النظام القانوني لأملاك الدولة.

 

النظام القانوني لأملاك الدولة.

يعرف المغرب منظومة عقارية مركبة ومعقدة ناتجة عن مجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وقد نتج عن هذه الوضعية تنوع في الأنظمة القانونية المؤطرة للعقار، وفي هذا الصدد أفاد تقرير تركيبي حول قطاع العقار بالمغرب بمناسبة انعقاد المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية ودورها في التنمية، "أن نمط تدبير بنيات المنظومة العقارية بجميع مكوناته، بما فيها الملك العمومي والخاص للدولة، يعرف العديد من الإختلالات والاكراهات مما يحد من دوره في التنمية، فالنظام العقاري لملك الدولة والذي ينظم بمقتضى ظهير 1 يوليوز 1914 كما وقع تغييره وتتميمه، أصبح متجاوزا وعاجزا عن مسايرة التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب اليوم كما أن جمود القواعد الحامية للملك العام ولا سيما قاعدتي عدم قابلية الملك العام للتصرف فيه وعدم قابليته للتقادم والتي إن كانت تحقق الحماية الفعلية لهذا الملك، كثيرا ما تكون سببا في عدم تثمينه وتحول دون تعبئته لخدمة أهداف التنمية".[1]

وفي تقرير للمجلس الأعلى للحسابات جاء فيه: "لم يعط المشرع المغربي تعريفا دقيقا للملك الخاص للدولة وللنظام القانوني الذي يخضع لتطبيقه، إلا أنه، وحسب التعريف الأكثر شيوعا، يتكون هذا الملك، من جهة من العقارات التي لا تدخل في نطاق الملك العمومي المنظم بظهير فاتح يوليوز 1914 ومن جهة أخرى من العقارات التي لا تخضع للأنظمة الخاصة من التشريع العقاري المغربي كالحبوس والملك الغابوي وأراضي الجموع. فعلا فهذا التعريف بمفهومه النافي المتعارف عليه، ينطوي على صعوبات تتعلق بضبط الوعاء العقاري للملك الخاص للدولة وطبيعته ووظائفه ومساطر تدبيره وتثمينه وضمان حقوق والتزامات الدولة باعتبارها صاحب الملك وكذا النظام القانوني المطبق عليه، كما يظل غياب التعرف الدقيق على العقارات التابعة لأملاك الدولة وعدم ضبط محفظة عقاراتها والقيام بإحصاء شامل لعقاراتها حيث نجد فوارق ما بين محفظــة أملاك الدولة والعقارات المخصصة أو تلك الموضوعة رهن إشـارة الأجهزة العمومية أو تلك المتأتية من مساطر خاصة للاسترجــاع أو الضم،ففي سنة 2014 قدرت الأملاك العقارية التي تدبرها مديرية أملاك الدولة بحوالي1.703.677 هكتار بقيمة افتتاحية مسجلة بالحصيلة المحاسبية للدولة تناهز 567 مليار درهم وحسب طبيعة الأملاك فإن 69% (136 مليار درهم( من هذه العقارات تتواجد بالوسط القروي و23% (128 مليار درهم) بالمدار شبه الحضري و8%    (303 مليار درهم(  بالمدار الحضري، كما أن البنية العقارية غير المتجانسة، بالنظر إلى أصولها التاريخية للتملك، تزيد من تعقيد تعبئة العقار، حيث أن الرأسمال العقاري يتكون من عدة أصناف من العقارات تتسم بالتنوع والاختلاف من حيث طبيعتها ومساطر تطهيرها، ويضم هذا الرأسمال العقاري أساسا عقارات تتميز بأقدمية تبعيتها للملك الخاص للدولة والأراضي المسترجعة من الاستعمار في إطار ظهير 2 مارس 1973 والتحديدات الإدارية المصادق عليها والتي هي في طور المصادقة والأراضي المسترجعة في إطار ظهير 26 شتنبر 1963 والأراضي المصادرة في إطار ظهير 1958 والتي تشكل بالتتابع حوالي 42% و22 % و%14,02 و 8,45 % و3 % من المساحة الإجمالية، وعلاوة على ذلك فإن تعبئة الملك الخاص للدولة يعيقها عدم استكمال عملية تطهير وضعيته القانونية؛ ففيما يخص تحفيظ الملك الخاص للدولة، يتبين من خلال تحليل ما تم إنجازه في مجال التحفيظ بأن أكثر من نصفه أي%53     ( 890.916 هكتار ) محفظ، وتشكل العقارات التي هي في طور التحفيظ حوالي 41%            (694.276  هكتار ) لكنها تعاني من عدة عراقيل استمرت لعدة سنوات على مستوى مختلف مراحل مسطرة التحفيظ العقاري (مرحلة إيداع مطلب التحفيظ والتحديد والمسح وتأسيس الرسوم العقارية) أما الباقي ومساحته ( 105.903 هكتار) بنسبة6 % فلم يتم تحفيظه بعد"[2].  

بعد هذه الإطلالة على ما تعرفه المنظومة العقارية ببلادنا من تعقيد وتركيب نتج عن مجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، مما أدى إلى تنوع في الأنظمة القانونية المؤطرة للعقار، وبالتالي شكل سببا في عدم تثمينه والإحالة دون تعبئته لخدمة أهداف التنمية وجلب الاستثمارات،        بقي أن نقف على الإصلاحات المتعاقبة لمدونة الاستثمارات.   



[1]  مذكرة تركيبية حول المناظرة الوطنية للسياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مرجع سابق.

[2]  تقرير المجلس الأعلى للحسابات، مرجع سابق. 


 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق