الانتقالات الداخلية للموظفين
الانتقالات الداخلية للموظفين
سنتناول في فقرتين؛ مفهوم الانتقال و شروطه و إطاره القانوني كفقرة أولى ثم آلياته و مسطرته كفقرة ثانية ؛
الفقرة الأولى : مفهوم الانتقال الداخلي و إطاره القانوني
أولا :مفهوم الانتقال و شروطه
يعتبر انتقال الموظف أحد الأشكال البارزة لحركية موظفي الدولة التي تساهم في التخفيف من الإختلالات التي تعرفها مسألة تدبير الموارد البشرية . وهو إجراء تتخذه الإدارة لشغل منصب شاغر وفق ما تقتضيه المصلحة العامة[1] ويراد به أيضا نقل الموظف من وحدة إدارية إلى أخرى داخل نفس الإدارة، وهو حق من الحقوق الإدارية والاجتماعية للموظفين ويسمح بالاستجابة لطلب الموظف، أو يسمح للإدارة بسد الفراغ الناجم عن مغادرة موظف نهائيا لوظيفته. أو الناجم عن ترك الوظيفة مؤقتا )الإلحاق، التوقيف المؤقت).غير أن عملية الانتقال لا يمكن أن تكون حقا مطلقا تمارسه الإدارة حسب هواها، ذلك أنها مطالبة بمراعاة رغبات الموظفين وحالتهم العائلية ضمن الحدود التي تلائم مصالح الإدارة. ووعيا بالمصالح المشتركة ،فلقد منح المشرع إلى اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء دورا هاما في مراقبة عمليات الانتقال وذلك حتى تكون شروطها وأساليبها خاضعة لأحكام القانون[2] .
و يخضع انتقال الموظفين لشروط تتجلى في التالي :
ـ يجب على الإدارة أن تراعي لاعتبارات إنسانية رغبات الموظف الذي طلب انتقاله من أجل
التجمع العائلي كمصاحبة الزوج أو الزوجة أو من أجل أسباب صحية، كالأمراض المستعصية أو غياب وسائل العلاج في منطقة العمل .
ـ على الإدارة أن تضع جدولا في آخر كل سنة يضم عدد المناصب التي ستكون قابلة
للخضوع لعمليات طلبات الانتقال وذلك بعد أخذها لرأي اللجن الإدارية المتساوية الأعضاء.
-على الإدارة أن تقوم باستشارة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة بشأن مشاريع القرارات المتعلقة بنقل موظفيها ،لأنها من الشكليات الجوهرية خصوصا إذا كان من شأنه تغيير مقر العمل، من أجل هذا فإن كل قرار انتقال يتغافل عن مسطرة التشاور يعد ملغيا
ثانيا : الإطار القانوني لوضعية الانتقال
نظم الانتقال من خلال الفصلين 38 المكرر و 38 المكرر مرتين و بالقانون 50.05 المتعلقين بحركية موظفي الدولة والفصل 64 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية .فالفصل 64 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية أشار إلى انتقالات الموظفين، حيث نص على ما يلي : "للوزير الحق في مباشرة انتقالات الموظفين الموجودة تحت سلطته و يجب أن تراعي في تعيين الموظفين الطلبات التي يقدمها من يهمهم الأمر و كذا حالتهم العائلية ضمن الحدود الملائمة لمصالح الإدارة"
الفقرة الثانية : آليات الانتقال و مسطرته
أولا : أساليب الانتقال
حدد المرسوم رقم 2.13.436 [3]آليتين لنقل الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الإدارات ،يتم النقل التلقائي للموظف ،إن اقتضت ضرورة المصلحة ذلك ،بمبادرة من الإدارة العمومية أو الجماعة الترابية التي ينتمي إليها، وذلك وفق الإجراءات التالية :
الانتقال بناء على طلب:
الانتقال هو نقل الموظف أو العون من وحدة إدارية إلى أخرى داخل نفس الإدارة[4] ويتم بناء على طلب الموظف ، لاعتبارات شخصية كتقريبه من مسقط رأسه مثلا. ففي هذه الحالة لا بد من مراعاة مصلحة الإدارة للرد على مثل هذه الطلبات بصفة إيجابية. وعلى كل حال فإن انتقال الموظفين مكانيا أو نوعيا يرمي إلى الرفع من مردوديتهم وتحفيزهم وإبعاد بعضهم عن الشبهات التي يمكن أن تمس كرامتهم وشخصيتهم نتيجة لاستقرارهم الوظيفي اللامحدود[5]
الانتقال الحتمي (التلقائي):
هو النقل لضرورة المصلحة ،ويقصد به تغيير مقر عمل الموظف بمبادرة من الإدارة على إثر تحويله من مصالح من إدارة عمومية إلى أخرى تابعة لنفس الهيئة أولا تركيز أو لامركزية المصالح الإدارية[6]. كيفما كانت الإدارة التي ينقل إليها الموظف، فإن وضعيته النظامية يجب ألا تقل عن تلك التي كان يتمتع بها برسم إدارته الأصلية، كما يحتفظ بنفس الوضعية الإدارية التي كان يستفيد منها في تاريخ النقل، ويستمر في الاستفادة من الترقية والدرجة في حقوقه المعاشية، علاوة على أن الخدمات التي أداها بأسلاك الإدارة الأصلية تعتبر كما لو كان أداؤها قد تم ضمن أسلاك الإدارة التي تم النقل لديها. ويعتبر هذا الحق من حقوق الإدارة ذلك أن هذه الأخيرة مطالبة باتخاذ هذا الإجراء كلما اقتضت مصلحتها ذلك.
ثانيا : مسطرة الانتقال والنقل
لا تختلف مسطرة انتقال الموظف بناء على طلبه عن مثيلتها عند ضرورة المصلحة، فالأولى تنطلق ابتداء من وضع الموظف لطلبه، أما الثانية فتعمد الإدارة من تلقاء نفسها إلى نقل الموظف تلقائيا لسد خصاص حاصل. بعد ذلك توجه إلى المعني بالأمر رسالة إشعار حول التعيين أو الموافقة على النقل، وعند التحاقه بالعمل يوقع على محضر الالتحاق بالعمل، بعد إعداد قرار انتقال من طرف الإدارة، الذي يكون إما فرديا أو جماعيا، حيث يتم إعادة انتشار المناصب المالية [7].
وبتاريخ 22 مارس 2007 صدر منشور للوزير الأول تحت رقم 6 /07 لتبسيط المساطر الإدارية المتعلقة بتدبير الموارد البشرية ،أكد على ضرورة التعجيل بتسوية وضعية انتقال الموظفين عن طريق الإجراءات التالية [8]:
ـ اعتماد قرارات جماعية للانتقال وبرمجة الانتقالات أخذا في الاعتبار مصلحة الإدارة والموظف على حد سواء، مع مراعاة تواريخ الدخول المدرسي والجامعي، ولا يتم اعتماد قرارات الانتقال الفردية إلا إذا دعت الضرورة ذلك ؛
ـ توجيه القرارات الجماعية المتعلقة بالحركة الانتقالية، والتي لا تتطلب تحويل أو نقل المنصب المالي مباشرة إلى مكتب أداء الأجور الرئيسي الذي يتولى توجيه نسخة من هذه القرارات إلى المراقب المركزي ؛
ـ اللالتزام بنفقات المعني فيما يتعين عرض قرارات الانتقال الجماعية في الحالات الأخرى على مصالح المراقبة مصحوبة بقرارات تحويل أو نقل المناصب المالية.
ـ توجيه قرارات الانتقال إلى مكتب أداء الأجور الرئيسي أو إلى المراقب المركزي للالتزام بالنفقات، حسب الاختصاص، في أجل لا يتعدى 60 يوما ابتداء من تاريخ التحاق الموظفين بمقرات عملهم .
[1] . في هذ المجال انظر حكم الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى )محكمة النقض( عدد 80 مكرر بتاريخ 18مارس 1963 هاشم القصري ضد المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير ألمباشرة المجلة المغربية للإدارة ألمحلية عدد 9 أكتوبر دجنبر 1974 ص 67 " "نقل موظف من مدينة إلى أخرى دون تبرير المصلحة العامة يعتبر شططا في استعمال السلطة"
وكذلك حكم الدحاني فاطمة ضد الصندوق الوطني للقرض الفلاحي، عدد 346 بتاريخ 19/3/1998 عن المحكمة الإدارية بالرباط، عدد 24 يوليوز، شتنبر1991 ، ص 79 "إن قرار نقل الطاعنة من مدينة تماره إلى مدينة ورزازات لشغل منصب شاغر هو قرار يتسم بتجاوز السلطة لعيب الانحراف وذلك لكون الإدارة كان في وسعها تعيين شخص آخر يعمل بمؤسسة تابعة لها قريبة من الجهة التي تشكو من الخصاص، بينما وأن المنصب المطلوب ملؤه لا يتطلب كفاءات استثنائية تتوفر في الطاعنة دون سواها".
[2] . رضوان بوجمعة، الوظيفة العمومية المغربية على درب التحديث، مطبعة النجاح الجديدة، سنة 2003 ص 177
[3] . مرسوم رقم 2.13.436 صادر في 19 من شوال 1436 (5 أغسطس 2015 )بتحديد كيفية تطبيق الفصل 38 المكرر من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958)في شأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية المتعلق بنقل الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الإدارات
[4] . دليل المرجع المشترك لتدبير الموارد البشرية الموقع الرسمي لوزارة الاقتصاد والمالية و تحديث الادارة ـقطاع إصلاح الإدارةـ https://www.mmsp.gov.ma/ زيارة بتاريخ 10ماي 2020
[5] . رضوان بوجمعة، الوظيفة العمومية المغربية على درب التحديث مطبعة النجاح الجديدة ، سنة 2003 ص 179
[6] .دليل المرجع المشترك لتدبير الموارد البشرية نفس المرجع
[7] . رشيد جمالي الحركية الادارية ودورها في تطوير اداء الادارة العمومية ،موقع العلوم القانونية ،مرجع سابق