دور القضاء في تذييل الأحكام التحكيمية
يمارس القضاء الرقابة على المقررات والأحكام الصادرة عن الهيئة التحكيمية بمناسبة نظره في طلبات تذييل هذه المقررات بالصيغة التنفيذية ويبقى التساؤل حول دور القضاء في منح الصيغة التنفيذية.
لئن كان اتفاق التحكيم هو الأساس الشكلي والموضوعي للجوء الأطراف إلى التحكيم فان دور القضاء كجهاز مساعد يبقى حاضرا بالرغم من طبيعة التحكيم الاتفاقية وذلك من خلال الرقابة القضائية التي لها أهمية كبيرة فيما يخص المقررات التحكيمية، فمن خلالها يمكن التتبث من مدى احترام القواعد المتعلقة بالنظام العام، وكذلك الحرص على إحلال العدالة ومن تم القاضي يجب أن يخدم المهمة التحكيمية أثناء سيرها وتنفيذ الحكم التحكيمي.
إذ لا جدال في أن اللجوء إلى التحكيم يكون بناء على اتفاق الأطراف ،بحيث تصبح إمكانية اللجوء إلى القضاء غير واردة تحت طائلة الدفع بوجود اتفاق تحكيمي ،على اعتبار أن هذا الأخير يحجب القضاء المختص عن البث في النزاع.
وإذا كان اللجوء إلى التحكيم له نفس الغاية من اللجوء إلى القضاء وهي الحصول على حكم يتم بموجب البث في نزاع قائم بين أطراف الخصومة فان الحكم الصادر عن الهيئة التحكيمية يعرف كما سبق أن أوضحنا مصيرين، فإما أن ينفذ عن طواعية وهذا هو الأصل وان ينفذ جبرا على الطرف المحكوم عليه وهنا لابد من تذييله بالصيغة التنفيذية من طرف القضاء حتى يتمتع بقوة التنفيذ الجبري.
فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 26_327 من القانون 08- 05 نجد بان أحكام التحكيم تحوز حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه بمجرد صدورها فيكون لمن صدر الحكم لفائدته أن يتمسك بمزايا هذا الحكم ولا يجوز طرح النزاع المقضي فيه على أية جهة قضائية أو هيئة تحكيم أخرى[1].
هذا الأمر أكدته محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرار لها جاء فيه :
“حجية الشيء المقضي به هي قرينة قاطعة على الحقيقة التي يحملها سواء الحكم القضائي أو المقرر التحكيمي وتمنع الأطراف من معاودة طرح النزاع المتعلق بنفس الموضوع سواء أمام نفس المحكمين أو غيرهم “.
وإذا كانت الفقرة الأولى من الفصل 26_327 تنص على أن الحكم التحكيمي يكتسب حجية الشيء المقضي به بمجرد صدوره، فان الفقرة الثانية من نفس الفصل تنص على أن الحكم التحكيمي لا يكتسب الحجية إذا ما تعلق الأمر بنزاع يكون احد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه، إلا إذا صدر أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يطلبه الطرف الأكثر استعجالا أمام القاضي المختص مع إعمال مقتضيات الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية التي تمنح الاختصاص للنظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي، فيما يخص هذه المسالة للمحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها والى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني، أي أن القوة التنفيذية لا تلحق الحكم التحكيمي إلا بصدور أمر خاص من القضاء الشيء الذي يميز أحكام التحكيم عن أحكام القضاء التي تنفذ بصيرورتها انتهائية دون حاجة إلى صدور أمر بتنفيذها.
وهذا يرجع لكون حكم المحكمين لا يستمد أية قوة من السلطة العامة، فيحتاج إلى صدور مثل هذا الأمر من القضاء حتى يصل لمرتبة الحكم القضائي، ويصبح بالإمكان تنفيذه جبرا وهذه مسالة متفق عليها في جل التشريعات.