قضاء القرب

 

عمل المشرع المغربي على إحداث قضاء القرب، بمقتضى القانون رقم 42.10[1] الصادر بتاريخ 17 غشت 2011، والذي عوض محاكم الجماعات ومحاكم المقاطعات. وذلك لتقريب القضاء من المتقاضين والتخفيف عن المحاكم الابتدائية، عن طريق البت في القضايا البسيطة وبإجراءات تتسم بالبساطة، وبشكل قضاء القرب قسما محدثا بالمحاكم الابتدائية وبمركز أو مراكز القضاء المقيمين التابعة لها، ولا يعد جهة قضائية مستقلة عنها.

ويوزع الاختصاص الترابي لأقسام القرب[2] على النحو التالي:

   ـ أقسام قضاء القرب بالمحاكم الابتدائية، ويشمل اختصاصها الترابي الجماعات الترابية الواقعة بالدائرة الترابية لهذه المحاكم.

   ـ أقسام قضاء القرب بمراكز القضاة المقيمين، ويشمل اختصاصها الترابي الجماعات الترابية الواقعة بالدائرة الترابية لمركز القاضي المقيم[3].

ووفقا للمادة الثانية من قانون قضاء القرب، يمكن عقد جلسات تنقلية بإحدى الجماعات الواقعة بدائرة النفوذ الترابي لقسم قضاء القرب، للنظر في القضايا التي تدخل ضمن اختصاصه.

وتشير نفس المادة إلى أن أقسام قضاء القرب، تتألف من قاض أو أكثر، وأعوان لكتابة الضبط أو الكتابة، حيث تعقد الجلسات بقاض منفرد وبمساعدة كاتب للضبط وبدون حضور النيابة العامة.

وفي حالة غياب القاضي أو عند ظهور مانع قانوني يمنعه من البث في الطلب، في هذه الحالة، يقوم رئيس المحكمة الابتدائية بتعيين من ينوب عنه.[4]

وتتولى الجمعية العمومية التي تنعقد بالمحاكم الابتدائية إسناد القضايا التي تندرج ضمن قضاء القرب للقضاة الممارسين بالمحاكم الابتدائية ومراكز القضاة المقيمين.[5]

ويختص قضاة القرب في القضايا البسيطة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم، والمرتبطة أساسا بالدعوى الشخصية والمنقولة، دون القضايا المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية والإفراغات.

ويترتب على هذا أساسا، أن المسطرة أمام أقسام قضاء القرب تعرف مبدأ الشفوية والمجانية، كما أنها معفاة من جميع الرسوم القضائية، وتكون الجلسة علنية، وتصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون.[6]

وما تتميز به المسطرة أو إجراءات التقاضي أمام قاض القرب، هي أن الدعوى، إما أن ترفع بواسطة مقال مكتوب، أو بواسطة تصريح شفوي، يتلقاه كانت الضبط وبدونه في محضر، يوقعه كانت الضبط والمعني بالأمر أي رافع الدعوى.

وسواء كانت الدعوى على شكل مقال مكتوب أو تصريح شفوي، فإن قاض القرب يقوم وجوبا قبل إجراء أي مناقشة في الدعوى، يعرض الصلح على الطرفين، فإن وقع الصلح بينهما، وجب تحرير محضر بذلك يثبت بان النزاع قد انتهى بالصلح، لما إذا تعذر الصلح بين طرفي الدعوى، هنا وجب على قاض القرب، البث في موضوع النزاع داخل أجل ثلاثين يوما بحكم غير قابل لأي طعن عادي أو استثنائي، كما يشعر القاضي الأطراف بحقهم في طلب إلغاء هذا الحكم، وفق الشروط وداخل الآجال المنصوص عليها في المادتين 8 و 9 من قانون قضاء القرب، ولا يعتبر ذلك بمثابة تبليغ إلا إذا تم تسليم نسخة الحكم بالجلسة، وتم التوقيع على ذلك.

وطلب إلغاء الحكم يكون في الحالات التالية:

 ـ إذا لم يحترم قاضي القرب اختصاصه النوعي أو القيمي؛

 ـ إذا لم يجر محاولة الصلح المنصوص عليها في المادة 12 بعده؛

 ـ إذا بت فيما لم يطلب منه، أو حكم بأكثر مما طلب، أو أغفل البت في أحد الطلبات.

 ـ إذا بت رغم أن أحد الأطراف قد جرحه عن حق؛

 ـ إذا بت دون أن يتحقق مسبقا من هوية الأطراف.

 ـ إذا حكم على المدعي عليه أو المتهم دون أن تكون له الحجة على أنه توصل بالتبليغ أو الاستدعاء؛

 ـ إذا وجد تناقض بين أجزاء الحكم؛

 ـ إذا وقع تدليس أثناء تحقيق الدعوى.

بقي أن نشير إلى أن المادة 9 من القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته، منحت الاختصاص بالإلغاء لرئيس المحكمة الابتدائية، الذي عليه أن يبت داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إيداع طلب الإلغاء، ودون استدعاء الأطراف، إلا عند الضرورة، لتقديم بعض الإيضاحات وفي جميع الحالات، يبت داخل أجل شهر، ولا يقبل هذا الحكم أي طعن.



[1]  ـ الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 151.11.1 الصادر بتاريخ 17 غشت 2011، الجريدة الرسمية عدد 5975 بتاريخ 5 شتنبر 2011 ص: 4392 وما بعدها.

[2]  ـ تجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون رقم 83.15 المنطق بالتنظيم القضائي نص في مادته 43 على أن المحكمة الابتدائية تتألف من اسم قضاء الأسرة وغرف من بينها غرفة قضاء القرب، مما يوضح أن المشرع المغربي يتجه على إلغاء العمل بقسم يخص قضاء القرب والاكتفاء بعمله مجرد غرفة.

[3]  ـ يلحق بالمحاكم الابتدائية داخل نفوذها الجغرافي مركز أو مراكز للقضاة المقيمين تحدد مقرها بقرار لوزير العدل والحريات، ويعد هذا المركز جزء لا يتجزأ عن المحاكم الابتدائية، ينوب عليه قاض أو أكثر من قضاة هذه المحاكم، تتمثل مهامهم بصفة أصلية في مزاولة جميع المهام المعولة لقضاة المحاكم الابتدائية، لكن من الناحية العملية يرتبط عمله بمدى توفر المركز على الإمكانيات البشرية أو غيرها لتفصيله.

[4]  ـ المادة 4 من القانون رقم 10ـ42 المتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته.

[5]  ـ المادة 3 من القانون رقم 10ـ 42.

[6]  ـ طبقا للفصل 124 من دستور 2011، الجريدة الرسمية عدد 5964، بتاريخ 28 شعبان 1432 ( 30 يوليوز 2011)، ص: 3600 وما بعدها.


 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق