الأساس في تذييل الأحكام في اتفاقية نيويورك و القانون المغربي
الأساس في تذييل الأحكام في اتفاقية نيويورك و القانون المغربي
يقصد بمنح الصيغة التنفيذية المسطرة القضائية التي تخول الأحكام والعقود الرسمية الأجنبية القوة التنفيذية داخل المغرب وذلك عن طريق صدور حكم قضائي عن محكمة مغربية يأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي كما لو كان حكما مغربيا وقياسا على الأحكام القضائية الأجنبية يمكن القول إن الأمر بالتنفيذ الذي يكون موضوعه الحكم التحكيمي هو الإجراء الذي يصدر من القاضي المختص قانونا ويأمر بمقتضاه تمتيع حكم المحكمين وطنيا أو أجنبيا بالقوة التنفيذية ومن تم فتدخل القضاء هو الذي يجعل الأحكام التحكيمية قابلة للتنفيذ الجدري ذلك بالرغم من كونها حجية الشيء المقضي به فور صدوره فلا مناص من اللجوء إلى قضاء الدولة، في حالة رفض أحد الأطراف التنفيذ الطوعي ذلك أن الدولة هي الماسكة بزمام القوة اللازمة لكل تدخل بقضية غرض التنفيذ[1]
المطلب الأول: الأساس في تذييل الأحكام في اتفاقية نيويورك و القانون المغربي
و إذا كان الحكم الأجنبي الصادر عن المحاكم الأجنبي يقتضي تذييله بالصيغة التنفيذية من قبل القضاء الوطني إعمالا بالفصلين 430 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص في فقرته الأولى على أنه " لاتنفذ في المغرب الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الإبتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما"[2] إذا كان هذا هو مصير الحكم القضائي الأجنبي بغية تنفيذه فماذا عن الأحكام التحكيمية وفق اتفاقية نيويورك و القانون المغربي.
الفقرة الأولى: تذييل الأحكام التحكيمية على ضوء اتفاقية نيويورك
من أكثر الأمور التي تهم فعالية التحكيم ما يتعلق بتنفيذ حكمه إذ أن الأمر لايمثل حكما صادرا عن غير قضاء الدولة فحسب بل إنه فضلا عن ذلك حكما تحكيميا أجنبيا لذلك لم تترك مسألة الاعتراف بحجية هذه الأحكام و تنفيذها الى تشريع كل دولة فقد نظمت اتفاقية نيويورك هذه المسألة حيث جاء في هذه الاتفاقية في مادتها الثالثة "على كل دولة متعاقدة أن تعترف بقرارات التحكيم كقرارات ملزمة و أن تقوم بتنفيذها وفقا للقواعد الإجرائية المتبعة في الإقليم الذي يحتج فيه القرار، طبقا للشروط الواردة في المواد التالية و لا تفترض على الاعتراف بقرارات التحكيم التي تنطبق عليها هذه الاتفاقية أو على تنفيذها شروطا أكثر تشددا بكثير أو رسوم أو أعباء أعلى بكثير مما يفرض على الاعتراف بقرارات التحكيم المحلية أو على تنفيذها"[3]
و هنا يتبين أن اتفاقية نيويورك ساوت بين الحكم التحكيم المحلي و الحكم التحكيمي الدولي في إجراءات التذييل.
كما أكدت نفس الاتفاقية على أنه:
- أولا للحصول على الاعتراف و التنفيذ يقوم الطرف الذي يطلب الاعتراف و التنفيذ وقت تقديم الطلب بتقديم مايلي :
أ- القرار الأصلي مصادقا عليه حسب الأصول المتبعة أو نسخة منه حسب الأصول.
ب- الاتفاق الأصلي أو صورة معتمدة منه حسب الأصول.
ثانيا متى كان الحكم التحكيمي أو الاتفاق التحكيمي بلغة خلاف اللغة الرسمية للبلد الذي يحتج فيه بالقرار وجب على الطرف الذي يطلب الاعتراف بالقرار و تنفيذه أن يقدم ترجمة لهاتين الوثيقتين بهذه اللغة، و يجب أن تكون الترجمة معتمدة من طرف موظف رسمي أو مترجم محلف أو ممثل ديبلوماسي أو قنصلي[4]
كما أنه لايجوز أولا رفض الاعتراف بالقرار و تنفيذه بناء على طلب الطرف المتحج ضده بهذا القرار إلا إذا قدم ذلك الطرف الى السلطة المختصة التي يطلب إليها الإعتراف و التنفيذ ما يتبث:
أ- أن طرفي الاتفاق كانا بمقتضى القانون المطبق عليهما في حالة من حالات عدم الأهلية أو كان الاتفاق المذكور غير صحيح بمقتضى القانون الذي اخضعا له طرفي الاتفاق أو إذا لم يكن هناك ما يشير إلى ذلك بمقتضى القانون الذي صدر فيه القرار
ب- أن الطرف الذي يحتج ضده بالقرار لم يخطر على الوجه الصحيح بتعيين الحكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب أخر غير قادر على عرض قضيته.
ج-أن القرار يتناول خلافا لم تتوقعه أو لم تتضمنه شروط الإحالة الى التحكيم أو أنه يتضمن قرارات بشأن مسائل تتجاوز نطاق الاحالة الى التحكيم على أن يراعى في الحالات التي يمكن فيها فصل القرارات المتعلقة بالمسائل التي تخضع الى التحكيم عن المسائل التي لا تخضع له انه يجوز الاعتراف بجزء القرار الذي يتضمن قرارات تتعلق بمسائل تخضع للتحكيم و تنفيذ هذا الجزء
د- أن تشكيل هيئة التحكيم أو أن إجراءات التحكيم لم تكن وفقا لاتفاق الطرفين أو لم تكن في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق، وفقا لقانون البلد الذي جرى فيه التحكيم.
ه- أن القرار لم يصبح بعد ملزما للطرفين أو أنه نقض أو أوقف تنفيذه من قبل سلطة مختصة في البلد الذي صدر فيه أو بموجب قانون هذا البلد.
ثانيا يجوز رفض الاعتراف بقرار التحكيم و رفض تنفيذه إذا تبين للسلطة المختصة في البلد الذي يطلب فيه الاعتراف بالقرار بتنفيذه:
أ- أنه لايمكن تسوية موضوع النزاع بالتحكيم طبقا لقانون ذلك البلد.
ب- أن الاعتراف بالقرار و تنفيذه يتعارض مع السياسة العامة لذلك البلد[5]
كما أنه إذا قدم طلب بنقض القرار أو وقف تنفيذه الى السلطة المختصة جاز للسلطة التي يحتج أمامها بالقرار متى رأت ذلك مناسبا أن تؤجل اتخاذ قرارها بشأن تنفيذ القرار، و جاز لها أيضا بناء على طلب الطرف الذي يطالب بتنفيذ القرار أن تأمر الطرف الأخر بتقديم الضمان المناسب[6]
كما أنه لاتؤثر أحكام اتفاقية نيويورك على صحة ما تعقده الأطراف المتعاقدة من اتفاقات متعددة الاطراف أو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالإعتراف بقرارات التحكيم و تنفيذها و لا تحرم أي من الأطراف المهتمة من أي حق يكون له في الاستفادة من أي قرار تحكيمي على نحو و الى الحد الذين يسمح بهما قانون أو معاهدة البلد الذي يسعى فيه الى الإحتجاج بهذا القرار[7]
وبذلك تكون اتفاقیة نیویورك قد أحالت تنفیذ حكم التحكیم الأجنبي إلى القواعد الإجرائية في بلد التنفیذ و بالتالي تكون قد حالت بھذا النص أي تفریق بین حكم التحكیم الأجنبي وحكم التحكیم الداخلي ، فوجود ھذا النص الذي أصبح یطبق على حكم التحكیم الداخلي ھو نفس ما یطبق على حكم التحكیم الأجنبي من قواعد للتنفیذ أي أن اتفاقیة نیویورك حققت مساواة أحكام التحكیم الداخلیة بأحكام التحكیم الأجنبیة
و هكذا فإنه حسب الاتفاقية تشترط الكتابة في التحكيم بصدد منازعات ناشئة عن علاقة تعاقدیة یمكن تسویتھا عن طریق التحكیم كما أن الاتفاقیة تشترط أنه لا تفرض على الاعتراف بأحكام التحكیم وتنفیذھا شروطاً أكثر تشدداً أو أعباء أعلى بكثیر مما یفرض على الاعتراف بأحكام التحكیم المحلیة أو على تنفیذھا.
الفقرة الثانية: أساس تذييل الأحكام التحكيمية في القانون 05.08
الأصل في تنفيد الأحكام التحكيمية الداخلية أو الدولية كونه يتم بكيفية رضائية و دون إجبار على التنفيذ لانها مؤسسة على الاتفاق التحكيمي المضمن في العقد الرابط بين الأطراف إلا أنه أحيانا يمتنع الطرف الذي صدر الحكم لغير صالحه عن تنفيذ الحكم، و في هذه الحالة لا يجد طالب التنفيذ بديلا من اللجوء الى القضاء من أجل تذييله بالصيغة التنفيذية و ذلك ما نص عليه قانون 05.08
فقد نص المشرع المغربي على أنه لا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية[8] إعمالا بالمادة 3 من اتفاقية نيويورك ، كما أنه توضع الصيغة التنفيذية على أصل الحكم التحكيمي هذا الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية غير قابل للطعن [9]
و يتبين من خلال ما تم ذكره أن المنازعات المعروضة على هيئة التحكيم و إن كان أساسها اتفاق التحكيم فإن مصيرها لا يحيد عن أمرين فإما أن ينتهي النزاع بصدور حكم تحكيمي يرتضي الأطراف تنفيذه أو يرفض أحدهما أحدهما ذلك و هنا يمكن اللجوء الى القضاء لإكساب الحكم التحكيمي الصادر القوة التنفيذية اللازمة و بالتالي التحكيم له طبيعة قضائية أو أحكام المحكمين يجوز تنفيذها جبرا بعد الحصول على أمر تنفيذها [10] فتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية يمثل اعترافا من القضاء بصلاحية الحكم و إمكانية تنفيذه جبرا بكافة الوسائل التي يتيحها القانون.
و إذا كان اللجوء الى التحكيم له نفس الغاية اللجوء الى القضاء و هي الحصول على حكم يتم بموجب البت في نزاع قائم بين أطراف الخصومة، حيث أن احكام التحكيم تحوز حجية الشئ المقضي بخصوص النزاع الذي تم الفصل بمجرد صدورها فيكون لمن صدر الحكم لفائدته أن يتمسك بمزايا هذا الحكم و لايجوز طرح النزاع المقضي على أي جهة قضائية أو هيئة تحكيمية[11]
[1] فاطمة الحمالي، سلطة القضاء الوطني في التحكيم الجاري الدولي، مجلة القانون او الأعمال، الاصدار الأول، التحكيم دراسات و توجيهات، 2019، مطبعة فارير سطات، الصفحة116
[2] ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 الصادر بتاريخ 11 رمضان 1394 الموافق 28 شتنبر 1974 بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية كما تعديله،الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر بتاريخ 13 رمضان1394 ، الموافق 30 شتنبر 1974 الصفحة 2741
[3] الموقع الالكتروني www.unicetrral.org تاريخ الاطلاع يوم السبت 2 يناير 2021 على الساعة التاسعة و النصف صباحا
[4] المادة 4 من اتفاقية نيويورك، مرجع سابق
[5] المادة 5 من اتفاقية نيويورك 1958، مرجع سابق
[6] المادة 6، نفس المرجع
[7] المادة 7، نفس المرجع
[8] الفصل 31-327 من قانون 08.05 ، مرجع سابق
[9] الفصل 32-327 من قانون 08.05 ، نفس المرجع
[10] دور القاضي في تنفيذ المقررات التحكيمية، الموقع الالكتروني www.law-eco-com تاريخ الاطلاع يوم السبت 2 يناير 2021 على الساعة الثامنة و النصف صباحا.