نشأة التأمين في المغرب

 

لم يبدأ العمل بالتأمين بمفهومه الحديث في المغرب إلا في نهاية القرن التاسع عشر، أما قبل ذلك فلم يكن المغاربة يعرفون التأمين بسبب تشبثهم بمبادئ أغلب فقهاء الشريعة الإسلامية الذين يحرمون التأمين على أساس أنه نوع من أنواع المقامرة والغرر .

وبذلك فإنه أول ما ظهر التأمين في المغرب كان سنة 1879 على يد فرع للشركة المسماة "الإسبانية" بطنجة، وكانت مختصة في التأمين البحري، تلاها بعد ذلك إنشاء شركتين ألمانيتين مختصتين في نفس القطاع هما "مانهايم" سنة 1886 و "لويد الألمانية" سنة 1893 وقد كانت هذه الشركات تمارس نشاطها في أهم الموانئ المغربية بواسطة وكلائها المتعددين.

أما التأمين البري فيذهب بعض الفقه إلى أنه دخل إلى المغرب ابتداء من سنة 1883 على يد الشركتين الفرنسيتين: "الإصلاح" و "المركزية".

وفي سنة 1916 تأسست أول شركة مغربية للتأمين بطنجة أطلق عليها اسم "المغرب" إلا أنها لم تعمر طويلا إذ توقفت عن العمل مع نهاية الحرب العالمية الأولى.

وفي هذه الفترة كذلك وبالضبط في 19 مارس 1919 صدر قانون التجارة البحرية المغربي الذي جاء

بعدة مقتضيات منظمة للتأمين البحري (الفصول من 354 إلى 390(

وبتاريخ 28 نوفمبر 1934 (20 شعبان 1353) أصدر السلطان ظهيرا فوض فيه للصدر الأعظم ضبط شؤون كل ما يتعلق بالضمان (التأمين).

وفي نفس التاريخ أصدر الصدر الأعظم قرارا منظما لعقد التأمين البري استنبطت أغلب أحكامه من القانون الفرنسي الصادر في 13 يوليو 1930

وأثناء الحرب العالمية الثانية ظهرت عدة شركات تأمين فرنسية بالمغرب نتيجة فرار رؤوس الأموال من فرنسا عقب الاحتلال الألماني لها، فتأسست في الفترة ما بين 1941 و 1951، 23 شركة تأمين من أصل فرنسي.

إلا أن أول شركة تأمين تأسست برأسمال مغربي هي الشركة الملكية المغربية للتأمين التي تأسست سنة 1950

وبحصول المغرب على استقلاله ارتفع عدد شركات التأمين الأجنبية العاملة فيه، وتطور سوق التأمين تطورا ملحوظا بسبب تبني برامج التنمية الاقتصادية في البلاد مع ما يترتب على ذلك من ازدياد  الحاجة للتأمين، وبدأت الدولة تمارس رقابتها عليه بفرض تنظيمات قانونية

وهكذا فقد اتخذت السلطات المغربية في بداية الستينات عدة تدابير أنهت بواسطتها نظام الممثليات والوكالات الموروث عن عهد الحماية مما أدى إلى تجميع مؤسسات التأمين فأصبحت 54 شركة  بعدما كانت تبلغ 230 

وتعزز هذا المسار بظهور قانون المغربة في 2 مارس 1973 ، حيث أصبح رأسمال شركات التأمين  مغربيا وأطرها مغاربة 

وبتطور قطاع التأمين في المغرب صدرت عدة تشريعات كان الهدف منها تنظيم هذا القطاع وبسط 

الدولة لرقابتها عليه، وأهم هذه التشريعات :

-       القرار الوزيري المؤرخ في 10 نوفمبر 1915 المنظم لمزاولة مهنة "مؤمن". 

-       القرار الوزيري المؤرخ في 28 نوفمبر 20) 1934 شعبان (1353 المنظم لعقد التأمين البري.

-       ظهير 8 يوليو 29) 1937 ربيع الثاني (1356 المتعلق بأداء المصاريف والتعويضات المستوجبة بعد وقوع حوادث السير، وبعقود التأمين المتعلقة بالمسؤولية المدنية لملاكي السيارات 

- القرار الوزيري المؤرخ في 25 مارس 1941 بشأن تأمين الأمتعة التي تقع حيازتها.

-  القرار الوزيري المؤرخ في 6 سبتمبر 1941 الموحد لمراقبة الدولة على مؤسسات التأمين وإعادة 

التأمين

- قرار 20 مارس 1942 بشأن مراقبة محتويات عقود التأمين وآثارها على المتعاقدين وبالأخص  المتضررين منهم

- ظهير 22 فبراير 1955 بشأن تكوين صندوق أموال الضمان يستفيد منها بعض المصابين  بحوادث السير

- قرار 23 فبراير 1955 بشأن تطبيق ظهير 22 فبراير 1955 حول صندوق الضمان

- ظهير 20 أبريل 1960 بشأن إنشاء شركة مركزية لتأمين المؤمن

- قرار وزير المالية والاقتصاد الوطني المؤرخ في 30 ديسمبر 1960 بشأن اللجنة الاستشارية للتأمين  الخصوصي

- قرار 25 يناير 1965 بشأن الشروط النموذجية العامة لعقد تأمين السيارات 

- ظهير 20 أكتوبر 1969 بشأن التأمين الإجباري للسيارات

-  قرار 21 أكتوبر 1969 بشأن تأمين المرور عبر الحدود

فأضحت التشريعات المغربية المتعلقة بالتأمين مع مرور الوقت من الكثرة والتشعب، مما أصبح الصعب على المهتم والدارس تحديد القاعدة القانونية الواجبة التطبيق. هذا ناهيك عن أن أقدم هذه النصوص ما فتئ أن أصبح يطرح مشكل ملاءمتها سواء مع التحولات التي عرفها القطاع على أرض الواقع، أو مع التشريعات الحديثة المقارنة بهدف استيعاب التشريع المغربي للتأمين للمفاهيم والآليات الجديدة التي برزت مع تطور القطاع، والمتعلقة سواء بالإطار القانوني المنظم لمقاولة التأمين، أو بآليات الملاءمة المنتهجة دوليا لتحصين الجوانب التقنية والمالية للنشاط، أو بالإطار القانوني المنظم للعلاقة العقدية بين مؤسسة التأمين وزبنائها

فاستجابة لكل ذلك قام المشرع المغربي بإعادة النظر في هذه النصوص فأصدر مدونة التأمينات الجديدة لسنة 2000 التي تحققت بها عملية جمع وتحديث التشريعات المنظمة للقطاع على الأقل فيما يتعلق بالتأمينات البرية التي هي موضوع هذه المدونة

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق