ماهية التقارير الإدارية، وطرق صياغتها

 

ماهية التقارير الإدارية، وطرق صياغتها

سنقوم في هذا المطلب، بتعريف التقارير الموجزة، والقواعد المرتبطة بإعدادها، ومميزاتها، وأنواعها ( الفقرة الأولى )، والتقارير المفصلة، والقواعد المرتبطة بإعدادها ومميزاتها، وأنواعها ( الفقرة الثانية )

والتقرير بصفة عامة نص مكتوب يختلف حجمه باختلاف الحالة التي يتطرق إليها، و غالبا ما يهدف نقل معلومات و وقائع، أو أوضاعا، ويستخلص نتائج  ويقترح بالتالي اتخاذ إجراءات مناسبة، فهو إذن يساعد على اتخاذ قرارات مستقبلا.

و تنقسم التقارير إلى تقارير موجزة و أخرى مفصلة. 

 

الفقرة الأولى: تعريف التقارير الموجزة، ومميزاتها، وأنواعها، والقواعد المرتبطة بإعدادها. (عرض الحال _ compte rendu)

هو وثيقة إدارية ( قناة تواصلية)، و ليست تأويلية، تستعمل لإخبار سلطة عليا بوقائع، و أحداث، و معلومات تصل إلى علم المحرر؛ ويعتقد انه من المفيد إطلاع رئيسه عليها لأنه يجهلها، كما يمكن أن يطلبه الرئيس نفسه، إذا بلغ إلى علمه واقعة معينة، و لم يكن يتوفر عن المعلومات الكافية حولها، وذلك دون إعطاء تفسير أو استنتاج شخصي حول الأحداث، و الوقائع المتحدث عنها، ، حيث أنه وثيقة إخبار وصفية لا غير.

         ومن مميزات التقرير الموجز؛ أنه غالبا ما يوجه من سلطة دنيا إلى سلطة أعلى منها مباشرة، غير انه في بعض الأحيان قد يكتسي الحدث طابع الخطورة، وحينئذ يمكن إرسال التقرير الموجز إلى سلطة أعلى مباشرة غير السلطة الرئاسية، كالوزير نفسه، ثم توجه نسخة إلى الرئيس المباشر، ويوضح التقرير الموجز عنصرين أساسيين وهما المرسل (صفته و عنوانه)، والمرسل إليه (صفته و عنوانه)، ويحمل نوعين من التواريخ، وهما تاريخ إصداره بعد التوقيع، و تاريخ الواقعة، أو الحدث موضوع التقرير الذي كان السبب في إعداده، و أحيانا يكون تاريخ الحدث، وتاريخ إعداد التقرير وإرساله واحد. ويتطلب إعداد التقرير الموجز من المحرر الاتصاف بالمسؤولية، و الصراحة؛ على اعتبار أن العمل الإداري يتم ضمن مستويات تسلسلية مختلفة في إطار من الثقة، وأن يتوقع دائما أن المرسل إليه، يجهل الموضوع و لا علم له بالحادث، أو الوقائع موضوع تقريريه، وعليه، يجب أن يكون أسلوبه مختصرا ودقيقا وواضحا، متسما بالحذر الشديد، وبسط الأحداث كما بصورة تمكنه من الإطلاع عليها، وأخذ صورة كاملة و حقيقية لا غبار عليها، رغم انه لم يشاهدها، يكتسي التقرير الموجز أهمية كبرى، حيث يعد الوثيقة الأكثر استعمالا في تبليغ الأحداث و المعلومات إلى علم الرؤساء.[1]

         وللحديث عن أنواع التقارير الموجزة، (والتي يصعب حصرها نظرا لكثرة المواضيع التي تعالجها، وتشعب تدخلات الإدارة وتنوع نشاطها)، يمكن اعتماد طريقة تقريبية لتصنيفها حسب شكلها، وهدفها، إلى نوعين رئيسيين، وفي كل نوع من هذين النوعين، نجد تقسيمات أكثر تدقيقا وتشعبا:

أولا: التقارير الموجزة التسلسلية.

          ومن أنواع التقارير الموجزة التسلسلية، والتي لها ارتباط عضوي بالنشاط الذي تمارسه الإدارة، نجد تقارير موجزة عن مهمة، أو عن نشاط، أو واقعة، أو زيارة، أو أزمة، ....... الخ، سنكتفي بإعطاء نموذج تقرير موجز عن مهمة.

 

1.    تقرير موجز عن مهمة

يحتوي التقرير الموجز عن مهمة ( عرض الحال ) من حيث المظهر على البيانات العامة العادية التي تتميز بها جميع الوثائق الإدارية مثل:

- الرأس الذي يوضح الإدارة التي صدر عنها التقرير.

 - التاريخ والمكان.

 - الموضوع: ويتم النص فيه على " تقرير موجز " متبوع بتعيين المهمة أو النشاط الذي تم القيام به.

 - نص التقرير الموجز: لا يخضع النص لأي شكل معين ولا إلى عبارات المجاملة، غير أنه يستحسن وضع تصميم منهجي يحتوي على مقدمة وعرض و خاتمة.

 - المقدمة: تعرض باختصار لظروف القضية والأسباب الكامنة وراء إعداد التقرير، ونوع المهمة التي أنيطت بالمحرر.

 - العرض: يتناول بالتحليل المهمة أو النشاط كما تمت معاينته، وعلى المحرر أن يسلك في تقديمه تسلسلا زمنيا، ويتبع ما أمكن طريقة التحليل والتركيب، مستعينا إن اقتضى الأمر، بجداول وإحصائيات، مشيرا عند الضرورة إلى عينة الأشخاص الذين يكون قد التقى بهم، أو استمع إليهم أثناء مهمته، أو العناصر والمعلومات الجديدة التي تم الحصول عليها.

- الخاتمة: تلخيص للنقط المستعرضة مع تقييم عام للمهمة أو النشاط أو الوضعية، دون إعطاء حكم مسبق، أو عرض مقترحات أو تدابير معينة، أو اقتراح حلول لمواجهة الوضعية.

وأخيرا يجب أن يختم عرض الحال بتوقيع المحرر وذكر صفته، أما المرسل إليه، من الأفضل أن يشار إليه في آخر النص على الجانب الأيمن قبالة التوقيع.[2]

والنوع الثاني من التقارير الموجزة التسلسلية، نجد التقارير الموجزة عن الاجتماعات.

ثانيا: التقارير الموجزة عن الاجتماعات:

 وتجدر الإشارة إلى انه لا ينبغي الخلط بين هذا النوع من التقارير و محاضر الاجتماعات، فلكل من الوثيقتين دورهما ووجهتهما، ذلك أن محضر الإجماع هو وثيقة رسمية وأحيانا تكون منظمة بنص أما التقرير الموجز عن إجماع فهو وثيقة إخبارية وصفية، الغرض منها إطلاع السلطة العليا بالوقائع التي تم تسجيلها أثناء الاجتماع و النتائج التي أسفر عنها وكذا المقررات المتخذة[3].

 ففي التقرير الموجز عن الاجتماعات، نكتب مثلا:

بتاريخ........على الساعة ......عقد اجتماع بمقر ..... تحت رئاسة......خصص لدراسة .......

حضر هذا الاجتماع ............

وبعد الإعلان عن افتتاح الاجتماع والتذكير بموضوعه من طرف .............أعطيت الكلمة........................الذي قدم عرضا مسهبا حول .......................وأشار ........،  حيث تخلله تقديم الحاضرين ملاحظاتهم واستفسروا عن بعض النقط التي تبدوا غامضة، وبعد تلقي الشروح، و إدخال التعديلات، تمت الموافقة على.............  ورفعت الجلسة على الساعة................     

 المحرر: اسمه وصفته وتوقيعه.[4]

 المرسل إليه (صفته )

إذا كان هذا عن التقارير الموجزة، فهناك تقارير أخرى مفصلة.

 

الفقرة الثانية: التقارير المفصلة، و مميزاتها، والقواعد المرتبطة بإعدادها، و أنواعها.( Le rapport détaillé   )

         التقرير المفصل، عرض للحقائق و المعلومات والبيانات الخاصة بمشكلة معينة، عرضا تحليليا ومرتبا، مع الإشارة إلى الحلول المقترحة على ضوء النتائج التي تم التوصل إليها من خلال الدراسة والبحث، فهو وثيقة يقوم المحرر بواسطتها بإخبار جهات عليا بمشكلة من أجل اتخاذ قرار بشأنها بعد دراستها. يتضح من هذا التعريف، أن التقرير المفصل يسمح للمدبرين بالإطلاع على آراء العاملين تحت نفوذهم ووجهات نظرهم حول الصعوبات والمشاكل التي تعترضهم والحلول التي يرونها لمعالجتها، فهو بهذا المعنى وسيلة من وسائل إشراك الموظفين بالإدارة في عملية اتخاذ القرارات.

ومن مميزاته أنه:

1.    وثيقة مكتوبة تمرر عبرها معلومات إلى الجهات المختصة.

2.    يعرف من خلال عنوانه والمرسل إليه.

3.    يتسم بالتحليل والتفصيل.

4.    يعالج غالبا قضية هامة.

5.    يستعمله المرؤوس أحيانا لطلب التعليمات.

6.    يعتمد عليه الرؤساء في اتخاذ القرارات.

7.    له توجه نحو المستقبل.

8.    يهدف إلى تقديم اقتراحات واستنتاج خلاصات على عكس التقرير الموجز.

9.    يعتبر وعاء لحفظ المعلومات والأبحاث والدراسات للاستفادة منها عند الحاجة.

10.          يستعمل لتقديم مشاريع القوانين والمراسيم والقرارات والنصوص بصفة عامة.

يتضح من خلال الخصائص المذكورة أن التقرير المفصل هو حصيلة لجهد كبير ومنسق، يتطلب وقتا طويلا، ويتم عبر مراحل يتعين من خلالها: تحديد المشكل موضوع التقرير وأبعاده المختلفة، وإعداد تصميم للبحث، ووضع هيكل عام للتقرير، ودراسة المعلومات والبيانات وتحليلها وتفسيرها، وأخيرا القيام بجمع تلك المعلومات وتنسيقها، وصياغة التقرير في شكله النهائي.

 وسنحاول إلقاء الضوء على هذه المراحل، نظرا لأهميتها:

1)   الهيكل العام للتقرير.

         هناك العديد من الطرق والمناهج المتبعة لإعداد التقرير منها؛

11.      المنهج التاريخي: ويعني دراسة أحداث الماضي للوصول إلى معرفة الحاضر، واستشراف آفاق المستقبل، ولا تقتصر خطة البحث على سرد الحقائق والمعلومات بل تعتمد أسلوب الدراسة والتحليل وإيجاد العلاقة بينهما وتفسيرها.

12.      المنهج الوصفي: ويعني وصف الأوضاع والظروف القائمة انطلاقا من المعلومات المستمدة من الملاحظات أو المقابلات الشخصية.

13.       المنهج التجريبي: ويقوم على إجراء تجارب، وإبداء ملاحظات ثم الحكم على مدى صحة أو عدم صحة الافتراضات التي ثم وضعها.                          

2)   دراسة المعلومات والبيانات وتحليلها.

يعتبر البحث عن المعلومات القضية الأساسية في إعداد التقرير المفصل، حيث يتعين البحث والتنقيب عنها في مصادرها الأصلية من قبيل الكتب والمطبوعات ذات الصلة بالقضية، والدراسات والأبحاث المنجزة حول الموضوع، والوثائق والملفات، والخبرة والتجربة التي يتوفر عليها المحرر، وكذا الأشخاص ذوي الخبرة والعلاقة والأخصائيين عن طريق الاتصال الشخصي بهم.

3)   صياغة التقرير.

تتطلب هذه الخطوة - والتي يتم فيها وضع التصور النهائي لشكل التقرير – أن يلتزم المحرر بالدقة والوضوح والبساطة والإيجاز مع الإتقان متبعا المنهج التالي:

14.          اختيار عنوان التقرير: بحيث يعكس مضمونه، والهدف منه.

15.          المقدمة: تتضمن عرضا للموضوع أو المشكل وأبعاده والأسباب التي أضفت عليه أهمية خاصة، وطريقة البحث وحجم المعلومات والجهة التي يعد التقرير لصالحها.

16.          صلب الموضوع: ويتناول بالبحث والتحليل المعلومات والبيانات التي تم جمعها وتوظيفها منطقيا، من أجل إيجاد العلاقة الجدلية والموضوعية، بين الأفكار والهدف الذي يتوخى الوصول إليه، وتكتسي هذه المرحلة أهمية كبرى حيث يتم خلالها تحليل الموضوع وإبراز المنطق في عرض الأفكار والتدليل عليها بصورة متناهية للوصول إلى خاتمة مؤثرة؛ وذلك بعرض الوقائع والبرهنة أو التعليق عليها وبناء الاقتراحات.

17.          الخاتمة: هي تذكير إجمالي بالمظاهر الأساسية للتقرير والحلول المقترحة والتوصيات المقدمة على ضوء نتائج البحث والدراسة المتوصل إليها، والتي من شأنها أن تعطي فكرة واضحة لمن يقتصر على قراءتها.[5]

أما فيما يخص المظهر الخارجي للتقرير المفصل، فيضم البيانات التالية:

18.          الرأس – المكان- الرقم - العنوان – المرسل – المرسل إليه – الموضوع...........

19.          توقيع المحرر بالصفحة الأخيرة، متبوعا بصفته، والاسم الشخصي والعائلي.

       ويمكن تصنيف التقارير المفصلة، حسب نوعها وتوجهها إلى:

ü    من حيث الشكل: إلى تقرير شفوية، وتقارير كتابية.

ü    من حيث الموضوع: فالمواضيع التي تعالجها لا يمكن حصرها، فهي تتنوع بتنوع النشاط الإداري، فمنها: تقرير عن مهمة – تقرير تدريب – التقرير الدراسي - ....

ü    من حيث المدة الزمنية: يومية – أسبوعية – نصف شهرية – شهرية - ............ 

 إذا كان هذا عن الوثائق الإدارية الإخبارية والمتعلقة بالتقارير الإدارية، فهناك وثائق إدارية متعلقة بالإثبات ( Documents administratifs d argumentations ) وهي المحاضر الإدارية ( Procès Verbal PV  ) [6]



[1]  محمد مرزوق، التواصل الإداري – النظريات والأسس والمبادئ والتطبيقات، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى ،سنة 2011، ص 297.  

[2]  بوعلام السنوسي، تقنيات التحرير الإداري- بالإدارة العمومية والقطاع الخاص، سلسلة الإدارة والتشريع، مطبعة دار النشر المغربية، طبعة جديدة، سنة 2016، ص 248 

[3]  عبد العزيز أشرقي، مرجع سابق، ص 145

[4]    عبد العزيز أشرقي ، مرجع سابق، ص245

 [5]  عبد العزيز أشرقي، مرجع سابق، ص148

 عبد العزيز أشرقي، مرجع سابق، ص 162 [6]



المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق