعویض.
**المسؤولیة التقصیریة عن فعل الغیر القائمة على افتراض الخطأ القابل لإثبات العكس:
***مسؤولیة الآباء والأمھات عن أبنائھما القاصرین:
الفقرة الثانیة من ف 85 ق ل ع  على أنه "...الأب فالأم بعد موته، یسألان عن الضرر الذي یحدثه أبناؤھما القاصرون الساكنون معھا..." كما تنص الفقرة الخامسة من ذات الفصل على أنه "...وتقوم المسؤولیة المشار إلیھا أعلاه، إلا إذا أتبثالأب أو الأم أو أرباب الحرف أنھم لم یتمكنوا من منع وقوع الفعل الذي أدى إلیھا..."
---الأساس القانوني ونطاق مسؤولیة الآباء والأمھات عن أبنائھما القاصرین:
-1 الأساس القانوني لمسؤولیة الآباء والأمھات عن أبنائھما القاصرین:
تؤسس ھذه المسؤولیة على الخطأ المفترض في كل من الأب والأم من بعده، والمتمثل في نقصان الإشراف و الرقابة وسوء التربیة لكن ھذا الخطأ لا یعد قاطعا بحیث یحق للأبوین دفعه وبالتالي انتفاء مسؤولیتھما بإثباتھما أن وقوع الفعل الضار كان في وقت لم یكن بإمكانھما السیطرة على تصرفاته و تحركاته مثلا تواجد الإبن بمكان للألعاب الریاضیة أو من خلال رحلة مدرسیة.
-2 نطاق مسؤولیة الآباء والأمھات عن أبنائھما القاصرین:
حمل المشرع للآباء والأمھات مسؤولیة الأفعال الضارة التي یلحقھا أبنائھما القاصرین بالغیر.
ویلاحظ أن المشرع حصر نطاق ھذه المسؤولیة في الأب لأنه صاحب الولایة في الأصل، ثم الأم في حالة زوال الولایةللأب، كحالة الوفاة أو انفصام العلاقة الزوجیة واستقرار الإبن مع أمه، أما غیرھما من الأقارب فلا یتحملون المسؤولیة ولو كان القاصر یسكن معھم، كأن یكون القاصر یتیما ویقیم مع جده أو عمه، مما یشكل إجحافا بحق المضرور.
***شروط مسؤولیة الآباء والأمھات عن أبنائھما القاصرین:
-1 وجود طفل قاصر: یقصد بھذا الشرط أن الإبن المرتكب للفعل الضار لم یصل بعد إلى سن الرشد القانوني ( 18 سنة شمسیة كاملة)؛ بحیث یتحمل نتائج أفعاله الضارة والدیه.
-2 أن یكون القاصر ساكنا مع والدیه: البعض حدد مدلول المساكنة في العیش في كنف الوالدین ووجود القاصر تحت رقابتھما لا تحت رقابة شخص آخر، والبعض الآخر وسع من نطاقھا باشتراطه فقط توفر القاصر في معیشته على والدیه
ولو كان یتوفر على سكن مستقل به. بخلاف اتجاه آخر الذي اشترط الإقامة الرسمیة للقاصر مع والدیه لیتحملا نتائج أفعاله الضارة.
-3 حدوث ضرر للغیر بفعل القاصر: لا یتحمل الوالدین المسؤولیة إلا إذا ترتب عن الفعل الذي قام بھ الإبن القاصرضررا بالغیر، سواء ضررا مادیا أو معنویا وتطبق علیه القواعد المتعلقة بالضرر عامة، بحیث یشترط فیھ أن یكون مباشرا، شخصیا ومحققا.
***وسائل دفع مسؤولیة الأب والأم عن أبنائھما القاصرین:
-1 نفي الخطأ المفترض وذلك بإثبات أنھما قاما بواجب الرقابة والإشراف كما ینبغي، واتخذت الإحتیاطات اللازمة لمنع وقوع الضرر.
-2 نفي العلاقة السببیة بین الفعل الضار الذي ارتكبه الإبن القاصر وبین الخطأ المفترض في الرقابة، ونفي العلاقة السببیة في ھذه الحالة یتعلق بالأب والأم لا بالقاصر أي الذي یخضع للرقابة، ذلك أن حدوث الفعل الضار من طرف القاصر یرجع لسبب أجنبي لا ید لھ فیه یعدم المسؤولیة، وبالتالي إنتفاء مسؤولیة والده.
***مسؤولیة المكلفین برقابة المجانین والمختلین عقلیا:
تنص المادة 85 من ق ل ع "... الأب والأم وغیرھما من الأقارب أو الأزواج یسألون عن الأضرار التي یحدثھا المجانین وغیرھم من مختلي العقل، إذا كانوا یسكنون معھم، ولو كانوا بالغین سن الرشد . وتلزمھم ھذه المسؤولیة ما لم یثبتوا:
-1 أنھم باشروا كل الرقابة الضروریة على ھؤلاء الأشخاص؛
-2 أو أنھم كانوا یجھلون خطورة مرض المجنون؛
-3 أو أن الحادثة قد وقعت بخطأ المتضرر.
ویطبق نفس الحكم على من یتحمل بمقتضى عقد رعایة ھؤلاء الأشخاص أو رقابتھم.
*^*نطاق مسؤولیة المكلفین برقابة المجانین والمختلین عقلیا:
وسع المشرع المغربي بخلاف مسؤولیة الأبوبن عن أبنائھما القاصرین من دائرة الأشخاص المكلفین برقابة المجانینوالمختلین عقلیا؛ بحیث لم یحصرھا فقط في الأب والأم من بعده، ولكنه جعلھا تشمل الأب والأم وغیرھما من الأقارب من جد وعم وخال... أو الأزواج كزوج الأم مثلا، بحیث تخضع لقواعد الشرعیة شخص المریض.
كما انھا قد تنشأ عن عقد بمقتضاه یتولى الشخص سواء كان طبیعیا أو معنویا الرقابة على المجانین والمختلین عقلیا كمدیر مستشفى خاص بالأمراض العقلیة.
بالإضافة إلى ذلك فھي لا ترتبط بسن معین وإن ترتبط بفقدان الإدراك والتمییز.
*^*شروط مسؤولیة المكلفین برقابة المجانین والمختلین عقلیا:
-1 وجود شخص مجنون أو مختل عقلیا في حاجة ماسة إلى الرقابة؛ بحیث یجب أن یكون الشخص فاقد أو مختل العقل مما یحتم الإشراف علیھ ورقابتھ من طرف الغیر.
-2 تتحقق عنصر الإقامة؛ إقامة المجانین والمختلین عقلیا مع الأشخاص المكلفین برقابتھم.
*^*وسائل دفع مسؤولیة المكلفین برقابة المجانین والمختلین عقلیا:
حدد المشرع وسائل دفع المسؤولیة وھي:
-1 مباشرة الرقابة الضروریة على المجانین والمختلین عقلیا؛ وذلك بإثبات المسؤول عنھم قیامھ بجمیع الأعمال المتطلبة للرقابة والإشراف من عنایة واتخاذ الاحتیاطات اللازمة للحیلولة دون إحداث ضرر الغیر من طرف المجنون أو المختل عقلیا.
-2 الجھل بخطورة الجنون.
-3 إثبات وقوع الحادثة بفعل المضرور وذلك بإثبات أن الضرر وقع بفعل خطأ المضرور نفسه.
بالإضافة إلى ذلك تنتفي ھذه المسؤولیة بفعل السبب الأجنبي كالقوة القاھرة والحادث الفجائي لكونه یعدم المسؤولیة عامة.
****مسؤولیة أرباب الحرف:
تنص الفقرة 4 من الفصل 85 من قلع على أنھ "... أرباب الحرف یسألون عن الضرر الحاصل من متعلمیھم خلال الوقت الذي یكونون فیه تحت رقابتھم".
بذلك أسس المشرع مسؤولیة أرباب الحرف عن الأضرار التي یتسبب فیھا متعلمي الحرفة على الخطأ المفترض القابل لإثبات العكس، وقنن بعض القواعد المتعلقة بھذه المسؤولیة منھا:
-1 تترتب مسؤولیة رب الحرفة عن الضرر المرتكب خلال فترة تواجدھم تحت رقابتھ.
-2 یقصد بالضرر الذي یسأل عنه رب الحرفة الضرر الذي یلحق الغیر، أما الذي یصیب المتعلم نفسه فیخضع لقواعد قانون الشغل.
-3 تقوم مسؤولیة أرباب الحرف سواء وجد عقد مكتوب أو لم یوجد، لأنه جرت العادة على أن تكون مثل ھذه الإرتباطات بعقود شفویة.
-4 تنتفي ھذه المسؤولیة إما بنفي الخطأ المفترض وذلك بإثبات قیام رب الحرفة بجمیع الأعمال المتطلبة لحسن الرقابة والإشراف، أو بنفي العلاقة السببیة بین الخطأ المفترض وفعل المتعلم.
****المسؤولیة التقصیریة عن فعل الغیر القائمة على الخطأ المفترض الغیر القابل لإثبات العكس:
لقد أثر المشرع المغربي ھذا النوع من المسؤولیة في الفقرة 3 من الفصل 85 من ق ل ع على أنه "... المخدومون ومن
یكلفون غیرھم برعایة مصالحھم یسألون عن الضرر الذي یحدثه خدامھم ومأموروھم في أداء الوظائف التي شغلوھم فیھا..."
*^*الأسس القانونیة لمسؤولیة المتبوع عن أعمال تابعه:
ظھرت نظریات متعددة تحاول تأصیل الأسس القانونیة لھذا النوع من المسؤولیة، وھي نظریة الخطأ المفترض،
نظریة تحمل التبعیة، نظریة الضمان والنیابة القانونیة.
*^*تأصیل مسؤولیة المتبوع عن أعمال تابعه على أساس نظریتي الخطأ المفترض والضمان:
-1 نظریة الخطأ المفترض: تعد نظریة الخطأ المفترض نظریة تقلیدیة، قال بھا الفقه الفرنسي ومؤادھا افتراض الخطأمن جانب المتبوع المتمثل في سوء اختیاره لتابعه وتقصیره في رقابته وتوجیھه.
لكن ھذه النظریة تعرضت للنقد؛ لأن المتبوع لا یختار في بعض الحالات تابعه اذا تمت المناداة بالاعتماد على عنصري الرقابة والتوجیه لتحمیل المتبوع نتائج الافعال الضارة الصادرة عن تابعه.
-2 نظریة الضمان: یعتبر أنصار ھذه النظریة التي أسسھا الفقيه الفرنسي بوریس سطارك المتبوع ضامنا للأفعال الضارة التي یتسبب فیھا التابع بقوة القانون، فھو یعد بمثابة الكفیل لنشاط التابع، لذا یلزم بتغطیة الأضرار التي یلحقھا بالغیر، خاصة في حالة اعسار التابع أو امتناعه عن تعویض الأضرار التي ارتكبھا.
*^*تأصیل مسؤولیة المتبوع عن أعمال التابع على أساس نظریتي التبعیة والنیابة القانونیة:
-1 نظریة تحمل التبعیة: اعتبر أنصار ھذه النظریة التي أسسھا الفقیھان الفرنسیان سالیل وجورسان، أنه مادام المتبوع یجني ربحا من وراء عمل التابع وخدماته، لذا یجب أن یتحمل تبعة المخاطر المحدقة بالغیر من طرفه، فالغرم بالغنم.
لكن ھذه النظریة بدورھا تعرضت للنقد لأنھا وإن كانت تصلح كمعیار لجبر الضرر المحدث من طرف الأجیر للغیر في حوادث الشغل، فإنھا لا تصلح لجبر الأضرار المدنیة الأخرى.
-2 نظریة النیابة القانونیة: یذھب أنصار ھذه النظریة إلى أن التابع بمثابة النائب القانوني للمتبوع، لذا یتحمل ھذا الأخیرنتائج الأفعال الضارة التي یتسبب فیھا التابع؛ لأن الخطأ الصادر عن التابع كأنه صدر عن المتبوع إعمالا للمبدأ الذي كان سائدا لدى الكنسیین الذي یعتبر خطأ الخادم انعكاسا لخطأ السید.
لكن ھذه النظریة بدورھا تعرضت للنقد لأن النیابة القانونیة غالبا ما تتحقق في مجال التصرفات القانونیة دون الوقائع المادیة، وأنه لیس ھناك أي دلیل على وجود نیابة قانونیة بین التابع والمتبوع.
***شروط مسؤولیة المتبوع عن أعمال تابعه:
یشترط لقيام مسؤولیة المتبوع عن أفعال تابعه، بالإضافة إلى شرط إلحاق الأضرار بالغیر شرطین وھما وجود علاقة تبعیة بینھما وارتباط خطأ التابع بالوظیفة المسندة إلیه أو بسببھا.
*^*وجود علاقة التبعیة بین التابع والمتبوع:
یشترط لقیام مسؤولیة المتبوع وجود علاقة تبعیة بین التابع والمتبوع، قد تكون فعلیة أو عرضیة.
-1 التبعیة الفعلیة: تتحقق التبعیة الفعلیة عند توفر المتبوع على سلطة رقابة وتوجیه تابعة، وذلك بإصدار الأوامر إليه ومراقبة تنفیذھا خلال أدائه للعمل المكلف به. ولا یشترط مباشرة حق الرقابة والتوجیه من الناحیة الفنیة؛ بل یكفي مباشرتھا من الناحیة الإداریة فقط.
-2 التبعیة العرضیة: تتحقق التبعیة العرضیة عند خضوع التابع لأكثر من متبوع، أحدھما أصلي والآخرین عرضیین، في ھذه الحالة یجب التمییز بین التبعیة العرضیة المؤقتة والتبعیة العرضیة الدائمة.
١-التبعیة العرضیة المؤقتة: تثار ھذه الحالة عندما یكلف التابع بأداء عمل أو القیام بخدمة لمتبوع آخر عرضي، وخلالانجازه لھذه المھمة یرتكب أفعالا ضارة تلحق أضرارا بالغیر، مما یتطلب تحدید المتبوع الذي یتحمل مسؤولیة التابع.
أجمع كل كل الفقه والقضاء على أنھ في ھذه الحالة یتحمل مسؤولیة التابع المتبوع الذي یمارس سلطة الرقابة والتوجیه على التابع، فإن ظلت للمتبوع الأصلي فھو الذي یتحمل المسؤولیة، أما إن تنازل عنھا المتبوع العرضي، بحیث یأتمرالتابع بأوامر المتبوع العرضي، فإن ھذا الأخیر ھو الذي یتحمل المسؤولیة.
٢-التبعیة العرضیة الدائمة: تتحقق ھذه الحالة عندما یخضع التابع لأكثر من متبوع بصفة دائمة ومستمرة، وھنا أیضا یجب التمییز بین حالتین:
الحالة الأولى: تتعلق بالتابع الذي یعمل لحساب مجموعة من الأشخاص في آن واحد في عمل مشترك بینھم كالشركاء، بحیث یتحملون المسؤولیة عن أفعال التابع بصفة تضامنیة.
الحالة الثانیة: تتحقق عندما یعمل التابع لحساب أكثرمن متبوع بصورة متعاقبة كخدم المنازل یخدمون أكثر من منزل في الیوم الواحد، فإن المتبوع الذي ارتكب الفعل الضار عنده، وفي الزمن المخصص لھ ھو الذي یتحمل المسؤولیة.
ارتباط خطأ التابع بالوظیفة المسندة إلیه أو بسببھا:
یسأل المتبوع عن خطأ التابع الذي یرتكبه أثناء تأدیة المكلف به أو بمناسبة أدائه
-1 ارتكاب الخطأ أثناء تأدیة الوظیفة:
یقصد بالخطأ أثناء تأدیة الوظیفة الأفعال الضارة التي یرتكبھا التابع خلال مباشرة عمل من الأعمال المكلف بھا، كالممرض الذي یعمل في مستشفى وبدلا من أن یعطي المریض الدواء أعطاه سما فیرد به قتیلا.
وبالتالي تنتفي مسؤولیة المتبوع إذا انتفت علاقة السببیة بین الخطأ الذي ارتكبه التابع والعمل المكلف به، كارتكاب الخطأ خلال أیام العطل أو تجاوز حدود وظیفته.
-2 ارتكاب الخطأ بسبب الوظیفة:
یقصد بالخطأ بسبب الوظیفة، أو بمناسبتھا الخطأ الذي یرتكبه التابع لیس خلال أدائه أو وظیفته، ولكن تربطه مع تلك
الوظیفة علاقة سببیة وثیقة، إذ لولا المھام المسندة إلیه لما ارتكب الفعل الضار كحالة سائق سیارة النقل المدرسي الذياستغل فترة فراغھ لقضاء بعض مآربھ الشخصیة بسیارة المصلحة، فارتكب حادث سیر.
وبالتالي فإن المتبوع یتحمل مسؤولیة التابع عن أعماله الضارة سوء خلال أدائھ الوظیفة أو بمناسبتھا


المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق