الجهات المختصة في تذييل الأحكام التحكيمية

 

إن تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية يمثل اعترافا من القضاء بصلاحية الحكم وإمكانية تنفيذه جبرا بكافة الوسائل التي يتيحها القانون. وفي هذا الإطار ينحصر دور القضاء في التأكد من توفر الشروط اللازمة  لتنفيذها دون تدخل في موضوعها ،لكن رغم ذلك يبقى للقاضي دور مهم  في مراقبة أحكام  المحكمين  للتثبت  من  صحة  إجراءاتها  وإمكانية  تنفيذها دون أن يتعارض ذلك مع أحكام قطعية سابقة أو يخاف النظام العام في البلد المطلوب التنفيذ فيه.

إن الجهة  المختصة  بمنح  الصيغة  التنفيذية  للحكم  التحكيمي حسب  الفصل 31_327 الذي ينص على أن  الحكم  التحكيمي  لا ينفذ  جبرا  إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم  في  دائرتها  إما  إذا تعلق التحكيم باستئناف حكم، وجب  إيداع  الحكم  التحكيمي  لدى  كتابة  ضبط  محكمة  الاستئناف، ويصدر الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية عن الرئيس الأول لهذه المحكمة.

لكن المقرر أن الأمر بتذييل الحكم التحكمي بالصيغة التنفيذية في المادة التجارية يختص به رئيس المحكمة التجارية وذلك كلما كان الطرف المدني مدعيا أو مدعى عليه حسب مضمون المادة 5 من قانون 53.95 المتعلق بالمحكمة التجارية في النزاعات المتعلقة بالعقود التجارية، الأوراق التجارية، الشركاء في الشركة التجارية و كذلك الأصول التجارية كما يمكن الاتفاق بين التاجر و غير التاجر على اسناد الاختصاص الى المحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من الاعمال التجارية [1]فيما يختص رئيس المحكمة التجارية إذا كان هناك اتفاق بين أطراف التحكيم على ذلك ، أو إذا اختار الطرف المدعي رفع الطلب أمام أنظار المحكمة التجارية التي تعتبر محكم . المدعي عليه بصفته تاجرا

وإذا تعلق الأمر بتحكيم بشأن نزاع حول عقد إداري منصب على عمل تجاري كعقود التجهيز والأشغال العمومية فمن البديهي القول على أن الاختصاص ينعقد للقضاء الإداري فهو يعد صاحب الولاية العامة في العقود الادارية طبقا للمادة 8 من القانون 41.90 المتعلق بإحداث المحاكم الإدارية، مع مراعاة أحكام المادتين 9 و 10 من هذا القانون بالبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة وفي نزعات العقود الإدارية [2] و يرجع اختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في نطاق الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية إلى المحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني و ذلك فيما يخص النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم في دائرة التقيد بالمقتضيات الخاصة بالمراقبة أو الوصاية المنصوص عليهما في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل فيما يخص العقود المعنية.

يمثل مبدأ الاختصاص من بين أهم الضوابط التي تنظم عمل القضاء داخل المملكة وذلك عن طريق توزيع الاختصاص بين المحاكم بناء على طبيعة النزاع والحدود الجغرافية لكل محكمة على حدة ومن خلال المادة 46-327 من قانون08-05 منح المشرع المغربي الاختصاص بشأن تذييل الحكم التحكيمي الدولي لرئيس المحكمة التجارية التي   صدرت الأحكام في دائرتها إذا كان التحكيم جاريا في المغرب ورئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان جاريا في الخارج ويمثل هذا النص نصا خاصا يتجاوز النص العام المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية والذي يعطي الاختصاص بشأن تذييل الأحكام القضائية الأجنبية لرئيس المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان تنفيذها عند عدم وجودهما. وقد تدخل المشرع بتنظيم مسألة الاختصاص تفاديا للإشكالات التي يطرحها تنازع الاختصاص القضائي في العقود الدولية خصوصا وأن اتفاقية نيويورك لم تنظم هذه المسألة وتركت للتشريعات الوطنية تنظيمها بنصوص خاصة واكتفت فقط بتعريف الحكم التحكيمي وتحديد شروط وإجراءات تنفيذه.[3]

و يذكر أن مشروع القانون الجديد توسع كثيرا حيث تم إسناد الاختصاص لإضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية، حسب موضوع النزاع، الرئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس المحكمة الإدارية أو رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الابتدائية، أو رئيس المحكمة التجارية، أو رئيس القسم المتخصص في القضاء التجاري بالمحكمة الابتدائية، وذلك انسجاما مع مشروع قانون رقم 38 . 15  يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة؛ كما تم منح الاختصاص، بإضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية في المادة الإدارية، لرئيس المحكمة الإدارية أو رئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الابتدائية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي الداخلي في دائرتها، أو لرئيس المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون تنفيذ الحكم التحكيمي يشمل مجموع التراب الوطني (المادة 66 من المشروع)، بدل المحكمة الإدارية حسبما كان جاريا به العمل استنادا للقانون رقم 08 . 05، وذلك بهدف توحيد جهة الاختصاص المانحة للصيغة التنفيذية في رئيس المحكمة بحسب اختصاصه؛

كما تم إعطاء الاختصاص لإضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية الدولية الصادرة في المغرب الرئيس المحكمة التجارية أو رئيس القسم المتخصص في القضاء التجاري بالمحكمة الابتدائية التي صدرت في دائرة نفوذهما تلك الأحكام. وإذا كان الحكم التحكيمي الدولي قد صدر خارج المملكة، انعقد هذا الاختصاص لرئيس المحكمة التجارية أو لرئيس القسم المتخصص في القضاء لدائرة التجاري بالمحكمة الابتدائية، التابع نفوذهما مكان التنفيذ (المادة 77 من المشروع)؛

و سيتم منح اختصاص إضفاء الصيغة التنفيذية على الأحكام التحكيمية الدولية الصادرة خارج المغرب، في مادة إدارية، لرئيس المحكمة الإدارية أو لرئيس القسم المتخصص في القضاء الإداري بالمحكمة الابتدائية، التابع لدائرة نفوذهما مكان التنفيذ (الفقرة 3 من المادة 14 من المشروع)؛ أما بخصوص الأحكام التحكيمية الأجنبية الصادرة خارج المملكة في النزاعات ذات الطابع المدني، تنعقد صلاحية البت لرئيس المحكمة الابتدائية التي سيجري التنفيذ في دائرتها، وإذا كان الحكم التحكيمي دوليا صادرا داخل المملكة، يسند البت في طلبات التذييل لرئيس المحكمة الابتدائية التي صدر في دائرتها هذا الحكم؛ و تم تخويل الرئيس الأول لمحكمة ثاني درجة اختصاص منح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي إذا كان النزاع معروضا عليها واتفق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم (المادة 65 من المشروع)؛



[1]  المادة 5 من قانون 53.95 يقضى بإحداث محاكم تجارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.97.65 الصادر في 4 شوال 1417 (12 فبراير 1997) الصادر بالجريدة الرسمية 4482 بتاريخ 8 محرم 1418 موافق 5 ماي 1997 الصفحة 1141

[2]  المادة  8 و 9 من قانون 41.90 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية، الظهير الشريف 1.91.225 صادر في 22 ربيع الأول 1414 موافق 10 سبتمبر 1993 ، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1414 موافق 3 نوفمبر 1993 الصفحة 2168

[3]  فاطمة الحمالي، ، الصفحة 117


 

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق