الإكراهات المتعلقة بتفويت الملك الخاص للدولة

 

عدم تعريف المشرع للملك الخاص للدولة و عدم تحديد نظامه القانوني و عدم ضبط محفظة عقارات الدولة

لم يعطي المشرع المغربي تعريفا دقيقا للملك الخاص للدولة وللنظام القانوني الذي يخضع للتطبيق هالا انه حسب التعريف الأكثر شيوعا, يتكون هذا الملك من جهة من العقارات التي لا تدخل في نطاق الملك العمومي المنظم بظهير فاتح يوليوز 1914ومن جهة أخرى من العقارات التي لا تخضع للأنظمة الخاصة من التشريع العقاري المغربي كالحبوس والملك الغابوي وأراضي الجموع

فهذا التعريف بمفهومه النافي المتعارف عليه ينطوي على صعوبات تتعلق بضبط الوعاء الخاص لدولة وطبيعته ووظائفه ومساطر تدبيره وتثمينه وضمان حقوق والتزامات الدولة باعتبارها صاحب الملك وكذا النظام القانوني المطبق عليه.
كما يظل غياب التعرف الدقيق على العقارات التابعة للأملاك الدولة وعدم ضبط محفظة عقاراتها وكذا العقار القابل للتعبئة حاجز كبيرا يحول دون القيام بتثمين امثل للعقار الدولة, ولحد الآن لم تقم السلطات العمومية بعد بإحصاء شامل لعقاراتها.
وزيادة على ذلك فان أداة الإحصاء العقاري غير متوفرة حيث نجد فوارق مابين محفظة أملاك الدولة والعقارات المخصصة أو تلك الموضوعة رهن إشارة الأجهزة العمومية أو تلك المتأتية من مصادر خاصة للاسترجاع أو ضم ) المصادرات والأراضي المسترجعة من الاستعمار, التركات الشاغرة أوبلا وارث , والأراضي التي لا مالك لها...

البنية العقارية الغير المتجانسة و عدم استكمال تطهير الوضعية القانونية لأملاك الدولة

في سنة , 2014قدرت الأملاك العقارية التي تدبرها مديرية أملاك الدولة بحوالي 1.703.677هكتار بقيمة افتتاحية مسجلة بالحصيلة المحاسبية للدولة تناهز 567مليار درهم.وحسب طبيعة الأملاك,فان %69من هذه العقارات تتواجد بالوسط القروي و %23بالمدار شبه الحضري و 8 في المائة بالمدار الحضري .
كما أن البنية العقارية غير المتجانسة, بالنظر إلى أصولها التاريخية للتملك تزيد من تعقيد تعبئة العقار. حيث أن الرأسمال العقاري يتكون من عدة أصناف من العقارات تتسم بالتنوع و الاختلاف من حيث مساطرها و مصادر تطهيرها.
ويضم هذا الرأسمال العقاري أساسا عقارات تتميز بأقدمية تبعيتها للملك الخاص للدولة و الأراضي المسترجعة من الاستعمار في إطار ظهير 2مارس 1973و التحديدات الإدارية المصادق عليها والتي هي في طور المصادقة و الأراضي المسترجعة في إطار ظهير 26شتنبر 1963والأراضي المصادرة في إطار ظهير 1958و التي تشكل بالتتابع %42و
%22و%14.02و%8.45و %3من المساحة الإجمالية

علاوة على ذلك فان تعبئة الملك الخاص للدولة يعيقها عدم استكمال عملية تطهير و وضعيته القانونية و فيما يخص تحفيظ الملك الخاص للدولة يتبين من خلال تحليل ما تم انجازه في مجال التحفيظ أن أكثر من نصفه%890.916)53هكتار( محفظ وتشكل العقارات التي في طور التحفيظ حوالي %694.276)41هكتار( لكنها تعاني من عدة عراقيل,استمرت لعدة سنوات على مستوى مختلف مراحل مسطرة التحفيظ العقاري مرحلة إيداع مطلب التحفيظ و التحديد و المسح و تأسيس الرسوم العقارية(.أما الباقي مساحته)105.903هكتار(بنسبة %6فلم يتم تحفيظه بعد

غياب سياسة عقارية و غياب أجهزة مكلفة بالرصد و ضبط الأسواق العقارية

في غياب سياسة عقارية فإن أساس عمل الدولة في مجال العقار ينحصر في عمليات التفويت والاقتناء والتخصيص والكراء استجابة للحاجيات الآنية التي يعبر عنها المستثمرون, في حين يستوجب أن تكون هذه العمليات كنتيجة للتخطيط استراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تمكن, من جهة, من الاستعمال العقلاني للثروة العقارية ومن جهة أخرى, من العمل على خلق التناسق وإيجاد نقاط الالتقاء بين السياسات العمومية القطاعية. غير انه وفي الواقع, فان آليات العمل في مجال العقار تعاني من عدة إختلالات تحول دون الاستجابة لمعايير التثمين والتدبير العقلاني للرأسمال العقاري.
بالإضافة إلى ما سبق, وبسبب تقلص الوعاء العقاري وارتفاع أسعار العقار وتعقد مساطر انجاز وثائق التعمير وثقلها مع ازدياد الطلب على العقار, فان الملك الخاص للدولة لا يمكن لوحده تلبية هذا الطلب حيث أن المصالح المكلفة بتدبير هذا القطاع تضطر في الغالب إلى تعبئة الأراضي تابعة لأنظمة عقارية أخرى كالملك العام وأراضي كيش وأراضي الجموع

تعدد المتدخلين في مجال بيع العقارات و عدم استجابة مساطر البيع الحالية لمتطلبات المستثمرين

تعاني مساطر التفويت من إكراه مرتبط بتعدد المتدخلين الذين ليس لهم نفس الوعي بأهمية العقار في مجال الاستثمار بالنسبة للاقتصاد الوطني, حيث إن أجهزة تنظيمية وأجهزة للمصاحبة مكلفة بالسهر على المراقبة والتتبع. تتدخل في الفعل الاستثماري. وقد أدى تعدد هؤلاء المتدخلين إلى إفراغ مبدآ الشباك الوحيد من محتواه وتم الابتعاد كل البعد عن نجاعته.
للإشارة فان الأجهزة التنظيمية تتكون أساسا من ولاة الجهات والعمال والمراكز الجهوية للاستثمار و المجالس الجهوية والجماعية وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والوكالة الوطنية للتحفيظ العقاري والمسح الخرائطي والوكالات الحضرية ومديرية أملاك الدولة...
أما فيما يخص الأجهزة المصاحبة فتضم اللجان الجهوية للاستثمار التي يترأسها مديرو المراكز الجهوية للاستثمار واللجنة مابين وزارية المكلفة بالاستثمارات واللجنة الإدارية للخبرة واللجنة التقنية للتحضير والتتبع واللجان المحلية للمعاينة تثمينات واللجان الاستثناءات المرخصة في مجال التعمير ولجان الجهوية المكلفة ببعض العمليات العقارية واللجان منح الحصص داخل المناطق الصناعية ولجان المناطق السياحية. بالإضافة إلى ماسبق, مازالت المساطر المتبعة للتعبئة العقار تعتمد على أدوات متجاوزة غير قادرة على الاستجابة الفورية للمتطلبات الآنية
للمستثمرين. وتتسم مجلس المساطر التفويت بتعقدها وبطئها سواء على مستوى الفاعلين الذين يتدخلون في دائرة البيع والأداء في معالجة ملفات الاستثمار أو على مستوى تتبع ومراقبة التثمينات التعاقدية للعقارات التي تم تفويتها من اجل الرفع من قيمتها

تعقيد مساطر التفويت

تتطلب مساطر التفويت غالبا مراحل طويلة الأمد,حيث تستغرق 250يوم كأجل أدنى لمعالجة ملفات الاستثمار يحتسب ما بين إيداع ملفات المتعلقة بالمشاريع الاستثمارية و إنهاء الأعمال المرتبطة بمعاينة استكمال الإجراءات الأولية دون احتساب الآجال الإضافية الناجمة عن تدخل شركاء آخرين في هذه المسطرة خصوصا اللجان الخاصة.
هذا,ويتطلب إرسال الطلبات المودعة من لدن المستثمرين أجلا أقصاه 20 يوما ابتداء من تاريخ تسلمه و 30يوما لكل من الدراسة حول مشاريع الاستثمار التي تنجز من لدن المركز الجهوي للاستثمار و الدراسة التي تنجزها اللجنة الفنية المكلفة بالقيام بالتحضيرات و التتبع,و تستغرق مرحلة تفويت العقار التابع للملك الخاص للدولة 80يوما و تتطلب معاينة
الإجراءات الأولية الملزمة للمستثمر 90يوما
علاوة على ذلك فقد تطول مدة هذه المسطرة أكثر إذا احتسبنا الأجل اللازم لإتمام أعمال اللجنة المكلفة بمعاينة التثمين التي تنعقد على أساس كل 6أشهر موزعة على المدة المخصصة لتثمين مشروع الاستثمار

اختلالات تتعلق بتحديد ثمن البيع

تعرف مساطر التفويت بعض النواقص المرتبطة بتسيير وتعلق بتحديد أثمنة البيع. ذلك أن منشور الوزير الأول رقم 209الصادر في 26 يونيو 1976المنظم للجنة الإدارية المكلفة بالخبرة لم يعطي تعريفا دقيقا لهذه الخبرة ولنطاقها القانوني. كما أن هذه اللجنة لا تتوفر على نظام يوضح طريقة اشتغالها وكيفية اتخاذ القرار والتصويت. أيضا فهذه المسطرة لم تحدد الإجراءات التي يتعين اتخاذها في حالة عدم الاتفاق حول ثمن البيع المقترح بين أعضاء اللجنة.
كما يجب أن يرتكز التقييم الصحيح للقيمة الملك العقاري على أساس موضوعية تأخذ بعين الاعتبار العناصر المادية)المساحة والمحتويات و الموقع الجغرافي و الموضع والحالة العامة وطبيعة التضاريس والتجهيزات الخ( و الوسائل القانونية)عقارات محفظة أو في طور التحفيظ والتهيئات المتوفرة والوضعية بالنسبة للوثائق التعمير الخ(.
إلا أن هذه اللجنة تعتمد في الغالب على الأثمنة المستنبطة في الأقصى من ثلاث معاملات عقارية تتعلق ببعض الأملاك العقارية المجاورة أو المحادية للعقار موضوع التفويت. وقد بين تحليل الأثمنة التي أبرمت بها عقود البيع مؤخرا أنها لا تعكس عموما واقع السوق العقارية حيث أن قيمة الأراضي موضوع التفويت تكون في بعض الأحيان اقل من أثمنة المعاملات العقارية

 
المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق