الطرق الاستثنائية لإبرام الصفقات العمومية


الطرق الاستثنائية لإبرام الصفقات العمومية
تعتبر القاعدة العامة في مجال الصفقات العمومية هي اللجوء إلى عقد الصفقة وفق الطرق العادية المتمثلة في طلب العروض والمباراة[1]، واستثناء من هذه القاعدة، يمكن للإدارة أن تبرم في بعض الحالات صفقاتها إما بناء على المسطرة  التفاوضية أو بناء على سندات الطلب.
وإذا كانت الإدارة تتوفر على جانب من الحرية، وإن كان ضئيلا، في اختيار المرشحين لنيل الصفقة بناء على طلب العروض والمباراة[2]، فإنها تتمتع بحرية وسلطات واسعة في إبرام الصفقة بناء على المسطرة التفاوضية (المطلب الأول)، و سندات الطلب (المطلب الثاني).

المطلب الأول : الصفقة التفاوضية

نظم المشرع المسطرة التفاوضية في الفصل الثالث من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، من المادة 84 إلى المادة 87 من مرسوم 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية.
وحسب المادة 84 منه، فإن الصفقة التفاوضية تقوم على أساس تكليف لجنة تفاوض تكون مهمتها اختيار فائز بهذه الصفقة بعد استشارة متنافس أو أكثر والتفاوض بخصوص شروطها. وحسب نفس المادة فإن المفاوضات ترتكز بالخصوص على الثمن وأجل تنفيذ المشروع دون أن تتعلق بموضوع الصفقة ومحتواها، ويجوز للسلطة المختصة أن تنهي المسطرة في أي وقت بمقرر يوقع من طرفها.
وقد حددت المادة 86 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية الصادر ب 20 مارس 2013، الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى أسلوب المسطرة التفاوضية، وقسمتها إلى نوعين : الحالات التي يمكن أن تكون موضوع صفقات تفاوضية بعد إشهار مسبق وإجراء منافسة (الفقرة الأولى)، والحالات التي تكون  موضوع صفقات تفاوضية بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الحالات التي تكون موضوع صفقات تفاوضية بعد إشهار مسبق وإجراء منافسة  

فبالنسبة لهذه  الحالات فإنها تهم نوعين من الأعمال، تلك التي كانت موضوع مسطرة طلب عروض تم إعلانها عديمة الجدوى، وفي هذه  الحالة يجب ألا يطرأ أي تغيير على الشروط الأصلية للصفقة وألا تزيد المدة الفاصلة بين تاريخ التصريح بعدم الجدوى وتاريخ نشر الإعلان عن الصفقة التفاوضية عن 21 يوما، والأعمال التي يعهد صاحب المشروع بتنفيذها إلى الغير حسب الشروط الواردة في الصفقة الأصلية على إثر تقصير من صاحب الصفقة[3].

الفقرة الثانية : الحالات التي تكون موضوع صفقات تفاوضية بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة

حددتها المادة 86 في :
·               الأعمال التي لا يمكن أن يعهد إنجازها إلا لصاحب أعمال معين اعتبارا لضرورات تقنية أو لصبغتها المعقدة التي تستلزم خبرة خاصة؛
·               الأعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني أو الأمن العام الحفاظ على سريتها ويجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص مسبق من رئيس الحكومة بالنسبة لكل حالة على حدة بناء على تقرير خاص من السلطة المختصة المعنية؛
·               الأشياء التي يختص بصنعها حصريا حاملو براءات الاختراع؛
·               الأعمال التي يجب إنجازها في حالة الاستعجال القصوى والناجمة عن ظروف غير متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع وغير ناتجة عن عمل منه والتي لا تتلاءم  مع الآجال التي يستلزمها إشهار وإجراء منافسة مسبقين؛
·               الأعمال المستعجلة التي تهم الدفاع عن  حوزة التراب الوطني أو أمن السكان أو سلامة السير الطرقي أو الملاحة الجوية أو البحرية؛
·               الأعمال المتعلقة بتنظيم الحفلات أو الزيارات الرسمية التي تكتسي صبغة استعجالية وغير متوقعة، وغير متلائمة مع الآجال اللازمة للإشهار وإجراء المنافسة المسبقين؛
·               الأعمال الإضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق أن أسندت صفقة بالنظر إلى أجل التنفيذ أو حسن سير هذا التنفيذ، عدم  إدخال مقاول أو خدماتي جديد، وعندما يتبين أن هذه الأعمال غير متوقعة وقت إبرام الصفقة الرئيسية تعتبر تكملة لها ولا تتجاوز نسبة 10% من مبلغها. أما فيما يتعلق بالأشغال، فيتعين أيضا أن يعتمد في تنفيذها على معدات منصبة أو تم استعمالها من طرف المقاول في عين المكان، وتبرم هذه الصفقات على شكل عقود ملحقة بالصفقات الأصلية المرتبطة بها.
وفيما يتعلق بشكل الصفقة التفاوضية فقد حددتها المادة 87 من نفس المرسوم في نوعين، إما أن تتم بناء على عقد التزام يوقعه المتنافس الراغب في التعاقد ويضمنه في دفتر الشروط الخاصة، وإما أن تتم بصفة استثنائية بناء على تبادل رسائل أو اتفاقية خاصة بالنسبة للأعمال ذات الطابع الاستعجالي.

المطلب الثاني : سندات الطلب

 هي أسلوب استثنائي في تنفيذ أعمال معينة من الصفقات، بمقتضاه يمكن لصاحب المشروع القيام باقتناء توريدات و بإنجاز أشغال أو خدمات،[4] وذلك في حدود مائتي ألف درهم 200.000 مع احتساب الرسوم، وتعتبر طريقة للابتعاد عن تعقد المساطر العادية و طولها.[5]
ويراعى حد المائتي ألف درهم بالنسبة للسنة المالية الواحدة، بمعنى أن تكون في حدود اعتمادات الأداء المتوفرة لديها، مع اعتبار كل شخص مؤهل للقيام بالالتزام بالنفقات، وحسب أعمال من نفس النوع بصرف النظر عن سندها المالي.[6]
كما يمكن رفع مبلغ 200.000 ألف درهم إلى حدود 500.000 ألف درهم من قبل الوزير المعن ولكن بعد استشارة وزير المالية من بعد أخد رأي لجنة الصفقات العمومية، لكن التدقيق في هذا النوع من الإبرام هو يعتبر أسلوبا معيبا نظرا للجوء المكتف إليه من طرف معظم مديري المؤسسات العمومية كتبرير لصرف المال العام.[7]
و يمكن اللجوء إلى إبرام صفقات عمومية بناء على سندات الطلب وهو أسلوب ثم اعتماده في المادة 88 من مرسوم 20 مارس 2013، بمعنى أن السلطات الإدارية بإمكانها أن تقوم باقتناء توريدات وبإنجاز أشغال أو خدمات بناء على سندات طلب، وفي حدود 200.000 مع احتساب الرسوم، وفي إطار سنة مالية واحدة، ويجب أن تحدد الصفقة التي تقوم على سندات الطلب، مواصفات الأعمال المراد تلبيتها، وكذا أجل التنفيذ وشروط الضمان.[8]
وقد ألزم المشرع خضوع الأعمال موضوع سندات الطلب إلى منافسة مسبقة قدر الإمكان، وحسب الوسائل اللازمة ما عدا إذا استحال اللجوء إليها أو كانت تتعارض مع العمل، ولهذا يلزم صاحب المشروع لهذه الغاية استشارة ثلاثة متنافسين كتابة على الأقل وتقديم ثلاث بيانات مختلفة للأثمان لتحقيق أدنى قدر من المنافسة، ماعدا في حالة عدم ملائمة إجراء منافسة أو استحالة تقديم ثلاث بيانات للأثمان فيجب على الآمر بالصرف المساعد أو الشخص المؤهل عند الاقتضاء أن يعدوا مذكرة تبرر هذه الاستحالة أو عدم الملائمة.[9]
وهكذا إذن يتضح بأن سند الطلب ليس عقدا بما في الكلمة من معنى بقدر ما هو وثيقة إدارية تقدم في شكل طلب إلى المقاولين بهدف تمكين الإدارة في الحال من الحصول على ما تحتاجه من مواد أو ما تريده من أشغال أو خدمات[10].
ويمكن القول أن اللجوء إلى المساطر الاستثنائية أحيانا تحتمه إكراهات و اعتبارات معينة و المشرع جعل اللجوء إليها استثناء من القاعدة، كما أنه حدد حالات اللجوء إليها بشكل مفصل ودقيق لأنه يسعى إلى تضييقها حتى لا تتعسف الإدارة في استعمال سلطاتها التقديرية لاختيار هذا الشكل أو ذاك من أشكال التعاقد.[11]





[1]- هاجر الخزاعي، مرجع سابق، ص.24.
[2]- حسن صحيب، القانون الإداري المغربي، سلسلة دراسات وأبحاث في الإدارة والقانون، العدد الثاني، الطبعة الأولى،المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 2018، ص.159.
[3]- المادة 86 من مرسوم 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية.
[4]- وقد عمل المرسوم هنا،على تحديد مجال اللجوء إلى سندات الطلب حسب طبيعة الصفقة:
-في مجال الأشغال العمومية التي تهم (تهيئة المباني الإدارية، الطرقات، المساحات الخضراء، تركيب المعدات)
-في مجال التوريدات(الوقود والزيوت، المطهرات و المنظفات، الوثائق، لوازم المكتب و الطابعات وأعمال النسخ و التصوير و مواد البناء)
-في مجال الخدمات(صيانة البرمجيات، المعدات، كراء الآليات، الشاحنات الصهريجية، تركيب وتفكيك المعدات، تنظيم التظاهرات و النقل)
[5]-حسن صحيب، مرجع سابق،ص.163.
[6]- مليكة الصروخ، الصفقات العمومة في المغرب(الأشغال-التوريدات-الخدمات)،،مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية، الدار البيضاء، 2009، ص.145.
                                     
[7]- الهلالي عبد اللطيف، ، محاضرات في قانون الصفقات العمومية،قراءة في مرسوم رقم 2.12.349 بتاريخ 20 مارس 2013، مقدمة لطلبة الفصل السادس،جامعة ابن زهر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية، اكادير، السنة الدراسية 2016/2017، ص30.
[8]- محمد كرامي،مرجع سابق، ص.361.
- حسن صحيب، مرجع سابق، ص.164.[9]
[10]- محمد كرامي، مرجع سابق، ص.362.
-                                                       - حسن صحيب، مرجع سابق، ص.362.[11]



المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق