مفتشية الشغل و دورها في علاقات الشغل

 

مفتشية الشغل و دورها في علاقات الشغل

الاستاذ عبد العزيز العاتقي

أستاذ بكلية الحقوق بفاس

 

لا أقول سرا و لا أضخم الامور ، غذا قلت أن موضوع التفتيش من أهم المواضيع التي تستاثر باهتمام الباحثين في ميدان الشغل ، وبلهتمام الاجهزة المتخصصة في ميدان علاقات الشغل ، سواء في الميدان الداخلي أو على المستوى الدولي ، وتكفي الاشارة الى أن اتفاقية" فرساي "قد تضمنت الالحاح على ضرورة غقامة جهاز تفتيش للشغل فضلا عن وجود عدد كبير من الاتفاقيات الدولية خاصة اتفاقية عدد 81 و 129 الاولى في الصناعة و التجارة و المهن الحرة و الثانية في الفلاحة ، بالاضافة الى توصيات أخرى .

 

الوظيفة التي يقوم بها جهاو مفتشية الشغل

هناك ثلاثة و ظائف ـ سواء كان منصوص عليها في التاشريع المغربي ام لا فهي منبثقة أساسا من الاتفاقيتين 81 و 129 المتعلقتين نتفتيش الشغل سواء وقع بلورة التشريع المغربي الداخلي على نحو مضمون هاتين الاتفاقتين ام لا ، فان اختصاص تفتيش الشغل مصدرها الاتفاقيتين التي وقع عليهما المغرب ن وهذه الوظائف هي : 1ـ مراقبة تطبيق مقتضيات قانون الشغل ن وايجاد حماية تشريعية للعمال أثناء ادائهم للعمل .

 

2ـ الوظيفة الارشادية ، اي تقديم النصائح و المقترحات او التوصيات التقنية و القانونية لأرباب العمل .

3ـ تنبيه السلطات الى الثغرات التي يعرفها قانون الشغل و الخروقات التي يطالها التشريع . و في هذا المجال فمفتشي الشغل يفيدون الحكومة و الادارة التي تبلور تطوير قانون الشغل بصفة عامة .

 

فهذه الوظاءف الثلاث ، وظائف قانونية ، لكن من الناحية العملية فانه تفرض على جهاز تفتيش الشغل أنت يمارس بعض الاختصاصات الاخرى دون أن يكون هناك نص قانون يعطي له هذه الاختصاصات .

 

الوسائل البشرية لجهاز تفتيش الشغل

لا يقتصر جهاز مفتشية الشغل على مفتشي الشغل بالمفهوم الضيق ،بل هناك أجهزة اخرى تقوم بالتفتيش كمهندسي المعادن بالنسبة الى ه1ذه الفئات ، ولكن إذا نحن اقتصرنا على مناقشة جهاز مفتشية الشغل فانه كفيل بان يعطينا صورة حتى بالنسبة للفئات الاخرى .

 

فجهاز تفتيش الشغل يقوم  به أما مفتشي الشغل أو الاعوان و المراقبين فضلا عن ذلك ، فانالشرطة القضائية لديها الاختصاص في أن تتدخل في وظيفة تفتيش الشغل من الناحية القانونية ، لكن من الناحية العملية فانها لا تقوم بذلك إلا في بعض الحالات .

 

الوسائل و الوظائف القانونية : السلطة الرقابية

إن الاختصاصات ترجع الى مقتضيات ظهير 2/7/1947 ، رغم التعديلات التي لحقت جهاز وزارة الشغل و موظفيها ، فان الوظيفة لم يطلها أي اصلاح ن وعليه بقيت متعددة على الظهير المذكور .

 

و تتمثل هذه الوظائف بصفة خاصة فيما يسمى بالسلطة الرقابية ، وهي تظهر من خلال زيارات التفتيش ، إذ من الناحية العملية وزارة الشغل تلزم مفتشي الشغل القيام بعدد معين من الزيارات ن فهي تلزم مثلا مفتشي الشغل القيام بخمسين زيارة في الشهر ، وتلزم رئيس الدائرة بثلاثين زيارة ، وتلزم المندوب الافقليمي بعشرين زيارة في الشهر و فضلاعن ذلك فانها تلزمهم بتخصيص نصف اليوم للزيارات و المراقبة ، و النصف الآخر باستقبال العمال .

غير ان ما يطرح بصفة أساسية ليس عدد الزيارات بل مضمون الزيارات و فعالية الوظيفة الرقابية من الناحية العملية ،ةغذ ان الأساسي في الزيارات و الرقابة يعطي الامكانية لمفتش الشغل أن يراقب تدابير السلامة و الصحة ، ومن جهة اخرى أن يراقب مدى تطبيق قانون الشغل ، وهنا يطرح التساؤل هل هناك رقابة قبلية أي قبل أن يقوم رب العمل بافتتاح المؤسسة .

 

الوظيفة الارسادية او الاستشارية لا تطرح اي اشكال لكن الاهم هو أن توظف هذه الارشادات لصالح الاجراء ، إذ ان الملاحظ هو أن بعض مفتشي الشغل يجتهدون اجتهادا يستفاد منه أنهم يقدمون وسائل التحايل على القانون و يصبحون كمستشارين قانونيين لبعض أرباب العمل عوضا عن تنظيم علاقات الشغل بشكل عام .

 

سلطة المتابعة او المعاقبة

هناك نتيجتين أساسيتين للمراقبة وهي إما تقديم ملاحظات لرب العهمل يمكن أن يقتنع بها ، واما تحرير محاضر ترسل في ثلاث نظائر لوزارة الشغل و للسلطة المحلية ووزارة الشغل يمكن ان تاحيل هذه المحاضر فيما بعد على المحكمة .

 

فمفتش يبدا بصفته ضابطا للشرطة اقضائية، ولكنه يتوقف لنه محروم من احالة الملف على محكمة المختصة بصفة مباشرة ،وهو الشيء الذي يمارس في بعض الدولالتي لا نبتعد عنها كثيرا في تجربتها القانونية مثلا كالسنغال ،والهند و الباكستان .

 

ولذلك نلاحظ من حيث الاحصائيات أن عدد المحاضر التي ترسل قليلة ، فمثلا حسب احصائيات وزارة الشغل ، في سنة 1987 أحيل في الدار البيضاء 91 محضرا ، وفي القنيطرة 35 ، المحمدية ـ صفر ـ أي ليست هناك أية مخالفة تبتت لمفتشي الشغل و أرسلت بشأنها محاضر لوزارة الشغل ، وفي فاس كمدينة صناعية هناك ثلاثة محاضر .

وينظر لمفتش الشغل عندما يهب للمراقبة أنه هو الضامن لاحترام قانون الشغل ، و لذلك فوظيفة المراقبية تستتبع حتما تدخل مفتش الشغل لحل المنازعات الفردية عن طريق سمكاع الشكاوي و الخروقات المرتكبة ضد العمال ، ونفس الشيء بالنسبة للمنازعات الجماعية  رغم ان هناك تجميد عملي لظهير 19/1/1946 ، أي أن وزارة الشغل هي التي تتدخل بواسطة ما يسمى بلجن المصالحة و دوزن أن تستند في ذلك على مرسوم ، فيما يتعلق بالمنازعات الجماعية و في هذا المجال تثار عدة مشاكل ، غذ أنه عندما تتدخل السلطات فانه ربما يقع تغليب الجانب الأمني على الجانب الاجتماعي ، هذا التخوف عبرت عنه لجنة " بيارت" عندما زارت المغرب و انجزت تقريرها المعروف في هذا الشان .

 

تقييم الوظيفة

نلاحظ عند تقييم الوظيفة المتعلقة بالمراقبة المتعلقة أولا ان هناك ضعف في الوسائل التدخل و ثانيا الجانب المادي و البشري و هو الذي يصبغ الزيارات التفقدية بطابع السطحية ، ويكون مفتش الشغل مضطرا الى زيارة المؤسسات القريبة منه و يتفادى زيارة المؤسسات الكبرى .

 

ثالثا غياب التدخل أمام القضاء ،غذا أنه ليس هناك نص صريح يعطي له الحق ، لكن من الناحية العملية فانه لا يطلب رأي مفتش الشغل إلا في بعض الحالات و بالخصوص في مسطرة الصلح التي تعتمدها النحكمة ، ولا يمنكه مثلا أن يتابع الملف و هذا نقص لابد من تداركه .

 

رابعا وظيفة المصالحة سواء في النزاعات الفردية او الجماعية تؤثر على وظيفة المراقبة ، وذلك عندما يتدخل مفتش الشغل حبيا لكي يستميل عطف رب العمل من أجل أن يرجع عاملا ، فهنا يفقد سلطته على الم\ؤسسة في تطبيق القانون و يفقد مركز القوة .

 

ضعف الطابع الزجري

نقصد بذلك في ميدان الشغل ، بالرغم أننا لسنا من أولائك الذين يتحمسون الى اطلاق الجزاءات الجنائية على أرباب العمل ، بلعتبار أن بعض الجزاءات الزجرية قد تفقد أثرها الاجتماعي و تكون ضد مصلحة الاجير مثلا اقفال مؤسسة عن طريق سجن مديرها يؤدي الى نتائج بالجزاء ليكون ذلك كفيلا لحماية القاعدة القانونية .

 

وفي هذا المجال هناك ملاحظتين :

الملاحظة الأولى تتمثل في ضعف الجزاءات في قانون الشغل بشكل عام ، فاذا ما اقتصرنا على الغرامات فان العقوبات الاخرى تبقى محدودة ,

و الملاحظة الثانية تتعلق بعدم التوازن في القانون الجنائ للعمل ، ففي الوقت الذبي نلاحظ فيه ان الجزاءات التي تنصب على العمال تنظمها المجموعة الجنائية فان المخالفات التي يرتكبها أرباب العمل غير موجودة في المجموعةى الجنائية بل تحيلها على المسطرة المتابعة الادارية الغير المباشرة .

 

عدم احترام المغرب للباتفاقيتين 81-129

و المرجع هو لجنه مراقبة تطبيق الاتفاقيات ، وآخرها الملاحظات التي سجلت سنة 1989 ، والتي يتضمنها التقرير الذ يؤكد حرمكان مفتش الشغل من ايقاع الجزاءات المباشرة .

 

أفاق جهاز التفتيش الشغل

بالنسبة للمستقبل ن نتلمسه من خلال مشروع المدونة و هي تتضمن جديدا فيما يتعلق بسلطة التفتيش الا فيما يتعلق بعض المؤسسات .

و إن مقترحاتنا في ميدان التفتيش

1ـ ضرورة بلورة قانون جنائي فعال للشغل

2 ـ تقوية سلطات جهاز تفتيش الشغل و مراقبة و ضعيته المادية و التكوينية

3ـ توطيد العلاقات بين جهازالتفتيش و الجهاز القضائي و جهاز الدفاع

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق