كيفية تحديد مبلغ التعويض عن نزع الملكية

 

 تحديد مبلغ التعويض عن نزع الملكية :

         قام المشرع بنقل الاختصاص في ميدان تحديد التعويض عن نقل الملكية الى المحاكم الإدارية وأصبحت هذه الأخيرة تقوم بتقدير قيمة التعويض عن نقل الملكية مراعية في ذلك مجموعة من الاعتبارات مستمدة من الفصل 20 من قانون 7.81 سواء فيما يتعلق بطبيعة الضرر الواجب التعويض عنه (أولا) وعند تحديد مبلغ التعويض يستعين القضاء بجمع الإجراءات التحقيقية ومنها على الخصوص الخبرة، كما يمكن أن يهتدي بما وصلت إليه اللجنة الإدارية للتقويم (ثانيا)

         أولا. طبيعة الضرر وخصائص دفع التعويض :

         وضع المشرع مقتضيات قانونية تتعلق بكيفية تحديد التعويضات والتي تضمنها الفصل 20 من قانون 7.81، اذن فما هو الضرر الواجب التعويض عنه؟ وما هي خصائص دفع التعويض؟

أ-طبيعة الضرر الواجب التعويض عنه :

جاء في الفقرة الأولى من الفصل 20 من القانون 7.81 على أن التعويض في نزع الملكية يجب ألا يشمل الا الضرر المحلي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية ولا يمكن أن يمتد الى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر وعلى هذا الأساس سنعمل أولا على تحديد شرط كون الضرر حالا أو محققا وثانيا كونه ماديا ومباشرا وفي الأخير مشروعا.

         1-أن يكون الضرر حالا ومحققا :

         يستفاد من الفقرة الأولى من الفصل 20 من القانون المنصرف أن المشرع المغربي قد أكد على عبارة الضرر الحالي من أجل استبعاد التعويض عن أي ضرر مستقبلي، لأن هذا الأخير ينقصه اليقين في وقوعه، فالقيمة التي يجب أن يؤسس عليها التعويض هي القيمة الفعلية للعقار.

         2-أن يكون الضرر ماديا ومباشرا :

         يقصد بالضرر المادي الضرر الذي يمكن تقويمه نقدا بمعنى أنه يمس مصلحة مالية للمضرور (كفقدان الملك ذاته/الثمار).

         أما الضرر المباشر هو ارتباطه المباشر بواقعة نزع الملكية أي بوجود علاقة سببية بين نزع الملكية والضرر الناتج عنها، وهذا يؤدي الى استبعاد الضرر غير المباشر عن التعويض،

3-مشروعية الحق العقاري المنزوع :

        يستوجب قانون نزع الملكية 7.81 أن الضرر الواجب التعويض عنه يجب أن يكون ماسا بإحدى الحقوق أو المراكز الموجودة بصفة قانونية، لذا لا يمكن للمنزوعة ملكيتهم، الا إذا كانوا في وضعية يحميها القانون، وعلى هذا الأساس يتم منح التعويض كلما كان المتضرر في وضعية غير مشروعة.[1]

        ب-خصائص دفع التعويض :

         يتصف التعويض الذي يؤدي الى الأفراد مقابل نزع ملكيتهم لأجل المنفعة العامة بكونه يجب أن يكون عادلا ومدفوعا مسبقا قبل اخلاء منزوع الملكية لعقاره وأن يكون نقديا مالم يقرر المشرع خلاف ذلك.

         -أن يكون التعويض عادلا :

        لقد تواتر النص على مبدأ العدالة في التعويض في جميع الدساتير المغربية، فالعدل صفة وشرط لازم للتعويض لا يعتبر ثمنا للعقار المنزوع وانما هو عبارة عن جبر للضرر الذي لحق بالمنزوع ملكيتهم.

         -أن يكون التعويض مسبقا

        بالإضافة الى عدالة التعويض يجب أن يدفع هذا الأخير مسبقا قبل الملكية وقبل أخذ الحيازة من طرف الإدارة وهي ضمانة مهمة للملكية المغربية أكدت عليها كل من الفصول 18،26،27 من قانون 7.81

         -أن يكون التعويض نقدا :

        مبدئيا يتم تحديد التعويض عن نزع الملكية بمقابل نقدي، ويعد هذا المقتضى في صالح منزوع الملكية الذي يكون بإمكانه استعمال مبلغ لتلبية رغباته، وتعرف هذه القاعدة بعض الاستثناءات سواء المنصوص عليها في قانون نزع الملكية أو في حالات أخرى.

         ومن الحالات الاستثنائية نجد ما تم النص في الفصل 22 من قانون 7.81 الذي ينص "إذا[2] كان شغل العقارات المنزوعة ملكيتها مكترثون بصفة قانونية مصرح بهم على أثر البحث الإداري المنصوص عليه في الفصل 10 أو مقيدون بصفة قانونية في السجلات العقارية فإن نازع الملكية يتحمل منح التعويضات الواجبة لهم أو عند الاقتضاء يمكنهم من عقار آخر إذا كان ممكن. [3]

         ثانيا. معايير ووسائل تقدير التعويض

        يستعين القضاء بالجهة الإدارية والخبرة لتحديد التعويض

أ-اللجنة الإدارية للتقويم :

طبقا للمادة 42 من القانون 7.81 والفصل 7 من المرسوم التطبيقي فإن هذه اللجنة تتكون من أعضاء دائمين وهم كالتالي :

.      السلطة المحلية أو ممثلها رئيسا.

.      رئيس دائرة أملاك الدولة أو من ينتدبه.

.      قاضي التسجيل والتنبر أو من ينتدبه.

.     ممثل طالب نزع الملكية أو الإدارة التي تجرى نزع الملكية لفائدتها.

أما الأعضاء الغير الدائمون فهم حسب طبيعة العقار :

.    مفتش الضرائب الحضرية أو منتد به إذا تعلق الأمر بأرض حضرية أو غير مبنية.

.     مفتش التعمير أو من ينتدبه.        

.     الممثل الإقليمي لوزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي أو من ينتدبه إذا تعلق الأمر بأرض قروية.

.     مفتش الضرائب القروية أو من ينتدبه.

ومما يتمثل في أنها تكلف بمهمة التقويم وتحديد ثمن العقارات أو الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها وذلك بعد المعاينة الميدانية ويفترض فيها إبداء الرأي حول ما إذا كان اقتناء عقار ما يصلح أو يلائم المشروع المزمع إنجازه.

هذا من جهة، وهناك بعض التساؤلات تطرح حول ما إذا كان اقتناء عقار ما يصلح أو يلائم المشروع المزمع إنجازه.

وهذا يوضح القانون أن نازع الملكية يجب أن يلتزم بمبلغ التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقويم خلال الإجراءات المتعلقة بنزع الملكية.

أما الملاك وأصحاب الحقوق فهم غير ملزمين بهذا التقرير المنجز من طرف اللجنة ولهم المطالبة بالزيادة فيه كما أن السلطة القضائية المختصة غير ملزمة بهذا المبلغ.

وفي جميع الأحوال لا يمكن للقاضي أن يحدد تعريفا أقل من الذي حددته اللجنة[4].

ب-الاستعانة بالخبرة في تحديد مبلغ التعويض :

نظم المشرع المغربي القواعد المتعلقة بالخبرة في الفصول من 59 إلى 66 من القانون المسطرة المدنية.

وانطلاقا من الفصل 55 من القانون المسطرة المدنية فإن الخبرة قد تتم بناء على طلب أحد الأطراف في النزاع أو في بناء على طلب من القاضي وهو في جميع الأحوال أمر مرجعه رغبة المحكمة في الوصول إلى الحقيقة، لهذا تلتجأ للخبرة عند عدم توفر العناصر اللازمة للبت في طلب نزع الملكية.

وفي مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة يجري عمل المحاكم الابتدائية على إصدار حكم تمهيدي يقضي بانتداب خبير معين للوقوف صحبة الطرفين (نزع الملكية ومنزوع الملكية) بعد استدعائهما بصفة قانونية على العقار الذي يشمله إجراء النزع قصد  إعطاء وصف شامل له وذكر ما قد يكون فوقه من بنايات وأغراس وتقدير قيمته على ضوء ذلك، يوم صدور المرسوم بنزع الملكية وكذا تحديد قيمته يوم تقييد المقال لدى المحكمة مقارنة مع ما قد يكون من بيوعات مجاورة ومماثلة في النوعية والتاريخ ووضع تقرير مفصل بذلك داخل أجل معين من تاريخ توصله بالمأمورية وبتحديد أجرته التي يضعها نازع الملكية في أجل تحديده المحكمة.

         وفي جميع الأحوال تبقى للقاضي السلطة التقديرية في مدى قبول طلب إجراء الخبرة أو رفضه حسب الأحوال والظروف كما أن القاضي ليس ملزما في حال من الأحوال في الأخذ برأي الخبير والخبراء.

         وخلاصة القول أن عمل الخبير يبقى عملا مساعدا ومساهما في تكوين القناعة لدى القاضي للوصول إلى تقدير عادل.[5]

         ج-وقت احتساب التعويض عن نزع الملكية :

        لقد بين المشرع وقت تحديد التعويض عن نزع الملكية بكل دقة من خلال الفقرة 2و3 من الفصل       20 من القانون 7.81 وذلك عندما أكد :

         -آنه يجب الرجوع مبدئيا إلى يوم صدور المقرر المعلن للمنفعة العامة في الجريدة الرسمية أو يوم تبليغه أي تقدير قيمة العفار يوم صدور قرار نزاع الملكية.

         -لا يتم تعويض العقار المنزوع ملكيته إلا بالنظر لحالة العقار يوم التصريح بالمنفعة العامة، وذلك دون الأخذ بعين الاعتبار التحسينات التي أضافها مالك العقار أو أي شخص آخر وأصحاب الحقوق العينية محل النزاع للوصول إلى مبالغ مرتفعة.

         -يجب الرجوع لتقدير التعويض إلى يوم آخر إيداع إحدى المقالين الاستعجالي والموضوعي لدى كاتبة الضبط في الحالة التي لا يقوم فيها نازع الملكية بالدخول في المرحلة

 

 

القضائية بعد 6 أشهر من نشر مقرر التخلي أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة إلى أحد المعنيين بالأمر.

         وتجدر الإشارة إلى أن الفقرة 4 من الفصل 20 المذكور سلفا أورد قاعدة رابعة تأكد أن القيام بمشروع ما أو أشغال محددة في منطقة ما قد يحدث زيادة أو نقصان في فائض القيمة أو ناقصها بالنسبة للعقار الذي لم تنزع ملكيته وعلى قاضي الموضوع أن يدخل في الاعتبار هدا الأمر عند تحديد التعويض.



2 محمد ابن الحاج السلمي، مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت في القانون المغربي، مرجع سابق ص 131 الى 134

 64 محمد ابن الحاج السلمي، مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت في القانون المغربي، مرجع سابق ص 131 الى 168

64 محمد ابن الحاج السلمي، مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت في القانون المغربي، مرجع سابق ص 147

 66 محمد الكشبور، نزع الملكية لأجل المنفعة العامة قراءة في النصوص وفي مواقف القضاء، م س ص 153


 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق