التأطير الدستوري للمركزية الإدارية
التأطير الدستوري للمركزية
الإدارية
يتأثر التنظيم الإداري
في أي دولة بشكل الدولة الدستوري: دولة بسيطة أو دولة مركبة، و أيضا بظروفها
الاجتماعية من تاريخية و سياسية و اقتصادية و دينية و جغرافية و قبلية....الخ و
المغرب دولة موحدة بسيطة من هنا فالسلطتان التشريعية القضائية مركزيتان دائما أما السلطة التنفيذية
فإذا تم التفكير في نوع من اللامركزية فذلك يقتصر على الوظيفة الإدارية وحدها.[1]
إن خصوصيات المغرب
الناتجة عن تطوره التاريخي و الحضاري جعلته يعرف مؤسسات و تنظيما إداريا بالثرات
الحضاري العربي و الإسلامي.[2]
وقد عرفت الأجهزة
الإدارية في المغرب العديد من التطورات شأنها شأن عدد من الدول حيث تطور التنظيم
الإداري في توالي صدور مجموعة من القوانين الأساسية والنصوص التشريعية الرمية الى
ادخال تعديلات جوهرية على الوضع السياسي القائم، حيث مست هذه التعديلات كل
المجالات أسفرت عن هيكلة الإدارة المغربية بصورة جذرية وقد خضع المغرب لتطور ملحوظ
في تطور ادارته المركزية وادارته الترابية.
و هكذا كأي دولة تتوفر بلادنا على إدارة مركزية تتميز عن الإدارة الترابية التابعة للهيئات
اللامركزية الترابية حيث تخص كافة أجزاء الدولة و ترتبط بتسيير مختلف القضايا
الوطنية، في حين أن الثانية تخص وحدات ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية و تعرف
بالجماعات الترابية ، إن التأطير الدستوري للتنظيم الإداري ترتبط لا محالة بدراسة
السلطات المركزية التي تمارس اختصاصات سياسية و اختصاصات إدارية، فجلالة الملك
يمارس بعض الاختصاصات الإدارية و الوزراء لهم في نفس لهم سلطات سياسية و إدارية،
كما يأخذ المغرب بنظام المركزية مع اللاتركيز حيث تباشر السلطات المركزية
اختصاصاتها من العاصمة و تستعين في القيام بمهامها بمصالح خارجية أو لاممركزة
تابعة للإدارة المركزية[3]
ومن خلال تحليل الهيأت و السلطات الإدارية المنوط بها
القيام بمهام الإدارة المركزية بالمغرب نجد الإدارة المركزية تتكون من الملك، الحكومة، الأجهزة المحلية لإدارة الدولة.
الفقرة الأولى: الملك
يعد النظام الملكي في
المغرب من أقدم النظم الملكية، حيث يعتبر الملك دائما السلطة السياسية و الإدارية
الأولى في البلاد، حيث يعتبر رئيسا للدولة يمارس مهامها، مما جعل منه محور النظام
الدستوري و السياسي، فدستور 2011 ميز بين الاختصاصات الدستورية و المدنية للملك،
إذ يقر في فصله الأول أن نظام الحكم في المغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية
برلمانية و اجتماعية. و إذا كان الوثيقة الدستورية قد نقلت موقع المؤسسة الملكية
على مستوى الهندسة الدستورية الى الباب الثالث عوض الباب الثاني فإنها نصت على أن
الملك رئيس الدولة و ممثلها الأساسي و رمز وحدة الأمة، و ضامن دوام الدولة و
استمرارها و الحاكم الأسمى بين مؤسساتها يسهر على احترام الدستور، و حسن سير
المؤسسات الدستورية و على صيانة الاختيار الديمقراطي و حقوق و حريات المواطنين، و
الجماعات و على احترام التعهدات الدولية للمملكة و الملك هو ضامن استقرار البلاد و
حوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.
و يمارس الملك هذه المهام بمقتضى الظهائر المخولة له
صراحة بنص الدستور، و مما يوضح أهمية المؤسسة الملكية الفصل 41 من الدستور الذي
ينص على أن " الملك أمير المؤمنين و حامي الملة و الدين، و الضامن لحرية
ممارسة الشؤون الدينية"
و إذ يهمنا في هذا المقام دراسة اختصاصات الملك في
المجال التنفيذي سواء في الحالة العادية أو الاستثنائية حيث وردت على وجه التحديد
وفق فصول الدستور وفق مايلي:
1- تعيين رئيس الحكومة و أعضائها (الفصل 47) حيث يعتبر من مستجدات دستور 2011 ربط تعيين الملك لرئيس الحكومة بالحزب الذي
تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب و على أساس نتائجها. كما يقوم بتعيين أعضاء
الحكومة بإقتراح من رئيسها، و على خلاف الدساتير السابقة التي عرفها المغرب عملت
الوثيقة الدستورية لفاتح يوليو على استحضار الفترة الفاصلة بين انتهاء الولاية
الحكومية و تعيين الحكومة الجديدة من خلال تنظيم ما يعرف باختصاصات حكومة تدبير
الأمور الجارية
2- رئاسة المجلس الوزاري (الفصل 48): يرأس الملك المجلس
الوزاري الذي يضم رئيس الحكومة و الوزراء مع استثناء كتاب الدولة الذي يجتمع
بمبادرة منه أو بطلب من رئيس الحكومة، و يمكنه تفويض ذلك لرئيس الحكومة بناء على
جدول أعمال محدد. حيث تمارس الحكومة اختصاصاتها تحت إشراف الملك الذي يرأس المجلس
الوزاري الشئ الذي يمكنه من ممارسة سلطة فعلية في توجيه عمل الحكومة في مختلف
المجالات، إذ تعرض عليه المسائل المهمة على النحو المحدد في الفصل 49.
3- التعيين بإقتراح من رئيس الحكومة و بمبادرة من الوزير
المعني في الوظائف المدنية التالية: والي بنك المغرب، السفراء و الولاة و العمال،
و المسؤولون اعن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي و المسؤولين عن المؤسسات و
المقاولات العمومية الاستراتيجية و التي تم تحديدها لائحتها بقانون تنظيمي (الفقرة
الأخيرة من الفصل 48)
و يعد الملك القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية
(الفصل 53) و يعين في المناصب العسكرية بدءأ من درجة نقيب فما فوق. و يرأس الملك
المجلس الأعلى للأمن و له حق تفويض ذلك لرئيس الحكومة ( الفصل 54)
و لقد أثار موضوع الطبيعة القانونية للقرارات الملكية
الصادرة في المجال الإداري نقاشا قضائيا و فقهيا، حيث أن الوقوف عند صلاحيات الملك
التنفيذية و خاصة في المجال الإداري يحيل على ضرورة اتخاذ الملك لتدابير فردية و
ذات طبيعة تنظيمية من أجل إعمال صلاحياته و السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن اعتبار
الملك سلطة إدارية و بالتالي قراراته قرارات إدارية، إن الإجابة عند هذا السؤال
تتطلب الوقوف على تطور تعاطي القضاء مع هذه القرارات حيث صرح المجلس الأعلى منذ
البداية عنم اختصاصه في الطعون الموجهة ضد الظهائر أو المراسيم معللا ذلك أن الملك
يمارس اختصاصاته الدستورية بوصفه أميرا للمؤمنين و لايمكن اعتباره سلطة إدارية
مؤكدا أن القضاء من وظائف الإمامة و مندرج في عمومها و القاضي عندما يصدر أحكاما
فهو ينوب عن جلالة الملك. حيث لا ملجأ لصاحب الشأن الى اللجوء الى جلالة الملك على
سبيل الاستعطاف.
و قد استمر القضاء الإداري في نفس التوجه رغم أن المادة
11 من قانون المحاكم الإدارية نصت على أن
المحكمة الإدارية في الرباط تختص في النظر في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية
للأشخاص المعينين بظهير شريف أو مرسوم " لكن الواقع يؤكد أن الأمر لايتعلق بصفة مباشرة
بالقرارات الملكية لكن بالتسوية التي هي عمل مادي في اختصاص السلطة الإدارية و
التي تقترح على الملك تلك التسوية.
و إذا كان دستور 2011 قد نص في الفصل 118 على أن كل قرار
اتخذ في المجال الإداري سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام الهيئة
الإدارية المختصة فإن المحكمة الإدارية في الرباط في حكمها رقم 3236 بتاريخ 16
شتنبر 2016 ذهبت الى تأكيد استثناء القرارات الملكية من الطعن القضائي، و لم تقتصر
حصانة المراسيم و الظهائر الملكية ضد دعوى الإلغاء بل انصرفت أيضا الى دعوى
التعويض.
و إذا كان الملك هو السلطة العليا في البلاد و يمثل
الركن الأساسي في السلطة المركزية فإنه من الطبيعي أن يستعين بهيأت و أشخاص خاضعين
يساعدونها في المهام المسندة إليه و على رأس هذه الهيأت يوجد الديوان الملكي و
الهيأت الاستشارية التي أقر بها مؤسسات دستورية حيث نص دستور 2011 على إحداث بعض
الهيئات و نص على بعض المقتضيات التنظيمية لها و من بين هذه المؤسسات الدستورية
التي نص عليها دستور 2011:
-
المجلس الاقتصادي و
الاجتماعي و البيئي (الفصل 151)
-
المجلس الوطني لحقوق
الإنسان (الفصل 161)
-
مؤسسة الوسيط (الفصل
162)
-
مجلس الجالية المغربية بالخارج
(الفصل 163)
-
الهيأة المكلفة
بالمناصفة و محاربة جميع أشكال التمييز ( الفصل 164)
-
الهيأة العليا للاتصال
السمعي البصري (الفصل 165)
-
مجلس المنافسة (الفصل
166)
-
الهيأة الوطنية للنزاهة
و الوقاية من الرشوة و محاربتها (الفصل 167)
-
المجلس الأعلى للتربية و
التكوين و البحث العلمي (168)
-
المجلس الاستشاري للأسرة
و الطفولة (الفصل 169)
-
المجلس الاستشاري للشباب
و العمل الجمعوي (الفصل 169)
الفقرة الثانية الحكومة:
إن ظهور الحكومات في شكلها الحالي لم يكن وليد
مرحلة تاريخية و إنما جاء نتيجة لتطور أنظمة الحكم و تطور الدولة بشكل خاص، و لكن
بالرغم من قدمها فإن ذلك لايعني أنها جهاز محدد المعالم و معروف بشكل دقيق، ذلك أن
الدساتير لم تعمل في الغالب على تعريفها و إن كانت قد حددت مكوناتها كما هو الحال
في المغرب. حيث عرف كبلد مستقل تنظيمه الخاص للسلطة و الإدارة المركزية، إذ كانت
الى جانب السلطان المغربي عبر الحقب التاريخية حكومة تساعده على إدارة شؤون الأمة
كانت تعرف باسم المخزن.
و تعددت التعاريف التي
أعطيت لها[4] و الأقرب
الذي يسير في الاتجاه الذي حدد في الدستور في كون الحكومة محصورة في رئيس الحكومة
و الوزراء.
و تمتل الحكومة المكون
الثاني في النظام الإداري المغربي بعد الملك، و تضطلع بمجموعة من المهام مرتبطة
بممارسة السلطة التنفيذية، فطبقا للدستور المغربي لسنة 2011 تتألف الحكومة من رئيس
الحكومة و الوزراء و ممكن أن تضم كتابا للدولة، حيث أنه بعد تعيين الملك لأعضاء
الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين و يعرض البرنامج الذي
يعتزم تطبيقه، و يجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة
القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني، و يكون هذا البرنامج موضوع نقاش أمام
كلا المجلس، يعقبهما تصويت في مجلس النواب.
و تعتبر الحكومة منصبة
بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، و كسائر بلدان العالم تمارس الحكومة السلطة
التنفيذية و تعمل تحث سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي و على ضمان تنفيذ
القوانين و الإدارة موضوعة تحث تصرفها، كما تمارس الوصاية و الإشراف على المؤسسات
و المقاولات العمومية.
و قد عرفت مؤسسة رئيس
الحكومة على امتداد فثراث تاريخية عدة تطورات و تحولات مهمة طالت تسميتها و
صلاحيتها في ممارسة السلطة التنفيذية، حيث سيعرف مركز رئيس خلال دستور2011 عدة
تغييرات مقارنة مع الدساتير السابقة فقد أصبح تعيينه مرتبط بنتائج انتخابات مجلس
النواب حيث يتم تعيينه من الحزب الذي تصدر الانتخابات، كما تقوت اختصاصاته و مهامه
بشكل ملحوظ، حيث بالإضافة الى رئاسته للمجلس الحكومي الذي تمت دسترها و توسعت صلاحيتها فطبقا للفصل
92 من الدستور يتداول مجلس الحكومة في
القضايا و النصوص التالية: السياسة العامة للدولة قبل عرضها على المجلس الوزاري،
السياسات العمومية، السياسات القطاعية، طلب الثقة من مجلس النواب قصد مواصلة
الحكومة تحمل مسؤوليتها، القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق الانسان و بالنظام العام،
مشاريع قوانين و من بينها مشروع قانون المالية قبل ايداعه بمكتب مجلس النواب،
مراسيم القوانين، مشاريع المراسيم التنظيمية، مشاريع المراسيم المنصوص عليها في
الفصول 65-66-70 من الدستور، المعاهدات و الاتفاقيات الدولية قبل عرضها على المجلس
الوزاري،
و قد أناط دستور 2011
لرئيس الحكومة ممارسة السلطة التنظيمية وفقا للفصل 90 من الدستور يمارس رئيس
الحكومة السلطة التنظيمية و يمكن أن يفوضها الى الوزراء، و تحمل المقررات
التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفون
بتنفيذها
و يقترح رئيس الحكومة
تعيين أعضاء الحكومة على الملك، و كذلك يمكنه كذلك اقتراح إعفاء عضو أو أكثر
بمبادرة منه أ بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية، كما يختص رئيس الحكومة
بالتعيين في الوظائف المدنية في الإدارات العامية، و في الوظائف السامية بالمؤسسات
و المقاولات العمومية طبقا للفصل 91 من الدستور.
و يمارس رئيس الحكومة
مهمة التنسيق بين الأنشطة الوزارية، و هو المؤهل للقيام بهذا الدور لاعتباره
المسؤول عن خلق التناسق و الانسجام بين مكونات الحكومة، و لتحقيق هذه الغاية يحرص
رئيس الحكومة على توحيد الروئ بين الوزراء، و تقريب وجهات النظر وحل الخلافات
لضمان وحدة و تجانس العمل الحكومي.
و توجد الى جانب رئيس
الحكومة مجموعة من المصالح و الهيأت تساعده في ممارسة مهامه السياسية و الإدارية.
تعتبر تشكيلة الوزارء
المكون الثاني للحكومة بعد رئيسها و تتألف الحكومة حسب الفصل 87من الدستور من رئيس الحكومة و
الوزراء و يمكن أن تضم كتاب دولة و يحدد قانون تنظيمي خاصة القواعد المتعلقة
بتنظيم و تسيير أشغال الحكومة و الوضع القانوني لأعضائها ، و يذكر أنه حسب ظهير
تعيين أعضاء الحكومة فإنها تتكون بالإضافة الى رئيسها من وزراء من من لهم صفة
وزراء دولة أو وزراء أو وزراء منتدبون لدى رئيس الحكومة أو لدى الوزراء و من
الأمين العام للحكومة بصفته وزيرا.
و يجمع الوزير داخل
الحكومة بين دورين أحدهما سياسي يكمن في اعتباره عضو داخل الحكومة يعين من طرف
الملك باقتراح من رئيس الحكومة و يشارك في رسم السياسة العامة للدولة، و يتحمل
بذلك التبعات السياسية لاختياره، أما اختصاصه الإداري فيتمثل في ممارسة السلطة
التنظيمية المفوضة من رئيس الحكومة، كما يعتبر الرئيس التسلسلي للعاملين بوزارته،
لذا يتخذ جميع الإجراءات التي تضمن السير العادي للعمل الإداري داخل وزارته بما في
ذلك حق التعيين و التأديب، و إبرام العقود و ممارسة سلطة الوصاية.
و يعتبر كاتب الدولة
طبقا للفصل 87 من الدستور عضوا في الحكومة و يساعد كاتب الدولة الوزير أو رئيس
الحكومة في أداء مهامه عن طريق التفويض بشكليه تفويض الاختصاص و تفويض التوقيع، و
يشتغل كاتب الدولة تحت سلطة الوزير أو رئيس الحكومة سواء في الأعمال الت يقوم بها
إلى جانبه أو تلك التي أسندت إليه بشكل مستقل.
الفقرة الثالثة: المصالح
المركزية
و لكي تقوم الإدارة
المركزية عن طريق مختلف الوزارات بتدبير أنشطتها فإنها تستعين بمجموعة من المصالح
المركزية التي تقوم بتدبير شؤون الوزارة، و القيام بكل الأعمال المرتبطة بالتنظيم
و التخطيط و المراقبة، كما تتكلف بإعداد السياسة الحكومية المرتبطة بالقطاع، و
تحديد برنامج عمل المصالح الخارجية للوزارة، و تقييم حاجياتها، و تتشكل هذه المصالح
من كتابة عامة التي تعتبر القلب النابض للوزارة و الساهرة على ضمان مبدأ
الاستمرارية للوزارة بالإضافة الى مفتشية عامة و مديريات مركزية و أقسام و مصالح.
الففرة الرابعة المصالح
اللاممركزة
إن اللاتمركز الإداري يعني
عدم تركيز السلطة و توزيعها بين البنيات و المستويات الإدارية المختلفة في التنظيم
الإداري على مستوى الدولة و تتثمل مهمته في نقل اختصاصات الإدارة المركزية الى
الإدارات البعيدة عنها جغرافيا، للقيام بمهام معينة عهدت بها إليهم، باستثناء تلك
التي لا يمكن تفويضها بموجب نصوص تشريعية أو تنظيمية، تخويل المصالح الجهوية و
الإقليمية صلاحيات اتخاذ القرارات وفق منظومة تفويض السلطة أو التوقيع مما يسمح
بتخفيف العبء عن الإدارات المركزية بالسرعة في اتخاذ القرارات على المستوى المحلي
عوض انتظار قرار القيادة المركزية، و بالسرعة في انجاز البرامج و بسهولة التنسيق
بين الإدارات في الجهة والإقليم و بتحفيز المسؤولين المحليين من خلال اتاحة الفرصة
لهم بالمشاركة في عمليات اتخاذ القرار.
لقد نص المشرع الدستوري طبقا للفصل
145 من الدستور على أن الولاة والعمال يمثلون السلطة المركزية في الجماعات
الترابية ويعملون على تأمين تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها،
كما يمارسون المراقبة الإدارية بالإضافة الى وظيفتي التنسيق وتدبير المصالح اللامركزية
والسهر على حسن سيرها.
و هكذا يتبين أن الدستور المغربي سعى
الى تقوية دور الولاة و العمال في مجال اللاتركيز بمنحهم صلاحيات واسعة في هذا
المجال، و كذا الارتقاء بوضعية مندوبيات الوزراء من المصالح الخارجية الى المصالح
اللامركزية تجسيدا لسياسة اللاتركيز، و هكذا يتبين أن وظيفة رجال السلطة السلطة الذين يتمتعون
بنظام خاص و متميز عن الهيأت الإدارية الأخرى لا تقتصر على تمتيل الدولة في
الجماعة التي يتواجد بها بل له من الاختصاصات مايجعله بحق أحد الفاعليين الأساسيين
في المجال الاقتصادي، و يتبين ذلك من خلال مشاركته في جل القرارات ذات الطبيعة
الاقتصادية المتخذة على المستوى المحلي، و يتوفر الوالي و العامل على اختصاصات
متنوعة و كثيرة يستمد مشروعيتها من الإطار الدستوري الذي يخول له صفة ممثل الدولة
في الجهات و العمالات و الأقاليم و بذلك أصبحت لهم وظائف تأمين تطبيق القانون القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة
ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية، كما يقوم الولاة و العمال تحت سلطات
الوزراء المعنيون بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية و يسهرون على حسن سيرها، و لم
يعد ممثلي الدولة في الجهات و العمالات و الأقاليم يمارسون أعمال إداية فحسب بل
أصبحوا مكلفون بالتنسيق بين المصالح اللامتمركزة للادارات المدنية التابعة للدولة
و المؤسسات العمومية المتواجدة داخل النفوذ الترابي للولايات و العمالات. غير أن
دورهم لا ينحصر فقط في التنسيق بل يمتد كذلك الى المبادرة و النهوض بتلك الأعمال و
المصالح و الإشراف عليها و تتبعها و ذلك بتنسيق متبادل بينهم و بين السلطة
المركزية حول المشاريع المزمع إنجازها في تراب الولاية أو العمالة و كذا مستويات
تنفيذ تلك المشاريع.
إن اختيار المشرع المغربي لاسم المصالح
اللاممركزة بدل المصالح الخارجية يدل على الأهمية التي يحظى نظام اللاتركيز
الإداري ببلادنا، هذا الاختيار جاء العوامل التالية: نهج سياسة لتجميع المصالح
اللاممركزة على المستوى الجهوي وذلك في الاتجاه التخلي عن التموقع الإقليمي لفائدة
التموقع على المستوى الجهوي، تفويض صلاحيات للإدارات الجهوية
[2] عبد القادر باينة، التنظيم الإداري بالمغرب،
دار النشر المغربية الطبعة الثانية، السنة 1991، الصفحة 5