دور التحفيظ العقاري في تحقيق الأمن القانوني وحماية الاستثمار العقاري

 دور التحفيظ العقاري في تحقيق الأمن القانوني وحماية الاستثمار العقاري

  مقدمة :

     يعد العقار رافعة أساسية للتنمية بمختلف أبعادها الاقتصادية و الاجتماعية و ذلك   من خلال توفير الوعاء العقاري. اللازم لإنجاز البنيات التحتية الأساسية والمرافق و التجهيزات العمومية، و تنويع العرض السكني الملائم لحاجيات مختلف الشرائح الاجتماعية و تشجيع الاستثمار العقاري المنتج و الدائم و المؤدي إلى النمو الاقتصادي من خلال توجهات و مبادرات مهمة تسهل اندماج مجموع الفاعلين الاقتصاديين، و ذلك من خلال تسريع وثيرة الإصلاحات القانونية و العمل على تخطي الاختلالات التي يعرفها قطاع العقار، فالوعاء العقاري  المغربي مازال يعاني من جملة من المعيقات التي تتمثل أساسا في تعدد الهياكل القانونية و ازدواجية أنظمته العقارية.

     وإن المحل لوضعية الهياكل العقارية من ناحية تأثير على العملية الاستثمارية يجد بأن العقار ببلادنا يعاني بشكل عام من مشاكل تجعل منه عائقا من عوائق التنمية بدلا من أن يكون أداة من أدواتها الرئيسية ، وتظهر هاته المشاكل من خلال افتقاد هذا العقار لقوته الضمانية و الانتمانية المسهلة لوسائل التمويل الضرورية للاستثمار و كذا لحرية تداوله في السوق العقارية الموفرة لشروط إعادة وظيفه.  

فالوضعية المعقدة للمنظومة العقارية تطرح أكثر من إشكال أمام المخططين الذين يصطدمون بالعراقيل و المشاكل التي تطرحها بعض الأنماط من الملكية العقارية، خاصة أراضي الجموع وأراضي الأحباس التي تقع وسط التجمعات العمرانية أو بالمناطق الضماحوية، التي تعتبر المجال الطبيعي الأنسب لتوسيع المدينة، مما يدفع هؤلاء المخططين إلى اقتراح مجالات أخرى التي تتم تعبئتها بسهولة ووفق مساطر مبسطة ، وهكذا و لتدبير فعال للعقار وللسياسة العقارية يجب العمل على إصلاح هذا القطاع بما يعزز دوره  الحيوي، باعتباره رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية  الشاملة ، فأهمية الموضوع تبرز في المكانة التي يتبوؤها العقار في تحقيق التنمية بشتى تجلياتها، باعتباره الأرضية الأساسية التي تنبني عليها السياسات العمومية للدولة وكذا كونه رافعة أساسية  للنهوض بالاستمرار،  فهذا الترابط بين الاستثمار و العقار يبقى وثيقا خاصة أن هذا الأخير يعتبر الأرضية و الآلية المحتضنة لهذا القطاع ، مما يساهم في تنشيط الرواج الاقتصادي و تحريك الاقتصاد الوطني، وكذلك تأتي أهميته في كونه يسلط الضوء على واقع السياسة الاستثمارية في تدبير مجال العقار باعتماد مختلف الآليات القانونية و المالية و المؤسساتية من أجل النهوض بقطاع الاستثمار العقاري.

     و هذا ما سنعمل على توضيحه من خلال هذا الموضوع على الشكل التالي :

  المبحث الأول : التخفيظ  العقاري وسيلة لتحقيق التنمية و الأمن القانوني

     المبحث الثاني : معيقات الاستثمار العقاري وسبل تجاوزها

                                                    المبحث الأول

             التحفيظ العقاري كوسيلة لتحقيق التنمية و الأمن القانوني

     يشكل العقار الأرضية الأساسية لإنطلاق المشاريع الصناعية و التجارية و السياحية المنتجة، وأداة لتحقيق الاستقرار والأمن و السلم الاجتماعي، غير أن اضطلاع العقار بهذه المهمة يتوقف على وجود إطار قانوني يوفر للملكية العقارية أرضية صلبة تمكن الجميع من التعامل بكل ثقة و اطمئنان.

    ويعتبر قانون التحفيظ العقاري إحدى الركائز الأساسية لتثبيث الملكية العقارية، لذلك تسعى كل الدول ومن بينها المغرب إلى خلق نظام عقاري متكامل وذلك بواسطة تطوير قوانينها، وهكذا سعت بلادنا إلى تطوير نظامها العقاري من أجل تحقيق الاستقرار، ذلك أن الحركة العقارية بأهمية كبرى سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي.

   و تعد عملية التحفيظ وسيلة هامة لحفظ وصيانة الثورة العقارية، ذلك أن الرسم العقاري يعطي للملكية العقارية قوة ومناعة  يحميها من كل تسلط أو عبث. ويعتبر نظام التحفيظ من الأنظمة التي اعتمدها المشرع المغربي للحفاظ على هذه الثورة من الضياع أو النصب، وذلك من خلال ضبط ملكيتها في سجلات خاصة بها وتمتيعها بقوة إثبات مطلقة اتجاه الكافة من ناحيتي الشكل و المضمون إذا يضع تحت تصرف الملاكين و مؤسسات السلف رسوما تشكل بحد ذاتها دليلا كافيا وقاطعا لحق الملكية و الحقوق العينية والتحملات العقارية المتعلقة بالعقار المحفظ، كما يسهل على الغير الاطلاع بكيفية سهلة وبسيطة على وضعية القانونية و المادية.

   وبناء على ذلك فإن نظام التحفيظ العقاري يؤدي وظيفة مهمة في

 حماية الملكية العقارية وضمان حماية الدائنين، كما يشكل لبنة

 أساسية لانطلاق المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وأرضية صلبة

 لممارسة الأنشطة التجارية، ونقطة التاء بين الملكية العقارية و

 الملكية النجارية، ورغم الحيثيات التي نشأ فيها هذا النظام فإنه

 سيوفر على المستوى الموضوعي و الشكلي مجموعة من المبادئ

 التي يمكن أن تقدمها أحدث الأنظمة العقارية اليوم في مجال تحقيق

 الملكية وتوفير ضمانات قوية للفائدة الدائنين و البنوك و مختلف

 الفاعلين الاقتصاديين و المنعشون العقاريون .


 
المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق