دور الإدارة الالكترونية في حل الأزمات في مجال التعليم

 ارتبط  مفهوم الإدارة الالكترونية بالتقدم العلمي و التقني وانتشار شبكة الانترنت، حيث أدى هذا التقدم الى  بروز تأثيرات عديدة على طبيعة و شكل عمل النظم الإدارية، و التي تراجعت معها أشكال الخدمات التقليدية إلى نمط جديد يرتكز على البعد التكنولوجي والمعلوماتي، لإعادة صياغة الخدمات العمومية، وجعلها قائمة على الإمكانات المتميزة للانترنت وشبكات الأعمال، وبالتالي التحول نحو الإدارة الالكترونية كمفهوم يعبر عن السرعة، والتفاعل الآني، واختراق الحدود حيث يمثل هذا التحول الى الإدارة الالكترونية توجها عالميا، يشجع على تبني نظم الخدمات الإلكترونية، التي من بينها الخدمة العمومية الالكترونية .و يرجع أصل مصطلح الإدارة اللكترونية الى الأصل الانجليزي إذ أنه مشتق من الكلمة e-management  حيث كانت الدول الأنكلوسكسونية سباقة في هذا المجال و معها  انخرطت  باقي دول العالم حيث اتخذت جملة من المبادرات توجت بنجاح كبير في بعضها ، وعرفت تحديات ،و صعوبات في دول أخرى

أما في بلادنا المغرب فقد ارتبط ظهور  الإدارة  الالكترونية بالمغرب  بدخول الأنترنيت  في  تسعينات القرن الماضي و ما  واكبه من برامج و استراتيجيات سعت  الى ادماج التكنولوجيا بشكل اوسع داخل الادارات العمومية و بطبيعة الحال  كان قطاع التعليم  من بين القطاعات التي استفدت من هذه التوجه نحو الإدارة الإلكترونية بغية  الانفتاح و التكيف مع متطلبات البيئة المحيطة بالمؤسسات التعليمية وتجنب العزلة والتخلف عن مواكبة العصر بتحدياته، و قد دفعت أزمة كورونا  الدول  ومن بينها المغرب الى تبني الإدارة الإلكترونية و تسريع برامجها، و بذلك شكلت هاته الأزمة فرصة سانحة للمنظومة التعليمية لإختبار الإدارة الإلكترونية في التعليم لكونه ضرورة ملحة لاستمرار المرفق العمومي في تقديم خدماته الأساسية مما اوضح دور الإدارة الإلكترونية في ضمان إستمرار المرفق التعليمي في بلادنا  سواء فيما يخص المجال الإداري التعليمي أو ما يخص جانب العملية التعليمية و التعلمية بصفة خاصة، و حل احدى أزماته بضمان استمراره، لكن هاته الإدارة واجهتها تحديات و معيقات، كل ذلك يدفعنا  إلى طرح السؤال الإشكالي التالي:

ما هو دور الإدارة الإلكترونية في حل أزمات التعليم،  و ماهي التحديات والمعيقات التي تواجهه؟

و لمقاربة هذا السؤال الإشكالي سأتناول هذا الموضوع من خلال التصميم التالي:

المطلب الأول: دور الإدارة الإلكترونية في حل أزمات التعليم

المطلب الثاني: التحديات و المعيقات المرتبطة بالإدارة الالكترونية في مجال التعليم

المطلب الأول: دور الإدارة الإلكترونية في حل أزمات التعليم

إن التطورات التكنولوجية الحديثة  التي يعرفها العالم تدفع الدول الى اعتماد ادارة إلكترونية للتعليم ، من خلال عصرنتها بتزويدها بهاته التقنيات الجديدة المرتبطة بالشبكة العالمية، سعيًا لتحقيق سرعة الإنجاز مع جودة الخدمة الإدارية التعليم، إذ تلعب الإدارة الإلكترونية التعليمية مجموعة من الأدوار يمكن أن نذكر منها مايلي:

تمكن الإدارة الالكترونية في التعليم من تطوير العمليات الإدارية، وتعزيز فعاليتها في خدمة أهداف التربية مع  تسهيل  اتخاذ القرارات الإدارية بتوفير البيانات والمعلومات وربطها بمراكز اتخاذ القرار من خلال استخدام تقنية المعلومات الإدارية، بالإضافة الى تسهيل الولوج الى الخدمات والمعلومات من الجهات المتعاملة مع المدرسة في أي وقت، كما تسمح للمستفيد بطلب الخدمات التي تقدمها المدرسة مباشرة وبسرعة و بسهولة  كما هو الحال بالنسبة للتسجيل في المؤسسات التعليمية مع إمكانية التعليم عن بعد، كما يمكن تقديم مختلف الخدمات عن بعد سواء للمدرسين أو المتمدرسين مما سيكون له أثر إيجابي  على المتعلمين و المدرسين و كل محيط المؤسسة التعليمية.

و تلعب الإدارة الالكترونية في التعليم دورا مهما في  الحد من استخدام الأوراق ، وما يترتب على ذلك من عدم تكديس الأوراق وضرر للبيئة كما سيمكن من الحد من أعمال الأرشفة الورقية والحفظ وغير ذلك، كما الربط المشترك بين مختلف المدارس وإدارات التعليم والمديريات التعليمية والوزارة الوصية، سيسهل من تقديم  مختلف الخدمات الإدارية التعليمية في تجانس و تكامل  للمستفيدين.

ناهيك عن مساهمتها في تشجيع مبادرات الإبداع والابتكار، وفتح قنوات جديدة لتقديم الخدمات وتحسين صورة المدارس وخدماتها لتقديم الخدمات التربوية للمواطنين بطريقة سهلة وسريعة ومنخفضة التكاليف، دون حاجة الى التنقل

و لا ننسى دورها المهم الرامي الى التخلص من بعض صور الفساد وسوء التدبيرمما سيساهم في تحقيق الشفافية و النزاهة.

و هكذا فإن الدور الأساسي للإدارة الإلكترونية في مجال التعليم هو تحسين الخدمات المقدمة للمتمدرسين بجودة و فعالية

و يتبين مما سبق الدور الأساسي للادارة الالكترونية في مجال التعليم إلا أن هاته الإدارة الإلكترونية في هذا المجال تواجه عدة تحديات و معيقات و ذلك ما ستحاول التطرق اليه في المطلب الموالي.

المطلب الثاني : التحديات و المعيقات المرتبطة بالإدارة الالكترونية في مجال التعليم

يتمثل دور الإدارة الإلكترونية التعليمية في تجويد و تبسيط خدماتها ، إلا أنها تواجه تحديات و معيقات في مجال الإدارة الالكترونية التعليمية.

تواجه  الإدارة  الالكترونية في مجال التعليم تحديات عديدة من بينها الرفع من جودة مستوى التعليم لمواكبة المستوى الدولي،  بهدف الحصول على مردودية متميزة مع ضمان استمرارية المرفق العام التعليمي، و قد تجلى هذا الدور المتميز و البارز للادارة الالكترونية الحديثة  في ظل أزمة كورونا التي فرضت  على الوزارة الوصية أداء الخدمات التعليمية  عن بعد، و ذلك ليس من منطلق تطبيق منهج الجودة من حيث الكلفة والآجال والقرب بل من منطلق الضرورة التي حتمت على المتمدرسين تلقي التعليم في منازلهم وعن بعد عبر المواقع والمنصات الإلكترونية والقنوات التلفزية إذ أن الهدف الأساسي من تلك الخدمات التعليمية الإلكترونية في هذه الظرفية الاستثنائية هو ضمان مبدأ استمرارية التعليم دون المحاسبة على الجودة وهي رهان يرتبط عادة بالاستفادة من التقنيات الحديثة للإعلام والاتصال وجعلها في صلب العمل التعليمي وبإدارة إلكترونية تساير الإيقاع السريع الذي يشهده التقدم التكنولوجي بما يفيد المتعلم ويلبي حاجياته بأحسن الطرق وأسرعها وفي جميع الأحوال تعزيزا للرضا العام للمرتفقين ككل.

و في ظل هذه التحديات فقد واجهت الإدارة الإلكترونية في مجال التعليم  معيقات تحول دون تحقيق أدوراها و تتمثل في معيقات تقنية:  عدم توفر وسائل التواصل الرقمي وضعف إمكانية الولوج إليها (التلفزة، والهواتف الذكية، واللوحات الإلكترونية، والحواسيب، والأنترنت)، سواء بين صفوف الأساتذة على مستوى المؤسسات التعلمية/معاهد التكوين أو المتعلمين/أولياء الأمور.  مما عمق من تداعيات الفجوة الرقمية بين الوسطين الحضري والقروي، وكذا بين الأسر الميسورة والفقيرة، وتأثير ذلك السلبية على الاستمرارية البيداغوجية وعلى الولوج المتكافئ إلى الحق في التعليم. ومما زاد من حدة هذه التفاوتات في الولوج للتكنولوجيا الرقمية وجود نظامين متجاورين وغير متكافئين (التعليم العمومي/ التعليم الخصوصي) وكثرة الفاعلين باختلاف رهاناتهم. و انتظاراتهم حيث أن عدداً لا يستهان به من التلاميذ لم يتمكنوا من الالتزام باستعمال الزمن في إطار التعلم عن بُعد، ولم يستطيعوا الارتباط بالإنترنت، إضافة إلى طبيعة ومدى جودة التطبيقات و البرامج المقدمة من قبل الوزارة الوصية، كما أن عدد من المتمدرسين و المدرسين لا يتوفرون على فضاء مناسب للعمل (غرفة مستقلة توفر الحد الأدنى من التركيز) كما لا يتمكنون من مشاركة الوسائل التكنولوجية المتوفرة مع إخوانهم وأخواتهم، خاصة في العائلات متعددة الأفراد و العائلات الأكثر فقرا. أما بالنسبة للأساتذة، فهناك عدد من المشاكل، همت بشكل خاص عدم توفر البنية التحتية التكنولوجية اللازمة من أجل تقديم الدروس عن بُعد، ووجود صعوبات في الارتباط بالإنترنت (الصبيب والتكلفة) ونقص في التكوين على استخدام الأقسام الافتراضية للتواصل مع التلاميذ. وبخصوص أولياء أمور التلاميذ، بصفتهم الطرف الثالث المعني بعملية التعلم عن بُعد، فقد طالتهم أيضا انعكاسات هذا الاختيار، لاسيما  في ما يتعلق بمواكبة أطفالهم بشكل منتظم، إذ لم يتمكن عدد كبير منهم من توفير هذه المواكبة بسبب إكراهات تقنية و / أو اجتماعية.

و مما سبق  نخلص أن المعيقات التي تواجه الإدارة الإلكترونية في مجال التعليم  يمكن حصرها في معيقات إدارية تنظيمة، تقنية، بشرية و مالية، اجتماعية

و لتجاوز هاته المعيقات و ربح رهان الإدارة الإلكترونية في مجال للتعليم  لابد من إعداد استراتيجية  واضحة و شاملة تحضر فيها الالتقائية مما يدفعنا الى وضع التساؤل التالي:

 هل ستحل الإدارة الإلكترونية في مجال التعليم أزمات هذا القطاع؟



المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق