تشكيل اللجان الضريبية

إن نظام اللجان الضريبية حسب المادة 225 و 226 من المدونة العامة للضرائب يخضع لقاعدة تعدد الدرجات ،على خلاف بعض التشريعات الضريبية المقارنة كفرنسا و تونس ومصر ،فاللجنة المحلية لتقدير الضريبة تعتبر كدرجة ابتدائية يتم تحريكها من طرف الملزم الذي يطالب صراحة بالمثول أمام اللجنة المذكورة ،ومن جهة ثانية ،هناك اللجنة الوطنية للطعون الضريبية كدرجة استئنافية مفتوحة أمام الإدارة  و الخاضع، فما هو تشكيل كل لجنة على حدى؟
إن وجود هده اللجان يشكل وبدون شك إحدى الضمانات التي كرسها الإصلاح الضريبي ، والمثول أمام هده اللجان ليس تلقائيا ، وإنما بتعبير صريح من طرف الملزم أثناء جوابه عن رسالة التبليغ الثانية ، حيث يبدي فيها عدم قبوله بالتصحيحات المقترحة من طرف الإدارة ، ونيته التقدم بالطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة واستئنافيا أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية ، بحيث أشرك المشرع الضريبي المغربي عدة فعاليات ،تنتمي إلى قطاعات مختلفة سواء على مستوى اللجنة المحلية للتقدير الضريبة، وعلى مستوى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية ، قصد تحقيق العدالة الضريبية .
تشكيل اللجنة المحلية لتقدير الضريبة :
حاول المشرع المغربي من خلال اللجان المحلية لتقدير الضريبة ضمان تمثيلية للملزمين بالضريبة كصوت معادل لصوت الإدارة  الضريبية، فالبرجوع إلى المادة 157 من القانون 47.06 و المادة 225 من  المدونة العامة للضرائب يتضح أن هذه اللجنة تتكون من تمثيلية عادية و هي مؤلفة من: ▪
 قاضي بصفته رئيسا: تتم رئاسة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة من طرف قاضي لكونه الأكثر  قدرة للتمييز بين المسائل المتعلقة بتفسير نصوص تشريعية و تنظيمية و غيرها. و الهدف من هذا التعيين هو ضمان الحياد و المصداقية في العمل، و تجدر الإشارة  أن القاضي عند وجوده داخل اللجنة يمارس وظيفة إدارية و ليست قضائية.
ممثل لعامل العمالة أو الإقليم الواقع مقر اللجنة ضمن دائرة اختصاصه، و يعين من بين الموظفين العاملين تحت إمرته بصفته ممثل للسلطة التنفيذية و يعتبر رابط الوصل بين سكان الإقليم و السلطة المركزية. كما يكمن دور هذا الممثل في الموازنة بين مصلحة الملزم و مصلحة الإدارة  الجبائية ، و هذا الأمر يتميز به التشريع الضريبي المغربي مقارنة مع التشريعات الفرنسية و المصرية التي لا تعترف بضرورة تمثيل السلطة المحلية أو أية سلطة أخرى باستثناء [1] إدارة الضرائب المعنية مباشرة بتأسيس الضريبة و مراقبتها
. ▪ رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله الذي يقوم بمهمة الكاتب المقرر
. ▪ ممثل الخاضعين للضريبة: و يكون تابعا للفرع المهني الأكثر  ثمتيلا للنشاط الذي يزاوله الطالب، بحيث يتكلف بإعداد تقرير عن الملف موضوع النزاع الذي يتضمن الإشكالات المطروحة. إضافة إلى قيامه بتوجيه الاستدعاءات باسم رئيس اللجنة أو الملزمين، و تجدر الإشارة أن وجود ممثلي الملزمين شرط إلزامي لصحة مداولات  اللجنة و اجتماعها الأول. و يتم تعيين ممثلين بالتساوي لمدة ثلاث سنوات من طرف عامل العمالة أو الإقليم من بين الأشخاص الطبيعيين للمنظمات المهنية الأكثر تمثيلية لفروع النشاط المزاول و المسجلين في اللوائح المقدمة من طرف هذه المنظمات و من طرف رؤساء غرف التجارة و الصناعة و  الخدمات و الغرف الفلاحية و غرف الصيد البحري. في هذا الإطار و من خلال النظر في تشكيلة هذه اللجان يلاحظ أن المشرع الضريبي المغربي حاول تمتيع الملزم الضريبي بضمانة هامة تحميه من سيطرة الإدارة تتجلى في التنصيص على تمثيله أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبية عبر الفرع المهني الأكثر ثمتيلا، يعني مشاركة الملزم في صنع القرار الضريبي، غير أن هذه التمثيلية تم إفراغها من محتواها على اعتبار أن ممثلي الملزمين يعينون من طرف عامل العمالة أو الإقليم لمدة ثالث سنوات من بين الأشخاص المدرجين في القوائم التي تقيمها المنظمات المهنية الأكثير تمتيلا مما جعال استقلالية اللجان المحلية على المحك. في هذا السياق كان من الأفضل اعتماد تقنية الانتخاب بدل التعيين و ذلك لضمان تمثيلية حقيقية للملزم المضطلع بخبايا و أعراف المهنة بدل هذه التمثيلية المقنعة.
تشكيل اللجنة الوطنية للطعون الضريبية :
تعتبر اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية درجة استئنافية لمقررات اللجنة المحلية و كذا من بين أهم الضمانات التي أقرها المشرع الضريبي المغربي من أجل حماية الحقوق المالية للملزمين من أي تعسف محتمل من إدارة الضرائب. و باستقراء مقتضيات المادة 226 من المدونة العامة للضرائب فيما يخص الجانب الشكلي لتشكيلة اللجنة الوطنية سنجد أنها تتكون من
 : ▪ قاضي بصفته رئيسا يعينه رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل
. ▪ سبعة قضاة منتمين إلى هيئة القضاء يعينهم رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل.
 تلاتون موظفا يعينهم رئيس الحكومة باقتراح من وزير المالية و يكونون حاصلين على تأهيل في ميدان الضرائب أو في المحاسبة أو القانون أو الاقتصاد و أن تكون لهم على الأقل رتبة مفتش أو رتبة مماثلة مدرجة في سلم من سلاليم  الأجور . ▪
مئة شخص في ميدان الأعمال يعينهم رئيس الحكومة لمدة ثلاث سنوات بصفتهم ممثلين للخاضعين للضريبة، بناء على اقتراح مشترك لكل من الوزراء المكلفين بالتجارة و الصناعة و الصناعة التقليدية و الصيد البحري و الوزير المكلف بالمالية. و يختار هؤلاء الممثلون من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا المزاولين نشاطا تجاريا أو صناعيا أو خدماتيا أو حرفيا. و المدرجين في القوائم التي تقدمها المنظمات و كذا من رؤساء غرف التجارة و الصناعة و الخدمات و غرف الصناعة التقليدية و غرف الفلاحة و غرف الصيد البحري و ذلك قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهام الأعضاء المعينين في حظيرة اللجنة الوطنية. و في حالة إذا ما طرأ تأخير على مستوى تعيين الممثلين الجدد أو حال دون ذلك عائق و قع تلقائيا تمديد انتداب الممثلين المنتهية مهامهم لفترة لا تتجاوز ستة أشهر. هذا و تنقسم اللجنة الوطنية كما قلنا سابقا إلى سبع لجان فرعية، يترأسها قاض و تضم إلى جانب الرئيس عضوين معينين عن طريق القرعة من بين الموظفين الذين لم يشاركوا في بحث الملف المعروض على نظر اللجنة الفرعية و عضوين كممثلين للخاضعين للضريبة. انطلاقا  مما سبق، يمكن القول على أن إسناد رئاسة اللجنة الوطنية لقاضي، يعكس رغبة المشرع في استقلال هذه اللجنة في عملها عن السلطة الإدارية، أما بالنسبة لعدد الموظفين، فقد رفع التشريع الضريبي الحالي عددهم من 25 إلى 30 عضو، و ذلك  لإعطاء نوع من الديناميكية و الفعالية و بالتالي تفادي البطء في سير عملية التحكيم، ونفس الهدف كان من وراء وجود سبع لجان فرعية و ذلك للإسراع في معالجة الملفات العالقة. عموما على مستوى تشكيل اللجنة سواء المحلية أو الوطنية يلاحظ أن الأسلوب المتبع في تشكيلها هو التعيين ، الأمر الذي يكون له انعكاس على استقلالية اللجنة، كما أن منح صلاحيات تعيين ممثلي الملزمين لرئيس الحكومة يعتبر مسا بحقوق الملزمين، بحيث كان من المفروض أن يتم تعيين هؤلاء من طرف هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية، تتوفر فيها جميع شروط الحياد و النزاهة و الشفافية كالهيئات المهنية التي ينتمي إليها الملزمون مثلا أو بالأحرى يترك الحق للملزم في اختيار من يمثله



[1]  كريم الحرش، شرح القانون الضريبي المغربي وفقا لمستجدات قانون مالية 2014 ،الطبعة الثانية 2014 ،ص 183

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق