الدولة عند الماركسية
لقد عبر ماركس عن معارضته الشديدة للدولة باعتبارها جهازا للقمع حيث أن زوالها حسب ماركس ضروري لتحرر الانسان وبحكم أن الدولة تشكل نتيجة للاستغلال والاستعباد وليس سببا لهما، فإن اختفاء الدولة لن يتحقق إلا بإزالة الاستغلال والاستعباد حيث يرتبط الاستغلال بالنسبة لماركس بأنماط الإنتاج التي تسمح لمالك وسائل الانتاج بالسطو على فوائض القيمة الناتجة عن النشاط الإنساني، فلكل نمط إنتاج شكل معين من العلاقات بين الطبقات (عبودية، إجارة....) إن أنماط الإنتاج والعلاقات الطبقية الناتجة عنها تشكل ما يسميه ماركس بالبنية التحتية للمجتمع والتي تحدد البنيات الفوقية التي تؤدي وظيفة حماية البنية التحتية من محاولات الخلخلة من قبل الطبقات المحرومة، ويندرج ضمن هذه البنيات كل من الأخلاق والدين والايديولوجيا والقانون والدولة، وإذا كان القانون يحدد العلاقات بين الطبقات ويعاقب السلوكات التي تتجاهلها، تحرص الدولة على احترام ذلك القانون، وبحكم أن العلاقات الطبقية تخدم مصالح الطبقة المهيمنة، فإن الدولة كما القانون يشكلان أدوات لخدمة مصالح تلك الطبقة.
إن الدولة بالنسبة لماركس أداة في يد الطبقة المهيمنة لقمع باقي الطبقات بهدف ضمان الاستمرار في استغلالها، يبدو تحرر الإنسان إذن مرهونا بزوال الدولة غير أن دحر الدولة لن يتم بسرعة عقب اجتياح ثوريإ إن زوالها يقتضي إزالة الأسباب المفضية لميلاد الطبقات المستغلة، ويتأتى ذلك من خلال استيلاء الطبقة العاملة على جهاز الدولة وتحويلها جذريا .
إن تدمير الدولى يتم من خلال مرحلتين مرحلة ديكتاتوريا البروليتاريا فبين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الثوري مرحلة تحول ثوري يتيح الانتقال من الأول الى الثاني، تأخذ الدولة خلال هذه المرحلة شكل ديكتاتورية ثورية البروليتاريا، إنها حلقة وسيطة تكمن وظيفتها في تهييئ شروط ظهور الشيوعية، ففي مجتمع بدون دولة تتحقق المساواة المطلقة بين الأفراد، فالدولة كجهاز قمعي تتفسخ كأي جهاز يفتقد مبرر وجودها.
وقد طورت النظرية الماركسية رؤيتها للدولة مع لينين وستالين وخروتشوف وماوتسي تونغ أدى الى قلب نظرية ماركس، فإذا كان ماركس يؤمن بأن الثورة ينبغي أن تحصل في البلاد الصناعية لتعم بعد ذلك وبشكل سريع مناطق العالم، فإنها اندلعت في بلاد زراعية، لم يكتمل في بئتها الرأسمالية المعاندة وخلافا لرؤية ماركس لم تكن مرحلة ديكتاتورية البروليتاريا مؤقتة فالدولة لم تنفسخ رغم زوال الطبقات المستغلة فهي المكلفة ببناء الاشتراكية