أنواع القرار الاداري


أنواع القرار الاداري
لا تعتبر القرارات التي تصدر عن مختلف الأجهزة الإدارية من نوع واحد بل أنها رغم اشتراكها في ماهيتها وعناصرها تختلف فيما بينها سواء مضمونها أو في شكلها. الأمر الذي أدى بالفقه إلى تصنيفها إلى فئات متعددة، وليست لهذه التصنيفات أهمية نظرية بل لها أيضا أهميتها من الناحية العلمية، وذلك لاختلاف آثار القرارات وفق التصنيفات التي تنتمي إليها أو التقسيمات التي تدخل فيها.
ويقوم هذا التقسيم انطلاقا من محتوى القرار الإداري وموضوعه وإلى طبيعة الآثار القانونية التي تحدثها القرارات، فالتقسيم ينفذ إلى جوهر القرارات ولا يتوقف عند شكلها وواجباتها الخارجية، ويمكن تقسيم القرارات الإدارية إلى أنواع مختلفة. استنادا إلى مداها وإنشائها ثم إلى أثرها بالنسبة للأفراد وكذلك من حيث خضوعها لرقابة القضاء وأخيرا من حيث تكوينها.
e   المطلب الأول : القرارات الإدارية من حيث مداها أو عموميتها
ويمكن تقسيمها إلى فئتين : قرارات فردية، وقرارات تنظيمية أو لائحية.
× الفرع الأول : القرارات الفردية
هي تلك القرارات التي تخاطب أفراد معنيين بدواتهم أي تتعلق بأفراد معروفيين بأسمائهم وأشخاصهم ولو تعدد هؤلاء الأشخاص، فمثال على ذلك القرار الذي يصدر بخصوص تعيين أو ترقية عدد كبير من الموظفين يعينهم القرار بأسمائهم والقرار الذي يصدر من أجل منح درجات أو علاوات لعدد كبير من الموظفين يحددهم كذلك بأسمائهم[1]. فكل قرار من هذه الأمثلة يعتبر قرار إداريا فرديا أيا كانت سلطة إصداره فهو قد يصدر من الوزير الأول كقراره بتعيين متصرف ممتاز أو مدير الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء أو كان صادرا عن الوزير كالقرار الصادر عن الأمن العام للحكومة يرفض لشخص طبيب فتح عيادة حرة أو كان صادرا عن سلطة أدنى كالعامل أو القائد أو رئيس المجلس الجماعي وقد يصدر القرار الفردي عن لجنة، وقد يهم القرار عدة أشخاص في آن واحد[2].
× الفرع الثاني : القرارات التنظيمية أو اللائحية
وهي تتضمن قواعد عامة ومجردة وتصدرها السلطات الإدارية المختصة لكي نطبق على عدد غير معين وغير محدد من الأشخاص، ولا يمكن معرفة من سيطبق عليهم القرار بصورة مسبقة ذلك أن العمل أو التصرف التنظيمي صدر لكي يطبق على كل ما يوجد في مركز قانوني معين اتجاه الإدارة العامة سواء حاليا أو مستقبلا وغالبا ما يطلق عليها المراسيم التنظيمية[3].
والقرارات التنظيمية إذا كانت تتميز ببعض خصائص التشريع فإنها تصدر عن الإدارة وتتخذ مظاهر خارجية مختلفة. فقد تصدر في شكل لائحة أو في شكل قرار وزاري. والقرارات التنظيمية واللوائح مختلفة عن القانون من حيث المصدر والأهمية ورقابة القضاء فالقانون يصدر عن البرلمان، أما القرارات التنظيمية فإن الجهاز التنفيذي باعتباره سلطة إدارية هو الذي يصدرها، ويترتب عما سبق أن القانون في مرتبة أعلى وأسمى من اللائحة، القانون من حيث الرقابة القضائية مختلف عن اللوائح على اعتبارها أعمالا إدارية لرقابة القضاء الإداري[4].
وحسب أغلب الفقهاء توجد أربعة أنواع من اللوائح الإدارية ونوجز في ما يلي الحديث عن كل منها :
أولا : اللوائح التنفيذية : وهي التي تصدرها الإدارة تنفيذا للقوانين، فالمشرع لما كان يكتفي يوضع الإطار العام لممارسة الحقوق والحريات الأساسية فقد ترك التفاصيل وظروف إدخال حيز تنفيذ هذه القوانين للسلطة التنفيذية عن طريق اللوائح.
ثانيا : اللوائح المستقلة : وهي التي تنفرد السلطة التنفيذية –الإدارة بإصدارها دون الاستناد إلى قانون سابق ودون مشاركة السلطة التشريعية، وغالبا ما يتم وضعها بخصوص تنظيم المرافق العمومية أو بشأن المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة، الأمن العام، السكينة العامة، المصلحة العامة وتسمى بلوائح الضبط الإداري[5].
ثالثا : لوائح الضرورة : هي اللوائح التي تصدر لمواجهة ظروف استئنافية مفاجئة تقتضي معالجة سريعة للحفاظ على كيان الدولة وسلامتها. مثال حالة الحرب أو الاضطرابات[6]. وقد يتم اللجوء إليها أيضا في حالة تعذر البرلمان للقيام بمهامه[7].
رابعا : اللوائح التفويضية : وتصدر أثناء انعقاد البرلمان أو خارج إطار انعقاد الدورات البرلماني، واللوائح التفويضية عبارة عن مراسيم قوانين تصدرها السلطة التنفيذية في مسائل تشريعية محددة أصلا من اختصاص المشرع إلا أن الإدارة تمارسها نيابة عن البرلمان بمقتضى تفويض منه، والتفويض من اللازم أن يكون بقانون[8].
خامسا : لوائح الضبط : وهي التي تصدرها الحكومة من أجل المحافظة على النظام العام، بناء على ما لها من سلطة تنظيمية عامة[9].
e   المطلب الثاني : القرارات الإدارية من حيث إنشائها
وتنقسم إلى القرارات الكاشفة والقرارات المنشأة.
× الفرع الأول : القرارات الكاشفة
هي التي لا تأتي بجديد مفترض على تقرير إثبات حالة موجودة من قبل عملا بإدخال حيز التنفيذ آثارها القانونية مثلا القرار الإداري الصادر بفصل موظف حكم عليه بعقوبة مخلة للشرف في جناية.

× الفرع الثاني : القرارات المنشأة
وهي التي تترتب عليها آثار قانونية جديدة، مثلا تعيين موظف جديد أو فصله، وأهمية التمييز بين القرارات الكاشفة والمنشأة مصدره، أن الأولى تترتب عليها الآثار والنتائج من التاريخ الذي ولدت فيه، أما الثانية فآثارها تبدأ في السريان من تاريخ صدورها[10].
e   المطلب الثالث : القرارات الإدارية من حيث مدى خضوعها للرقابة القضائية
تنقسم قرارات السلطة التنفيذية من حيث خضوعها للرقابة القضائية إلى نوعين من القرارات.
قرارات الإدارة وقرارات أعمال السيادة.
× الفرع الأول : أعمال الإدارة
من المقرر وإعمالا بمبدأ المشروعية أن جميع القرارات الإدارية النهائية على التفصيل السابق بيانه تخضع لرقابة القضاء الإداري سواء كانت قرارات فردية أو لائحية سواء بواسطة إلغاء القضاء الإلغاء أو القضاء الكامل (قضاء التعويض)[11] وذلك حفاظا على حقوق وحريات الأفراد وتحقيقا للمصلحة العامة.
× الفرع الثاني : أعمال السيادة
تنفذها الحكومة باعتبارها جهة سياسية لا إدارية. كالأعمال المتصلة بعلاقة الحكومة بالبرلمان أو علاقة الحكومة بالدول الأجنبية، هذه الأعمال نظرا لأهميتها ولطبيعتها السياسية والدستورية فيه غير خاضعة لرقابة القضاء الإداري.
e   المطلب الرابع : القرارات الإدارية من حيث تكوينها
تنقسم إلى قرارات إدارية بسيطة وقرارات إدارية مركبة.
× الفرع الأول : القرارات البسيطة
يكون لها كيانها المستقل كالقرار الصادر من رئيس الإدارة يقضي بتطبيق عقوبة تأديبية على الموظف المخل بالتزاماته الوظيفية.
× الفرع الثاني : القرارات المركبة
وتدخل في تكوين عملية قانونية تتم على مراحل مثل مسألة نزع الملكية التي تتطلب إجراءات معينة. وفائدة هذا التقسيم أنه يسمح لقضاء الإلغاء بفصل القرار الإداري الذي يسهم في تكوين العملية القانونية المركبة. والطعن فيه مستقبلا بقصد إلغائه فإذا ما قضى بإلغائه العكس ذلك على العملية المركبة التي ساهم فيها القرار الباطل[12].
e     المطلب الخامس : القرارات الإدارية من حيث آثارها بالنسبة للأفراد
القرارات الإدارية ملزمة للأفراد وهم ملزمون باحترامها والخضوع لمقتضياتها اختياريا أو إجباريا. وهناك مجموعة من القرارات يقتصر أثرها القانوني على الإدارة والعاملين بها دون أن يكون لها تأثيرا على الأفراد. وتسمى بالإجراءات الداخلية. كالتوجيهات والتعليمات والدوريات الصادرة عن الرؤساء الإداريين لمرؤوسهم ضمانا لحسن سير المرافق العمومية مبدئيا هذه الإجراءات لما كانت لا تترتب عليها أية آثار قانونية بالنسبة للأفراد والعاملين بالإدارة.
فلا يمكن أن تكون موضوع الطعن أمام القضاء لانعدام شرط المصلحة بالنسبة للغير في مواجهة الإدارة[13].
وهكذا يتبين لنا مما سبق أن تعريف القرار الإداري يتوقف على توفر ثلاثة عناصر أساسية بدونها تنتفي فكرة القرار الإداري. فإصدار القرارات الإدارية هو امتياز تتمتع به الإدارة وحدها سواء كانت مركزية أو لا مركزية. ومعبرا عن إرادتها المنفردة ومحدثا لآثارها القانونية والتي تتمثل في منح الحقوق وفرض الالتزامات فهذه الخصائص التي تتوفر عليها الأعمال الانفرادية هي التي بمقتضاها يمكن أن نميز هذه القرارات عن الأعمال الإدارية الأخرى. كما يجب لقيام القرار الإداري وصحته من اللازم توفر على الأقل خمسة أركان أساسية هي الاختصاص، الشكل، السبب، المحل، الغاية والتي تضفي عليه صبغة الشرعية وتجعله قابلا للنفاذ ومحصنا من كل أشكال الطعن الإداري والقضائي، كما تصنف القرارات الإدارية إلى تصنيفات متعددة تبعا لتكوينها وأثرها. أو خضوعها للرقابة، غير أن أهم تصنيف يظل هو ذلك الذي يقسمها حسب مداها إلى قرارات تنظيمية وقرارات فردية.


[1]- د. فؤاد مهنا، مبادئ وأحكام القانون الإداري في جمهورية مصر العربية، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية مصر 1973، ص : 711.
[2]- د. عبد الرحمان البكريوي، الوجيز في القانون الإداري المغربي، الكتاب الثاني، الطبعة الأولى، 1990، ص : 137.
[3]- دة. مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص : 393.
[4]- د. محمد يحيا، مرجع سابق، ص : 375.
[5]- د. ماجد راغب الحاو، القانون الإداري، الطبعة 1994، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية، ص : 531.
[6]- د. محمد أنور حمادة، مرجع سابق، ص : 41.
[7]- د. محمد يحيا، م.س. ص : 375.
[8]- نفس المرجع السابق، ص : 375-376.
[9]- أستاذ أحمد سينهجي، م.س. ص : 231.
[10]- د. محمد يحيا، م.س. ص : 377.
[11]- د. مليكة الصروخ، م.س. ص : 398.
[12]- د. مليكة الصروخ، م.س. ص : 398-399.
[13]- د. محمد يحيا، م.س. ص : 377-378.


المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق