استفحال ظاهرة التشغيل المؤقت
انتشرت ظاهرة التشغيل المؤقت في السنوات الأخيرة بشكل سريع، نتيجة آثار العولمة على علاقات الشغل وطبيعة الاستثمار وضرورة اللجوء إلى المرونة كوسيلة لمقاومة المنافسة الشرسة التي أصبحت تميز نظم الإنتاج. حيث أصبح التشغيل المؤقت والتشغيل لبعض الوقت (Le travail à temps partiel) والمناولة (La sous-traitance) والعمل بالمنازل (Le travail à domicile) والتشغيل عن بعد (Le télétravail) يشكلون أنماطا وأشكالا جديدة للتشغيل توازي بين التنمية الاقتصادية ومستلزمات التنمية الاجتماعية.
وبدورها سايرت منظمة العمل الدولية هذه
الأنماط الجديدة للتشغيل وخصصت لها اتفاقيات وتوصيات شغل دولية، حيث تمت مراعاة أحكامها في إعداد مدونة الشغل خاصة الاتفاقية رقم 181 المتعلقة بوكالات التشغيل الخصوصية التي صادقت عليها بلادنا بتاريخ فاتح شتنبر سنة 2000.
وفي هذا الإطارتميز مدونة الشغل بين التشغيل
المؤقت الذي يتم في إطار المادة 16 من مدونة الشغل أي في إطار عقد محدد المدة يبرم
في بعض الحالات منها بالخصوص الطبيعة الموسمية للعمل أو ازدياد نشاط المقاولة
بكيفية مؤقتة من جهة وبين التشغيل المؤقت الذي يتم من طرف مقاولات التشغيل المؤقت.
وتؤطر مدونة الشغل كيفية إحداث هذه المقاولات والمبادئ والقواعد التي
يجب أن تراعيها للقيام بالتشغيل المؤقت. كما أن هذه المدونة تتضمن أحكاما على شكل
قانون شغل خاص بالتشغيل المؤقت وذلك حماية لحقوق الأجراء وتفاديا للهشاشة
ولاستغلال اليد العاملة المؤقتة، حيث يتم فرض إيداع كفالة مالية تبلغ 1.300.000
درهم لدى صندوق الإيداع والتدبير.
وللتذكير، فإن مدونة الشغل أقرت في إطار القانون المنظم للتشغيل
المؤقت المبادئ الأساسية الآتية:
·
عدم الميز في التشغيل وتجريمه؛
·
مجانية الخدمات بالنسبة للأجراء؛
·
تحديد بصفة حصرية الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى
التشغيل المؤقت؛
·
ضمان حماية صحة وسلامة الاجراء من طرف المقاولة
المستعملة لأجراء مقاولات التشغيل المؤقت.
ويفرض قانون الشغل إبرام عقود مدنية بين
مقاولات التشغيل المؤقت والمقاولات المستعملة من جهة وعقود شغل بين مقاولات
التشغيل المؤقت والأجراء المؤقتين الذين يوضعون رهن إشارة المقاولات المستعملة.
ونظرا لدور مقاولات التشغيل المؤقت في إنعاش
التشغيل، وبهدف تفعيل المقتضيات القانونية الواردة في مدونة الشغل والمتعلقة
بالوساطة في الاستخدام، قامت الوزارة بعدة
إجراءات عملية تتلخص أهمها في الآتي:
1.
تشكيل لجنة تنظر في تراخيص هذه المقاولات وتلزمها بضرورة
التوفر والإدلاء بعدد من الوثائق، وفقا لما هو منصوص عليه في مدونة الشغل قبل منح
أي ترخيص؛
2.
تفعيل اللجنة الثلاثية المكلفة بتتبع التطبيق السليم
لتشريع الشغل من قبل مقاولات التشغيل المؤقت التي تجتمع مرتين في السنة لعرض
الإجراءات والتدابير المتخذة؛
3.
تفعيل المادة 519 من مدونة الشغل حول عدم تمكين
مقاولات التشغيل المؤقت من مبلغ الكفالة المالية الذي سبق لها إيداعه إذا ثبت أنها
لم تمكن العمال من حقوقهم؛
4.
توقيع عقود أهداف مع 30 مندوبية تتضمن بنود حول مراقبة
جميع المقاولات العاملة في مجال الوساطة في التشغيل، بما فيها وكالات التشغيل
الخصوصية ومقاولات التشغيل المؤقت والوكالات الفنية، والتي من شأنها تمكين الوزارة
من مؤشرات كفيلة بالوقوف على مدى احترام هذه المقاولات لمقتضيات تشريع الشغل؛
5.
توجيه دورية إلى السادة مندوبي التشغيل بهدف حصر وجرد
مقاولات التشغيل المؤقت الخاضعة لنفوذها الترابي ومضاعفة المراقبة لها للتأكد من
مدى احترامها للمقتضيات القانونية واتخاذ اللازم عند الضرورة؛