الآثار السلبية لتطبيق الإدارة الإلكترونية بأمريكا
الآثار السلبية لتطبيق الإدارة الإلكترونية بأمريكا
يعاني نموذج الإدارة العامة الالكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية جملة من التحديات عرقلت توجهاتها ، خاصة فيما يتعلق بالمخاطر التي تهدد الخصوصية والسرية ، التي تعد من أهم تحديات الحكومة الالكترونية ، ومن بين تلك المشاكل يمكن ذكر ما يلي :
1 - مشكلة الخطر و اللاأمن الإلكتروني :
بالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد من الدول الأولى عالميا التي تهتم بالأمن الإلكتروني ، إلا أن هذا لم يمنع من تهديدها إلكترونيا ، إذ تبرز شركة" بووز ألين هاميلتون "المختصة بالشراكة في الخدمات والاستشارات العامة ، أن احتمال التعرض للهجمات الإلكترونية يتزايد نظرا لعدم وجود عاملين مؤهلين بشكل كاف على حماية أنظمة الكومبيوتر، ضد هجمات . قراصنة الكومبيوتر ، والمجرمين ، والإرهابين ، وكذلك الحكومات الأجنبية ، ويرى الرئيس الأمريكي " باراك أوباما " أن التهديد الإلكتروني هو أحد التحديات التي يواجهها الأمن الاقتصادي والقومي للولايات المتحدة الأمريكية ، وهو الأمر الذي جعله يستحدث منصب منسق الأمن الإلكتروني في ماي 2009 ، للإشراف على منهج شامل لتأمين البنية التحتية الإلكترونية لأمريكا[1]
وقد تم إعداد تقرير في هذا الشأن يبحث سبب الخطر الإلكتروني ، إذ يشير إلى أربعة تحديات تمربها الحكومة الأمريكية هي:
- نقص العدد الكافي من خبراء تقنية المعلومات الحديثة ، والقيادة غير المنظمة للعاملين في الأمن المعلوماتي ، مع بطء عملية التوظيف ، التي يمكن وصفها بأنها لا تشجع على الالتحاق بهذا السلك ، إضافة إلى توظيف مدراء و أخصائيين في مجال الموارد البشرية ، لا يتفقون مع المستوى الجيد للمرشحين لوظائف التقنية المعلوماتية .
ووفقا لتوصيات التقرير السابق فإن هناك ضرورة بالغة لوضع إستراتيجية توظيف ، وتدريب خبراء الشبكة المعلوماتية ، إضافة إلى حتمية الوصول للجامعات ، والقطاع الخاص بهدف تشجيع الأمريكيين على تطوير مهاراتهم التقنية .حيث تدعو الدراسة دائرة الموظفين والإدارة ، إلى تثبيت عملية التوظيف الفيدرالية ، وخلق مسار وظيفي آمن وتقترح على الكونجرس الأمريكي تمويل تدريب الموظفين الفيدراليين على التقنية ،. وتقديم منح دراسية في مجال أمن الشبكات المعلوماتية.
وفي دراسة رسمية أجريت على ( 2000 ) مؤسسة ، ووكالة حكومية بالولايات المتحدة الأمريكية ، اتضح تعرض 72 بالمائة منها لجرائم الحاسب الآلي خلال سنة ، وناهزت الخسائر مايقرب 730 مليون دولار ، وتضطر الولايات المتحدة الأمريكية إلى إيجاد بيئة تعامل الكتروني آمنة ، حماية لتعاملات الإدارة أو الحكومة الالكترونية أمام القرصنة ، التي أصبحت تهدد التحولات الالكترونية في العالم ، خاصة في ظل ما تشير إليه إحدى الإحصائيات أن ما يزيد عن ثمانون بالمائة من الاختراقات التقنية، مقابل ذلك نجد أن الحكومة الأمريكية ، ومحاولة منها لتأمين التعاملات الافتراضية ، وقصد ترقية مشروع التحول الالكتروني ، عمدت إلى إيجاد دعامة قانونية للحكومة الالكترونية أهمها القانون الوطني الأمريكي الذي أكد أن الحكومة الأمريكية هي حكومة العالم الافتراضي ، إذ يجرم هذا القانون مرتكبي الجرائم الالكترونية .
لقد تطور خطر استعمال الرقمنة الى ما أسماه أحد الباحثين "عصر الاستباحة الرقمية"، وهو عصر ليس فقط نكون فيه خاضعين لنوع من الرقابة الشاملة بحيث يتم جمع بياناتنا بدقة على مدار الساعة، أو ما يسمى بـMass Surveillance، بل إننا لا ندري على وجه الدقة أين يتم تخزين هذه البيانات و الأمور سائرة في التطور مع أنترنت الأشياء، ومحاولات إدماج الآلة بالإنسان كما يسعى إلى ذلك الملياردير الأمريكي إيلون ماسك من خلال اختراع شريحة حاسوبية تُزرع في جسم الإنسان وقادرة على التحكم في بعض الوظائف الحيوية فيه، فضلاً عن علاج بعض الأمراض المزمنة، ستصبح جميع البيانات مدمجة بأعصاب الإنسان لا متوقفة على مفاصله عندما ينقر على الفارة كما يحدث الآن![2]
-2 مشكلات تطبيق الإدارة العامة الإلكترونية بالولايات المتحدة الأمريكية
تدفع بعض المشاكل المتعلقة بالادارة الالكترونية الى البحث عن حلول لها مما يشكل محفزا للإدارة الأمريكية ، كي تحسن من تطوير مشروع الإدارة العامة الإلكترونية على المستوى الفيدرالي من أهمها:
: 1-2 المشاكل المتعلقة بتحديد مستوى أداء البرامج
إن عملية تقييم نظم المعلومات التي تتميز بها وكالات الإدارة الأمريكية مبنية على معايير لها علاقة بقدرة هذه النظم على خدمة مختلف الأنشطة الخاصة بالوكالات ، و احتياجاتها الداخلية ، في حين كان من الأولى أن تكون مبنية على أساس مستوى الأداء ، والدعم المقدم للمستفيدين من الخدمات.
2-2 إدارة التكنولوجيا و الفجوة الرقمية
ما يميز معظم الوكالات الأمريكية أنها تستخدم تكنولوجيا المعلومات الحديثة بهدف رقمنة كل العمليات بدلا من ابتكار بعض الحلول ذات الكفاءة ،والفعالية ، على غرار الحلول التي تقدمها الأعمال الإلكترونية، والتجارة الإلكترونية، والتسويق الإلكتروني
تشير الفجوة الرقمية في الولايات المتحدة إلى عدم المساواة بين الأفراد والعائلات وفئات أخرى من مستويات ديمغرافية واجتماعية اقتصادية مختلفة في الوصول الى تكنولوجيا الاعلام و التواصل و رغم تناقص الفجوة الرقمية في أمريكا بشكل كبير، لا تزال هناك مجموعات محددة من الأميركيين لديها اتصال محدود بالإنترنت، وتشمل هذه المجموعات فئات دخل معينة والأعراق والأشخاص الأقل تعليمًا. الفجوة الرقمية للأطفال مختلفة.[3]
و هنا نشير فقط أن أن 40 % من السكان ذوي الأصول الأمريكية اللاتينية يفتقرون إلى نفاذ إلى الانترنت في كاليفورنيا، لكن أهمية التكنولوجيا تدفع الأمريكيون الى التضحية بعدد من الأشياء في سبيل تملك التكنولوجيا حيث أن ثلاثة أرباع الأميركيين تقريبًا يفضّلون التخلي عن شرب الكحول على العيش بدون إنترنت لمدة عام، وذلك استنادًا إلى تقرير نشرته مجموعة بوسطن للاستشارات في العام 2012.[4]
3-2 عدم التكامل و غياب الانسجام الكلي بين مشاريع الرقمنة
تعتمد اغلب وكالات الإدارة الأمريكية على تكنولوجيا المعلومات لرقمنة العمليات الإدارية ، من خلال شراء نظم معلوماتية ، تقدم حلولا جاهزة ،من دون أن تعير اهتماما بموضوع التكامل البنيوي والوظيفي، سواء المتواجدة داخل المؤسسة الواحدة ، أو تعلق الأمر بوكالات أخرى، الأمر الذي نتج عنه استقلالية لكل وكالة ، وأدى إلى إيجاد عددا من الجزر التكنولوجية ذات استقلالية في إدارة وظائفها
4-2 مشاكل مقاومة التغيير
تواجه الإدارة الأمريكية مقاومة تغيير للوضع الجديد ، وهو ما جعل اهتمام الإدارة ينصب على أنشطة إعداد الميزانيات ، والأنشطة الخاصة بالتشغيل ، دون الاهتمام بإدراج تكنولوجيا المعلومات أثناء إعادة هندسة الأعمال الإدارية.
ويجدر التأكيد على أن مقاومة التغيير هي ظاهرة تستهدف جميع أشكال التغيير التنظيمي داخل الهيكل التنظيمي ، وهو أسلوب تشهده كل المنظمات التي تعرف تحولا جزئيا أو كليا ، وهناك طرق واستراتيجيات تحد من شدة مقاومة التغيير وتستهدف بالأساس محاولة استيعاب العاملين بالمنظمة ، وإتباع أساليب ذات مهارة ودقة عالية ،بهذف دفع العاملين بتقبل فكرة التغيير ، والمساهمة في إرساء قواعده وآلياته.
في الأخير و انطلاقا مما تقدم يمكن القول أن تطبيق الإدارة الالكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية والتحول للخدمات العامة الإلكترونية ، قد خلق فرصة أمام المواطنين للوصول إلى المعلومات بشكل أسهل ، وأضفى تحولا في وظائف ومؤسسات الحكومة ، من الشكل التقليدي إلى النموذج الالكتروني ، بما يؤدي إلى دعم الشفافية ، فاطلاع المواطن الأمريكي بشكل متواصل على ما يحتاجه من خدمات عمومية و بشكل إلكتروني يزيد بالتالي من رضاه عن الأداء الحكومي و يبني علاقة ثقة بينه و بين إدارته.[5]
[1] الحكومة الأمريكية أمام خطر الهجمات الإلكترونية : أوباما استحدث منصب منسق الأمن الإلكتروني ، متاح في http//arabic.cnn.com تاريخ الزيارة يوم : 1 يناير 2021 على الساعة السادسة و النصف مساء
[2] الموقع الإلكتروني https://www.trtarabi.com تاريخ الزيارة يوم الجمعة 1 يناير 2021 على الساعة العاشرة ليلا
[3] الموقع الالكتروني https://www.greelane.com تاريخ الزيارة يوم الجمعة 1 يناير 2020 على الساعة العاشرة صباحا
[4] الموقع الالكتروني https://share.america.gov تاريخ الزيارة يوم الأحد 3 يناير 2020 على الساعة العاشرة صباحا
[5] عاشور عبد الكريم، رسالة لنيل الماجيستير في العلوم السياسية و العلاقات الدولية، تخصص الديمقراطية و الرشادة، دور الإدارة الالكترونية في ترشيد الخدمة العمومية في الولايات المتحدة الأمريكية و الجزائر، جامعة منتوري قسنطينة، كلية الحقوق و العلوم السياسة، السنة الجامعية 2009-