لقداعتمد المغرب بعد الحماية النظام الأساسي للوظيفة العمومية كإطار قانوني مرجعي للوظيفة العمومية ببلادنا حيث يعد بمثابة دستور الوظيفة العمومية منذ 1958 ورغم الانتقادات التي وجهت للإدارة العمومية ومقترحات الإصلاح فإنها لم تشمل هذا النظام الذي ظل صامدا لاكثر من 60 سنة رغم التحولات التي عرفها العالم والمغرب أيضا والتي تتطلب تغييرا لهذا النظام المنظم للوظيفة العمومية لكي يتماشى مع التحديات التي تواجه بلادنا ليواكب التطورات التي تعرفه البلاد بملائمة هذا النص القانوني مع المقتضيات الدستورية الجديدة خاصة ما يتعلق منها بالحكامة الجيدة ومبادئ المرفق العمومي كالشفافية والمساواة وربط المسؤولية بالمحاسبة ، كما أن تطور أساليب التدبير للموارد البشرية يفرض مواكبة هذا النص القانوني لتطوير منظومة تدبير الموارد البشرية بالإدارات العمومية كأولوية في مسلسل الإصلاح والتحديث الإداري.
وحيث أن النظام الأساسي للوظيفة العمومية يعاني من عدة نواقص فماهي أهم هذه النواقص وماهي الحلول المقترحة لتعديله ومراجعته؟
ذلك ما سنحاول الإجابة عليه من خلال مطلبين.
المطلب الأول: أهم نواقص النظام الأساسي للوظيفة العمومية
المطلب الثاني: مقترحات حلول لتعديل النظام الأساسي للوظيفة العمومية ومراجعته
المطلب الأول: أهم نواقص النظام الأساسي للوظيفة العمومية
يلاحظ المتتبع للوظيفة العمومية ببلادنا تواجد عدة نواقص تعتري النظام الأساسي للوظيفة العمومية وتنعكس على واقع الإدارة المغربية وذلك لتقادمه وعدم مواكبته ومن بين أهم هاته النواقص نذرك تلاتة نقائص يتوجد بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية وتوثر على مستوى تدبير الموارد البشرية بالإدارة المغربية.
أ- على مستوى التوظيف: يرتكز التوظيف بالمغرب على طبيعة الوظيفة العمومية التي تقوم على نظام المسار المهني مما يلزم الإدارة لمدة طويلة باعتبار أن المرشح يتم توظيفه على سبيل الدوام والاستمرار وإن كان ذبك يضمن له استقرارا يساعده على العمل والأداء فإنه يشكل للبعض سببا ودافعا للتهاون والتراخي في أداء العمل، كما أن عملية التوظيف وسيلة للتقليص من الفجوة الكمية والنوعية بين جاجيات الإدارة ومواردها البشرية، كما أن اعتماد نظام المباراة الكلاسيكية لايساهم في ولوج الكفاءات للوظيفة العمومية حيث أن اعتماد الشواهد الأكاديمية لايعكس دائما الكفاءة، حيث أن نظام المباراة يترك الانطباع بالاحباط وعدم الثقة نتيجة تجاوز الطلب على الشغل العروض المقدمة للتوظيف،
ب- على مستوى التقييم والتنقيط: إن نظام التقييم في الوظيفة العمومية مرتبط بالترقية في الدرجة أو الرتبة التي تعتبر جقا للموظف الكفء وليس بحسب الأقدمية كما يجري بها العمل، وكما هو منصوص عليه بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية الذي يربط الترقي بالأقدمية، علما أيضا أن ربط الترقي بنظام الحصيص لايساهم في إبراز الكفاءات وخلق تنافسية بين الموظفين فيما يخدم مصلحة الإدارة، كما أن نظام التنقيط لايستجيب للتصور الجديد للمرفق العمومي حيث أضحى غير ملائم نظرا لارتباطه وتحكم العلاقات الشخصية بين الرئيس والمرؤوس في هذه العملية حيث الاحتكام الى معايير ذاتية غير موضوعية.
ج- عدم إشراك الموظفين في تدبير شؤونهم: إن الموظف يشارك في تدبير شؤونه عبر مجموعة من الأليات أشار إليها النظام الأساسي للوظيفة العمومية من بينها اللجن الإدارية المتساوية الأعضاء والمجلس الأعلى للوظيفة العمومية الذي لم يفعل رغم التنصيص عليه في النظام الأساسي للوظيفة العمومية، أما اللجن الإدارية المتساوية الأعضاء فإن دورها يبقى قاصرا لكونها مجرد هيئات استشارية يمكن للإدارة أن لا تأخذ برأيها كما أن لا تتداول في مجموعة من النقط التي تهم حياة الموظف المهنية واقتصارها على الوضعيات الفردية للموظف، بالإضافة الى ذلك يطرح التساؤل حول التحفيزات المنصوص عليها في النظام الأساسي للوظيفة العمومية لصالح الموظف لحته على الإبداع والابتكار والتفاني في العمل.
المطلب الثاني: مقترحات حلول لتعديل النظام الأساسي للوظيفة العمومية ومراجعته
إذا كان هناك شبه إجماع على وجوب إصلاح النظام الأساسي للوظيفة العمومية فإن هناك عدة مقترحات لهذا الإصلاح منها ماتطرقت إليه هيئات الحكامة نذكر من بينها اعتماد إطار مرجعي للتدبير التوقعي للوظائف والكفاءات وفتح الفرصة لتوظيف الكفاءات عبر تحديث المساطر المرتبطة بعملية التوظيف سواء بالاستفادة من خدمات تدبير الموارد البشرية وجعلها أكثر مهنية من خلال مراجعة وزن الشروط الأكاديمية للتوظيف لفائدة اعتبارات أخرى كالخبرة والتجربة والكفاءات الشخصية التي يتطلبها المنصب المراد شغله، أما بخصوص نظام التقييم والترقية فيجب إضفاء مصداقية عليه بربط الترقية بالمردودية وبالتكوين المستمر، كما أنه ينبغي تفعيل حركية الموظفين في الإدارات المغربية في إطار من الإلتقائية حركية جغرافية وأفقية بين الإدارات، أما على مستوى اللجن الإدارية الثنائية فينبغي تفعيل هاته الهيئات وإتاحة الفرصة لها للعمل وكذلك منحها الوسائل الضرورية والتنصيص على تفعيها وتفعيل المجلس الأعلى للوظيفة العمومية.
ولابد أيضا من دعم التكوين المستمر ووضع الأسس القانونية له من أجل سد الفراغ التشريعي في اتجاه تحديد طبيعته كحق للموظف والتزام في نفس الوقت، وتوظيفه كما ذكر سابقا في مختلف مراحل تطور المسار المهني للموظف.
وإذا كانت هذه بعض مقترحات الحلول لإصلاح النظام الأساسي للوظيفة العمومية فإن الأمر لم يعد يقبل التأخير حيث أن إصلاح هذا النص التشريعي المؤطر للوظيفة العمومية ببلادنا سيساهم في إصلاح الإدارة المغربية، فمتى سيرى النور نظام أساسي للوظيفة العمومية يدعم مبادئ الحكامة الدستورية و يواكب التطورات العالمية في تدبير الموارد البشرية.