الرؤية السوسيولوجية للدولة

الرؤية السوسيولوجية للدولة: الدولة نتاج خالص للقوة وجهاز يحتكر الإكراه المادي والرمزي

انبرى كل من ليون دوغي Léon Duguit و ماكس فيبر Max Weber لمنازعة ذلك التصور القانوني للدولة حيث يرى أن الدولة تشكل نتاجا خالصا للقوة فهي تجسد قوة الأقوياء المتحكمة في ضعف الضعفاء، إن القانون لاينشئ الدولة بقدر ما يكرسها وجودها، فالدولة هي واقع قائم وعرف ماكس فيبر الدولة بأنها الجماعة السياسية المطالبة باحتكار الإكراه المادي المشروع غير أن الدولة لا تكتفي باللجوء الى الإكراه والعنف لتتبيث هيمنتها، بل تسعى في أغلب الحالات إلى إقناع الشعب بشرعيتها.

لقد صاغ ماكس فيبر نظرية علمية لمفهوم الشرعية، فقد اهتم بكل الوسائل والأليات التي تستعملها السلطة لتبرير وجودها حيث ميز فيبر بين ثلاثة أنماط من الشرعية:

- الشرعية التقليدية: تستند على الاعتقاد التابث بقدسية التقاليد وشرعية من يمارسون لسلطة بإسمها.

- الشرعية القانونية: تستند على الاعتقاد بقانونية نماذج القواعد المعمول بها، وحق من أمسكوا بألسلطة في إصدار القوانين.

- الشرعية الكاريزماتية: تستند على الإخلاص للقدسية الاستثنائية لشخص فرد ولبطولته أو شخصيته المثالية والإخلاص للنظام الذي يأمر به أو يكشف عنه.

إن مفهوم الشرعية عند فيبر يحيل على علاقة السيطرة والهيمنة، فالشرعية تقتضي من الناحية السياسية الاعتراف بضرورتين متلازمتين، ضرورة الاعتراف ضمنا أو صراحة بالحاكم ثم ضرورة الخضوع لسلطته والانصياع لأوامره، على أن القول بأن بنية الدولة البلاغية هو مايجعل هيمنتها ممكنة أكثر من قوتها، لايجب أن ينسينا حقيقة أن الدولة تعرف بلجوئها الى القوة، فاستخدامها للقوة هو مايميز شخصيتها ، إن إدماج فيبر لمفهوم الشرعية باعتبارها مقولة سوسيولوجية ضمن عناصر تعريف الدولة يتغيي تقويض فكرة الثيار القانوني، غير أن كثيرا من المفكرين استمروا رغم هذا النقد في اعتبار الدولة مالكة السلطة السياسية، وبرر شانتيبو ذلك الإصرار بنتائجه المعضدة للقانون الدستوري، فالاعتراف للدولة بالشخصية المعنوية يستتبع نظاما يحدد شروط سيرها (الدستور) بينما يقضي إنكار تلك الشخصية في الطابع الإلزامي لوجود دستور والى تقويض أسس القانون الدستوري بل والقانون العام.

 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق