التطور القانوني للاستثمار بالمغرب
التطور القانوني للاستثمار بالمغرب
إن المغرب – المعروف بموقعه الاستراتيجي واقتصاده الليبرالي واستقراره السياسي وانفتاحه على الاستثمارات الوطنية والأجنبية، جعل من مدخل الاستثمار أهم الركائز الأساسية للتنمية، لبناء مجتمع ديمقراطي حادثي.
وفي سبيل تحقيق هدا الرهان عمل على إصدار ترسانة من النصوص القانونية المنظمة للاستثمار، كان أولها سنتين بعد الاستقلال لتنتظم بعد 37 سنة في إطار قانوني استثماري يضاهي بعض قوانين الاستثمار في الدول المقدمة، خصوصا وان هدا الإطار القانوني المتجلي في ميثاق الاستثمارات الصادر في 1995، حاول الاستجابة لمتطلبات التي مر منها الاقتصاد المغربي في ظل سياسة التقويم الهيكلي وبداية الانفراج السياسي.
وعليه فان سنة 1995تمثل فترة منفصلة في السياسة الاستثمارية للمغرب على اعتبار إن ما قبل هده السنة تبددت الجهود في ثباتا القوانين القطاعية للاستثمار، مما انعكس سلبا على وثيرة النمو الاقتصادي المغربي.
وتبعا لدلك فان ظروف الاستثمار في المغرب قبل سنة 1995) الفرع الأول (، تختلف عنها بعد هده المرحلة (الفرع الثاني (، غير انه بالرغم من أهمية هده المرحلة، إلا انه تفتقت جهود حثيثة تنادي بمراجعة وإصلاح الإطار القانوني للاستثمار خصوصا وان الدستور المغربي لسنة 2011تتخلله مضامين في شقها الاقتصادي كفيلة بتوفير مناخ ملائم للاستثمار.
الفرع الاول: الاستثمار في المغرب قبل سنة 1995
سنحاول، ضمن هدا الفرع، اجراء قراءة وتقييم في اهم المحطات القانونية التي عرفها المغرب في مجال الاستثمار، منذ حصوله على الاستقلال الى سنة 1995 قبل صدور ميثاق الاستثمارات، في محاولة لمعرفة النشاط الاداري، ومدى قدرته على تبسيط وتسهيل العلاقة بين الادارة والمستثمرين، وان الادارة المغربية كانت محطة انتقال من طرف المستثمرين الخواص في جانبها المسطري.
وهكذا من اجل تشجيع وجلب الاستثمار، وخلق فرص للشغل وتحقيق معدل النمو والنهوض بالأنشطة الاقتصادية والمالية، عمل المغرب خلال هده الفترة على اصدار العديد من قوانين الاستثمار، كان اولها قانون الاستثمار في سنة 1958 تلاه قانون 1960 ثم قانون 1973) الفقرة الاولى (.
وتعبيرا عن رغبته في التحسين الولوج الى سوق استثمارية بالمغرب، أصدر هدا الاخير قوانين الاستثمار في السنوات التالية: 1983و 1985 و1988 وكدا الرسلتان الملكيتان الموجهتان الى الوزير الاول في سنتي 1989 و1993 بخصوص تشجيع الاستثمار) الفقرة الثانية).
الفقرة الاولى: قوانين استثمارية من سنة 1958 الى سنة 1973
عرف المغرب خلال هده الحقبة ثلاث محطات قانونية للاستثمار، وهو ما ستتطرق اليه بالفصيل فيما يلي:
v قانون الاستثمارات الصناعية ل 13 شتنبر 1958:
وكقراءة لهدا القانون، فانه تضمن مجموعة الامتيازات وتحفيزات جبائية والمالية اهمها:
ü امكانية استرجاع المستثمر لرسوم الجمركية المؤداة عن استراد السلع والآلات والتجهيز المدرجة بالبرنامج الاستثماري بنسة5% واسترجاع رسم الخاص بنسبة 25% [1]
ü التخفيض الجزئي من رسوم التسجيل المؤداة برسم انشاء شركة او الرفع من رأسمالها بنسبة 1.5% الى 0.5% مع التخفيض من رسوم التنبر بنسبة 2%ال 0.5، وهو امتياز يمس حتى الاستثمارات التي لم تحظ بموافقة لجنة الاستثمارات.
ü
ضمان اعادة تحويل ايرادات تصفية رأسمال وارباح الشركة.
لقد شكلت هذه التحفيزات الجبائية والجمركية والمالية، اهم الاجراءات لتشجيع الاستثمارات واستقطابها بالمغرب، غيران الاستفادة منها ظلت رهينة بموافقة لجنة الاستثمارات المنصوص عليها في الفصل 1 من قانون 13 شتنبر 1958 السالف الذكر، والتي عهد اليها الدراسة والموافقة على ملفات الاستثمار المعروضة عليها لم تكن لجنة الاستثمارات المخاطب الوحيد الذي يتعين ان يتعامل معه المستثمر بل بمجرد الحصول على موافقتها وجب عليه تنفيذ العديد من الاجراءات والتدابير الادارية
وبالرجوع الى قانون 13 شتنبر 1958 يمكن القول: ان نتائجه كانت جد محدودة فيما يتعلق باستقطاب الاستثمارات خاصة الاجنبية، اضافة الى تراجع الاستثمار العام الدي وصل الى 11 %من الناتج الداخلي الاجمالي سنة 1958.[2]
هو ما دفع المشروع المغربي الى تغييره سنتين بعد تنفيذه، وبقانون جديد.
v قانون 31 دجنبر 1960 بشأن اتخاد تدابير لتشجيع توظيف الاموال الخاصة.[3]
احتفظ القانون بنفس الاحكام المنصوص عليها في القانون السابق، من رسوم جمركية ورسوم التسجيل والضريبة على الارباح المهنية، واحتفظ ايضا بنفس الاختصاصات المسندة للجنة الاستثمارات، وبالتالي لم يطرا اي تغيير على طريقة تعامل المستثمرين مع الادارة، فيما يخص الاجراءات المسطرية التي ظلت معقدة نتيجة البطء في معالجة الملفات المعروضة عليها وطريق منحها لمكافأة التجهيز وقد تطلب من المستثمرين في هدا السياق انتظار شهور عديدة للحصول على راي لجنة الاستثمارات.[4]
الا انه، نتيجة للظروف السياسية التي عرفها المغرب آنذاك بتخليه عن السياسة الاقتصادية التوجيهية لصالح السياسة اللبرالية المعتمدة على المبادرة الخاصة الوطنية والاجنبية، جعل هدا القانون يعمل على تنظيم مواد جديدة متعلقة بمنح مكافأة على التجهيز بالنسبة 15% من المبلغ المستثمرة خارج منطقة الدار البيضاء20% بمنطقة طنجة، لأجل التخفيف من الاستثمار منطقة الدار البيضاء –المحمدية
كما تضمن هدا القانون الاعفاء الجزئي للضريبة المهنية لمدة 5 سنوات بعد بداية عمل المشروع.
وتبقى أهم ملاحظة على هدا القانون، انه لم يميز بين القطاعات الاقتصادية المستفيدة من الامتيازات، بل اهتم بها في شموليتها، وهو ما تطلب تعديله.
v مدونة غشت 1973 خاصة بالاستثمارات:
لكان من الطبيعي إن تصدر هده المدونة، نتيجة فشل السياسات الاستثمارية المتبعة في السابق، وتضمنت هده المدونة خمسة قوانين للاستثمارات القطاعية في المجال الصناعي والسياحي ولمنجمي والحرفي والبحري، كما عملت على إرساء سياسة المغربة والجهورية وتبني لا مركزية الاستثمارات وخاصة الصناعية، وأعفت بشكل كلي من الضرائب على الأرباح المهنية ل مدة10 سنوات كل المشاريع الاستثمارية الموجهة إلى المناطق المهشمة[5]
وبشكل جزئي بنسبة 50 %من نفس الضريبة ولنفس المدة الاستثمارات الموجهة اللي باقي المناطق ماعدا الدار البيضاء.
[1] الفصل 5 من القانون 13 شتنبر 12958 حول الاستثمارات القطاعية الدي صدر بشأن تنفيذه الظاهرة الشريف +1.58.263 ب تاريخ28 صفر 1378(13. شتنبر 1958) جريدة رسمية عدد 2395شتنبر 1958.
[2] عائشة الشناع: الاستثمارات الاجنبية الخاصة والشركات الغير الوطنية في المغرب ما بين (1985-1994)، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد 5 الرباط اكدال سنة 1998، الصفحة 111.
[3] الظهير الشريف رقم 1.60.383 بتاريخ 31 دجنبر 1960 بشأن اتخاد التدابير للتشجيع توظيف الاموال الخاصة الجريد الرسمية عدد 2520، بتاريخ 10 فبراير 1961.
[4] عبد السلام اديب: السياسة الضريبية والاستراتيجية التنمية، دراسة الضريبية المغربي 1956-2000 الطبعة الاولى 1998، دار افريقية الشرق الدار بيضاء ص 66