مبادئ الميزانية العامة
ارتبطت مبادئ الميزانية
بالدولة الحارسة، فرواد المدرسة الكلاسيكية وضعوها للموازنة بين الموارد والنفقات،
وبالتالي ضبط تصرفات الساهرين على تدبير المال العام، لئلا تكون هناك مغالات في
الإنفاق العام، ومبالغة في تحميل الموارد العامة، مراعاة للمقدرة التكليفية
للخاضعين للفرضالضريبي وعدم المساس بالأنشطة التيهي من صميم المبادرة الخاصة.
لذا فالقواعد العامة
التي سطرتها هذه المبادئ تشكل في جوهرها قيودا على سلطات الدولة (السلطة التنفيذية)
عليها الإلتزام بها والعمل وفقا لمقتضياتها، في مختلف مراحل الميزانية (الأعداد،
المصادقة، التنفيذ...)
والغاية من هذهالمبادئ، تدعيم صلاحيات ممثلي الشعب في
مراقبة السلطة التنفيذية،وتسخير الأموال العمومية نحو الأهداف التي سطرت لها،وتتمثل
هذهالمبادئ، في مبدأ السنوية، مبدأ التخصيص، مبدأ العمومية والشمولية، مبدأ التوازن،
ثم مبدأ الوحدة.
ومع تطور الفكر المالي وتطور طبيعة
الأنشطة المالية العمومية، أصبحت هذه المبادئ غير قابلة للتطبيق كما كانت في السابق،وهذا
ما يفسر ورود بعض الاستثناءاتعليها، بل وظهور مبادئ جديدة من قبل مبدأ الصدقة.
المبحث الأول: مبدأ السنوية
لدراسة هذه القاعدة سيتم تسليط الضوء على تعريف
مبدأ السنوية الذي يمثل إحدى أهم المبادئ المؤطرة للميزانية، وكذا التطرق إلى بيان
مبررات اعتماد هذا المبدأ والاستثناءات الواردة عليه.
المطلب الأولى: التعريف لمبدأ
السنوية
يقصد بمبدأ سنوية الميزانية تغطية الميزانية
العامة للدولة لمدة زمنية لا تتعدى سنة، وهو ما يتطلب اعداد ميزانية واحدة كل سنة،
أي خلال كل إثنتي عشر شهرا، وهي المدة التي تغطيها ميزانية الدولة في معظم النظم
المالية سواء في شقها المتعلق باستخلاص الإيرادات أم بصرف النفقات العامة.
وهوما نصت عليه المادة الأولى من القانون
التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية: " يحدد قانون المالية – بالنسبة لكل سنة
مالية – طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة ...".
وحسب النص المذكور فإن عمليتي صرف المال
وجبايته أو إستخلاصه تنقضي بإنقضاء السنة المالية. ولا تتبع الدول المختلفة سنة
مالية واحدة، بل تختلف بداية ونهاية السنة ما بين
دولة وأخرى، طبقا للظروف المحيطة بتلك الدولة، فتبدأ السنة المالية في بعض الدول
من أول يناير كما في مصر وليبيا وسوريا وبلجيكا وفرنسا، وتنتهي في 31 دجنبر، و في
الولايات المتحدة الأمريكية تبدأ السنة المالية في 1 من أكتوبر وتنتهي في 30
شتنبر، وفي إنجلترا وكندا واليابان تبتدئ السنة المالية في فاتح أبريل وتنتهي في
30 مارس، كما تبدأ السنة المالية في المملكة العربية السعودية في الأول من رجب من
السنة الهجرية وتنتهي في أخر يوم من جمادى الثانية.
المطلب
الثاني:
مبررات إعتمادالمبدأ
هناك مجموعة من المبررات تؤكد على إعتماد هذا
المبدأ:
أولا:المبرر المالي
إن موارد الدولة وكذا نفقاتها على علاقة
كبيرة بمختلف فصول السنة، فهكذا نجد مثلا الدول التي تعتمد في مواردها على الفلاحة
وعائداتها تنتظر فصل الصيف للتعرف على حجم المنتوج الفلاحي، وبالتالي مستوى الغلاف
المالي، الذي سيساهم به في إيرادات الدولة، كما أن ثمة دول تعتمد في عائداتها على
القطاع السياحي التي تختلف مواسمها بحسب نوعية السياحة الموجودة في البلد (سياحة
صيفية، السياحة في فصل الربيع، وأخرى قد تكون في فصل الشتاء لإرتباطها بالثلوج
مثلا...) وبالتالي فإن مدة السنة هي أمثل
وحدة زمنية للقياس والتقييم طالما أنها تغطي جميع فصول السنة.
بمعنى أدق فالإعتماد على أشهر أو فصول بعينها
دون غيرها سيؤثر على التوازن الفعلي لميزانية الدولة، إذ ستعيش فائضا في الفصول
التي تعرف إنتعاشا، وعجزا في التي لا تعرف حركة مماثلة. كما أن نفقات الدولة قد
تكثر في فصول معينة وتقل في أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى نفس النتيجة ألا وهي إختلال
التوازن العام للميزانية.
ثانيا: المبرر التقني
إن أصل الميزانية عمل تقديري مستقبلي،
وبالتالي فإن إحتمال إصابة هذه التقديرات يكون أقرب للإمكان إن كانت المدة قصيرة،
وهذا ما يجعل السنة أمثل وأبلغ غلاف زمني يمكن أن نجري عليه هذه التقديرات بشيء من
الواقعية، كما أنه لو كانت الميزانية توضع لأكثر من سنة لأصبح الأمر صعبا في وضع
تقديرات دقيقة للنفقات والإيرادات لتباعد الفترة الزمنية بين إجراءات التقدير
والتنفيذ.
كما أن الجهد الذي يبذل لإعداد الميزانية
وتحضيرها إن كان لأقل من سنة سيجعل من الصعب القيام به وإعداد ميزانية في مستوى
متطلبات المواطن.
كما أن إعتبار السنة هو الحيز الزمني
للميزانية يرتبط بمجموعة من المعطيات الضريبية حيث أن الحيز الزمني لهذه الضرائب
لإستخلاصها لا يمكن أن يتعدى سنة (الضريبة على الدخل، الضريبة على الشركات مثلا)،
الأمر الذي يجعل إعداد الميزانية لمدة غير السنة تعترضه صعوبات موضوعية وعلمية.
ثالثا: المبرر السياسي
إذا كانت الميزانية وثيقة محاسباتية متضمنة
في القانون المالي، الذي هو ترخيص برلماني في الأصل، فإن الرقابة التي يتعين على
البرلمان القيام بها على المال العام لا يمكن أن تتأتى بفعالية إلا في إطار السنة.
المطلب
الثالث:
الإستثناءات الواردة على مبدأ السنوية
يرجع الأمر إلى ورود إستثناءات على مبدأ
السنوية إلى التطور التي لحق بوظيفة الدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة
المتدخلة، مما جعل الدولة تعتمد الميزانية كوسيلة لتحقيق هدا التدخل ولتحقيق
مجموعة من الأهداف الاقتصادية والإجتماعية على الخصوص، ومن ثم أدى إلى الخروج عن
مبدأ السنوية وإن كان هذا لم يؤدي إلى إلغائه وأهم هذه إستثناءات نجد: الإستثناءات
داخل إطار الميزانية وإستثناءات خارج إطار الميزانية
أولا:الإستثناءات داخل إطار الميزانية
1- حالة عدم
موافقة السلطة التشريعية على القانون المالي السنوي قبل بداية السنة المالية:
تنص الفقرة الأولى من المادة 50 من القانون
التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية على أنه " طبقا للفصل 75 من الدستور، إذا
لم يتم 31 في ديسمبر التصويت على قانون المالية للسنة أو لم يصدر الأمر بتنفيذه
بسبب إحالته إلى المحكمة الدستورية، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الإعتمادات اللازمة
لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح
بالميزانية المعروضة على الموافقة "
يستفاد من هذه المادة أنه على البرلمان
التصويت على مشروع قانون المالية يوم 31 دجنبر على أبعد تقدير، وإذا ما وقع وصوت
البرلمان بعد هذا التاريخ، فترخيصه يكون للمدة المتبقية من السنة، وليس للسنة
كاملة، كما ينص على ذلك مبدأ سنوية الميزانية، وهذه الحالة عرفها المغرب في عدة
سنوات، ومؤخرا كذلك حيث أنه بالنسبة للسنة المالية 2012 لم تتم المصادقة على مشروع
قانون المالية إلا في 16 ماي، بسبب الانتخابات التشريعية، والتأخر في تنصيب الحكومة،
فأصبح الأمر يتعلق بقانون مالية لمدة لا تتعدى سبعة أشهر، وقد وقع نفس الأمر بخصوص
قانون مالية 2017، الذي صدر في 9 يونيو 2017، ونشر بالجريدة الرسمية يوم 12 يونيو
من نفس السنة، بعد التأخير في تشكيل الحكومة حيث طبق قانون مالية 2017 لما تبقى من
السنة المالية.
2- فتح
الإعتمادات الإضافية:
قد تنتاب الدولة عوارض تحتاج لنفقات لم يتم التنبؤ
بها أثناء صياغة مشروع قانون المالية السنوي، الأمر الذي يفرض تخطيها بأسلوب
إستثنائي يتعلق بفتح إعتمادات بطلب تقدمه الحكومة وفق المسطرة المنصوص عليها في
المادة 60 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية التي تنص على "أنه
في حالة ضرورة ملحة وغير متوقعة ذات مصلحة وطنية تفتح إعتمادات إضافية بمرسوم في
أثناء السنة تطبيقا للفصل 70 من الدستور، ويتم إخبار لجنتي البرلمان مسبقا
بذلك"، وهو ما يفيد بأننا أمام ميزانيات لأقل من سنة.
وهذه التقنية أو الألية تم إستعمالها مؤخرا
من طرف الحكومة بإصدارهاالمرسوم رقم 2.28.780 القاضي
بفتح إعتمادات إضافية لفائدة الميزانية العامة، الذي صادق عليه المجلس الحكومي.
ويهدف هذا المرسوم إلى فتح إعتمادات إضافية قدرها 12 مليار
درهم، لفائدة بعض المؤسسات والمقاولات العمومية التي تأثرت وضعيتها المالية نتيجة
ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية، مقابل الإبقاء على أسعار خدماتها
في المستويات الحالية حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن، ولفائدة معالجة إشكاليات
الإستدامة المالية للصندوق المغربي للتقاعد في إنتظارإعتماد الإصلاح الشمولي.
خصصت الحكومة 2 مليار درهم للصندوق المغربي
للتقاعد:
- 7 مليارات درهم
لفائدة عدد من المؤسسات والمقاولات العمومية
- 2 مليار و500 مليون
درهم ضمن خانة النفقات والمعدات المختلفة
- 500 مليون درهم ضمن
خانة تحويلات أخرى
3- قانون
المالية التعديلي
للسلطة التنفيذية إمكانية تعديل قانون مالية
السنة، كلما تطلبت الحاجة إلى ذلك، بفعل ظهور بعض المستجدات، والتي تفرض إعادة
النظر فيما إلتزمت به أمام البرلمان، وهذا ما نصت عليه المادة الرابعة من القانون
التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية " لا يمكن أن تغير خلال السنة أحكام
قانون المالية للسنة إلا بقوانين المالية المعدلة "، وحسب النص المذكور فإن
هذه القوانين تتيح تصحيح وتعديل السياسة المالية التي توقعتها الدولة خلاله السنة،
وذلك إما بتغيير التقديرات المتعلقة بالإيرادات أو النفقات وإذا ما لجأت الحكومة
إلى هذا الإجراء، تكون قد ألغت القانون المالي الساري المفعول، وعوضته بقانون مالي
لأقل من سنة، وهذا في حد ذاته يعتبر إستثناءا داخل إطار السنة. وهذا ما حصل مع
القانون المالي التعديلي لسنة 2020 رقم 35.20 الذي جاء بسبب التغيير المهم الذي
طرأ على الظرفية الاقتصادية والإجتماعية السائدة عند إعداد قانون المالية لسنة
2020، وقد إستهدف هذا القانون المالي التعديلي عدة تدابير، وهي إجراءات لمواكبة
الإستئناف التدريجي للنشاط الاقتصادي والحفاظ على مناصب الشغل، وتسريع تنزيل
الإصلاحات الإدارية. ومن بين التعديلات الذي نص عليها هذا القانون المالي التعديلي
نجد:
- حصر عجز الخزينة
في%7.5 من الناتج الداخلي
الخام، مقابل %3.5 كانت متوقعة في إطار قانون المالية للسنة المالية
2020.
- تراجع مداخيل الميزانية العامة
للدولة بحوالي 40 مليار درهم، فبعد ما كانت المداخيل العادية للميزانية العامة
برسم القانون المالي السنوي 2020، ما مجموعه 257.043.001،00 مليار درهم، أصبحت
بمقتضى القانون المالي التعديلي 2020 ما مجموعه 212.336.734،00 مليار درهم (المادة
9 من مشروع قانون المالية التعديلي).
التقليص من نفقات
التسيير ب 4.3 مليار درهم
- الرفع من استثمارات الميزانية
العامة للدولة ب 7.5 مليار درهم.
- تعبئة 15 مليار درهم وتخصيصها
لتسريع استعادة الاقتصاد الوطني لديناميته
4- قانون
المالية الإنتقالي
يعتبر هذا القانون من أقل الحالات التي
عرفتها المالية العمومية، حيث يغطي فترة إنتقالية أقل من سنة، لأجل ضمان الإنتقال
من فترة مالية لأخرى، دون التأثير على العمليات المالية العمومية، وبالتالي ضمان
إستمرارية مرافق الدولة.
وقد عمدت إليه السلطات المالية، حينما إستفتى
الملك الراحل الحسن الثاني الأمة في تغيير السنة المالية من سنة مدنية تبتدئ من
فاتح يناير، وتنتهي في 31 دجنبر، إلى سنة فلاحية تبتدئ في فاتح يوليوز، وتنتهي في
30 يونيو، لذا صدر قانون مالية انتقالي سنة 1996، ليغطي فترة ستة (6) أشهر ما بين
فاتح يناير 1996 ونهاية يونيو من نفس السنة. وعندما اتضح عدم مطابقة السنة
الفلاحية للواقع الاقتصادي المغربي، الدي هو أشد إرتباطابالإقتصادياتالأوربية،
التي تعتمد السنة المدنية في تدبير ماليتها العمومية، صدر قانون للمالية إنتقالي
مرة أخرى سنة 2000، لتسهيل الرجوع إلى السنة المالية الموافقة للسنة المدنية.
ثانيا:الإستثناءات خارج إطار الميزانية
إن الخروج عن قاعدة السنوية لا ينحصر في
الإستثناءات التي تقل عن السنة، بل تمتد لتشمل أخرى تفوقها.
1- البرمجة
الميزانياتيةلثلاثسنوات.
ينص القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون
المالية في مادته الخامسة على ما يلي:" يتم اعتماد قانون مالية السنة استنادا
لبرمجة ميزانياتةلثلاث سنوات، وتحين هذه البرمجة كل سنة لملائمتها مع الظرفية
المالية والإقتصاديةوالإجتماعية للبلاد".
وتهدف هذه البرمجة الميزانياتيه إلى:
- دعم استدامة السياسات العمومية وضمان توافق
أثارها الميزانياتي المستقبلي مع الإمكانيات المالية للدولة والإطار الماكرو
إقتصادي؛
- تدعيم فعالية تحقيق الموارد
الميزانياتية مع تعزيز الترابط بين الإستراتيجيات القطاعية والميزانية السنوية؛
- تحسين ظروف إعداد قانون المالية
عبر تأطير إعداده على مدى ثلاث سنوات أخدا بعين الإعتبار ضرورة الحفاظ على
التوازنات الأساسية؛
- تقديم رؤية أفضل للمديرين لتدبير
برامجهم من خلال تمكينهم من أليات تتبع نجاعة النفقات العمومية.
تحين كل سنة البرمجة الميزانياتيةلثلاث
سنوات، وهكذا فإن معطيات السنة الأولى من هذه البرمجة تطابق معطيات مشروع قانون
المالية بينما معطيات السنتان الثانية والثالثة ذات طابع إختياري مع توخي الواقعية
في إعتمادها، ويروم التحيين السنوي للبرمجة الميزانياتيةلثلاث سنوات تبيان الفوارق
المحتملة بالمقارنة مع التوقعات الأصلية.
فالواضح أن البرمجة الموازناتيةلثلات سنوات
أصبحت لما يفوق السنة (ثلاث سنوات) تماشيا مع حجم الأدوار التي أصبحت تضطلع بها الدولة
خاصة في الشقين الاقتصادي والإجتماعي، إذ لم تعد البرمجة السنوية كفيلة بتشخيص
المشاكل والحلول على النحو الأنجع، وهو أمر موضوعي بالنظر لطبيعة بعض هذه المشاكل
واستعصاء حلها في ظرف سنة، مما يستوجب البرمجة لما يفوقها بمايخول الوقت كحلها.
2- الإعتمادات
المتعلقة بنفقات الإستثمار.
إن طبيعة بعض نفقات الإستثمار تتطلب إعتمادات
مالية تتعدى السنة نظرا لصعوبة إنجازها داخل السنة، وهكذا يتم التقدير المالي
لمشروع إستثماري يتطلب إنجازه أكثر من سنة، من خلال إعتمادات الأداء
وإعتماداتالإلتزام. التي لابد أن تمر عبر القانون المالي، وهذا ما نصت عليه الفقرة
الثانية من الفصل 75 في دستور 2011 من خلال المقتضيات التالية " البرلمان
يصوت مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها. في مجال التنمية، إنجاز المخططات
التنموية الإستراتيجية والبرامج المتعددة السنوات، التي تعدها الحكومة وتطلع
البرلمان عليها، وعندما يوافق على تلك النفقات، يستمر مفعول الموافقة تلقائيا على
النفقات طيلة مدة هذه المخططات والبرامج".
وهذا ما نصت عليه كذلك المادة 17 من القانون
التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية في فقرتها الأولى، حيث اكدت على انه "
توجه نفقات الإستثمار بالأساس لإنجاز المخططات التنموية الإستراتيجية والبرامج
متعددة السنوات، بغية الحفاظ على الثروات الوطنية أو إعادة تكوينها وتنميتها"
وما يفيد من خلال الفصل 75 من الدستور على الخصوص
والمادة 17 من القانون التنظيمي للمالية، أن ميزانية واحدة يستمر مفعولها لأزيد من
سنة تماشيا مع مدة المخطط والبرامج التي قد تكون لمدة ثلاث سنوات او أكثر، أي أننا
امام ميزانية خرجت عن قاعدة سنوية لمدة تفوق السنة.
3- الإعتمادات
المرحلة
نقل اعتمادات
الأداء :
- يتعلق الامر بما ورد في المادة
63 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية " لا يجوز أن ترحل
الإعتمادات المفتوحة في الميزانية العامة برسم سنة مالية إلى السنة الموالية. غير
أن اعتمادات الأداء المفتوحة برسم نفقات الإستثمار بالميزانية العامة وأرصدة الإلتزام
المؤشر عليها والتي لم يعد الأمر يصرفها ترحل ما لم ينص قانون المالية للسنة على
خلاف ذلك، في حدود سقف ثلاثين في المائة من إعتمادات الأداء المفتوحة بميزانية
الإستثمار لكل قطاع وزاري أو مؤسسة برسم السنة المالية، تحدد إجرائات الترحيل بنص
تنظيمي. يمكن تخفيض السقف المشار اليه أعلاه بموجب قانون المالية. تضاف الإعتمادات
المرحلة الى اعتمادات الأداء المفتوحة بموجب قانون المالية للسنة ".
- ويراد من خلال هذه المادة أنه في
بعض الحالات لا تتمكن وزارة من الوزارات أو مؤسسة من صرف جميع الوحدات المالية
المأذون لها بموجب قانون المالية في أخر السنة، مما يستوجب إرجاعها إلى الكتلة
المالية للدولة في تلك السنة طبقا لمبدأ السنوية. لكن هذه المادة تبين لنا
الإمكانية القانونية في ترحيل %30 من اعتمادات الأداء
المفتوحة بميزانية الاستثمار لكل قطاع وزاري او مؤسسة برسم السنة المالية والتي
تضاف إلى اعتمادات الأداء المفتوحة بموجب قانون المالية للسنة.
وبالتالي تكون هذه الترخيصات لمدة تفوق السنة،
وهذا ما يشكل استثناء لمبدأ السنوية خارج إطار الميزانية. أما فيما يتعلق بإعتماد
التسيير والتي لم يتم استهلاكها عند نهاية السنة المالية فإنه يتم إلغائها.
4- أموال
المساهمة والهبات
أموال المساهمة والهبات أطرتها المدتان 11 و34
من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانونالمالية، وهي أموال تدفعها بعض الأشخاص
المعنوية او الطبيعية لتحقيق غايات معينة كفتح طريق أو بناء مدرسة ... فإن هذه
المبالغ تخصص في الميزانية للغاية التي قدمت من أجلها إحتراما لإرادة الواهب أو
الموصي، وحتى يتم الوفاء بهذه الإلتزام من طرف الدولة، يتعين أن تنقل أرصدة هذه
الأموال من سنة لأخرى، ويتم تخصيص هذه الأموال للغرض الذي دفعت من أجله، وإذا لم
تستهلك كلها فإن ما تبقى يتم تحويله من سنة لأخرى.
وهو ما يجعل هذه الأموال يعني أموال المساهمة
والهبات تخرج عن مبدأ السنوية.
المبحث
الثاني
مبدأ التخصيصي
المطلب الأول المقصود بمبدأ تخصيص
النفقات
- ينصرف هذا
المبدأ إلى ان الترخيص الذي يمنحه البرلمان للحكومة ليس عاما و بدون قيود و لا
يسمح للحكومة أن تتصرف في الإعتمادات المفتوحة بكل حرية، بل إن الترخيص البرلماني
يقوم على فكرة توجيه التمويلات إلى نفقات معينة تتوزع بين مختلف الوزارات و
المؤسسات ، الذىلا يمكن للحكومة أو السلطة التنفيدية أن تعمل على توجيهها إلى
نفقات غير منصوص عليها في قانون المالية، أي أن اعتماد السلطة التشريعية للنفقات لا
يجوز أن يكون إجماليا، بل يجب أن يخصص مبلغا معينا لكل وجه من أوجه الإنفاق العام،
وهذا يقوي سلطة البرلمان من خلال مراقبة فعلية على توزيع الميزانية عبر تخويله
معرفة اتجاه الاعتمادات المطلوب فتحها و التفاصيل المتعلقة بذلك، كما يضع هذا
المبدأ قيودا على سلطات الحكومة في تصريف المال العام، ويجعل الميزانية قابلة
للتطبيق بشكل أكثر صرامة، فاحترامه يضمن للمحاسبين و مختلف المتدخلين في مراقبة
تنفيذ قانون المالية ومعرفة إتجاهاتالإعتمادات المفتوحة.
- يتجسد التأسيس القانونيلهذا
المبدأ، من خلال المادة 12 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، الذي
ينص على أنه "تشتمل تكاليف الدولة على:
- نفقات الميزانية العامة – نفقات
ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة – نفقات الحسابات الخصوصية "
ومن خلال الفقرة
الأخيرة من المادة 13 من نفس القانون التي تنص على أنه "تشتمل تكاليف
الميزانية العامة على نفقات التسيير ونفقات الإستثمار والنفقات المتعلقة بخدمة
الدين العمومي"
ومن خلال مانصت
عليه المادة 38 من نفس القانون رقم 130.13،والتي تتضمن المقتضيات التالية:"
1-
تجمع نفقات الميزانية العامة في ثلاث أبواب:
الباب الأول: نفقات التسيير،
الباب الثاني: نفقات الإستثمار،
الباب الثالث: نفقات متعلقة بخدمة الدين العمومي
2-
تقدم نفقات الميزانية العامة داخل الأبواب، في
فصول منقسمة الى برامج وجهات ومشاريع أو عمليات.
تقدم نفقات كل
مرفق من مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، داخل كل فصل، في برنامج وعند الإقتضاء
في برامج مقسمة إلى جهات ومشاريع أو عمليات.
تقدم نفقات كل
حساب من الحسابات المرصدة لأمور خصوصية في برنامج وعند الإقتضاء في برامج منقسمة
الى جهات ومشاريع أو عمليات.
3-
يقرر فيما يرجع لنفقات التسيير عن كل قطاع
وزاري او مؤسسة فصل للموظفين والاعوان وفصل للمعدات والنفقات المختلفة. ويخصص
لنفقات الاستثمار فصل عن كل قطاع وزاري او مؤسسة".
أما فيما يخص الدين العمومي فقد خصت له
المادة 44 من القانون رقم 130.13 المقتضيات التالية" تقدم النفقات المتعلقة
بالدين العمومي في فصلين:
- الأول يشتمل على
النفقات والفوائد والعملات المتعلقة بالدين العمومي.
- الثاني يشتمل على النفقات
المتعلقة باستهلاكات الدين العمومي المتوسط والطويل الأجل"
المبحث
الثالث:
مبدأ العمومية
المطلب
الأول:
التعريف بالمبدأ
ان مبدأ العمومية او شمولية الميزانية
العامة، يقضي بإدراج كافة الايرادات وكافة النفقات في ميزانية واحدة دون اجراء
مقاصة بين الايرادات او النفقات، أي دون طرح الانفاق العام من الإيراد العام، كما
انه لا يخصص وفقا لهذا المبدأ أي نوع من الارادات بذاته لأوجه معينة من الإنفاق.
إن الأخذ بقاعدة الشمولية الميزانية العامة
يؤدي الى فوائد منها:
-مراقبة اجمالي الإيرادات والنفقات العامة
بشكل سهل وبسيط بالنسبة للسلطة التشريعية، ويجعل هذه الأخيرة على دراية وعلم
بطبيعة وحجم النفقات والايرادات لكل مرفق من مرافق الدولة. وهذا ما يسهل على
السلطة التشريعية الرقابة الفعالة وعدم السماح للحكومة بإخفاء أي نوع من الايرادات
او النفقات بل يجعل الميزانية العامة تظهر بحجمها الحقيقي.
- ان الأخذ بمبدأ العمومية يؤدي الى منع
المغالاتبالإنفاقوترشيد الانفاق الحكومي وعدم الاسراف والتبذير في النفقات العامة،
وبالنتيجة يؤدي الى حسن إدارة الأموال العامة، حيث ان ادراج جميع النفقات والايرادات
يعتبر بمثابة رقابة داخلية على الوزارات والمرافق العامة،بحيث لا تجد هذه الأخيرة
وسيلة لإخفاء الايرادات والنفقات.
ان مبدأ العمومية يقوم على أساسينهما، عدم تخصيص
الموارد وعدم المقاصة.
أولا: قاعدة عدم تخصيص
الموارد
يقصد بهذه القاعدة عدم رصد إيراد معين لتغطية
نفقة معينة فمجموع الايرادات العامة يخصص لتغطية مجموع النفقات العامة على وجه
الشيوع دون تخصيص نوع من الايرادات لتمويل أوجه معينة من الانفاق، فلا يمكن مثلا
تخصيص الموارد المتأنية من الضريبة الخصوصية على السيارات لإصلاح الطرق وترميمها،
أو تخصيص حصيلة الرسوم المفروضة على التأمينات لتمويل مصاريف مكافحة حوادث السير.
يكتسي تخصيص الموارد خطورة قصوى بالنسبة لتدبير
الأموال العامة حيث يمكن ان يؤدي الى تبذير الأموال العامة لكونه يشجع على الاسراف
في النفقات بالادارات التي تزيد مواردها عن نفقاتها لأنها ستلجأ الى رفع مبلغ
النفقات الى مستوى مبلغ الموارد المحصل عليها.
ولهذا السبب يتعين التصرف في الموارد التي
تتوفر عليها الدولة بكيفية مشتركة بين جميع المصالح المكونة لها حسب معيار المصلحة
العامة وتبعا لذلك فإن عدم التخصيص يضمن التجرد والحياد ولا يسمح بالتحيز في رصد
الموارد لتغطية نفقات معينة لفائدة فئات محددة لإعتبارات سياسية او جماعية. وبالرغم
من أهمية قاعدة عدم التخصيص فإنه ترد عليه بعض الإستثناءاتالخاصة، وذلك بعد
التنصيص على هذا المبدأ في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون التنظيمي
رقم 130.13 لقانون المالية، والتي تنص "يرصد مجموع المداخيل لتنفيذ مجموع
النفقات ..."
إلا ان الفقرة الأخيرة من هذه المادة وضعت
مجموعة من الاستثناءات عن هذه القاعدة من خلال التنصيص على ما يلي "ويمكن رصد
بعض المداخيل لبعض النفقات في إطار ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة او
الحسابات الخصوصية للخزينة أو في إطار إجراءات محاسبية خاصة كما هو مبين في
المادتين 34 و35 أدناه " أي المادتين 34 و35 من القانون التنظيمي رقم 130.13
لقانون المالية.
ومن هنا يتضح أن الاستثناءات المتعلقة بهذه
القاعدة تمثل الحسابات الخصوصية وميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة أو
في إطار إجراءات محاسبة كما هو الشأن في تخصيص الغرامات القضائية لتوسيع المحاكم
وتجديدها، ورصده 30%من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة
للجماعات الترابية، بالإضافة الى تخصيص التبرعات التي تتلقاها الدولة لتغطية
النفقات في المجالات التي يتم الاتفاق عليها مع المتبرع أو الواجب.
ثانيا: قاعدة عدم المقاصة بين
الإيرادات والنفقات
يقصد بهذه القاعدة ادراج جميع النفقات أيا
كانت طبيعتها وجميع الإيرادات أيا كان مصدرها في الميزانية دون إجراء مقاصة بينها،
أي منع خصم مبلغ المصاريف التي تطلبها تحصيل الإيرادات
وهكذا يتطلب الالتزام بهذه القاعدة تسجيل
حسابات الميزانية وفق طريقة الميزانية الصافية وليس وفق طريقة الميزانية العامة
التي تنطوي على اجراء مقاصد بين الإيرادات والنفقات التي تم صرفها من أجل تحصيل هذه
الإيرادات حيث لا يدرج في الميزانية سوى الفائض في الايرادات بعد عملية المقاصة.
وتحقق طريقة الميزانية الاجمالية أفضل الطرق
لمراقبة الميزانية من طرف السلطة التشريعية "البرلمان" حيث تسمح بالوقوف
على تفاصيل الإيرادات والنفقات، وهو ما يعتبر ضمانة أساسية لحسن صرف الأموال العامة.
ويأخذ المغرب بمبدأ عدم المقاصة بين
الإيرادات والنفقات، حيث تخضع الميزانية العامة لطريقة الميزانية الاجمالية، حيث
تنص الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية
على انه "يباشر قبض مبلغ الحصائل بكامله دون مقاصة بين المداخيل والنفقات
..."
المبحث الرابع: مبدأ الوحدة
المطلب الأول: التعريف بالمبدأ
يقصد بمبدأ وحدة الميزانية العامة، ان تكون
هناك وثيقة واحدة تضم جميع إيرادات ونفقات الدولة، وليس وثائق متعددة فلا يمكن أن
تكون لكل وزارة من الوزارات ميزانية خاصة بها بوثيقة مستقلة. وإنما تجمع ميزانيات الوزارات
في وثيقة واحدة يطلق عليها الميزانية العامة، ويبرر تطلب وأهمية هذا المبدأ في أنه
يسهل على التعرف على الموقف المالي والاقتصادي في الدولة لجميع القطاعات، فيما
تغيب هذه الخاصية إذا كانت الميزانية العامة موزعة على أكثر من وثيقة حيث يصعب
عندها التعرف وأخد فكرة واضحة عن الوضع المالي للدولة.
كما يدخل ضمن مبررات الأخذ بهذا المبدأ سهولة
ممارسة البرلمان لدوره الرقابي للسياسة المالية للحكومة التي تنوي تنفيذها خلال
السنة، وذلك من خلال مناقشة البرلمان للميزانية والمصادقة عليها دفعة واحدة عكس ما
يحدث لو عرضت الحكومة على البرلمان ميزانيات متعددة مما يؤدي الى صعوبة إجراء هذه
الرقابة، كما أنه من مميزات هذا المبدأ، سهولة الإحاطة بطبيعة التصرف في الأموال
العامة وينتج هذا المبدأ أيضا معرفة مدى توازن الميزانية وقياس حجم العجز في حالة
إنعدام التوازن.
وإذا
كان هذا المبدأ، شأنه كباقي المبادئ، كان يطبق بشكل صارم خلال مرحلة الميزانية
التقليدية، فإنه نتيجة للتطورات التي عرفتها وظيفة الدولة أصبح من الصعب ادراج
جميع إيرادات ونفقات الدولة في ميزانية واحدة، كما ظهرت هيئات أخرى تتوفر على الشخصية
المعنوية وتضطلع بوظائف المرفق العمومي، وبرزت مرافق عمومية جديدة، وبدأت الحاجة
الى فتح حسابات خاصة.
وفي الحالة المغربية، وبالوقوف على تجربة
الممارسة، تتحدد تلك الوحدات الفرعية في كل من مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة،
ثم الحسابات الخصوصية.
المطلب
الثاني:
الاستثنائات التي ترد على مبدأ الوحدة
أولا: مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة
تشكل مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة آلية
ميزانياتها أساسية لتنزيل الإصلاحات العميقة التي أطلقتها الحكومة، لا سيما على
مستوى السياسات الاجتماعية، وذلك للمساهمة بشكل فعال في التنمية الاقتصادية
والاجتماعية للدولة.
ونظرالإستقلاليتها المالية ولمرونة تدبيرها،
تلعب هذه المرافق دورا محوريا في تحسين جودة خدمات القرب وتسهيل ولوج المواطنين
الى الخدمات الأساسية، خاصة منها التعليم والصحة والرياضة.
وتعتبر مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، مصالح
لا ممركزة للدولة. لتنفيذ سياسة لقرب العمومية خصوصا في المجالات ذات البعد الاجتماعي.
كما تعتبر هذه المرافق مصالح للدولة، غير
متمتعة بالشخصية الاعتبارية عكس المؤسسات العمومية التي تتمتع بهذه الشخصية، وتغطي
مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة بعض نفقاتها بموارد ذاتية غير مقتطعة من
الاعتمادات المقيدة في الميزانية العامة. ويجب ان يهدف نشاط هده المصالح أساسا الى
انتاج سلع او تقديم خدمات مقابل دفع اجر، حسب مقتضيات الفقرة الاولى من المادة 21
من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، مما يعني انها مرافق غير مجانية
مادامت خدمات هذه المرافق مرتبطة بإنتفاع المواطنين رغم وجود بعض الاستثناءات،
فمثلا مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة التابعة لوزارة الصحة العمومية تستثنى من
دفع مجموعة او بعض المصاريف عن خدماتها للأشخاص المحتاجين أو الذين لا تتوفر فيهم
شروط معينة.
تحدث مرافق الدولة بصورة مستقلة وفق الفقرة
الثانية من المادة 21 أعلاه، بمقتضى قانون المالية التي تقدر فيه مداخيلها ويحدد
المبلغ الأقصى للنفقات التي يمكن إقتطاعها من ميزانيتها، وتضيف الفقرة الثالثة من
المادة 21 على، أنه "يجب أن تمثل الموارد الذاتية ابتداء من السنة المالية الثالثة
الموالية لإحداث هذه المرافق.نسبة الثلاثين في المائة %30 على الأقل من إجمالي
مواردها المأذون بها برسم قانون المالية للسنة المذكورة.
وذلك بالنسبة لمرافق الدولة المسيرة بصورة
مستقلة المحدثة ابتداء من فاتح يناير 2016. وتحذف هذه المرافق في حالة عدم استيفاء
هذا الشرط بموجب قانون المالية الموالي".
كما أنه طبق للمادة 22 من القانون رقم 130.13
يمنع أن يتم ادراج نفقات الموظفين والأعوان والمستخدمين في ميزانية المرافق
المسيرة بصورة مستقلة.
كما لا يمكن وفق نفس المادة، دفع مبالغ مالية
من ميزانية هذه المرافق لفائدة حساب خصوصي للخزينة أو لفائدة مرفق آخر من المرافق
المسيرة بصورة مستقلة.
مع إمكانية خلال السنة المالية، دفع مبالغ من
ميزانية هذه المرافق لفائدة ميزانية الدولة.
- أما فيما يخص
عمليات ميزانيات المرافق المسيرة بصورة مستقلة فإنها تقرر ويؤذن بها طبق نفس
الشروط المتعلقة بعمليات الميزانية العامة
أما فيما يخص توزيع هذه المرافق حسب المجالات
،مثلا خلال القانون المالي لسنة 2020، فنجد ان مجموعها بلغ 187 مرفقا، موزعة على
الشكل التالي:
مجال
الصحة 90 مرفقا "مراكز استشفائية موزعة على الصعيد الترابي، إضافة الى
مستشفيات عسكرية، والمركز الوطني لتحاقن الدم بالرباط..."
مجال التعليم والتكوين المهني وتكوين الأطر ب
58 مرفقا منها
مرافق في القطاع السياحي، ومدارس ومعاهد فلاحية، مدارس للتكوين المهني.
ويضم مجال النقل والبنيات التحتية
الاقتصادية بضم 16 مرفقا منها المركز الوطني للدراسات والابحاث الطرقية، المديرية
العامة للطيران، مديرية الملاحة الجوية …
- أما مجال السلطات العمومية والخدماتالعامة،
تضم 9 مرافق من بينها الخزينة العامة للمملكة، إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة،
مديرية المطبعة الرسمية، مطبعة دار المناهل …
ومن خلال كل هذا، يتضح أن ميزانيات
المرافق المسيرة بصورة مستقلة، مستقلة عن الميزانية العامة يتم وضعها في القانون المالي،
يقرها ويأذن بها البرلمان، شأنها شأن الميزانية العامة، وبالتالي فهي تعد خروجا عن
مبدأ الوحدة.
ثانيا: الحسابات الخصوصية
يقصد بالحسابات الخصوصية للخزينة مختلف
المبالغ التي تدخل إلى خزينة الدولة أو تدفع بواسطتها دون أن تكون لها صفة الايراد
الحقيقي، ومثال ذلك: الضمانات أو الكفالات التي يدفعها الاشخاص ومختلف المبالغ
التي تعاد إلى أصحابها، أو صفة الإنفاق الحقيقي (كقروض الدولة للجماعات الترابية
ومختلف القروض التي تستردها الخزينة بعد انقضاء أجل معين).
إن هذه المبالغ لا تعد نفقات أو
ايرادات فعلية وبالتالي فإن ادراجها في الميزانية العامة يؤدي الى تضخم نفقات
الدولة وإيراداتها بدون مبرر، هذا إضافة إلى تأدية ذلك إلى عدم وضوح الميزانية والتمييز
بين الايراد الفعلي أو النفقة الفعلية والايراد غير الفعلي، والنفقة غير الفعلية،
لذلك يستحسن فصلها عن الميزانية وإدراجها ضمن وثيقة خاصة.
وتهدف الحسابات الخصوصية للخزينة وفق
أحكام المادة 25 من القانون التنظيمي130.13 لقانون المالية، إلى:
- " … إما إلى بيان العمليات التي
لا يمكن إدراجها بطريقة ملائمة في الميزانية العامة نظرا لطابعها الخاص أو لعلاقة
سببية متبادلة بين الدخول والنفقة؛
- وإما إلى بيان عمليات مع الاحتفاظ بنوعها الخاص
وضمانإستمرارها من سنة مالية إلى سنة مالية أخرى
- وإما إلى الاحتفاظ بأثر عمليات تمتد
على ما يزيد عن سنة دون تمييز للسنوات المالية."
أما
فيما يخص طريقة إحداث الحسابات الخصوصية للخزينة، فإنها تحدث طبقا للمادة 26 من
نفس القانون أعلاه 130.13، بقانون المالية، الذي ينص على مداخيلها ونفقاتها، كما
يحدد المبلغ الاقصى للنفقات التي يمكن أن تدرج فيها.
كما يمكن أن تحدث كذلك وفق نفس المادة
في حالة الاستعجال والضرورة الملحة وغير المتوقعة بموجب مراسيم طبقا للفصل 70 من
الدستور. مع ضرورة إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان مسبقا وعرضهما على
البرلمان قصد المصادقة عليها في أقرب قانون للمالية.
وتشمل هذه الحسابات على خمسة أصناف
حددتها المادة 27 من القانون التنظيمي للمالية 130.13، وهيكالتالي:
1 - الحسابات المرصودة لأمور خصوصية:
التي
تبين فيها المداخيل المرصدة لتمويل صنف معين من النفقات والاستعمال المخصص لهذه
المداخيل، والتي يتم تزويدها بحصيلة رسوم أو موارد مخصصة وعند الاقتضاء، بمبالغ
مدفوعة من الميزانية العامة.
ومن بين الحسابات المرصدة لأمور خصوصية،
نجد:
- حصة الجماعات الترابية من حصيلة
الضريبة على القيمة المضافة؛
- الصندوق الخاص بحصيلة حصص الضرائب
المرصدة للجهات؛
- صندوق التماسك الاجتماعي؛
- صندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وقد تأكدت أهمية هذه الحسابات بشكل
أساسيفي السياق المالي المرتبط بالأزمة الصحية (كوڤيد 19) حيث تم إحداث الحساب
المرصد للأمور الخصوصية المسمى " الصندوق الخاص بتدبير جائحة ڤيروس كورونا"
" كوفيد 19” بموجب المرسوم رقم 2.20.269 والذي تمت المصادقة عليه بمقتضى قانون
المالية المعدل رقم 35.20 للسنة المالية 2020.
واستفاد هذا الصندوق بالاضافة إلى مبلغ
10 ملايير درهم من الميزانية العامة، من مساهمات الجهات والشركات المؤسساتية والقطاع
الخاص وكذاالموظفين. مما سمح بتعبئة مبلغ يفوق 33 مليار درهم، نفقاته تتعلق بتأهيل
المنظومة الصحية ودعم الأسر وكذا دعم الاقتصاد الوطني من أجل الحفاظ على مناصب الشغل،وتأهيل
المنظومة الصحية عبر اقتناء معدات طبية ومعداتالمستشفيات،وشراء الأدوية والمنتجاتالصيدلانية،وتحسين
التدخل وتعزيز قدرات وزارة الصحة.
2 - حساب الانخراط في الهيئات الدولية:
يتم فيه بيان المبالغ المدفوعة والمبالغ
المرجعية برسم مشاركة المغرب في الهيئات الدولية،ولا يجوز أن تدرج في هذا الحساب
إلا المبالغ المقرر إدراجها في حالة الانسحاب.
ومن أمثلة الانخراطات في المؤسسات الدولية،
نجد فيما يخص القانون المالي 2019، مشاركة المغرب في البنك الافريقي للتنمية بحصة
من رأسمال هذا البنك تساوي %0,30، مشاركة المغرب في رأسمال البنك الافريقي للتنمية
% 3,382 من مجموع رأسمال هذا البنك. مساهمة المغرب في صندوق النقد العربي %4,67 من
مجموع رأسمال هذا الصندوق.
3 - حساب التمويل:
والذي
هو عبارة عن مبالغ مدفوعة على شكل قروض تتجاوز مدتها سنتين أو تسبيقات قابلةللارجاع
تقل مدتها عن سنتين أو تساويها،والتي تدفعها الدولة من موارد الخزينة وتمنح من أجل
المصلحة العامة،وتستحق فوائد على هذه القروض والتسبيقات.
وتكون القروض والتسبيقات الممنوحة من
طرف الدولة في إطار حسابات التمويل موضوع عقد بين الوزارة المكلفة بالمالية والمستفيد.
4 - حسابات
العمليات النقدية التي تبين حركات الأموال ذات الاصل النقدي:
تبين فيه حركات الأموال ذات الاصل
النقدي وتتضمنحسابين:
- حساب قروض الصرف في عمليات بيع وشراء
العملات الاجنبية والذي يبين الربح والخسارة المتعلقة بعمليات بيع وشراء العمولات
الصعبة التي يقوم بها بنك المغرب؛
- حساب " عمليات تبديل نسب الفائدة والصرف
للقروض الخارجية" من أجل تغطية الخسائر وتسجيل الارباح المتعلقة بالإقتراض،
5 - حسابات النفقات من المخصصات:
يشمل هذا الحساب العمليات المتعلقة
بصنف خاص من النفقات يتم تمويله من مخصصات الميزانية العامة.
وعلىالعموم، فإن الحساباتالخصوصية
موزعة على عدة مجالات: التنمية الترابية، التنمية البشرية، البنية التحتية،
التنمية القروية والفلاحيةوالصيدالبحري، الانعاش الاقتصادي والمالي إضافة إلى
مجالات أخرى.
سجل عدد الحسابات الخصوصية برسم السنة المالية 2020 تسعة وستون حسابا خصوصيا،
منها 56 حسابا مرصودا لأمور خصوصية.
و تشترط الفقرة الخامسة من المادة 27
من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية بالنسبة للحسابات المرصدة لأمور
خصوصية أن تمثل ابتداء من السنة المالية الثالثة الموالية لأحداثها الموارد
المتأتية من حصيلة رسوم أو موارد مخصصة أوهما معا، على الاقل بنسبة اربعين في المائة
%40 من مواردها الاجمالية المأذون بها برسم قانون المالية للسنة المذكورة ، و ذلك
بالنسبة للحسابات المرصدة للأمور الخصوصية المحدثة ابتداء من فاتح يناير 2016 ، و
تحذف الحسابات في حالة عدم استيفاء هذا الشرط بموجب قانون المالية الموالي.
المبحث الخامس: مبدأ توازن الميزانية
قصد الاقتصاديون القدماء بمبدأ التوازن
ان تكون النفقات العامة للدولة في حدودنفقاتها، فلم يعترف المذهب الكلاسيكي بعجز
الميزانية. بل اشترط التوازن الحسابي أوالمالي، ولذلك لا يمكن للدولة أن تلجا إلى
الإيرادات غير العادية (القروض والإصدارالنقدي) لتغطية نفقاتها العامة؛ وبالتالي
لا يجوز أن تزيد نفقاتها على إيراداتها، وان تستخدمما لديها من موارد ضريبية فقط،
ولا ينصح باللجوء إلى الموارد غير العادية؛ مما يتوجبعلى الدولة حسب المفهوم
التقليدي ان تقوم بتقدير دقيق لنفقاتها ومواردها، واحترام مبداالتوازن حسابيا قدر
الإمكان.
وفي أوائل القرن العشرين تطور دور
الدولة. وبدأت تخرج عن حيادها، واصبحتمسؤولة عن التوازن الاقتصادي والاجتماعي. وقد
استتبعت هذه المسؤولية تنوع النفقاتالعامة! وتعدد أغراضها فاتسع نطاق النفقات
الاقتصادية وهي تلك التي تهدف إلى تحقيقأغراض اقتصادية؛ مثل محاربة البطالة ودعم
بعض فروع الإنتاج؛ وإعادة التعمير؛ وتحقيقالتنمية الاقتصادية. كما اتسع نطاق
النفقات الاجتماعية. وذلك بغرض إعادة توزيع الدخلالقومي بين الطبقات المختلفة!
وبذلك اصبحت النفقات العامة؛ بالإضافة إلى ما لها منأغراض مالية؛ اداة من ادوات
السياسة الاقتصادية والسياسية الاجتماعية.
وهكذا فرضت على الدول تقديم ميزانيات
غير متوازنة، أي ميزانيات في حالة عجز، وأصبح العجز مقبولا، وحتى الذين كانوا
ينادون بالليبرالية أصبحوا ينادون بتدخل الدولة وأصبح هناك من يرى أن عجز الدولة
وسيلة من وسائل تحريك عجلة الاقتصاد عن طريقمضاعفة الاستثمار، فالدولة حينما تمول
النفقات عن طريق العجز، فإن المقاولات تقوم باستثمار أموال طائلة وبتشغيل عمال جدد
فيتم تحريك عجلة الاقتصاد، من بين هؤلاء كينز الذي نادى بالعجز المنظم أو المقصود،
لكنه لا يكون مقبولا إلا في حالة تحقيق الاستخدام الكامل لوسائل الإنتاج البشرية
وغير البشرية، وحينما يتم الوصول إلى هذا الاستخدام الكامل فيجب الرجوع إلى
الميزانية المتوازنة، وإلا سيؤدي ذلك إلى ارتفاع الكتلة النقدية دون ارتفاع
الإنتاج وبالتالي التضخم.
*نظرية التوازن
في التشريع المغربي:
بنص الفصل 77 من الدستور من المغربي ل
2011 على أنه:
" يسهر البرلمان والحكومة على الحفاظ على
توازن مالية الدولة. وللحكومة ان ترفض، بعد بيان الأسباب؛ المقترحات والتعديلات
التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى
تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود".
يظهر من خلال النص أن مسؤولية تحقيق
التوازن أوكلها المشرع - بصفة مشتركة ۔ للبرلمان والحكومة، لكن مضامين النص تؤكد
عمليا أن السلطة التنفيذية هي التي تستأثر بمهمة تحقيق هذا التوازن، نظرا لعجز
البرلمان على تخفيض الموارد العمومية والزيادة في التكاليف العمومية، ويبرر مناصرو
هذا الاتجاه، على أن الحكومة هي الجهة الوحيدة التي يمكنها ضبط خبايا التوازن،
لأنها أكثر التصاقا بالحاجات العامة، وذات معرفة واسعة بنقط ضعف وقوة المالية
العمومية.
وعلى مستوى التنظيم المالي، فمبدأ
التوازن أشارت إليه المادة الأولى من القانون التنظيمي للمالية، حيث أكدت على أنه:
” يحدد قانون المالية، بالنسبة لكل سنة مالية، طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد
وتكاليف الدولة وكذا التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها. وتراعي في ذلك
الظرفية الاقتصادية والاجتماعية عند إعداد قانون المالية وكذا أهداف ونتائج
البرامج التي حددها هذا القانون".
ومن خلال النص يظهر بان المشرع أصبح
يعتمد التوازن الميزانياتي والمالي، عوض التوازن الاقتصادي والمالي التي كان ينص
عليهما القانون التنظيمي رقم 98-7» لذلك فالأهمية أصبحت تعطي أكثر للتوازن المالي،
فالظرفية التي وضع فيها هذا القانون تترجم هذا التوجه؛ حيت إن المالية العمومية
تعيش على ايقاع الأزمة المالية العالمية، والزيادة المضطردة للمديونية الخارجية، وصعوبة
الحصول على مصادر التمويل، وتأثر الاقتصاد المغربي بالانتكاسات التي تعرفها
الاقتصاديات العالمية. خصوصا أوروبا؛ لذا فالمشرع قنن السند القانوني الذي يعطي له
الحق في نهج سياسة التقشف المالي، وذلك بالاعتماد على المادة الأولى والمادة 20 من
القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، هذه الأخيرة التي تعطي صلاحيات كبيرة
للحكومة في تجاوز العجز الميزانياتي والحفاظ على توازن الميزانية؛ وذلك حينما نصت
على أنه:" لأجل الحفاظ على توازن مالية الدولة المنصوص عليه في الفصل 77 من
الدستور، لا يمكن أن تتجاوز حصيلة الاقتراضات مجموع نفقات الاستثمار وسداد أصول
الدين برسم السنة المالية. ويمكن للحكومة القيام بالعمليات الضرورية لتغطية حاجات
الخزينة"،
ليتضح ان السلطات المالية لها طرق شتي
لتغطية العجز، ولو على حساب التوازناتالاقتصادية والاجتماعية، فعبارة "
القيام بالعمليات الضرورية " جاءت واسعة وغير محددة»فهي شيك على بياض في يد
الحكومة؛ يخول لها القيام بجميع التدابير بكل حرية؛ وبعيدا عنمراقبة البرلمان»
علما بان المشرع أعطى للسلطات المالية وسائل متعددة لتحقيق التوازنالمالي، وذلك
حسب المادة 36 من القانون التنظيمي كالإذن في استخلاص المداخيل العامةواصدار
الاقتراضات؛ والأحكام المتعلقة بالموارد العمومية التي يمكن أن ينص قانون المالية
على إحداثها أو تغييرها أو حذفها، والأحكام المتعلقة بتكاليف الدولة ومرافق الدولة
المسيرة بصورة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة... ليظهر بان للحكومة جميع
الإمكانيات لإحكام قبضتها على المالية العمومية وتوازناتها التي تسير وفق سياسة
الحكومة ومخططاتها، وحسب الظرفية المطبقة فيها.
ومن جهة أخرى نصت المادة 7 من القانون
التنظيمي لقانون المالية على ما يلي: " يمكن أن
تلزم التوازن المالي للسنوات المالية اللاحقة أحكام معاهدات التجارة والاتفاقيات
أو الاتفاقات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة وتلك المتعلقة بالضمانات
التي تمنحها الدولة وبتدبير شؤون الدين العمومي وكذا الدين العمري وبالترخيصات في
الالتزام مقدما التي يجب فتح الاعتمادات المخصصة لها خلال السنة المالية الموالية،
وكذا باعتمادات الالتزام وبالبرامج المتعددة السنوات"
المبحث السادس: مبدأ صدقية الميزانية
ينص مبدا صدقية الميزانية على أن
الأرقام الواردة في القانون المالي، والمتعلقة بالتكاليف والموارد، يجب أن تكون
على درجة عالية من الصدقية وقريبة أكثر إلى الحقيقة، ولا يمكنها ان تكون كذلك،
بدون أن تنبني على معطيات حقيقية، وعلى توقعات تراعي الظرفية الاقتصادية، ومستوى
التوازنات المالية للبلاد. كما أن هذا المبدأ يحث على صدقية الحسابات المقيدة في
سجلات الموارد والنفقات، والذي يتعين أن تستجيب لمتطلبات الاستحقاق.
وقد نص القانون التنظيمي للمالية في
مادته العاشرة على أنه: "تقدم قوانين المالية بشكل صادق مجموع موارد وتكاليف
الدولة. ويتم تقييم صدقية الموارد والتكاليف بناء على المعطيات المتوفرة اثناء
إعدادها والتوقعات التي يمكن أن تنتج عنها".
كما أن الفقرة الرابعة من المادة 31 من
القانون المشار إليه أعلاه». أكدت على أنه: "يجب أن تكون حسابات الدولة شرعية
وصادقة وتعكس صورة حقيقية لثروتها ولوضعيتها المالية".
ورغم أن هذا المبدأ لم يذكر إلا في
المادتين المذكورتين من مجموع مواد القانون التي تبلغ 71 مادة، إلا أنه في الواقع
يؤطر كل مضامينه، لأن الصدق يفترض فيه أن يؤطر المالية العمومية، فلا شرعية ولا
استمرار للمال العمومي بدون صدق، والذي يجد سنده في تبني توقعات للموارد والنفقات،
تنبني على معايير تتطابق والمؤهلات الاقتصادية؛ المقدرة التكليفية لدافعي الضرائب؛
والذي يعد من مقومات الشفافية وحكامة المال العام.
وهذا المبدأ صعد إلى مرتبة قاعدة
قانونية بفضل القضاء الدستوري الفرنسي؛ الذي يرجع له الفضل في التنصيص عليه
دستوريا على مستوى القانون التنظيمي لقانون المالية الفرنسي، حيث ينص في مادته 27
على ان حسابات الدولة يجب أن تكون قانونية وصادقة؛ وأن تغطي صورة حقيقية للملك
العام ووضعيته المالية. كما أن المادة 32 من نفس القانون المشار إليه أعلاه، أكدت
على ان:" تقدم قوانين المالية بصورة صادقة مجموع موارد ونفقات الدولة وعلى
المعطيات المتوفرة وتوقعات تراعي الظرفية الاقتصادية".