أنواع الطلاق والتطليق
أنواع الطلاق والتطليق
برجوعنا إلى
نصوص المدونة نجد انه لا ينبغي اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية بالطلاق أو التطليق إلى
استثناء في حدود الأخذ بقاعدة اخف الضررين لما في ذلك من تفكيك الأسرة والإضرار بالأطفال،
ويميز الفقه الإسلامي بين حالة انحلال الزوجية بمبادرة من الزوج والتي تعرف
بالطلاق وبين انحلالها من قبل الزوجية في إطار ما يسمى بالتطليق، وأفراد لكل حالة أحكاما
خاصة بها
المبحث الأول:
أنواع الطلاق
ينقسم الطلاق
باعتبارات عدة إلى أنواع تناولتها مدونة الأسرة والفقة ، فمن حيث إمكانية رجوع
الزوجة إلى زوجها داخل العدة أو عدم إمكانية
ذلك، يقسم الطلاق إلى طلاق رجعي وطلاق بائن، ومن حيت تمامه طبقا لأحكام الشريعة
والسنة النبوية الشريفة أو عدم مطابقته لها يقسم إلى طلاق سني وطلاق بدعي.
المطلب الأول:
الطلاق الرجعي والطلاق البائن
سنعرف الطلاق
الرجعي بداية قبل أن تتناول الطلاق البائن
أولا الطلاق الرجعي:
لم تعرف
مدونة الأسرة الطلاق الرجعي بشكل دقيق وإنما اكتفت بالاعتماد على معيار الإقصاء
حيت أشارت في المادة 123 إلى أن:
"كل
طلاق أوقعه الزوج فهو رجعي إلا المكمل للتلات والطلاق قبل البناء والطلاق بالاتفاق
والخلع والمملك"
وبالرجوع إلى الفقه الإسلامي نجده يعرف الطلاق
الذي يوقعه الزوج على زوجته والذي دخل بها حقيقة. والذي يملك فيه المطلق إمكانية
مراجعة مطلقته وإعادتها إلى حياة الزوجية مادامت في العدة سواء رضيت أم كرهت دون
حاجة لعقد وصداق جديدين.
ومن الملاحظ
أن الطلاق الرجعي يختص جون غيره بالدليل عليه قوله تعالى " الطلاق مرتان
فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"
و في الآية
بيان إن الطلاق المشروع يكون مرة بعد مرة، وللزوج الحق أن يراجع زوجه بعد الطلقة الأولى
أو الثانية ما لم تنقضي عدتها والإمساك بالمعروف معناه مراجعتها. ويقول الله
سبحانه وتعالى "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن أرحامهن
إن كن يؤمن بالله واليوم الأخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن
مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم "، وفي الحديث
الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر حينما أخبره أن ابنه عبد الله طلق
زوجه وهي حائض فقال له "مره فليراجعها"
1-حكم الطلاق
الرجعي ما يلي:
أ- حق الزوج في رد زوجته مادمت في العدة لقوله تعالى "وبعولتهن أحق بردهن
في ذلك إن أرادوا إصلاحا"
ب-
تظل الزوجية قائمة بين
المطلقين ما دامت المرأة في العدة
ج- ينفق الزوج على زوجته طوال فترة العدة
د- إذا مات أحد الزوجين قبل انقضاء العدة ورثه الأخر سواء طلقها زوجها في حال
صحته أو مرضه
ه- تراجع بدون عقد جديد
و- تراجع بدون مهر جديد مادامت في العدة
ز-يكون التعبير عن النية بالإرجاع إما بالقول وإما
بالفعل، فالرجعة تكون بالقول اذا خاطب مطلقته قائلا لها راجعتك أو ارجعي إلي بيتك أو
راجعت زوجتي، وتكون بالفعل إذا جامع زوجته
أو صدر منه اتجاهها ما يقوم مقام الوطء كالتقبيل واللمس وهذا بخلاف مدونة الأسرة
التي أفردت أحكاما خاصة بالرجعة
2-أحكام
الرجعة
تنص المادة
124 من مدونة الأسرة على أن:
"للزوج أن يراجع زوجته أثناء العدة.
إذا رغب
الزوج في إرجاع زوجته المطلقة طلاقا رجعيا أشهد على ذلك عدلين، ويقومان بإخبار
القاضي فورا.
يجب على
القاضي قبل الخطاب على وثيقة الرجعة، استدعاء الزوجة لإخبارها بذلك، فإذا امتنعت
ورفضت الرجوع، يمكنها اللجوء إلى مسطر الشقاق المنصوص عليها في المادة 94 أعلاه"
و استنادا
إلى هذه المادة نلاحظ أن المشرع المغربي وإن حافظ على حق الزوج في إرجاع زوجته إلا
أنه قيد هذا الحق بشروط معينة هي كالأتي:
أ- الإشهاد على الرجعة: إذا كانت تصح الرجعة قولا عند الفقهاء مثل أن يقول
الزوج لمطلقته راجعتك ونحوه، فإنه طبقا لمدونة الأسرة يتعين على الزوج إذا مارغب
في إرجاع زوجته أن يشهد على ذلك الرجوع عدلين.
ب-
أن يقوم العدلين بإخبار القاضي
فورا
ج- اخبار الزوجة: يجب على القاضي قبل الخطاب على وثيقة الرجعة،
استدعاء الزوجة لإخبارها بأن زوجها قد أرجعها الى عصمته، ودور القاضي في هذا الصدد
هو فقط بهدف الحفاظ على حقوق الزوجة وكرامتها ومكانتها الاجتماعية حتى لا يبقى حق
الطلاق وحق الرجعة يستعملها الرجل متى شاء وكيما شاء ووقت ما شاء دون أن يغير أي
اهتمام لكرامة المرأة وكيانها كإنسان له مشاعر وعواطف له حقوق و عليه واجبات.
فللزوجة الحق في قبول الرجعة بناء على إرادتها ولها الحق في الرفض، وبالتالي
يمكنها عندئذ اللجوء إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المادة 94.
ثانيا الطلاق
البائن
الطلاق البائن هو الذي لا يحق
للزوح أن يرجع مطلقته الا برضاها و بعقد جديد، فالمرأة المطلقة طلاقا بائنا تصبح
أجنبية عن الرجل الذي طلقها بحيث لا يستطيع أن يردها إلى عصمته إلا بعقد و صداق
جديدين
و ينقسم الطلاق البائن الى:
- طلاق بائن بينونة صغرى: و هو
الطلاق الذي يستطيع الزوج فيه إعادة مطلقته بعقد زواج جديد سواء كان ذلك في فثرة
العدة أو بعد انتهائها، و يدخل في الطلاق البائن بينونة صغرى الطلاق قبل البناء،
الكلاق بالاتفاق، الطلاق بالخلع، طلاق المملك
طلاق بائن بينونة كبرى: هذا
الطلاق ينتج عن طلاق الثلاث فعليا، و هو الذي لا يستطيع فيه الزوج اعادة مطلقته
الى عصمته إلا بعد أن تتزوج رجلا أخر زواجا صحيحا و يدخل بها دخولا حقيقيا و ينتهي
زواجه منها بطلاق أو موت، و تنقضي عدتها منه دون تدخل من الزوج الأول حيث قال عزو
جل في سورةالبقرة الأية 230 " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى ينكح زوجا
عيره" و هذا ما نصت عليه المادة 127 من مدونة الأسرة:
الطلاق المكمل للثلاث يزيل الزوجية
حالا، و يمنع من تجديد العقد مع المطلقة إلا بعد انقضاء عدتها من زوج أخر بني بها
فعلا بناء شرعيا"
و إلى جانب هذا التقسيم فقد اعتبر المشرع أن هناك أنواع من الطلاق تصنف في حكم الطلاق
البائن وهي كالتالي:
1-
الطلاق قبل البناء: وقد نصت
المادة 123 من المدونة على هذا النوع مصنفته ضمن الطلاق البائن بينونة صغرى،
ويتمتل في الحالة التي يطلق فيها الرجل زوجته قبل الدخول بها لقول الله تعالى:
" يا أيها الذين أمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما
لكم عليهن من عدة تعتدونها، فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا" سورة الأحزاب الآية
49 وتعني هذه الآية أن من تزوج امرأة ثم يطقها من قبل أن يمسها، فإذا طلقها واحدة
بانت منه، ولا عدة عليها ولا أشهر تحصى عليها ويمكنها أن تتزوج متى شاءت، وإذا
انتفت العدة انتفت الرجعة.
2-الطلاق بالاتفاق
تناولت مدونة
الأسرة بالتنظيم إمكانية اتفاق الزوجين معا على إنهاء العلاقة الزوجية دون إقران
ذلك بأية شرط أو شروط لا تتنافى مع أحكام المدونة ولا تضر بمصالح الاطفال فقد نصت المادة 114 من المدونة
على أنه:
" يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء العلاقة
الزوجية دون شروط، أو بشروط لا تتنافى مع أحكام هذه المدونة، ولا تضر بمصالح الأطفال.
عند وقوع هذا
الاتفاق، يقدم الطرفان أو أحدهما طلب التطليق للمحكمة مرفقا به للإذن بتوثيقه.
تحاول
المحكمة الإصلاح بينهما ما أمكن، فإذا تعذر الإصلاح أذنت بالإشهاد على الطلاق
وتوثيقه"
ويعتبر هذا
من الطلاق تطبيقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين فما أسس بالإتفاق يمكن إنهاؤه
بالاتفاق وهي طريقة حضارية في إنهاء العلاقة الزوجية، فليس الطلاق هو الخصام
والعداوة. بل هو إنهاء لوضع لم يعد معه دوام العشرة بين الطرفين. لكن يلاحظ أن
المشرع لم يخول للمحكمة صلاحية التأكد من توازن المصالح المتضارية في هذا العقد
حينما يكون الاتفاق بشروط بل نص فقط على
أنه في حالة الاتفاق على الطلاق بشروط يتعين أن لا تضر هذه الشروط بمصالح الأطفال وهي الأولى
بالرعاية من حيث المبدأ.
3-الطلاق
بالخلع
لم
تعرف المدونة الخلع وإنما اكتفت بالقول في المادة 115 منها إن للزوجين إن يترضيا
على الطلاق بالخلع طبقا لأحكام المادة 114 أعلاه و هي إحالة يفهم منها أن الخلع هو
اتفاق على الطلاق بشروط أو بدون شروط و هدا بخلاف التعريف الفقهي الذي يركز على
البدل الذي تدفعه الزوجة إلى زوجها بغية الحصول على طلاقها بحيث يعرف الخلع في
الشريعة الإسلامية بأنه إزالة عقدة النكاح المتوقفة على قبولها بلفظ
الخلع أو في ما معناه كما عرف خليل في مختصره بأنه الطلاق بعوض وقد عرفه الفقهاء
بأنه فراق الرجل زوجته ببدل يحصل له و يرون انه لابد في الخلع إن يكون بلفظ الخلع
أو بلفظ مشتق منه أو لفظ يؤدي معناه مثل المباراة و الفدية، كما قد عرفه ابن حزم
الظاهري بأنه هو الافتداء آدا كرهت المرأة زوجها فتخاف أن لا توفيه حقه أو خافت أن
يبغضها فلا يوفيها حقها، فلها أن تفتدى منه ويطلقها أن رضي هو وإلا لم
يجير هو وإلا جبرت هي وإنما يجوز بتراضيها ""وقد عرفه الفقهاء المسلمون
بأنه عبارة عن عقد اتفاقي وثنائي الأطراف ينعقد عادة بعرض من الزوجة لمبلغ من
المال المعلوم المتقوم شرعا مقابل طلاقها و بقبول صريح من الزوج لهدا العرض
وللطلاق ويمكن أن يكون بعرض من الزوج و قبول من الزوجة .
و
أساس الخلع في الشريعة الإسلامية قوله تعالى " ولايحل لكم أن تأخذوا مما
أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا
جناح عليهما فيما افتدت به"، و من السنة قصة امرأة ثابت بن قيس
رضي الله عنه وعنها التي أخرجها البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما إن امرأة ثابت
بن قيس أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت يارسول الله ثابت بن قيس ما أعتبه
عليه في خلق ولا دين و لكن اكره الكفر في الإسلام فقال يارسول الله صلى الله عليه
وسلم أتردين عليه حديقته (لأنه أمهرها حديقتها) فقالت: نعم قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم "اقبل الحديقة تطليقة"
وفي
حديث رواه لدار قطني بانسداد صحيح إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أتردين
عليه حديقته التي أعطاك قالت نعم و زيادة فقال النبي صلى الله عليه و سلم "
أما الزيادة فلا و لكن حديقته " قالت نعم فاحدها له و خلى سبيلها.
فان
النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الزوجة ثابت بن قيس رضي الله عنها و عنه لما
قالت يا رسول الله ثابت بن قيس ما اعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني
اكره الكفر في الإسلام. و الشاهد في القول من هذه الأحداث انه لا يشرط موافقة
الزوج في الطلاق بالخلع فادا لم يقبل الزوج بذلك فان لها حق اللجوء إلى القضاء
ليخلع الزوجة من ذمة زوجها و لو بالقوة و الظاهر أن المشرع اشترط مبدئيا ان لا
يكون الاتفاق هو أساس الخلع.
4-طلاق
المملك
نظمت
المدونة طلاق التمليك او المملك بمقتضى المادة 89 كالتالي:
"اذا ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق كان لها أن تستعمل هدا
الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة طبقا لأحكام المادتين 79 و 80 أعلاه"
تتأكد
المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين ، و تحاول الإصلاح بينهما
طبقا لأحكام المادتين 81 و 82 أعلاه.
إذا
تعذر الإصلاح تأذن المحكمة للزوجة بالإشهاد على الطلاق، وتبت في مستحقات
الزوجة و الأطفال عند الاقتضاء تطبيقا لأحكام المادتين 84 و 85 أعلاه
لا
يمكن للزوج أن يعزل زوجته من ممارسة حقها في التمليك الذي ملكها إياه"
و
يقصد بالطلاق المملك او بالتمليك تمليك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق حيت يجعل
الرجل أمر زوجته بيدها فتملك عصمتها، و بعبارة أوضح أن الزوج في طلاق التمليك ينقل
حقه في الطلاق إلى زوجته فيصبح لها الحق في توقيع الطلاق ما شاءت، ولايمكن أن
يتراجع عن هدا التمليك إلا إذا رضيت المرأة بذلك و يلزمه هدا التمليك
خلال الفترة الزمنية المحددة له و يلزمه على وجه التأبيد إذا تم بشكل
يفيد ذلك.
وقد
فرق فقهاء المالكية بين التمليك و التخيير فالتمليك هو تمليك المرأة
إيقاع الطلاق بنفسها فهو يحتمل الواحدة فما فوقها و لذلك له أن يناكرها عنده فيما
فوق الواحدة. اما التخيير وهو أن يخير الزوج زوجته بين البقاء معه أو الفراق ولها
حينئذ أن تختار ما تشاء.
وقد
ذهب الفقهاء إلى أن التمليك يجد سنده في تخيير النبي صلى الله عليه وسلم نساءه
فاخترنه، وقصة ذلك كما روى أبو سلمة بن عبد الرحمن إن عائشة رضي الله عنها، زوج
النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه قالت: فبدأ بي رسول الله صلى الله
عليه و سلم، فقال إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك ان لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك،
وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت، ثم قال: ان الله قال " يأيها
النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا و زينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن
سراحا جميلا، وإن كنتن تردن الله ورسوله و الدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات
منكن أجرا عظيما" فقلت له: ففي أي هذا أستأمر أبواي؟ فإني أريد
الله و رسوله والدار الأخرة.