مفهوم البيروقراطية
قد تعددت التعريفات المعطاة للبيروقراطية وتشعبت معانيها لكثرة
استعمالاتها وتداولها، مما أدى إلى الخلط في التفسير. ولتوضيح ذلك سنحاول
الوقوف على مفهومها من الناحية اللغوية
والتنظيمية وكما عرفها
ماكس فيبر رائد نظرية البيروقراطية.
❶ المفهوم اللغوي:
لقد ظهرت اتجاهات عديدة، اختلفت حول أصل كلمة بيروقراطية نظرا لكونها كلمة قديمة وشائعة وكثيرة الاستعمال والتداول في مجالات مختلفة وهذا ما زاد من غموض المصطلح.
إن لفظ البيروقراطية من الناحية اللغوية قد ورد بمعان مختلفة حيث يمثل هذا المصطلح في اللغة العربية ترجمة للمصطلح الإنجليزي ( ) bureaucracyالذي يتكون من شقين، فالنصف الأول من الكلمة أي المكتب، يرجع أصله اللغوي إلى اللفظ اللاتيني Burusومعناه اللون الداكن المعتم، الذي يتناسب مع المهابة التي يتسم بها الموظف الحكومي، كما قد يكون كذلك تعبيرا عن التستر على السلوك الوظيفي السيئ من ناحية أخرى، بالإضافة إلى هذا فإن اللغة الفرنسية تحوي كذلك كلمة قريبة من هذا اللفظ ( )la bureوالمعبرة عن نوع من الأقمشة التي تستخدم كغطاء للمناضد والمكاتب التي يجتمع
حولها رجال الحكومة، وقد اشتق من هذا القماش المغطي للمنضدة كلمة bureauليطلق في ما بعد على المكتب[1]
أما النصف الثاني من الكلمة (قراطية) أو( )cracyبالإنجليزية و( )cratieباللغة الفرنسي فهي ذات أصل يوناني وتعني الحكم وهي غالبا ما تضاف إلى كلمات أخرى كالديمقراطية والتكنوقراطية والاوتوقراطية، تعني حكم المكتب[2]
ويتبين من خلال ما سبق أن مصطلح البيروقراطية في معناه اللغوي هو مشتق من كلمتين لاتينية وإغريقية فالأولى( )bureauوالثانية ( )cracyوتعني السلطة أو الحكم، ومنه فان كلمة بيروقراطية في شقها اللغوي تعني ممارسة العمل الإداري من خلال سلطة المكتب. كما اخذ لفظ البيروقراطية من الناحية اللغوية مفهوما سلبيا وهو المعنى المتداول والشائع في الأوساط الشعبية، فالبيروقراطية هي الإدارة بالإجراءات المطولة والملتزمة حرفيا باللوائح الجامدة والمعقدة والمتميزة بالبطء والجمود وتقديم الخدمة العامة[3]
❷ المفهوم التنظيمي.
من الناحية التنظيمية تعرف البيروقراطية بأنها نمط من التنظيم الإداري العقلاني يضم مجموعة علاقات اجتماعية وتفاعلات بين الأعضاء المشكلين له داخل الجهاز البيروقراطي وفق أسس وقواعد تحكم سلوكهم وأنها تسلسل هرمي محدد للسلطة، ومجموعة من الإجراءات والقواعد الرسمية، وتفاعل موضوعي لا يقوم على العلاقات الإنسانية والشخصية، واختيار للموظفين والتقدم والترقية تقوم على أساس مبدأ الاستحقاق ،ويتميز التنظيم البيروقراطي بمجموعة من الخصائص التي تبين طبيعته وهيكله
❸ مفهوم البيروقراطية عند ماكس فيبر.
قبل تعريف البيروقراطية عند ماكس فيبر فلابد من التطرق إلى مفهومين أساسيين لديه، وهما التنظيم والتنظيم البيروقراطي. يعرف التنظيم بأنه: ''اكتساب نمط معين من السلوك الذي يحقق بناء السلطة، وبالتالي فالتنظيم–حسبه-يضم مجموعة علاقات اجتماعية، وتفاعلات بين الأعضاء المشكلين له، بحيث يكون ذلك وفق الأسس والقواعد التي تحكم سلوكهم، ويتم ذلك على أساس نظام التسلسل الإداري، تقسيم العمل، وتحقيق الهدف''.[4]
أما التنظيم البيروقراطي فيعرفه ''فيبر'' بأنه: ''نموذج من الهيمنة الشرعية – العقلانية تبنى فيه السلطة على أساس قانوني يحدد بشكل مجرد وموضوعي وعلمي أساليب ممارستها بطريقة تلغي الولاءات الشخصية ويجعل السلطة ممارسة لصلاحية مثبتة قانونا، والطاعة وتنفيذ الأوامر لا تعود إلى شخص الرئيس الإداري إنما تعود إلى اللوائح القانونية التي تستند إليها سلطاته''.[5]
من الناحية العلمية، وكما هو معروف تعود النظرية البيروقراطية إلى عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر" "Max WEBERالذي يرجع له الفضل في وضع نموذج البيروقراطية عام 1921 والذي اعتبره أنجع النماذج حيث سماه النموذج المثالي" "le modèle bureaucratiqueوهو نموذج يهدف إلى التمكن من أداء الأهداف المحددة بصفة متقنة ويعتمد، في ذلك على سلطة المكاتب باعتبارها تنظيم رسمي والتي تسنَد لها مهمة توجيه الأوامر والتعليمات اللازمة وتقسيم العمل. وهو بذلك قد ألغى الطابع الذاتي
والشخصي في المنظمة وارتكز على الطابع الوظيفي.[6]
إن مفهوم البيروقراطية عند ''فيبر'' يعبر عن العقلانية في النظام الرأسمالي، بل والخاصية الجوهرية لها، والأداة الحيوية فيها. كما أن ''فيبر'' يعتبر البيروقراطية شكلا من أشكال الإدارة التي تقوم على شكل خاص من الشرعية التي تضفي صفة القوة والسلطة على المركز والوظيفة ولا تضفيها على الأفراد. فمن خلال التعريف الفيبري للبيروقراطية، نجد أنها عبارة عن عقلنة الإدارة، بحيث تكون السلطة فيها خاصة بالوظيفة وتتصف بالشرعية القانونية، فالبيروقراطية هي الشكل الأكثر تقدما للسلطة القانونية – العقلانية
❶ المفهوم اللغوي:
لقد ظهرت اتجاهات عديدة، اختلفت حول أصل كلمة بيروقراطية نظرا لكونها كلمة قديمة وشائعة وكثيرة الاستعمال والتداول في مجالات مختلفة وهذا ما زاد من غموض المصطلح.
إن لفظ البيروقراطية من الناحية اللغوية قد ورد بمعان مختلفة حيث يمثل هذا المصطلح في اللغة العربية ترجمة للمصطلح الإنجليزي ( ) bureaucracyالذي يتكون من شقين، فالنصف الأول من الكلمة أي المكتب، يرجع أصله اللغوي إلى اللفظ اللاتيني Burusومعناه اللون الداكن المعتم، الذي يتناسب مع المهابة التي يتسم بها الموظف الحكومي، كما قد يكون كذلك تعبيرا عن التستر على السلوك الوظيفي السيئ من ناحية أخرى، بالإضافة إلى هذا فإن اللغة الفرنسية تحوي كذلك كلمة قريبة من هذا اللفظ ( )la bureوالمعبرة عن نوع من الأقمشة التي تستخدم كغطاء للمناضد والمكاتب التي يجتمع
حولها رجال الحكومة، وقد اشتق من هذا القماش المغطي للمنضدة كلمة bureauليطلق في ما بعد على المكتب[1]
أما النصف الثاني من الكلمة (قراطية) أو( )cracyبالإنجليزية و( )cratieباللغة الفرنسي فهي ذات أصل يوناني وتعني الحكم وهي غالبا ما تضاف إلى كلمات أخرى كالديمقراطية والتكنوقراطية والاوتوقراطية، تعني حكم المكتب[2]
ويتبين من خلال ما سبق أن مصطلح البيروقراطية في معناه اللغوي هو مشتق من كلمتين لاتينية وإغريقية فالأولى( )bureauوالثانية ( )cracyوتعني السلطة أو الحكم، ومنه فان كلمة بيروقراطية في شقها اللغوي تعني ممارسة العمل الإداري من خلال سلطة المكتب. كما اخذ لفظ البيروقراطية من الناحية اللغوية مفهوما سلبيا وهو المعنى المتداول والشائع في الأوساط الشعبية، فالبيروقراطية هي الإدارة بالإجراءات المطولة والملتزمة حرفيا باللوائح الجامدة والمعقدة والمتميزة بالبطء والجمود وتقديم الخدمة العامة[3]
❷ المفهوم التنظيمي.
من الناحية التنظيمية تعرف البيروقراطية بأنها نمط من التنظيم الإداري العقلاني يضم مجموعة علاقات اجتماعية وتفاعلات بين الأعضاء المشكلين له داخل الجهاز البيروقراطي وفق أسس وقواعد تحكم سلوكهم وأنها تسلسل هرمي محدد للسلطة، ومجموعة من الإجراءات والقواعد الرسمية، وتفاعل موضوعي لا يقوم على العلاقات الإنسانية والشخصية، واختيار للموظفين والتقدم والترقية تقوم على أساس مبدأ الاستحقاق ،ويتميز التنظيم البيروقراطي بمجموعة من الخصائص التي تبين طبيعته وهيكله
❸ مفهوم البيروقراطية عند ماكس فيبر.
قبل تعريف البيروقراطية عند ماكس فيبر فلابد من التطرق إلى مفهومين أساسيين لديه، وهما التنظيم والتنظيم البيروقراطي. يعرف التنظيم بأنه: ''اكتساب نمط معين من السلوك الذي يحقق بناء السلطة، وبالتالي فالتنظيم–حسبه-يضم مجموعة علاقات اجتماعية، وتفاعلات بين الأعضاء المشكلين له، بحيث يكون ذلك وفق الأسس والقواعد التي تحكم سلوكهم، ويتم ذلك على أساس نظام التسلسل الإداري، تقسيم العمل، وتحقيق الهدف''.[4]
أما التنظيم البيروقراطي فيعرفه ''فيبر'' بأنه: ''نموذج من الهيمنة الشرعية – العقلانية تبنى فيه السلطة على أساس قانوني يحدد بشكل مجرد وموضوعي وعلمي أساليب ممارستها بطريقة تلغي الولاءات الشخصية ويجعل السلطة ممارسة لصلاحية مثبتة قانونا، والطاعة وتنفيذ الأوامر لا تعود إلى شخص الرئيس الإداري إنما تعود إلى اللوائح القانونية التي تستند إليها سلطاته''.[5]
من الناحية العلمية، وكما هو معروف تعود النظرية البيروقراطية إلى عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر" "Max WEBERالذي يرجع له الفضل في وضع نموذج البيروقراطية عام 1921 والذي اعتبره أنجع النماذج حيث سماه النموذج المثالي" "le modèle bureaucratiqueوهو نموذج يهدف إلى التمكن من أداء الأهداف المحددة بصفة متقنة ويعتمد، في ذلك على سلطة المكاتب باعتبارها تنظيم رسمي والتي تسنَد لها مهمة توجيه الأوامر والتعليمات اللازمة وتقسيم العمل. وهو بذلك قد ألغى الطابع الذاتي
والشخصي في المنظمة وارتكز على الطابع الوظيفي.[6]
إن مفهوم البيروقراطية عند ''فيبر'' يعبر عن العقلانية في النظام الرأسمالي، بل والخاصية الجوهرية لها، والأداة الحيوية فيها. كما أن ''فيبر'' يعتبر البيروقراطية شكلا من أشكال الإدارة التي تقوم على شكل خاص من الشرعية التي تضفي صفة القوة والسلطة على المركز والوظيفة ولا تضفيها على الأفراد. فمن خلال التعريف الفيبري للبيروقراطية، نجد أنها عبارة عن عقلنة الإدارة، بحيث تكون السلطة فيها خاصة بالوظيفة وتتصف بالشرعية القانونية، فالبيروقراطية هي الشكل الأكثر تقدما للسلطة القانونية – العقلانية
[2] خليل محمد حسن الشماع وخضير كاظم حمود ،
نظرية المنظمة ،ط، 1عمان ، دار المسيرة
للنشر والتوزيع والطباعة
[5] عبد الستار إبراهيم دهام ، التنظيم البيروقراطي
إزاء الفكر الإداري المعاصر: اطار نظري ،مجلة جامعة الأنبار للعلوم الاقتصادية
والإدارية
[6] مهدي زويلف و علي العظايلية : إدارة المنظمة :
نظريات و سلوك . دار المجدلاوي للنشر و التوزيع ، عمان، الأردن