الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها

 

الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها

أصبحت  الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة مؤسسة دستورية بموجب الدستور الجديد، وتغير اسمها ليصبح الهيئة لوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ويتضح من خلال هده التسمية الجديدة ، أن الدستور قد عزز من اختصاص الهيئة حين أضاف إليها "المحاربة " كجزء من هوية المؤسسة. وبطبيعة الحال فالمحاربة تقتضي تعزيز اختصاصها وتقوية آليات تدخلها. إضافة إلى أن مؤسسة الهيئة دستور يا تنم عن تقدير المغرب لأهمية محاربة الفساد في بناء دولة قوية تحافظ على مواردها وتوزعها بشكل عادل.

بيد أن الملاحظ في متن الفصل 167 من الدستور، أنه وعلى عكس المادة 166 التي حددت بشكل واضح استقلالية مجلس المنافسة، فإن هذا المبدأ انتفى دستوريا على مستوى هذه الهيئة  مع العلم أن المغرب من الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية لمناهضة الفساد، والتي تؤكد على ضرورة تمتيع الهيئة المكلفة، بموضوع محاربة الفساد بالاستقلالية الكافية ( المادة السادسة الفقرة الثالثة من الاتفاقية الدولية لمناهضة الفساد )، ويبقى الرهان الآن هو إعادة النظر في النص القانوني المنظم لعمل الهيئة، وذلك في اتجاه إقرار استقلالية حقيقية للهيئة.

من المؤكد أن تمتيع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من اختصاصات قوية ونافدة، ستمكن لا محالة من إقرار مؤسسة متخصصة ومستقلة في هذا المجال . وتحقيق هدا الأمر يتطلب بالضرورة أن يتم تنظيم المؤسسة بموجب نص تشريعي من درجة " قانون " صادر عن ممثلي الأمة ، وهو الأمر الذي سيمكن النواب من تقليب وجهات النظر تعديلا واقتراحا، في اختصاص هيئة أصبحت ضرورية في الدولة من أجل المساهمة في الحد من ظاهرة أصبحت تنخر البناء الاقتصادي و الاجتماعي للمغرب. وهذا الدور لا يمكن أن يتم إلى من خلال تخويل الهيئة سلطة مباشرة للتحري و الاضطلاع بتحريك مسطرة المتابعة القانونية.

ونعتقد أن هذا هو جوهر إعطاء الهيئة قوة رقابية وحضورا  وازنا في شق الرقابي المؤسساتي بالمغرب، كما نعتقد أن تنظيم الهيئة بموجب مرسوم صادر عن رئيس الحكومة، سيعكس إكراهات الجهاز التنفيذي والتي تكون أقرب إلى المحافظة منه إلى الجرأة، خصوصا وأن النظام السياسي المغربي يتميز بطابع المحافظة والمزاوجة بين التحديث والتقليد.

إن التنصيص على مبدأ التنسيق والإشراف على سياسات محاربة الفساد في الدستور يوليوز 2011 ، يقتضي إعمال آليات واضحة للتنسيق بين الهيئات الرقابية من خلال وضع جسور الشركة بينها في أفق تكامل الأدوار فيما بينها. مع تأسيس شبكة لتبادل المعلومات والإحصائيات وتدعيم مشاريع المشتركة،  التي تتفاعل داخلها جميع الأطراف المعنية وتساهم في تعميق المعرفة الموضوعية ظاهرة الفساد. ولإقرار دور أكثر فعالية للهيئة في مجال مراقبة ومحاربة ظاهرة الفساد فقد عمل المغرب على إعادة نظر في المرسوم المنظم لهذه الهيئة، وارتقى به إلى درجة قانون، وهو النص النص الذي تضمن مجموعة من المستجدات الايجابية سواء تعلق الأمر بالا ختصاص أو الهيكلة، مع تسجيل بعض الاختلالات في كل هذه المستويات

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق