استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية
استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية يثير الكثير من التساؤلات عن ما مدى درجة هذه الاستقلالية ؟ الأصل ان السلطتين مستقلتين رغم انهما يعملان على تنفيذ القوانين، فمهمة السلطة التنفيذية هي السهر على تطبيق القوانين في الحياة اليومية للأفراد و المؤسسات فدورها ايجابي متحرك، بينما السلطة القضائية لا ينهض دورها الا بمناسبة نزاع؛ وعنصر التكامل بين السلطة القضائية و السلطة التنفيذية ارتقى الى مبدا دستوري في أفق تنفيذ الأحكام ، ولو اقتضى الأمر تسخير القوة العمومية، بل ان السلطة التنفيذية هي اهم اذاة لتنفيذ الأحكام، وهكذا نجد المادة 126 من الدستور تنص على ما يلي:
" الأحكام
النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع. يجب على السلطات العمومية تقديم
المساعدة اللازمة اثناء المحكامة، اذا صدر الامر اليها بذلك، ويجب عليها المساعدة
على تنفيذ الأحكام"
وعلى اعتبار ان
القضاء هو الحارس للقوانين و الانظمة التي تصدرها الدولة، كونه يستمد وجوده من
سيادتها وتكريس مبدا الشرعية عن طريق
الرقابة على التصرفات السلطة التنفيذية وكذا الرقابة على الدستورية القوانين، وهذا
ليس تدخلا في شؤون السلطة التنفيذية بل
يؤكد مبدا الفصل بين السلطتين لان القضاء هنا يقوم بمراقبة تطبيق القوانين وحفاظا
على حقوق الافراذ فان السلطة التنفيذية تصدر قرارتها تحت مراقبة القضاء حتى لا
تمارس شططا في سلطتها عند اصدارها حماية لحقوق الافراد و الجماعات والقضاء الاداري
وجد للعمل على الحد من القرارات التعسفية وكبح جماع الادارة من الشطط في استعمال
السلطة.
وستور 2011 جاء
بمقتضيات جديدة وسعت من رقابة القضاء على السلطة التنفيذية لما لهذه الاخيرة من
السلطة الملائمة و مراقبة السلطة التقديرية للادارة.
واذا كان الدستور
يحت على فصل السلط وخلق توازن بينهما بل وتعاونها بمعنى ان تكون هناك فصل السلط
ايجابي متحرك دون ان تتدخل سلطة في اختصاصات سلطة اخرى على اساس الحكامة الجيدة
وربط المسؤولية بالمحاسبة وهذه المحاسبة هي في عمقها مخاصمة قد تكون متضمنة شططا
في استعمال السلطة مما يجعل القضاء الاداري يتدخل لالغاء القرارات الناتجة عن ذلك
مالم يتعلق الامر بفعل يعاقب عليه، حخيث تتحرك اليات القضاء الجنائي. كنما ان
السلطة التنفيذية ليس لها ان تتدخل في عمل القضاء مهما كانت صور هذا التدخل
فالقاضي يجب ان يشعر انه في مامن عن اي ضغط او توجيه للاحكام من طرف اي كان مهما
علت درجته او اي جهة مهما كانت اهميتها
ولا تخضع لاي توجيهات او اوامر حتى ولو كان وزير العدل نفسه.
وتاسيسا على ذلك
دابت بعض الاتجاهات الى القول بضرورة عدم اخضاع
القضاء لوصاية اي وزارة كما هو الشان في انجلترا وامريكا حيث تم الاعتماد على ذوي الخبرة من
القضاء و المحامين ويذلك يكون القاضي في مامن بعيدا عن اي وصاية ادارية.
واذا وجدت المحاكم الادارية لمراقبة اعمال
السلطة التنفيذية بمناسبة الدعاوى التي تدخل في صميم اختصاصها لا يعني عرقلة سير
الادارة وهكذا تنص الفقرة الاولى من الفصل 25 من ق.م.م.على مايلي:
"يمنع على
المحاكم عدا اذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة ان تنظر ولو بصفة تبعية في جميع
الطلبات التي من شأنها ان تعرقل سير الادارات العمومية للدولة او الجماعات
العمومية الاخرى ا وان تلغي اجدى قرارتها"
القاضي ملزم بان
ينظر في جميع القضايا المطروحة امامه وان يصدر فيها حكم حتى وان تعلق الامر بمصالح
الدولة فهل هذا يتعلق مع ما جاء في الفصل
25 اعلاه ؟ اعتقد بان مقتضيات الفصل25
تنصب على الاجراءات و التدابير التي تتخدها الادارة لتنفيذ قراراتها
الرامية الى الحفاظ على الامن العام او
اعمال السيادة او الحلول محل الاداارة فيما يتعلق بختصاصها و الملاحظة ان الفصل25
من .ق.م.م منع على القاضي النظر ولو بصفة تبعية لطلب اخر في جميع الطلبات الرامية
لعرقلة سير الادارات العومية و الجماعات العمومية الاخرى بحيث يمنع على القاضي
النظر فيها او اصدار حكم كالطلب الرامي الى اغلاق مستشفى او منع الامن من الوصول
الى المنطقة معينة وحتى ولو كان الطلب تبعيا
لدعوى قائمة او توقيف السير العادي لادارة من الادارات او اقفالها لان هناك
نزاع حول الارض التي تم البناء عليها
اعتقد ان هذا
الفصل يشكل نبرة نشاز داخل منظومة القانونية لان القاضي ومن تلقاء نفسه وتبعا
لقواعد العدالة و الانصاف وحفاظا على امن البلاد و العباد لن يصدر احكاما تهدف الى
عرقلة سير الادارات و الاشخاص بل هو ملزم
باصدار احكام عادلة فان هذا الفصل حمال اوجه من حيثالتاويل خصوصا ان
الدستور 2011 فلي الفضل السادس يؤكد على مساوى الجميع امام القانون بما في ذلك
الاشخاص الذاتين والاعتباريين بما فيهم السلطات
العمومية فاذا نص الدستور على المساوة امام القانون فان الفصل 25م.م.ق. يشدج
على هذه القاعدة "لا يحق للقاضي الامتناع عن الحكم او اصدار قرار ويجب البت
بحكم في كل قضية رفعت الى المحكمة..."
وهكذا نجد الدستور
قد عمل على جانب التركيز على استقلالية السلطة التنفيذية على القضائية عن بقية
السلط بضمانة ملكية ياتي في الفقرة الاولى
من الفصل 109 وينص على ما يلي:
"يمنع كل
تدخل في القضايا المعروضة على القضاء و لا يلتقي القاضي بشان مهمته القضائية اي
اوامر او تلعيمات ولا يخضع لاي ضغط..."