الترقية في الرتبة
الترقية في الرتبة
يعتبر تقييم الموظف العمومي و ترقيته من المحطات الهامة و الأساسية في المسار المهني للموظف، وهما وضعيتين مترابطتين ومتكاملتين، فالترقية في جوهرها و حسب مفهومها تعني تفضيلا لموظفين على غيرهم في الترقي من رتبة إلى أخرى أو من درجة لأخرى، و الغاية من ذلك أن الجهاز الإداري في تدرجه و هرمه يمنح فرصا للترقية إلى الرتب و الدرجات الأعلى في السلم الإداري.
فالترقية من العوامل الأساسية لتحفيز الموظف وذلك لارتباطها بالجانب المالي، و بالتالي فطموح الموظف للارتقاء و تحسين حالته الاجتماعية لصيق بهواجسه اليومية المرتبطة بالعمل الإداري و كيفية أدائه، و لا شك أن نظام الترقية من أهم الدعامات التي يقوم عليها نظام الوظيفة العمومية، و لقد حدد المشرع مدلول كلمة الترقي في الفصل 29 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية بكونها الصعود إلى طبقة أو درجة أو رتبة.
إذن فالترقية هي النتيجة الحتمية لكفاءة الموظف في عمله و الجزاء الضروري لاجتهاده و نشاطه في عمله الوظيفي[1] ،
فمن خلال مضمون الفصل السابق فإن الترقية نوعان: الترقية في الرتبة و الترقية في الدرجة.
تعتبر الترقية في الرتبة حقا من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الموظف و ذلك طبقا لمقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية[2]، و يقصد بالترقية في الرتبة تطور الحياة الإدارية للموظف من الرتبة الدنيا إلى الرتبة العليا، و بالتالي تحسين وضعيته المادية بصفة مسترسلة زمنيا, و تتم ترقية الرتبة داخل نفس الدرجة ،بمعنى أنها لا تنيط بالموظف مهاما جديدة، ولا تحمله مسؤوليات أكبر من تلك المسندة إليه ،ومن تم يكون الهدف الأساسي من هذا النوع من الترقية هو تحسين رواتب الموظفين و جعلها مسايرة لتطور حياتهم الإدارية، و عليه فالترقية في الرتبة تتوقف على مجموعة من الشروط منها ماهو جوهري و موضوعي (الفقرة الأولى ) و منها ما هو إجرائي و شكلي (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: الشروط
الموضوعية للترقية بالرتبة
تتمثل الشروط الموضوعي المتعلقة بالرتبة في شرطي الأقدمية و التنقيط، باعتبارهما عنصرين ضروريين و يجب توفرهما لتحقق الترقية في الرتبة، ويجد هذان العنصران سندهما في مقتضيات النظام الأساسي للوظيفة العمومية و خاصة الفصل 30،عندما نص في الفقرة الأولى منه على أن الترقية في الرتبة هي نتاج لكل من أقدمية الموظف و النقط المحصل عليها.
أولا: شرط الأقدمية للترقية بالرتبة
يتوقف انتقال الموظف من رتبة إلى أخرى على قضائه لفترة زمنية محددة بالرتبة الأدنى ،وأقصر مدة هي 12 شهرا حيث تعد المدة المطلوبة من الرتبة الأولى إلى الرتبة الثانية، و أطول مدة هي 5 سنوات .
وبما أن المشرع قد ربط بين الأقدمية و تقييم أداء الموظف من خلال النقطة الممنوحة له من طرف رئيسه المباشر فإن الفترة الزمنية المطلوبة للانتقال من رتبة إلى أخرى أعلى منها ليست ثابتة، بل تتغير حسب ما يحصل عليه الموظف من نقط، حيث أنه إذا كانت النقطة الممنوحة له جيدة تكون الأقدمية المطلوبة للانتقال إلى الرتبة الموالية أقصر، أما إذا كانت النقطة الممنوحة للموظف ضعيفة أو متوسطة فإن الأقدمية المطلوبة للترقية في الرتبة تصبح أطول.
ثانيا: التنقيط و الترقية بالرتبة
للنقطة السنوية التي يحصل عليها الموظف دورا كبيرا في ترقية الرتبة، إذ على ضوئها يتحدد إيقاع الترقية، و لا يستفيد من عملية التنقيط إلا الموظف المباشر لوظيفته أو الموجود في حالة إلحاق لدى إدارة أخرى[3]. ويختص الرئيس المباشر بمنح الموظف النقطة السنوية، كما له أن يفوض التوقيع إلى رؤساء المصالح التابعين له[4]. وتجدر الإشارة إلى أن النقطة الممنوحة للموظف تتألف من عنصرين: نقطة عددية و نظرة عامة يفصح فيها عن قيمة الموظف المهنية[5].
أ . النقطة العددية:
تراعى في تحديد النقطة العددية للموظف العناصر التالية[6] :
إنجاز الأعمال المرتبطة بالوظيفة ،المردودية ،القدرة على التنظيم و السلوك المهني ثم عنصر البحث و الابتكار.
وتمنح النقطة سنويا بناء على النقط الجزئية التالية[7]:
✔ إنجاز الأعمال المرتبطة بالوظيفة (من 0 إلى 5)
✔ المردودية (من 0 إلى 5 )
✔ القدرة على التنظيم (من 0 إلى 3 )
✔ السلوك المهني (من 0 إلى 4 )
✔ البحث و الابتكار من (من 0 إلى 3 )
هذا، و قد وسع المشرع المغربي من سنوات أداء الموظفين و رتبها عبر خمس ميزات تمنح حسب النقط المحصل عليها و هو ما سيعطي مجال أوسع و أدق لقياس أداء الموظف العمومي[8]،و تشكل النقطة السنوية مجموع النقط الجزئية السالفة الذكر، و بناء على هذه النقطة تخول للموظف إحدى المميزات التالية :
● ممتاز: شرط الحصول على نقطة تتراوح بين 18 و 20 .
● جيد جدا: شرط الحصول على نقطة تتراوح بين 16 و 18 .
● جيد: شرط الحصول على نقطة تتراوح ما بين 14 و 16 .
● متوسط: شرط الحصول على نقطة تتراوح ما بين 10 و 14 .
● ضعيف: تمنح للموظف الذي حصل على نقطة تقل عن 10 .
ب .النظرة العامة:
إن بطاقة التنقيط لا تشمل فقط على معدل النقط العددية ،بل تتجاوز ذلك لإعطاء نظرة عامة عن الموظف ،تبرز من خلالها السمات الأساسية التي يتميز بها، وهي بمثابة إشادة بالجهد المبذول من قبله أو العكس، وهذا ما تم الإشارة إليه ضمنيا في الفقرة الأولى من الفصل 28 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية .
كما يأخذ بعين الاعتبار في تقرير الترقي، معدل النقط المحصل عليها برسم السنوات المطلوبة في الترقية، وذلك حسب الأنساق التالية[9]:
✔ نسق ترقي سريع بالنسبة للموظف الذي حصل على معدل يساوي أو يفوق 16 .
✔ نسق ترقي متوسط بالنسبة للموظف الذي حصل على معدل يساوي أو يفوق 10 و يقل عن 16 .
✔ نسق ترقي بالأقدمية بالنسبة للموظف الذي حصل على معدل يقل عن 10 .
و يبين لنا الجدول التالي بوضوح التأثير المباشر للتنقيط على ترقية الرتبة [10].
الرتب |
ترقية سريعة |
ترقية متوسطة |
ترقية بطيئة |
من الرتبة 1 إلى الرتبة 2 |
سنة |
سنة |
سنة |
من الرتبة 2 إلى الرتبة 3 |
سنة |
سنة و نصف |
سنتان |
من الرتبة 3 إلى الرتبة 4 |
سنتان |
سنتان و نصف |
3 سنوات و نصف |
من الرتبة 4 إلى الرتبة 5 |
سنتان |
سنتان و نصف |
3 سنوات |
من الرتبة 5 إلى الرتبة 6 |
سنتان |
سنتان و نصف |
4 سنوات |
من الرتبة 6 إلى الرتبة 7 |
3 سنوات |
3 سنوات و نصف |
4 سنوات |
من الرتبة 7 إلى الرتبة 8 |
3 سنوات |
3 سنوات و نصف |
4 سنوات |
من الرتبة 8 إلى الرتبة 9 |
3 سنوات |
4 سنوات |
4 سنوات و نصف |
من الرتبة 9 إلى الرتبة 10 |
4 سنوات |
5 سنوات |
5 سنوات و نصف |
وتجدر الإشارة إلى أن الجدول أعلاه يتم تطبيقه على أغلبية موظفي و أعوان الدولة ما عدا في حالات خاصة مثل ( موظفو التعليم العالي، القضاء، القوات المساعدة ،التعاون الوطني ،الأمن الوطني...)
الفقرة الثانية: الشروط الشكلية
تتمثل هذه الشروط في كون الموظف الذي سيستفيد من الترقية في الرتبة يجب أن يتم تسجيله في لائحة الترقي السنوية التي تحضرها الإدارة ،و أن يقع عرض هذه اللائحة على أنظار اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء و التي تعمل آنذاك كلجان للترقي .
أولا : التسجيل في جدول الترقي
لا يمكن أن يستفيد من الترقية بنوعيها ألا إذا كان الموظف مسجلا في جدول الترقي تقوم الإدارة بتحضيره في كل سنة ،و قد أكد على هذا الشرط الفصل 33 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، كما تم التأكيد عليه مرة أخرى بواسطة المرسوم الملكي لسنة 1968 [11]،و يتطلب إعداد لائحة الترقية دراسة عميقة لقيمة الموظف المهنية مع الأخذ بعين الاعتبار على الخصوص النقط المحصل عليها و الاقتراحات المدعمة بالأسباب التي يبديها رئيس المصلحة المنتمي إليها الموظف[12]، ويتم تسجيل الموظفين في هذه اللائحة حسب الجدارة و الاستحقاق، وإذا ما تساووا في الأحقية فإن ترتيبهم يكون حسب الأقدمية ،وقد استلزم قانون الوظيفة العمومية إجراء الترقيات تبعا لترتيب اللائحة و مراعاة المصالح الضرورية للإدارة حسب منطوق الفقرة الثانية من الفصل 34.
ولا يجوز أن يفوق عدد المترشحين المسجلة أسماءهم في لائحة الترقي ،إذا كانت تلك اللائحة تضم عددا محددا بأكثر من خمسين في المئة من عدد المناصب الشاغرة المعلن عنها ،إذ نص على إباحة ذلك في القوانين الأساسية بكل إدارة أو مصلحة[13].
ثانيا :استشارة اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة
لا تتحقق الترقية في الرتبة أو الدرجة إلا بعد استشارة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة[14]، لذلك يتم إخبار تلك اللجان بالنقط الممنوحة للموظفين، ولها الحق في أن تطلب الاطلاع على النظرة العامة التي يبديها رئيس الإدارة أو من ينوب عنه إزاء الموظفين[15].
كما ينحصر دور اللجان الإدارية في مجال الترقية في إبداء الرأي في الجداول المعروضة عليها، ذلك أن القرار النهائي للترقية يبقى من اختصاص السلطة الإدارية التي تملك حق التعيين ،غير أنه يجوز للجان الإدارية أن تطلب في حدود اختصاصاتها من رئيس الإدارة المعني بالأمر مراجعة النقطة العددية الممنوحة لأحد الموظفين[16].
وتجدر الإشارة إلى أن تلك الأسس القانونية التي ذكرناها لا تنطبق على جميع أصناف الموظفين، بل يقتصر تطبيقها على أولئك الذين يخضعون للأنظمة الخصوصية المتخذة تطبيقا للمرسوم الخاص بتحديد سلالم الرواتب و شروط ترقي موظفي الدولة في الرتبة و الدرجة، حيث توجد أنظمة خصوصية أخرى لفائدة بعض الفئات من الموظفين تتضمن خروجا عن بعض المبادئ التي سبق ذكرها ،كالنظام الأساسي الخاص بالمتصرفين الممتازين، إذ يتم الإعلان عن الترقية من رتبة إلى رتبة موالية كل ثلاث سنوات و ذلك بالاعتماد على الأقدمية و حدها دون النظر إلى النقط المحصل عليها[17].
هذا، ويتم ترقي الأطباء و الصيادلة و جراحي الأسنان من رتبة إلى رتبة موالية كل سنتين[18]، أما بخصوص الأساتذة الباحثين بمؤسسات تكوين الأطر العليا فيتم ترقيتهم من رتبة إلى أخرى كل سنتين [19]، وفيما يلي نعرض جدول شبكة الأرقام الاستدلالية الخاص بكل رتبة على حدة [20] .
أما بخصوص الأطر خارج السلالم ،فالأرقام الاستدلالية الخاصة بهم هي كما يلي :
✔ الرتبة الأولى 704
✔ الرتبة الثانية 746
✔ الرتبة الثالثة 779
✔ الرتبة الرابعة 812
✔ الرتبة الخامسة 848
✔ الرتبة السادسة 870
[1] بوعلام السنوسي، قانون الوظيفة العمومية ،مطبعة دار النشر المغربية عين السبع الدار البيضاء ،طبعة 2010 ،ص:190
[2] ظهير شريف رقم 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) يحتوي على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية. جريدة رسمية 2372،المادة 30
[3] ظهير شريف رقم 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، مرجع سابق ،الفقرة1 من الفصل 28
[4] مرسوم رقم 2-05-1367 صادر في 29 شوال 1426 (2 ديسمبر 2005)، المادة 2، المتعلق بتحديد مسطرة تنقيط و تقييم موظفي الإدارات العمومية، جريدة رسمية عدد5379 بتاريخ 17 ذو القعدة 1426 ( 19 ديسمبر 2005)
[5] ظهير شريف رقم 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، مرجع سابق، الفقرة 2 من الفصل 28
[6] نفس المرجع
[7] عرض حول الوظيفة العمومية ،الحقوق و الواجبات، المسار المهني، وزارة اصلاح الإدارة و الوظيفة العمومية، مديرية الوظيفة العمومية،24-25 يناير 2018 ص :49
[8] بشرى الوردي، تقييم الأداء في الوظيفة العمومية المغربية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، العدد 89، الطبعة الأولى 2011، ص:67
[9] المادة 6 من المرسوم رقم 2-05-1367، مرجع سابق
[10] الفصل 4 من المرسوم رقم 2-62-344 بتاريخ 15 صفر 1383 (8 يوليوز 1963 ) بشأن تحديد سلالم الأجور و شروط ترقي موظفي الدولة في الرتبة و الدرجة
[11] المرسوم الملكي رقم 68-988 بتاريخ 19 صفر 1388(17 مايو 1968 ) بتحديد مسطرة التنقيط و ترقي موظفي الإدارات العمومية في الرتبة و الدرجة، جريدة رسمية عدد 2899 بتاريخ 24 صفر 1388 (22 ماي 1968 )،الفصل 9
[12] ظهير شريف رقم 008-58-1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، مرجع سابق، الفقرة 1 من الفصل 34
[13] نفس المرجع ،الفقرة 3 من الفصل 34 .
[14] نفس المرجع، الفصل 29
[15] نفس المرجع الفقرة 2 الفصل 28
[16] المرسوم الملكي رقم 68-988 بتاريخ 19 صفر 1388(17 مايو 1968 ) بتحديد مسطرة التنقيط و ترقي موظفي الإدارات العمومية في الرتبة و الدرجة، مرجع سابق، الفصل 10
[17] ظهير شريف رقم 1-63-038 صادر في 5 شوال 1382 (1 مارس 1963) بشأن النظام الأساسي الخصوصي للمتصرفين بوزارة الداخلية ،جريدة رسمية عدد 2629 بتاريخ 19 شوال 1382 (15 مارس 1963)
[18] مرسوم رقم 651-99-2 صادر في 25 من جمادى الآخرة 1420 (6 أكتوبر 1999) بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان المشتركة بين الوزارات، جريدة رسمية عدد 4736 ،الفصل 7
[19] مرسوم رقم 2-96-793 صادر في 11 من شوال 1417 (19 فبراير 1997) في شأن النظام الأساسي الخاص بهيئة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي، جريدة رسمية عدد 4458 بتاريخ 12 شوال 1417 (20 فبراير 1997) المادة 14
[20] مرسوم رقم 2-73-722 بتاريخ 6 ذي الحجة 1393 (31 دجنبر 1973) بتحديد سلالم ترتيب موظفي الدولة و تسلسل المناصب العليا بالإدارات العمومية