الطبيعة التفاعلية للعلاقات الدولية

 

 التفاعل مصطلح مستعار من العلوم الطبيعية ويعني التأثير المتبادل بين عنصرين أو أكثر لكل منهما خصائص وتركيب وصفات تميزه عن الأخر.

ونتيجة للاتصال ينتج التأثير المتبادل بين هذه العناصر المختلفة ليتم الحصول على ناتج للتفاعل يمثل مركبا له من الخصائص والصفات ما يجعله متميزا عن العناصر المتفاعلة.

وعلى هذا الأساس فالأطراف الفاعلة المتنوعة في العلاقات الدولية (الفصل الأول) تصبح أطراف متفاعلة من خلال المؤثرات والاستجابات المتبادلة لتكون تفاعلا دوليا يتميز بطبيعة ازدواجية متناقضة   (الفصل الثاني) .


الفصل الأول: تنوع الفاعل الدولـي

 لقد اثبت الممارسة الدولية بشكل قاطع ان الدولة هي فاعل رئيسي في العلاقات الدولية (المبحث الأول)  لكن ليس وحيدا، فإلى جانبها هناك المنظمات الدولية الحكومية (المبحث الثاني  الشركات متعددة الجنسيات، (المبحث الثالث) المنظمات الدولية غير الحكومية (المبحث الرابع)

المبحث الأول : الدولة كفاعل رئيسي في العلاقات الدولية

يمكن تعريف الدولة على أنها جماعة من الأفراد يقيمون بصفة دائمة في إقليم معين ويخضعون لهيئة حاكمة ذات سيادة.

أما بالخصوص الاعتراف فقد اعتبره الفقه الدولي  أنه ذو طبيعة مظهرة، بمعنى أنه تكتمل عناصر نشوء الدولة بصرف النظر عما إذا اعترفت بها بقية الدول أم لا، وهذا راجع أساسا إلى كون الاعتراف هو سياسي أكثر منه قانوني ويخضع  لإدارة الدول الأخرى.

وعلى ذلك فإن الدولة تتكون من خلال التعريفات السابقة من عناصر مادية وأخرى قانونية

المطلب الأول: العناصر المادية المكونة للدولة

هناك اتفاق جماعي على أن أي دولة لابد وأن تتوفر على ثلاث عناصر كشرط أساسي لقيامها، وهذه العناصر هي الإقليم والسكان والسلطة السياسية.

الفقرة الأولى: الشـعـــب

تجدر الإشارة إلى أن الأفراد أو الفئات البشرية المتفرقة والقائمة بشكلها البدائي تبقى نكرة لا تقدم أي تأثير في نشأة الدولة إذا لم تعي أهمية وجودها وضرورة انصهارها وعملها ضمن إرادة عيش جماعي مشترك عبر عملية تاريخية حسب الظروف والخصوصيات المميزة لكل شعب لتجعل منه أمة تتميز  بمصير جماعي موحد تذوب فيه كل الانتماءات العرقية والهويات الثقافية المختلفة المتنوعة.

 والأمة مفهوم يختلف عن الشعب كما أنها تختلف عن الدولة ويزيد من هذا الاختلاف أن هناك أمما كثيرة لا تشكل دولا كما أن هناك دولا لا تتألف من قومية واحدة أو أمة واحدة فالاتحاد السوفياتي السابق وكذلك يوغوسلافيا السابقة كانت دولا متعددة القوميات، وبالمقابل تتوزع الأمة العربية على عدة دول.

الفقرة الثانية: الإقـلـيــم

مساحة من الأرض محدودة جغرافيا يشمل ثلاث مجالات البر والجو والبحر. وتعتبر اليابسة الجزء الأهم من إقليم الدولة فهي التي تمنحه صفة الثبات بمعنى تكأة يقيم عليها وتمنحه صفة الثبات بمعنى تأمين قاعدة تسمح باستمرارية إقامة الجماعة الوطنية عليها مما يساعدها في تقوية التضامن فيما بينها، غير أنه ليس من الضروري أن تكون أراضي الدولة متصلة الأجزاء فقد تكون منفصلة بعضها عن بعض كما هو الحال بالنسبة لدول كاليابان أو اندونيسيا حيث يتكون إقليم كل منها من عشرات الجزر أو مئاتها كما وقد تكون واسعة شاسع (كندا) أو ضيقة صغيرة ( اللكسبورغ) جبلية ( سويسرا، لبنان)، منبسطة سهلية (فرنسا) أو صحراوية (العربية السعودية) أو واقع في أكثر من قارة (الاتحاد السوفياتي سابقا،  تركيا).

 لقد اختلف الفقهاء حول الطبيعة القانونية للإقليم، فالبعض رأى فيه عنصرا تكوينينا وذاتيا للدولة وجزءا لا يتجزأ من طبيعتها ونادى فريق آخر بنظرية الإقليم الموضوع أو المحل بمعنى كون الإقليم موضوع ومحل سلطة الدولة، وسار القائلون بهذه النظرية باتجاهين الأول يقول بأن سلطة الدولة على إقليمها تفسر بحقها الموضوعي في ملكيته والثاني يقول بحقها الموضوعي في السيادة عليه.

 ورأى فريق ثالث أن الإقليم ما هو إلا حد مادي للتصرف الفعلي للسلطة السياسية أي الحكومة، كما أن هناك فريقا آخر اعتبر الإقليم جزءا من المساحة الأرضية فيه يطبق وينفذ نظام معين للقواعد القانونية وأنه يمثل حقل الصلاحية المكانية للدولة وإطار نفاذ النظام الدولتي.

الفقرة الثالثة : السلطة الحاكمة

 حتى تكون هناك دولة لابد من وجود هيئة منظمة تمارس السلطة السياسية في الإقليم، بمعنى أن يكون هناك نظام حكم قادر على تمثيل الدولة على النطاق الدولي بحيث أن انعدام صفة التمثيلية لا يسمح بالتكلم عن استواء الدولة، فإذا أخذنا مثلا نظام الاستعمار نرى أن المستعمرة تحتوي على إقليم وشعب ولكن التمثيل لا يقوم إلا باسم الدولة المستعمرة، لذلك نقول بأن المستعمرة لا تؤلف دولة.

 إن قانون العلاقات الدولية لا يهتم بمعرفة ماذا كانت الهيئة التي تدعي التمثيل لها الحق في ذلك بل بمعرفة ما إذا كان لها الرقابة الفعلية على من تمثلهم.

وبالإضافة إلى التمثيلية والفعلية تتميز السلطة الحاكمة بإجمالية الإشراف السياسي حيث أنه ليس هناك ممارسة للسلطة الدولتية إذا اقتصرت الممارسة المذكورة على حقل معين ونشاط فريد.

أما الصفة الرابعة للهيئة الحاكمة فتتمثل بالفورية أي بالتطبيق المباشر والفوري لقراراتها دون المرور بأي هيئة أخرى.

المطلب الثاني: العناصر القانونية المكونة للدولة:

 الفقرة الأولى: الشخصية القانونية

 حتى يكون هناك وجود مادي للدولة وحتى تتحقق الممارسة الفعلية والمستقلة لاختصاصاتها على المجل الإقليمي والمجموعة البشرية التي تمثلها لابد أن من توفر عنصر الشخصية القانونية للدولة.

 وفكرة الشخصية لقانونية سواء في القانون الداخلي أو الدولي تعتبر شكلا من أشكال التصور الذي يستعين به القانون لتسيير تطبيق أحكامه.

 ويترتب على الشخصية القانونية  للدولة بعض النتائج الأساسية: فالدولة حسب هذا الطرح تؤلف شخصا معنويا منفصلا عن شخصية الأفراد والجماعات التي تتكون منهم حيث أن لها حياتها الخاصة المستقلة عن حياة مختلف أشخاصها ومكوناتها وهي تتصف بالديمومة رغم كل ما يطرأ على عناصرها السياسية من متغيرات.

إن الشخصية الدولية المعنوية وديمومتها تظهران من خلال متابعة احترام الحكومات الجديدة للتعهدات الدولية التي أقامتها الحكومات السابقة لحساب الدولة حيث أن احترام الحكومات الجديدة التي تتولى السلطة على إثر انقلاب عسكري أو تغيير مفاجئ تعلن رغبتها في المحافظة على الاتفاقيات واحترام المعاهدات التي إلتزمت بها الحكومات السابقة وهذا دليل على ثبات فكرة ديمومة الدولة.

الفقرة الثانية: السيــادة

 السيادة مفهوم قانوني وسياسي في نفس الوقت وباختصار فهو فعالية الدولة لأن تحكم فعلا.

 ويكفي للتحدث عن مجال السيادة أن نقدم ما جاء في قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 742/VIII بتاريخ 27 نوفمبر 1953 والخاص "بحقوق الدول المستقلة " فهو خير دليل  يرجع إليه  لتوضيح السيادة الداخلية والخارجية للدول.

¹ فبالنسبة للسيادة الداخلية : تعني حسب القرار الأممي تمتع حكومة الدولة بكامل حقها بوضع التشريعات من أجل تنظيم كل ما يهم إقليمها وسكانها وجميع وجوه الحياة الاجتماعية فيها.

¹ أما بالنسبة للسيادة الخارجية: فمفاده تمتع حكومة الدولة بممارسة نشاطاتها الدولية بكامل حريتها وذلك باتخاذ قراراتها دون تدخل خارجي، وعدم السماح لأي دولة أو دول أخرى بالتدخل في شؤونها وممارستها لسلطاتها بإقامة علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع حكومات دول أخرى أو منظمات دولية.

المبحث الثاني: الدول في المحيط الدولي بين المساواة القانونية  واللامساواة الفعلية والنتائج المترتبة عنهما

لا شك من الناحية القانونية أن الدول كلها متساوية في الحقوق والواجبات(المطلب الأول)، وذلك لأن القاعدة القانونية الدولية قاعدة عامة ومجردة، غير أن الواقع الدولي يؤكد أن هناك لا مساواة فعلية بين الدول  (المطلب الثاني) مما يعطي إمكانية تصنيف الدول بشكل هرمي (المطلب الثالث).

المطلب الأول: المساواة القانونية بين الدول

 إن جميع المواثيق والقرارات الدولية الصادرة عن مؤتمرات ومنظمات دولية عالمية وإقليمية تنص على مبادئ أساسية لابد من الإشارة إليها وتفسيرها لتعطينا صورة أوضح وهي على التوالي.

 1 ـ حق البقاء

يعني بقاء الدولة على قيد الحياة أو حق الدولة بالوجود المدعوم بحقها للدفاع عن نفسها من أجل البقاء، حيث نصت المادة 51 من الأمم المتحدة بصراحة على حق الدول فرادى أو جماعات في الدفاع الشرعي عن نفسها إذا اعتدي عليها.

2 ـ حق الاستقلال:

أو ما يسمى بحق السيادة وذلك كما رأيناه في المبحث السابق ينطبق على المجالين الداخلي والخارجي، وبناء عليه فإن لكل دولة كامل الحرية في اختيار نظام حكمها، كما أن لها حق الانتقال من نظام لآخر دون أي خضوع لإرادة دولة أخرى.

3 ـ المساواة الديبلوماسية

يتجلى ذلك من خلال:

أ/ البعثات الدبلوماسية الدائمة

 تتمتع جميع دول العالم بنفس المرتبة بخصوص بعثاتها الدبلوماسية بشقيها الجهاز المادي (السفارة) والعنصر البشري: الممثلين الدبلوماسيين، فجميع الدول وبدون استثناء (إلا ما ندر) تسمى بعثاتها الدبلوماسية المعتمدة لدى دول أخرى (بالسفارة)، ورؤساء هذه البعثات (بالسفراء) ولا فرق بين أي دولة عظمى وأية دويلة في هذا المجال.

 كما أن لكل بعثة دبلوماسية الحق برفع علم دولتها على مقرها وعلى سيارة رئيس بعثتها، ووضع شعار دولتها على مدخل مقرها.

ب/ المنظمات الدولية الحكومية:

 إن جميع الدول الأعضاء تتساوى في حقها بالتمثيل من حيث المرتبة وعدد الأعضاء، حيث نجد أن جميع الدول صغيرها وكبيرها ممثلة لدى المنظمة الدولية بنفس الطريقة، حيث أن لكل دولة مندوب أو ممثل دائم معتمد لدى هذه المنظمة، ولكل دولة عضو الحق بمشاركة ممثليها في نشاطات وأجهزة هذه المنظمات وترؤسها، كما أن جميع ممثلي الدول يتمتع في المنظمات الدولية بنفس الوضع القانوني من حصانات وامتيازات ومساواة في المعاملة.

ج/ المؤتمرات الدولية:

تتساوى جميع الدول في حقها باختيار ممثليها إلى المؤتمر واختيار رئيس وفدها وتحصيله تفويض مطلق من قبل حكومته، كما تتساوى جميع الدول في مشاركتها بالتصويت فغالبية هذه المؤتمرات تخضع لمسطرة واحدة: دولة واحدة صوت واحد.

 د/ المعاهدات والاتفاقيات

 فيما يخص التوقيع على الوثائق الدولية بكل أنواعها  إذا كانت متعددة الأطراف فإن الدول توقع حسب النظام الابجدي باللغة المتبعة لذلك والمتفق عليها، احتراما لمبدأ المساواة بين الدول، وفي العادة يكون التوقيع بالأحرف الأولى، أما إن حصل العكس والذي بموجبه يكون التوقيع كاملا، أي أن يكون الاتفاق نهائيا، فذلك يتطلب أن يكون الممثلون للدول المكلفون بالتوقيع مزودين بالتفويض اللازم، وهذا ينطبق على الجميع بدون استثناء.

المطلب الثاني: اللامساواة الفعلية بين الدول.

تتضح اللا مساواة الفعلية بين الدول من خلال عدة معايير :

 الفقرة الأولى: المعيار الزمني في تكوين الدولة

 إن غالبية الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة كانت مستعمرات لدول أوروبية وحصلت على استقلالها  بعد الحرب العالمية الثانية وهذا يوصل إلى نتيجة مفادها أن عامل الاستقرار، أي عامل القدم من حيث العمر يدفع بهذه الدول المستقرة في تعاملاتها الدولية على أساس رصين وقوي، بينما الدول الحديثة غير المستقرة فإن صراعاتها الداخلية على السلطة ومراحل بناء وحماية نفسها يدفع بحكوماتها للتوجه لحل مشاكلها الداخلية على حساب معاملاتها الخارجية ويفرض عليها اللجوء  لطلب المساعدات الخارجية من أجل حماية نفسها داخليا .

الفقرة الثانية: معيار اختلاف الأنظمة السياسية

مما لا شك فيه أن مبدأ حق الدول باختيار أنظمتها هو مبدأ مرسخ إلا أن الممارسة الدولية أثبتت بعض الاستثناءات نذكر منها.

 1 ـ عدم قبول روديسيا في الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الأخرى حينما قامت  الأقلية البيضاء العنصرية بإعلان استقلالها من جانب واحد.

 ب - رفض دول منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) قبول دولة جنوب إفريقيا بسبب النظام العنصري السائد فيها.

ج ـ تجميد عضوية كونا من منظمة الدول الأمريكية والمنظمات الدولية الأمريكية المتخصصة وذلك بعد اختيار حكومتها للنظام الماركسي.

د- عدم  قبول إسبانيا في عضوية الجماعات الأوروبية بسبب نظامها الديكتاتوري السابق وقبولها في مطلع عام 1986 بعد حلول النظام الديمقراطي فيها أسوة بباقي الدول أعضاء المجموعة.

الفقرة الثالثة : المعيار الجغرافي

مما لا شك فيه أن الدول البحرية هي أفضل بكثير من ناحية موقعها من الدول القارية،  حيث أن من معايب هذه الأخيرة أنها محدودة الحرية باتصالاتها مع الدول الأخرى، ولابد من إبقاء علاقات جيدة مع كامل جيرانها من الدول البحرية الأخرى حتى تستطيع أن تحافظ على بقائها كما هو الحال بالنسبة لتشاد ومالي وجمهورية إفريقيا  الوسطى وبوليفيا.

أما الدول الواقعة على البحر فتمتاز بوجود شبكة مواصلات بحرية طبيعية باستطاعتها التواصل فيما بينها بكامل حريتها، بالإضافة لامتيازها بدخل لا بأس به من الثروات البحرية التي تقيت شعبها  وتدر عليها عملات صعبة من تصدريها.

كما أن عامل المساحة يلعب دورا مهما في اللامساواة الفعلية بين الدول فدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية تغطي مناطق واسعة وتتمتع بموقع استراتيجي متميز وإمكانيات اقتصادية هائلة لا يمكن أن نقارنها بدول أخرى كمالطة والسيشل.

 الفقرة الرابعة: معيار الموارد والثروات الطبيعية

 يعتبر هذا المعيار من ضمن العوامل المؤتمرة في قوة ومقدرة الدول  ويقصد بالموارد والثروات الطبيعية جميع المواد الخام والثروات النباتية والحيوانية والزراعية بالإضافة إلى وسائل وأدوات الإنتاج أي التطور الصناعي والتكنولوجي فاليابان مثلا كقوة اقتصادية عظمى لا تملك مواد أولية ولا نفط إلا أن من أهم ميزاتها وجود قوة بشرية هائلة ومدربة تنافس بها منتوجات الدول الصناعية الأخرى.

 أما بالنسبة للإمارات وقطر مثلا فرغم أنهما دولتان صحراويتان ولا تتمتعان بكثير من المعايير الخاصة لتجعلهما قوتان صناعيتان هائلتان  ولكن لكونهما من أوائل الدول المصدرة للنفط سارتا من أوائل الدول في الإمكانيات المالية.

الفقرة الخامسة: المعيار العسكري

 إن الدول المالكة للسلاح النووي لا يمكن منطقيا مقارنتها بالدول التي تملك وسائل الدفاع التقليدية فالامساواة الفعلية تصبح جلية بين الدول التي لديها قدرات ردعية وتدميرية هائلة  من خلال الصواريخ المجهزة  بالرؤوس النووية العابرة للقارات، بالإضافة للقواعد العسكرية التي تحتوي على هذا النوع من الأسلحة وموزعة في جهات مختلفة من العالم.

 إضافة إلى العامل النووي فإن الدول المصنعة للأسلحة التقليدية تتنافس على التصدير لباقي دول العالم، الأمر الذي  أدى إلى توسيع مناطق نفوذها وخلقها أو انضمامها لكتل وأحلاف عسكرية.

هذه الحالة تؤدي إلى أن تبقى الدول المستوردة في حاجة مستمرة للدول المصدرة، أي في حالة تبعية لها وهذه صورة واضحة من صور اللا مساواة الفعلية بين الدول في المحيط الدولي.

المطلب الثالث: التصنيف الهرمي للدول

 يقصد بالتصنيف الهرمي للدول تقسيمها هرميا من حيث مقدرتها أي فعاليتها الدولية، أو بمعنى آخر مدى تأثيرها في المحيط الدولي.

الفقرة الأولى : الدول العظمى

هي الدول ذات المقدرة على القيام بدور عالمي، أي التي تتمتع بمقدرة التدخل في أي جزء في العام سواء أكان التدخل دبلوماسيا وعسكريا، اقتصاديا أم دبلوماسيا أو حتى إيديولوجيا وهذه المعايير تنطبق على الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي سابقا.

 فالولايات المتحدة الأمريكية تتمتع بمساحة تغطي عدة ملايين من الكيلومترات المربعة، وتملكا ثروات ومصادر طبيعية واقتصادية هائلة، بالإضافة لملكيتهما لترسانة عسكرية نووية وتقليدية كافية لتدمير العالم عدد مرات، وتؤهلها بسهولة بالغة للدفاع عن نفسها دون الحاجة إلى التحالف.

الفقرة الثانية: الدول الكبرى

 الدول الكبرى هي تلك الدول التي تطمح للقيام بدور عالمي إلا أن مقدرتها تحدد نفوذها وتجمع طموحها بقطاع محدود من العلاقات الدولية وتنطبق هذه الصفة على دول ذات نفوذ في المجالات التالية:

1.    امتلاك السلاح النووي.

2.    الإمكانيات الثقافية والدبلوماسية

3.    الإمكانيات الاقتصادية والتكنولوجية المتقدمة

وهذه الدول بالترتيب حسب هذه المعايير هي:

1/ الدول المالكة  للسلاح النووي.

2/ الدول ذات الإمكانيات المتقدمة، وهي الدول الاستعمارية السابقة مثل بريطانيا وفرنسا والتي لازالت تتمتع بنفوذ كبير على غالبية حكومات مستعسراتها السابقة، وهذا يتجسد ثقافيا من خلال مجموعة الدول الناطقة بالفرنسية (الفرنكفونية)، أما بريطانيا فعلاقتها الوثيقة مع مستعمراتها السابقة فتتجسد من خلال منظمة الكومنويلت.

3/ المعيار الثالث يتمثل في القوة الاقتصادية والتكنولوجية فهذا ينطبق على بريطانيا وفرنسا والصين واليابان بالإضافة إلى ألمانيا إلا أن طموح هذه الدول الكبرى يبقى محدودا حتى تصبح دولا عظمى، وهذا راجع لعدة أسباب نذكر منها:

ü    افتقارها للمقدرة على الاكتفاء الذاتي

ü    اعتماد اقتصاد غالبيتها على حماية قوة عظمى أو ارتباطها بقوى كبرى  ومتوسطة أخرى.

ü    اعتماد غالبية الدولة المصنعة الكبرى على الأحلاف العسكرية المعقودة مع الولايات المتحدة الأمريكية بالرغم من امتلاك بعضها للأسلحة النووية.

الفقرة الثالثة: الدول المتوسطة

 وهي الدول التي لا يتوفر لديها طموح ولا إمكانيات لممارسة دور عالمي أو حتى قاري، بل المتوفر لديها هو قدرتها للقيام بدور قائد أو زعيم إقليمي وعلى سبيل المثال نذكر الدول التالية:

v   في أمريكا اللاتينية البرازيل، الأرجنتين.

v   في إفريقيا : نيجيريا وجنوب إفريقيا.

v   في العالم العربي : مصر قبل اتفاقية كامب ديفيد، العراق قبل حرب الخليج الثانية، الدور الحالي الذي تلعبه العربية السعودية.

v   في القارة الأسيوية :ايران والهند.

v   وفي أوروبا: فبالرغم من وجود قوى كبرى فيها إلا أنه باستطاعتنا الإشارة إلى بعض الدول المتوسطة مثل إيطاليا، السويد، إسبانيا، وهذا النوع من الدول يعتمد جزئيا على إحدى القوى الكبرى أو على المنظمات الدولية القارية أو الإقليمية فاسبانيا مثلا انتقلت من وضع حليف تابع لألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية وإلى حليف تابع للولايات المتحدة الأمريكية بعد توقيعها لاتفاقية إنشاء قواعد عسكرية أمريكية على أراضيها عام 1954.

الفقرة الرابعة: الدول الصغرى

الدول الصغرى هي الدول ذات الدور المحلي المحدود بسبب ضعفها وصغر حجمها وقلة عدد ساكنها، والتي تحاول جاهدة المحافظة على استقلالها وحماية إقليمها ضد طموحات جيرانها.

وتجدر الإشارة هنا عرضا إلى أنه كلما صغرت مساحة إقليم دولة ما وقل عدد سكانها ونقصت مواردها الطبيعية كلما قلت إمكانية الاكتفاء الذاتي والاستقلال الفعلي.

الفقرة الخامسة: الدويلات والدول القزمة

 الدول القزمة هي الدول التي خلفتها الحروب وتوازنات القوى في أوروبا على مر القرون الماضية وفي مناطق أخرى متفرقة من العالم ونذكر على سبيل المثال ليشتنشتاين  وسان مارينو، وأندور مع وضعية خاصة لدولة الفاتيكان.

  فبالنسبة لليشتنشتاين هي دويلة لا تتوفر على الموارد الضرورية من أجل إقامة جهاز للاتصالات الخارجية حيث تقوم به جارتها سويسرا، أما دولة الفاتيكان فما هي الا مقر لممثل دولي من غير الدول، أي الكنيسة الكاتوليكية وتتبع من أجل أمنها لإرادة إيطاليا المعبرة عنها قانونيا باتفاقية لاتران عام 1929.

 أما الدويلات فهي تتمتع بساحة إقليمية صغيرة لا تتجاوز غالبيتها الألف كيلومتر مربع وسكان يقل عددهم عن مليون نسمة مثل اللوكسبوروغ، اسلندا.

المبحث الثاني : المنظمات الدولية الحكومية

قبل معالجة مكانة المنظمات الدولية الحكومية كفاعل حيوي في المجتمع الدولي (المطلب الرابع)، لابد من تعريفها (المطلب الأول)، ومعرفة ظروف نشأتها التاريخية (المطلب الثاني) وكذا أنواعها (المطلب الثالث)

المطلب الأول: تعريف المنظمات الدولية الحكومية

يمكن تعريف المنظمة الدولية الحكومية على أنها هيئة تشترك عدة دول في إنشائها بموجب اتفاق دولي يخولها أجهزة تضطلع بمهمته تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.

ومن خلال هذا التعريف يمكن استخراج بعض العناصر الرئيسية للمنظمة الدولية.

ـ 1 ـ القاعدة الدولتية: بمعنى أن هذه المنظمات تتميز بتمثيلية الدولة فيها.

ـ 2 ـ القاعدة الإرادية: مفادها أن الدولة حرة في الانخراط أو عدم الانخراط في المنظمة الدولية كما يمكن لها أن تنسحب بمحض إرادتها من منظمة معينة.

ـ 3 ـ القاعدة العضوية : بمعنى توفرها على أجهزة دائمة تتولى مسؤولية التسيير وتنفيذ البرامج التي تؤطرها.

ـ 4 ـ  القاعدة الاستقلالية: وهذا معناه أن المنظمة تتمتع بشخصية مستقلة عن الأعضاء المكونين لها و يقتضي هذا الأمر أن تتصرف الأجهزة المسيرة للمنظمة باستقلالية عن الحكومات التي تنتمي إليها.

ـ 5 - القاعدة الوظيفية: هنا يجب التمييز بين وظيفتين أساسيتين: التعاون والاندماج حيث أن المنظمات التي تقتصر وظيفتها على التعاون تحافظ على البنية الأساسية للمجتمع الدولي المتمثلة في دول ذات سيادة هادفة فقط إلى تشجيع الدول على تنسيق سياسياتها وسلوكها والقيام بأعمال موحدة ومشتركة، بينما في المنظمات ذات الوظيفة الاندماجية نجد أن هذه الأخيرة تحل محل الدول الأعضاء في القيام ببعض المهام، كالتفاوض عوضها مع الآخرين أو الاضطلاع ببعض الاختصاصات الدولية كالتشريع والقضاء.

المطلب الثاني: الأصل التاريخي للمنظمات الدولية

لقد مر ظهور المنظمات الدولية بعدة مراحل: مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى ثم مرحلة ما بعد الحربين العالميتين و أخيرا مرحلة ما بعد الحرب العامية الثانية.

فمرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى شهدت المنظمات الدولية التي تأسست خلال القرن 19 وأوائل القرن 20 ونذكر منها "اللجان النهرية الدولية" التي كان الهدف من تأسيسها تنظيم الملاحة في الأنهار الدولية بالقارة الأوربية ولاسيما في أنهار الراين والألب والدانوب .

وقد تقوت هذه المنظمات الدولية النهرية بعد صدور البيان الختامي لمؤتمر فيينا سنة 1815 الذي أوصى بضرورة خلق منظمات للسهر على تنظيم الملاحة في الأنهار ولاسيما نهر الراين كما ظهرت اتحادات إدارية مثل اتحاد البريد العالمي سنة 1872 والاتحاد العالمي لحماية الملكية الصناعية  لسنة 1883.

وتعتبر عصبة الأمم أهم منظمة دولية ظهرت بعد الحزب العالمية الأولى والتي أنشئ نظامها الأساسي في معاهدة فرساي بباريس إبان انتهاء الحرب العالمية الأولى كما نصت معاهدة فرساي على إنشاء منظمة العمل الدولية سنة 1919 وهي ذات أهداف اجتماعية.

وتعتبر منظمة الأمم المتحدة أهم منظمة عالمية ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية بالإضافة إلى المنظمات الدولية الفرعية المرتبطة بها مثل صدوق النقد الدولي ومنظمة التغذية والزراعة.

وفي سنة 1945 تأسست أيضا منظمة دولية إقليمية وهي جامعة الدول العربية بالإضافة إلى أحلاف عسكرية (الحلف الأطلسي) والمجموعة الاقتصادية الأوربية سنة 1957.

كما أنشئت منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963 (حاليا الاتحاد الإفريقي) ومنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1969.

المطلب الثالث: تصنيف المنظمات الدولية:

يمكن تصنيف المنظمات الدولية حسب ثلاث معايير أساسية:

1 ـ المعيار الجغرافي:

يقصد بالمعيار الجغرافي المنظمات الدولية التي تشمل مناطق جغرافية واسعة وتتميز بالشمولية أو العالمية كمنظمة الأمم المتحدة أما النوع الثاني فهو المتميز بالإقليمية أي نطاق جغرافي أقل اتساعا كجامعة الدول العربية ومنظمة الدول الأمريكية.

 2 ـ المعيار الوظيفي:

 يقصد بها هنا المنظمات التي تمارس نشاط عاما كمنظمة الأمم المتحدة التي تختص فضلا عن حفظ الأمن والسلم الدوليين بوظائف اقتصادية واجتماعية وثقافية، أما المنظمات المتخصصة فهي التي يقتصر تدخلها على مجالات محددة وهي تتسم بالتعدد بحيث يمكن أن تكون ذات طابع اقتصادي (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي للإنشاء والتعمير) أو ذات صبغة ثقافية أو علمية: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو أو ذات أهداف اجتماعية : منظمة الصحة العالمية.

3 ـ المعيار السلطوي:

 يقصد به تمييز المنظمات الدولية التي لديها خصوصية اتخاذ القرارات وفرضها على جميع الدول الأعضاء في المنظمة والمنظمات المتميزة باتخاذ التوصيات التي لا تلزم الدول في تنفيذها.

ويعتبر النوع الثاني من المنظمات الأكثر كما حيث أن الدول الأعضاء لها الحرية في التقيد بها أو رفضها  مثل منظمة  الدول المصدرة للبترول  وجامعة الدول العربية وذالك لأنه ليس هناك وسائل مادية للمنظمة لإرغام الدول الأعضاء فيها على تنفيذ توصيتها وقراراتها.

المطلب الرابع: مكانة المنظمات الدولية في المجتمع الدولي

يطرح السؤال بالصبغة التالية إلى أي حد تعتبر المنظمات الدولية فاعلا رئيسيا في العلاقات الدولية بالنظر إلى مدى استقلاليتها؟.

  إن استقلالية المنظمات الدولية تتحلى في مجموعة من العناصر الأساسية:

1ـ الشخصية القانونية:

ويعني ذلك تمتع المنظمة الدولية بالأهلية القانونية التي تخول لها الحقوق والواجبات الدولية وهذه الشخصية القانونية لا يمكنها أن تتفعل إلا إذا اعترفت الدول الأعضاء فيها بذلك، بمعنى أن دستورها يجب أن يتضمن صراحة على منح هذه المنظمة صفة الأهلية القانونية وبالتالي التمتع بالشخصية القانونية مثل الدول.

2ـ العضوية الدولتية:

بمعنى أن الدول وحدها هي التي يمكن أن تكتسب العضوية فالأصل أن الدول تكون ممثلة بمندوبين حكوميين يتلقون التعليمات من حكومات دولهم.

3 ـ الدور الوظيفي:

 لقد لاحظ دافيد ميتراني أحد أعمدة التحلل الوظيفي أن نظام الدولة الأمة لا يقدر وحده على مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية  الأساسية وذلك راجع أساسا إلى كون أن المجتمع الدولي مقسم إلى وحدات قائمة على أساس ترابي وليس على أساس المشاكل المطلوب حلها.

وعلى أساس ذلك فإن الوظيفية تعتبر أن التعاون ينبغي أن يمتد تدرجيا إلى كافة المجالات حتى يغطي شبكة من الأنشطة والمنظمات الدولية لتغطي الاختلافات السياسية مما ينتج أجهزة  تنسيقية سيتمحض عنها ظهور منظمات للقيام بنشاط وظيفي محدد.

ولقد دافع ميشيل فيرالي عن استقلالية المنظمات الدولية في مواجهة الدول فقد حاول في كتابه المنظمة الدولية على استنباط عوامل استقلال هذه المنظمات والتي يمكن عرضها فيما يلي:

أ) العنصر العضوي الذي يكمن في الطابع الجماعي والمركب لأجهزة المنظمة الدولية حيث تشمل مجموعة من الدول الشيء الذي يمكن الدبلوماسية المتعددة الأطراف من التحرك، وهذا لا يتوفر في الدبلوماسية الثنائية، فعلى سبيل المثال لو أخذنا قضايا التنمية ما كانت لتستقطب اهتمام الجميع لولا أن المنظمات الدولية أولتها غاية خاصة. وذلك نتيجة للضغوط التي مارستها الدول النامية مما دفع المنظمات الدولية إلى صياغة إستراتجية تنموية.

ب) العنصر القانوني: يتمثل هذا العنصر في التأويل الواسع لمقتضيات الدستور من اجل توسيع الاختصاصات، فعلى الرغم من كون أهداف وغايات المنظمة يحددها دستورها فإن المنظمة يمكن أن تؤوله بشكل مرن يمكنها من أداء مهامها بشكل فعال وهذا التأويل قد يصطدم بمعارضة الدول الغيورة على سيادتها مطالبة بالتزام صارم طبقا للنصوص .

ج) العنصر الإرادي: يتجلى هذا العنصر في إمكانيات المبادرة المعترف بها للمنظمة، فمن الناحية النظرية تعود مسألة تدخل المنظمة في هذه المشكلة أو تلك إلى الأعضاء إلا أن البعض قد يرفض هذا التدخل بيد أن إصرار الأغلبية ينتهي بفرض اهتمام المنظمة بهذه القضية أو تلك.

تعتبر هذه العناصر مجتمعة دليلا على استقلالية المنظمة التي يمكن أن تدخل أحيانا في صدام تقليدي مع سيادة الدولة التي لا تقبل بقرارات المنظمة ضاربة إياها عرض الحائط.

المبحث الثالث :  الشركات متعددة الجنسيات

لاشك أن الشركات متعددة الجنسيات تعتبر فاعلا كبيرا في العلاقات الدولية، فما هو التعريف الذي يمكن إعطاءه لهذه الشركات (المطلب الأول)، وما هي السمات الرئيسية لهذه الشركات (المطلب الثاني) وما هي العوامل الرئيسية المتحكمة في تسييرها (المطلب الثالث)، وأهم سؤال هو ما دورها  في العلاقات الدولية (المطلب الرابع).

المطلب الأول: تعريف الشركات متعددة الجنسيات

 اختلفت تسميات الشركات متعددة الجنسيات  Sociétés multinationales  حيث يطلق عليها أحيانا الشركات عبر الوطنية transnationales أو فوق وطنيةsupranationales  لكن هذا التعدد في التسمية لا يؤثر على طبيعتها الاقتصادية الموحدة والتي تتجلى في وجود عدد من الفروع خارج إقليم معين.

ولقد ميز بعض المحللين في هذا الصد بين الشركات الممركزة  التي تراقب فيها الشركة الأم جميع فروعها والشركات متعددة المراكز والتي تتمتع فيها باستقلال نسبي عن الشركة الأم، ثم أخيرا الشركات الجيو متمركزة التي تشارك فيها الفروع في اتخاذ قرارات الشركة الأم، وتسير بواسطة نخبة مختارة تنتمي إلى دول مختلفة، وقد عرفها البعض على أنها كل شركة لها أنشطة مستقرة  أو تحت مراقبتها في عدد من الدول الأجنبية تحقق لها رقم معاملات معين.

كما يمكن تعريفها على أنها الشركات المالكة لأجهزة إنتاج وخدمات مع الإشراف عليها من الخارج بالنسبة لمكان وجودها.

وقد عرفها دنيال كولار بمميزاتها التي تنحصر في أربعة عناصر أساسية :

·        وضع وطني.

·        إنشاء فروع في الخارج.

·        تدويل نشاطات الإنتاج.

·        هيئة دولية تراقب وتدبر الأمور انطلاقا من مركز قرار وحيد.

المطلب الثاني: السمات المشتركة للشركات متعددة الجنسيات

1 ـ كبر الحجم

تعتبر الشركات المتعددة الجنسيات ضخمة اقتصاديا بالنظر إلى رقم معاملاتها المالية حيث تتجاوز عشرات الملايير من الدولارات .

2 ـ التنوع في الإنتاج

هذه الشركات بالإضافة إلى كونها متخصصة في منتوج رئيسي معين فإنها تتعدى هذا المنتوج حتى ولو لم يكن بينها أي ترابط أو تكامل فشركة جنرال موتورز مثلا تنتج قاطرات السكك الحديدية والثلاجات والسيارات المتنوعة الأشكال وأجهزة منزلية أخرى.

 3 ـ الاتساع الجغرافي

الاتساع الجغرافي لهذه الشركات يعني تفرع الشركة من الوطن الأم إلى العديد من الدول الأخرى لخلق فروع بها.

 4 ـ التكنولوجيا المتقدمة

إن امتلاك التكنولوجيا المتطورة من طرف هذه الشركات يعتبر عاملا أساسيا في خلقها وتطويرها كما يساعدها في نفس الوقت للزيادة من الإنتاج وبالتالي الزيادة من الأرباح، فهذه الشركات توجه اهتمامها  بالبحث العلمي والتعليم العالي حيث تنفق أمولا طائلة عليها قصد الوصول إلى تكنولوجيا حديثة تساعدها على تطوير صناعتها والزيادة من مردودها بأقل التكاليف.

5 ـ تركيز الإدارة العليا

بالرغم من ضخامة هذه الشركات فإن جهازها الإداري المركزي يخضع لعدد محدود من الأشخاص وهو الذي يؤطر السياسة الاقتصادية والمالية العامة للشركة متعددة الجنسيات.

المطلب الثالث: العوامل الرئيسية المتحكمة في تسيير الشركات متعددة الجنسيات

1ـ البحث عن موارد  لتغذية نشاطها بأسعار منخفضة وتنافسية وبكميات وفيرة خاصة من المواد الأولية غير المتوفرة لديها.

 2 ـ البحث عن عوامل  إنتاج أقل تكلفة وذلك بواسطة البحث عن اليد العاملة الرخيصة أو على أي عامل إنتاج آخر أقل سعرا أو أكثر ليونة كالإعفاءات الجبائية أو القرب مثلا.

 3ـ الزيادة في الإنتاج من خلال ولوج أسواق جديدة تمكنها من صرف منتجاتها، غير أن هذه الرغبة قد تصطدم بالسياسة الحمائية للبلدان المستوردة والتي قد تفرض أحيانا تصنيع أو إنتاج جزء من هذه المواد المستوردة داخل إقليمها مما يجعل هذه الشركات تستقر في أكثر من بلد.

4 ـ ضرورة الحفاظ على مستوى تكنولوجي متطور لاسيما في مجال التكنولوجيا الدقيقة والذي يفترض زيادة مصاريف وتمويل البحوث العلمية للمختبرات المتخصصة.

المطلب الرابع: دور الشركات متعددة الجنسيات في العلاقات الدولية.

يتجلى دور الشركات متعددة الجنسيات من خلال علاقاتها مع فروعها، مع بلدانها الأصلية، وكذا مع دول الاستقبال.

الفقرة الأولى: علاقة الشركات المتعددة الجنسيات بفروعها

إن الشركة الأم والفروع المنتشرة في مختلف الدول لا يجمعها وحدة قانونية واحدة فالشركة الأم يحكمها قانون الدولة الأصلية أما الفروع فيحكمها قانون الدولة المستقبلة.

 أما الأنشطة التي تمارسها هذه الفروع فيحكمها القانون الدولي الخاص أو ما يعرف   بتنازع القوانين  حسب كل عقد أو صفقة تبرمها هذه الفروع.

ويعتبر الاستقلال الذي تتمتع به هذه الفروع استقلالا شكليا حيث أن الأجانب لا يشكلون إلا نسبة قليلة جدا من الأطر العليا في الوظائف التي تتيحها هذه الشركات أمام الوطنيين.

الفقرة الثانية: علاقتها بدولها الأصلية

 يتجلى ذلك في بعدين أساسيين

1 ـ البعد الإيجابي:

 إن الشركات متعددة الجنسيات تقوم بخدمة مصالح الدولة الأم، ولاسيما في الخارج عن طريق بسط السيطرة والهيمنة عليها فمثلا الشركات النفطية العالمية والتي في معظمها أمريكية تحتكر أسواق النفط العالمية من حيث الإنتاج والتسويق والأسعار رغم وجود ما يسمى بمنطقة الأوبيك.

2 ـ البعد السلبي:

 إن الشركات متعددة الجنسيات قد تضطر أحيانا إلى  تحدي السلطة السياسية في الدولة الأم، فمثلا أثناء فرض الولايات المتحدة الأمريكية المقاطعة الاقتصادية على الصين، نجد أن الشركات الأمريكية رفضت ذلك، فكانت تتعامل معها بواسطة فروعها في مناطق أخرى مثل كندا وهونج كونج، وهذا يفيد أن هذه الشركات لا تهمها المصالح الوطنية لبلدها الأم بقدر اهتمامها بمصالحها الذاتية حتى ولو أدى ذلك إلى مطالبة أو عجز في ميزان المدفوعات للبلد الأم، كما تتجلى العلاقات السلبية في التهرب الجبائي وإخفاء رقم معاملاتها التجارية الحقيقي وخصوصا المحصل عليه في الخارج.

الفقرة الثالثة : علاقتها بدول الاستقبال

تتجلى أيضا في بعدين أساسيين

1 ـ البعد الإيجابي من خلال مساهمة هذه الشركات في تنمية الدول المستقبلة فهي:

·        تساعد على تكوين الرأسمال المحلي حيث تتوفر على سيولة كبيرة تساعد الدول على توظيفها خصوصا إذا كان مستوى الادخار الوطني للقيام بالاستثمارات الضرورية ضعيف جدا.

·        تساعد دول الاستقبال في الحصول على التكنولوجيا الحديثة، لكن يبقى هذا العامل مرتبطا بإرادة هذه الشركات في المساهمة بشكل فعلي من أجل الاندماج الكلي لاقتصاديات هذه الدول، ومن جهة أخرى فإن نقل التكنولوجيا يختلف من صناعة لأخرى ومن شركة لأخرى، كما يختلف حسب السياسات والخصائص الوطنية للدول المستقبلة للتكنولوجيا حيث يطرح شكل تكييف التكنولوجيا مع بلد  الاستقبال الذي لا يستطيع أن يتماشى مع نوع متقدم من التكنولوجيا، لهذا فالعامل التكنولوجي يجب أن ينظر إليه بشكل نسبي.

·        تساعد دول الاستقبال على مستوى المداخيل، إذ تعمل على إحداث مناصب شغل وكذا مداخيل جبائية إضافية يمكنها أن تساهم في تغذية التنمية بهذه الدول.

2 ـ البعد السلبي : يتجلى ذلك في جانبين أساسيين :

أ/ الجانب السياسي:

 كل هذه الشركات المتعددة الجنسيات ولدت بالبلدان الرأسمالية، لذلك فهي أولا وأخيرا ما هي إلا أداة للدفاع عن مصالح هذه الدول الرأسمالية ويتضح ذلك من  خلال:

·        استنجاد الشركات بدولها للتدخل في البلدان النامية عندما تهدد هذه الأخيرة بتأميم فروع تلك الشركات مما يؤدي إلى انقلابات عسكرية أو تدخلات مباشرة ضد النظام القائم، فعلا سبيل المثال كان دور شركة ITT ومعها المخابرات الأمريكية واضحا في أزمة الشيلي والانقلاب على حكم سالفادورأليندي المنتخب ديموقراطيا عن طريق مساعدة الجنرال بينوشبه  على الإطاحة به وذلك عندما بدأ اليندي في  مسلسل تأميم النحاس.

·         إفساد موظفي الدولة بالرشاوي لخدمة مصالح الدول الرأسمالية حيث نجحت بعض الشركات في شراء ذمم رؤساء جمهوريات ووزراء ومسؤولين  كبار قصد إغماض العين عن مخالفات قانونية.

ب/ الجانب الاقتصادي:

·        احتكار الثروات الوطنية قصد تصدريها إلى الوطن الأم وتصنيعها ثم بيعها للخارج بعد ذلك بأثمان باهضة.

·        استغلال اليد العاملة بأجور زهيدة والعمل على تعطيل الدور النقابي.

·        العمل على إفلاس الشركات الوطنية قصد ابتلاعها واحتكار السوق الداخلية أيضا.

·        تهريب الأموال من البلدان النامية إلى البلد الأم  للشركة أو لفروع أخرى بتواطؤ مع مسؤولين من البلد النامي .

ج- الجانب الاجتماعي والثقافي:

·        تقريب الأدمغة من الدول النامية إلى الدول المصنعة للاستفادة من كفاءاتها وحرمان البلدان النامية منها عن طريق الإغراء بالأجور المرتفعة ومنح امتيازات متنوعة.

·        استخدام الإعلام والسيطرة على مجالات الترفيه وتشجيع ثقافة رأسمالية استهلاكية  مما يساهم في إذابة الهوية الثقافية لبلد ما.

 د- الميدان التقني :

 جعل البلدان النامية مقبرة للمواد السامة أو النووية مقابل مبالغ مالية زهيدة لدفن النفايات النووية في بعض البلدان الإفريقية مثلا.

المبحث الرابع : المنظمات الدولية غير الحكومية

المنظمات الدولية غير الحكومية هي مؤسسات يتم تكوينها من قبل الأفراد لتعبر عن تضامن عبر وطني قصد خدمة أهداف معينة دون غاية تحقيق الربح المادي مع استقلالية عن حكوماتها.

  هذه المنظمات الدولية غير الحكومية متنوعة ويمكن نعتها بالقوى نظرا لقوة تأثيرها في العلاقات الدولية وذلك على عدة مستويات : سياسيا (المطلب الأول)، نقابيا (المطلب الثاني)، دينيا (المطلب الثالث)، إنسانيا (المطلب الرابع)، وحقوقيا (المطلب الخامس)

إلى عدة قوى من أهمها القوى السياسية والنقابية والقوى الدينية والقوى الإنسانية وقوى أخرى مختلفة.

المطلب الأول: القوى السياسية

 يقصد بها التنظيمات السياسية على الصعيد الدولي سواء كانت أحزابا أو حركات سياسية منظمة .

 هذه التجمعات السياسية برزت بشكل جلي بعد ظهور البيان الشيوعي سنة 1848 على يد كارل ماركس  فقد ظهرت الأمميات الشيوعية  بعد تأسيس الجماعة الدولية للعمال سنة 1864 وهي المعروفة باسم الأممية الأولى.

 غير أنه سرعان ما تم حل هذه الأممية الأولى سنة 1879 لتؤسس على أنقاضها الأممية الثانية بعد سلسلة من الاجتماعات في مدن أوروبية مما يبين عالميتها.

تأسست الأممية الثانية رسميا في مدينة باريس سنة 1889 بواسطة أحزاب اشتراكية  جديدة في عدة دول أوروبية وكان هدفها توحيد مواقف الأحزاب الاشتراكية في أوروبا قصد تفادي الحروب وبعد نجاح الثورة الشيوعية في روسيا على يد لينين سنة 1917 دعا هذا الأخير إلى تأسيس  أممية ثالثة وذلك في موسكو سنة 1919 . عرفت هذه الأممية باسم الكومنترت Kominterm  هدفها التنسيق بين الأحزاب الشيوعية في العالم .

هذه الأممية الثالثة لم تعمر طويلا وتم حلها بعد الحرب العالمية الثانية في ماي  1943 من طرف الرئيس السوفياتي ستالين الذي أسس أممية جديدة سنة 1947 تحت اسم (الكومنفوروم) أي مكتب الإعلام للأحزاب الشيوعية واتخذ بلغراد (يوغوسلافيا سابقا مقرا له).

 إلا أن انسحاب يوغوسلافيا من الكومنفوروم سنة 1946 وتزايد الخلافات بين الأحزاب الاشتراكية الأوروبية والاشتراكية السوفياتية سيؤدي إلى وضع حد لهذا التجمع السياسي العالمي في أبريل  1965 حيث تم حله نهائيا.

 كما أن الأمميات الاشتراكية ظهرت نتيجة تجمع عدة أحزاب اشتراكية أوروبية ورفضها الخضوع لتعليمات الحزب الشيوعي السوفياتي، وقد برزت كمنظمة سياسية بعد 1919، أي بعد ظهور الأممية الشيوعية الثانية حيث رفضت معظم الأحزاب الاشتراكية الأوروبية الانضمام إليها.

 عقدت هذه الأحزاب الاشتراكية أول مؤتمر لها في هامبورغ (ألمانيا) سنة 1923، وقررت تأسيس مؤسسة عالمية أطلقت على نفسها الأممية الاشتراكية.

تسعى الأممية الاشتراكية إلى نشر الأمن والسلام في العالم والدعوة إلى نزع الأسلحة النووية وخلق عدالة اجتماعية واقتصادية واحترام حقوق الإنسان والدعوة إلى احترام مبادئ الديمقراطية ودولة الحق والقانون.

 وتجدر الإشارة إلى أن دور هذه الأمميات الاشتراكية قل في السنوات الأخيرة، وذلك راجع إلا إنهيار الكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفياتي وإلى تنامي المصلحة القومية على حساب المصلحة الأممية مما جعلها تكون أقل تأثيرا في العلاقات الدولية اليوم.

 ويعتبر الاتحاد الدولي  للأحزاب الديمقراطية المسيحية من القوى السياسية أيضا حيث يتجلى دورها في الانتخابات العامة بالبرلمان الأوروبي.

 كما أنه لا يجب إهمال الدور الذي تلعبه الأحزاب الإسلامية في الدول العربية والإسلامية والتي تحاول توحيد مواقفها ليكون ذو تأثير فعال في العلاقات الدولية.

 ورغم أن هذه الأحزاب الإسلامية لم تصل إلى حد أن كون تجمعا سياسيا دوليا موحدا نظرا للمعارضة القوية من طرف بعض الحكومات بدولها إلا أنها تتعاون فيما بينها في الخفاء وقد تجلى ذلك بوضوح في بعض القضايا كأزمة أفغانستان قبل سقوط النظام الشيوعي، والأزمة الداخلية بالجزائر في بداية التسعينات من القرن الماضي وكذلك الأزمة الداخلية في مصر بعد سقوط نظام حسني مبارك والموقف المعادي من تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل .

المطلب الثاني: القوى النقابية

القوى النقابية: هي تجمعات نقابية من عدة دول والتي لها أهداف مشتركة وسياسات موحدة.

لقد تأسست أول حركة عمالية في عام 1913 عرفت باسم الاتحاد النقابي الدولي، وذلك بتشجيع من القوى السياسية المسيحية في أوروبا، حيث تأسست  في هولندا عام  1920، أما الثانية فتكونت بإيعاز من القوى السياسية الشيوعية في موسكو، وحملت اسم "الأممية النقابية الحمراء" وذلك في سنة 1920 أيضا.

 وبعد الحرب العالمية الثانية اتحدت النقابتان ذات الميول الاشتراكية في نقابة دولية واحدة هي " الاتحاد النقابي العمالي" وذلك في سنة 1945.

 غير أن الحرب الباردة  والاختلاف المستمر بين المعسكرين الغربي والشرقي سيؤثر على وحدة الاتحاد  النقابي العمالي حيث ستنسحب النقابات المنتمية إلى دول المعسكر الغربي، لتؤسس اتحادا نقابيا مستقلا هو "الاتحاد الدولي للنقابات الحرة " وذلك في سنة 1949 وتوزعت النقابات الدولية في ثلاث اتحادات نقابية دولية هي:

‌أ.       الفدرالية النقابية العالمية.

‌ب.   الكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة.

‌ج.   الكنفدرالية العالمية للشغل.

وبعد عقود  من التشتت والتفرقة وفشل عند محاولات سابقة، عقدت كل من الكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة والكنفدرالية العالمية للشغل المؤتمر التأسيسي والاندماجي سنة 2006 بالعاصمة النمساوية فيينا من أجل الإعلان عن ميلاد تنظيم نقابي عالمي موحد أطلق عليه اسم "الكنفدرالية النقابية العمالية" ومن الأهداف الرئيسية  ووراء تأسيس هذا التنظيم العمالي الدولي الوحدوي هو التصدي للعولمة الاقتصادية المتوحشة التي تعتبر وسيلة لتحكم الدول الامبريالية الكبرى في اقتصاديات الدول الفقيرة  والنامية.

 هذه  العولمة أصبحت تشكل خطرا واقعيا على مصير وحقوق الطبقة العاملة خصوصا أمام التراجع الملحوظ خلال السنوات الأخيرة بسبب تعدد الجبهات التي فتحتها العولمة الاقتصادية،  والتي تتجسد أساسا في الهشاشة في الشغل، تزايد الاقتصاد غير المهيكل، وسن تشريعات على مقاييس أرباب الشغل مما سرع من تأسيس جبهة عمالية مضادة قادرة على توحيد الصف العمالي عالميا .

 كما يشكل النضال من أجل احترام الحريات النقابية وفي مقدمتها الحق في الإضراب في جميع دول العالم من أولويات الأهداف  المسطرة من طرف هذا التجمع النقابي الدولي.

المطلب الثالث: القوى الدينية

 القوى الدينية هي منظمات مستقلة عن الحكومات في بلدانها وتتخذ من الدين مرجعا لنشاطها.

 وأهم هذه القوى متفرعة من الديانات السماوية مثل الإسلام والمسيحية واليهودية بالإضافة إلى معتقدات غير سماوية كالبوذية والكنفوشيوسية.

وتعتبر رابطة العالم الإسلامي الموجود مقرها بالعربية السعودية أهم هذه المنظمات الدولية غير الحكومية في العالم الإسلامي والتي تم تأسيسها من طرف بعض العلماء المسلمين سنة 1962 بمكة المكرمة وهي تتمتع بصفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة ولدى بعض  الوكالات المتخصصة التابعة لها.

 ومن أهدافها نشر التعاليم الإسلامية والحفاظ عليها من التيارات الفكرية المعادية لها، بالإضافة إلى  تشجيع اللغة العربية (لغة القرآن) ودعم التعليم الإسلامي والجمعيات الإسلامية في العالم، كما يمكن إضافة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى رابطة العالم الإسلامي باعتباره منظمة دولية غير حكومية تأسست عام 2004 هدفها علمي إذ تعتبر بمثابة منبر مفتوح أمام العلماء المسلمين لمناقشة القضايا الفقهية المعاصرة كما أن هذا الاتحاد له دور دعوي فهو يعني بالدعوة إلى الإسلام باللسان والقلم، وكل الوسائل المعاصرة المشروعة مقروءة أو مسموعة أو مرئية ملتزما بمنهج القرآن الكريم.

ولا يجب أن نغفل كقوة دينية الجمعيات اليهودية العالمية التي ساهمت في جمع شتات اليهود في العالم وتكوين دولة لهم بفلسطين، ونذكر من بين هذه الجمعيات المنظمة الصهيونية العالمية (بالقدس) والمؤتمر اليهودي العالمي (في جنيف).

المطلب الرابع : القوى ذات البعد الإنساني

 تعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر أهم منظمة دولية  إنسانية غير حكومية يوجد مقرها في جنيف وقد أسسها هنري دونان سنة 1863 بجنيف بهدف إغاثة الجرحى ومساعدتهم نتيجة الحروب  المروعة التي كانت تجتاح أوروبا.

هذه المنظمة تخاطب الدوائر الحكومية والدبلوماسية والعسكرية والمؤسسات الجامعية والمعاهد المتخصصة التي تهتم بالنشاط الإنساني.

 تصدر هذه المنظمة مجلة تنشر مقالات علمية وفقهية متخصصة تعرف باسم " المجلة الدولية للصليب الأحمر".

المطلب الخامس: القوى الحقوقية

 في هذا المجال تم تأسيس منظمات دولية غير حكومية هدفها خدمة حقوق الإنسان في العالم نذكر من أبرزها  منظمة العفو الدولية  التي تأسست عام 1961 في بريطانيا، ونالت جائزة نوبل للسلام سنة 1977 هدفها الدفاع عن سجناء الرأي في مختلف بقاع العالم لاسيما في الدول الاشتراكية ودول العالم الثالث كما نذكر من بين المنظمات الدولية غير الحكومية المهتمة بحقوق الإنسان الفدرالية الدولية  لحقوق الإنسان التي تأسست في باريس سنة 1922 هدفها الدفاع عن حقوق الإنسان في مختلف دول العالم وإقناع الحكومات بضرورة احترام حقوق الإنسان


المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق