مقدمة:
جاء دستور 2011 في
اطار وسياق خاصين سبقته مطالب شعبية كبيرة همت بالأساس ....الاستبداد
و الفساد" على المستوى التدبير المركزي و المحلي بالخصوص ،
وتفاعلا مع هذه مطالب
الشعبية دشن الملك في خطاب 09 مارس 2011 مسلسل الاصلاح الدستوري، مما مكن المغاربة
من وثيقة دستورية متقدمة تضع ضمن مرتكزاتها الوحدات الترابية المحلية، تعزيزا الديمقراطية
و الحكامة على الصعيد المحلي ذلك أن التحديات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و
البيئية، المطروحة محليا تجعل الهيئات المسؤولة عن تدبير الشأن المحلي تولي أهمية بالغة
لتجويد تدبيرها لصلاحياتها المحلية في اطار ما يعرف بالحكامة المحلية، التي ترتبط ارتباطا
وثيقا بتعميق سياسة اللامركزية لاسيما الإصلاحات المرتبطة بالإدارة المحلية التي جاء
بها الدستور الجديد.
عرف المغرب خلال
مراحله التاريخية محطات هامة، في مجال السعي نحو ترسيخ قيم الديمقراطية و محاولة تدعيم
أسس دولة الحق و القانون من أجل تجسيد ذلك عملت السلطات العمومية على اصدار ترسانة
قانونية واسعة، دساتير - سواثيق - قوانين ...تو أحداث هياكل و مؤسسات حديثة و اتخاذ
اجراءات مواكبة تحاول تقوية دور المؤسسات التمثيلية و تصنيعها و حوكمتها.
يعتبر التنظيم اللامركزي
الترابي و ما شهده من تحولات و تطورات متلاحقة من أبرز حلقات المسلسل الديمقراطي المغربي،
الذي يسعى الى تعزيز الديمقراطية المحلية و تقریب سلطة القرار من المواطنين وتمكينهم
من المشاركة في التدبير العمومي المحلي . [1]
تعتبر الجماعات الترابية
أهم تجسيد لأسلوب أو نظام اللامركزية الإدارية الترابية .
ترى ما هو مفهوم الجماعات الترابية
ما هو التأطير الدستوري
للجماعات الترابية في دستور 2011
ما هي حدود التأطير
الدستوري للجماعات الترابية في دستور 2011
اولا : مفهوم الجماعات
الترابية
الجماعات الترابية
حسب دستور 2011 هي : الجهات، العمالات والأقاليم والجماعات وكل جماعة أخرى تحث بقانون"
وهي وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام تتمتع
بالشخصية المعنوية
والاستقلال المالي
فكرة اللامركزية
الإدارية تقوم على أساس توزيع الوظائف الإدارية بين الحكومة المركزية
بالعاصمة وبين هيئات
محلية مستقلة.
ويشترط في ذلك توفر
ثلاث أركان
ü الاعتراف
بوجود مصالح محلية مستقلة ومتميزة عن المصالح الوطنية
ü أن يعهد
بالإشراف على هذه المصالح إلى هيئات منتخبة
ü أن تستقل
هذه المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية
ثانيا : أسس التأطير الدستوري للجماعات الترابية في دستور 2011
-مقارنة بالوثائق الدستورية السابقة، يبدو أن التنظيم الإداري اللامركزي قد حطي باهتمام غير مسبوق من جانب المشرع الدستوري في ظل دستور 2011[2] الذي حمل عددا من المستجدات سمحت بإعطاء نفس جديد للامركزية الإدارية، كما مكنت من جعل هذه الأخيرة في قلب القانون الدستوري، على نحو ما يبدو جليا في القضايا التالية :
و الحيز الذي خصصه
لموضوع التنظيم الإداري عموما وللتنظيم الإداري اللامركزي
خصوصا، حيث أفرد للجهات والجماعات الترابية الأخرى بابا خاصا (الباب التاسع)، يتكون من اثني عشر فصلا ( من الفصل 135 إلى الفصل 146) ، علاوة على فصول أخرى لا تندرج في هذا الباب تناولت هي الأخرى بعض الجوانب المتعلقة بموضوع اللامركزية الإدارية، مثل التأكيد على الطابع اللامركزي للتنظيم الترابي للمملكة (ف 1) وتمكين المواطنين من حق الحصول على المعلومة الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام (ف 27)، وتعبئة الجماعات الترابية ، إلى جانب الدولة والمؤسسات العمومية . لكل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من بعض الحقوق، مثل الحق في الصحة والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والحصول على تعليم عصري...(ف 31 ) وتمثيل الجماعات الترابية في إطار مجلس المستشارين (
ف 63 ) وإدراج نظام
الجماعات الترابية ومبادئ تحديد دوائرها الترابية، ونظامها الانتخابي ومبادئ تقطيع
دوائرها الانتخابية (ف 71) وإيداع مشاريع القوانين المتعلقة بالجماعات الترابية وبالتنمية
الجهوية بالأسبقية لدى مجلس المستشارين ( ف 78 ) ، وتصويت مجلس النواب النهائي بالأغلبية
المطلقة أعضائه الحاضرين
على مشاريع القوانين
المتعلقة بالجماعات الترابية والتنمية الجهوية أن 84) ومصادقة مجلس النواب النهائية
على مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية بأغلبية أعضائه (ف 85)
، فضلا عن تخويل المجالس الجهوية للحسابات مهمة مراقبة حساب الجهات والجماعات الترابية
الأخرى وهيئاتها،
وكيفية قياسها بتدبير شؤونها (ف149) :
v
التأكيد على أن التنظيم الترابي للمملكة
تنظيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة[3]. ويرتكز على
عدد من المبادئ تتعلق بالتعبير الحر والتعاون والتضامن، وتأمين مشاركة المعنيين في
تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة،[4] بكل ما لهذه
المبادئ من دلالات فقهية ودستورية تتعلق بإعطاء الجماعات الترابية مزيدا من الحصانة
والاستقلالية التي تسمح لها بالقيام بأدوارها في مجال التنمية المجالية وتعزيز اللامركزية
الترابية
وتكريس الديمقراطية
التشاركية على المستوى الترابي.
v الانتقال من الحديث عن الجماعات المحلية إلى الحديث عن الجماعات الترابية"، بكل ما قد يؤشر عليه ذلك من تغير في مصر مشروعية الشان المحلي وعلاقة هذا الأخير بسلطة الدولة. فإذا كان المحلي" يحيل مباشرة على وجود المركزي، الذي يعطيه سبب وجوده ويضبط إطار اختصاصاته وحدود تدخلاته، ويشكل بالتالي نوعا من العلاقة العمودية التي تنطوي بالضرورة على شكل من التبعية وتؤسس لوصاية الطرف الأقوى على الطرف الأضعف، فإن الترابي قد يقلب هذه العلاقة على اعتبار أنه يعترف للشأن المحلي بوجود أصيل نابع من رغبة العيش المشترك المعبر عنها محليا. فتصبح بذلك مشروعية الوجود والتدخل متأصلة في المجال الترابي وليس مجرد ممارسة اختصاصات تخلت عنها الدولة.[5]
والرقي بالإطار القانوني
المنظم للجماعات الترابية إلى مستوى قانون تنظيمي، يحظى بقيمة قانونية واعتبارية في
هرمية وتراتبية القوانين الوطنية، ويعد امتدادا ساديا للدستور نفسه، بالنظر لخصوصية
المسار التشريعي المتبع في تقديمه واعتماده، بعدما كانت الدساتير السابقة تجعل أمر
إحداث وتنظيم هذه الجماعات من اختصاص قوانين عادية، بكل ما كان يعينه ذلك من جعل التنظيم
اللامركزي تحت رحمة التقلبات السياسية، وخضوع القوانين المؤطرة له المراجعات متعددة،
وغير مدروسة في كثير من الأحيان. * بلورة تصور جديد لعلالقة ممثلي السلطة المركزية
في العمالات والأقاليم
بالمجالس المنتخبة، أضحى قائما على أساس ممارسة المراقبة الإدارية[6] وتقديم المساعدة لرؤساء المجالس المذكورة، وخاصة رؤساء مجالس الجهات، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية وتنسيق المصالح الخارجية،[7] لا على أساس الوصاية، على نحو ما يظهر من خلال تأكيد الدستور على ارتكاز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التعبير الحر[8]، وعلى أن الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام، تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية[9]، ومن خلال اعتراف الدستور صراحة للجماعات الترابية، داخل دائرتها الترابية، بسلطة تنظيمية لممارسة صلاحياتها.[10] وكذلك، من خلال تأكيده على تولي رؤساء مجالس الجهات، ورؤساء مجالس الجماعات الترابية الأخرى، بتنفيذ مداولات هذه المجالس ومقرراتها،[11] بعدما كان هذا الأمر من قبل من اختصاص العمال فيما يخص مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم .
v
التأكيد على الطابع الديمقراطي في تسيير
الجماعات الترابية لشؤونها، وإدخال تعديات على طريقة انتخاب مجالسها، يروم بالأساس
انتخاب مجالس الجهات ومجالس الجماعات بالاقتراع العام المباشر،[12] خصوصا عندما
يتم ربط هذه الطريقة في الانتخاب بتأكيد الدستور أيضا على أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي
[13]
v
التأكيد على مساهمة الجهات والجماعات
الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسة الترابية،
من خلال ممثليها في مجلس المستشارين، ومراجعة حجم وكيفية تمثيلها في هذا المجلس، حيث
أضحى ثلاثة أخماس أعضائه يمثلون الجماعات الترابية، ويتوزعون على جهات المملكة بالتناسب
مع عدد سكانها، ومع مراعاة الإنصاف بين الجهات، على أن ينتخب المجلس الجهوي على مستوى
كل جهة من بين أعضائه الثلث المخصص للجية
من هذا العدد، بينما ينخب الثلثان المتبقيان من قبل هيئة ناخبة تتكون، على مستوى الجهة، من أعضاء المجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم. [14]
v
خلق إمكانيات جديدة للتواصل بين المواطنين
والجماعات الترابية، وتوسيع دائرة إشراكهم
في عملها تتبعا ومراقبة واقتراحاء يتجاوز حدود المشاركة في انتخاب أعضائها، من خال
اعتماد نوعين من الآليات: آليات الحوار والتشاور يتمثل هدفها الرئيسي في تيسير مساهمة
المواطنين والمواطنات والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها،[15] وتقديم عرائض
الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل
في اختصاصه في جدول أعماله.[16]
v
إعادة تدقيق مجال اختصاص الأنواع
الثلاثة للجماعات الترابية، عبر تحديد وتمييز مجالات اختصاص كل واحدة منها، والنص
الدستوري على عدم جواز ممارسة أية جماعة ترابية للوصاية على جماعة ترابية أخرى، مع
التأكيد في نفس الوقت على إعطاء دور أكبر للجية، يسمح لها بأن تتبوأ، تحت إشراف رئيس
مجلسها، مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى، في عمليات إعداد وتتبع برامج
التنمية الجهوية، والتصاميم الجهوية إعداد التراب، في نطاق احترام الاختصاصات الذاتية لهذه الجماعات
الترابية . [17]
v التأكيد على أهمية دعم الدولة الجماعات الترابية، سواء من خال رصد موارد مالية لها، أو من خال ضرورة اقتران كل اختصاص تنقله الدولة إليها بتحويل الموارد المالية المطابقة،[18] وكذلك من خال إحداث لفائدة الجهات صندوق التأهيل الاجتماعي يهدف إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية، والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات، فضلا عن صندوق التضامن بين الجهات، يهدف إلى التوزيع المتكافئ للموارد قصد التقليص من التفاوتات بينها. [19]
v
إعطاء دور أكبر للقضاء في الرقابة على سير
أعمال مجالس الجماعات الترابية، على حساب السلطات الإدارية، بحيث كرست القوانين التنظيمية
المنبثقة عن الدستور سلطة القضاء الإداري في حل المجالس المذكورة، وعزل أعضاءها والتصريح
ببطان مداولاتها ووقف تنفيذ مقرراتها المشوية بعيوب قانونية، وكذا البث في بعض النزاعات التي قد تثور بين ممثلي
الوالة والعمال والمجالس المنتخبة.[20]
v
تعزيز تمثيلية النساء في مجالس وهيئات الجماعات
الترابية، حيث ينص
الدستور على تمتع
الرجل والمرأة، على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية والبيئية ، وعلى سعي الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء،
وعلى أن تحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز [21] ويحيل على
القانون أمر سن مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف
الانتخابية،[22]
كما يدرج سن أحكام تتعلق بتحسين تمثيلية النساء داخل مجالس الجماعات الترابية ضمن القضايا
التي يجعلها تحدد بقانون تنظيمي[23]
v
محاصرة ظاهرة الترحال السياسي بين الأحزاب
السياسية، وجعل حرية المنتخب في تغيير انتماءه السياسي مقيدة بحقوق الناخبين وحقوق
الهيئات السياسية التي
رشحته لمهام انتدابية،[24] من خلال نص الدستور على التجريد من الصفة البرلمانية بالنسبة لكل من تخلى عن انتماءه السياسي، الذي ترشح باسمه خلال الانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها، قبل أن تتولى بعض القوانين التنظيمية التي يحيل عليها الدستور توسيع دائرة تطبيق هذا الإجراء لكي يشمل، إلى جانب أعضاء البرلمان، المنتخبين في إطار الجماعات الترابية والغرف المهنية وممثلي المأجورين والمنظمات المهنية للمشغلين، حيث نص القانون التنظيمي للأحزاب السياسية على منع "كل عضو في أحد مجلسي البرلمان أو في مجالس الجماعات الترابية أو في الغرف المهنية من التخلي عن الانتماء الحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات". وكذلك فعلت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، عندما نصت على أن يجرد العضو المنتخب في بمجلس الجهة أو الجماعة الذي تخلى خلال مدة الانتداب عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه من صفة العضوية في المجلس". ونفس الاتجاه سلكته الأنظمة الأساسية الخاصة بالغرف المهنية عندما نصت على تجريد العضو المنتخب بالغرفة، الذي تخلى خلال مدة الانتداب عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه، من صفة العضوية فيها.
ثالثا :حدود التأطير الدستوري للجماعات الترابية
في دستور 2011
لئن كان يصعب تجاهل أهمية المستجدات التي حملها لستور 2011 والتي توقفنا
عندها سابقا، وما
تجسده من تحول من جانب المشرع الدستوري في تصوره للمكانة
المعيارية للتنظيم
اللامركزي وللجماعات الترابية، وإدراكه لحاجة هذا التنظيم إلى ضمانات دستورية، وليست
فقط تشريعية، تؤمن للمؤسسات التي تجسده الثبات والاستقرار، مع ذلك فإن التأطير الدستوري
للامركزية الترابية، لا يزال يواجه بعدد من الحدود، التي تجعل من الصعب القول بتكريس
الدستور التوجه عميق و مهيكل اللامركزية الإدارية، ترصد ذلك من خلال مجموعة من الملاحظات
أهمها
:
ü
عدم استيعاب الدستور لسقف النقاش الذي كان
مطروحا قبل 2011 ، وأدى سنة 2010
إلى إحداث لجنة استشارية
كلفت بوضع مشروع تصور جديد حول الجهوية المتقدمة"، حيث كان تقديم المغرب المبادرة
الحكم الذاتي حول قضية الصحراء سنة 2007 بمنعطفا في اتجاه تعزيز التفكير من الانتقال
من الجهوية الإدارية إلى الجهوية السياسية. لذلك، فقد ظل الدستور محكوما بسقف اللامركزية
الإدارية على الطريقة الفرنسية، ومبتعدا بخطوات واضحة عن اعتماد اللامركزية السياسية،
رغم أن الوضع الخاص الذي تعرفه بعض مناطق المغرب (تحديدا الجنوب المغربي)، كان يقتضي
الرفع من مستوى اللامركزية فيه، واستحضار التجارب المعتمدة في عدد من الدول الموحدة
ü
أن التفعيل التشريعي لمقتضيات الدستور
المتعلقة باللامركزية، وعلى وجه التحديد مقتضيات الفصل 146 من الدستور الذي يعرض القضايا
التي تحدد بقانون تنظيمي، واتجاهه . أي التفعيل التشريعي، نحو تأطير الجماعات المذكورة
بقوانين تنظيمية وليس قانونا تنظيميا واحدا (القانون التنظيمي المتعلقة بكيفية انتخاب
أعضاء مجالس الجماعات الترابية، القانون التنظيمي للجهات، القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، القانون التنظيمي
المتعلق بمجالس العمالات والأقاليم)، أدى إلى وضعية أضحت معها الجماعات الترابية بمستوياتها
الثالثة مؤطرة بنصوص يطبعها التشتت، وفي بعض الأحيان عدم الانسجام، وما يطرحه هذا الأمر
من تساؤل حول مدى دستورية ذلك في ظل حديث الدستور عن قانون تنظيمي بصيغة المفرد، ومدى
تأثيره على المردودية الوظيفية للوحدات الترابية المذكورة، على اعتبار أنه يحول دون
التوفر على مدونة للجماعات الترابية تعكس رؤية موحدة لأدوار، وتصورا منسجما للوظائف
التي تقوم بها في مجال التنمية الترابية، سيما وأن تجربة اللامركزية في المغرب ظلت
مؤطرة بنصوص مختلفة من حيث المرجعيات السياسية ومتفاوتة من حيث المضامين والأهداف.[25]
ü
أن الدستور عندما يعطي للقانون
سلطة إحداث كل جماعة ترابية أخرى، فإن ذلك يطرح التساؤل حول ما إذا كان المشرع العادي،
أي البرلمان، قد أصبح مؤهلا الخلق أصناف جديدة من الجماعات الترابية[26] متميزة عن
تلك الأصناف الثالثة التي يحددها الدستور أم على العكس فإن هذا المقتضي لا يخوله سوى
إمكانية إحداث جماعات ترابية تنتمي إلى هذه أو تلك من الفئات التي يحددها الدستور؟
ويصبح طرح هذا التساؤل أكثر مشروعية عندما نأخذ بعين الاعتبار أن الدستور نفسه لم يدرج إحداث الجماعات الترابية ضمن الفصل
71 الذي حد المجالات التي تعد سن اختصاص القانون.
ü
أن التأكيد على عدم وجود علاقة
هرمية أو تراتبية بين الأشكال الثالثة للجماعات الترابية التي يحددها الدستور من خلال
التنصيص على عدم جواز وصاية أية جماعة
ترابية على أخرى، والحرص على تمييز الجية عن باقي الجماعات الترابية، ليس فقط من خلال
استعمال اسم الجهة منفصلا عن الجماعات الترابية الأخرى، وإنما أيضا عبر النص الصريح
على إعطاء الجهة مكان الصدارة . مقارنة بباقي الجماعات الترابية الأخرى. في عمليات
إعداد وتتبع برامج التنمية الجهرية، والتصاميم الجهوية إعداد التراب، في نطاق احترام
الاختصاصات الذاتية للجماعات الترابية الأخرى[27]، يمكن أن
يثير التساؤل حول ما المقصود بهذه الصدارة بالضبط، حيث قد يؤدي ذلك إلى إثارة بعض الالتباس
في طبيعة العالقة الناظمة بين المستويات الثالثة للجماعات الترابية، ويجعل مسالة ترسيم
الحدود بينها موضوع تنازع .
ü
عدم تعميم مسطرة الاقتراع العام المباشر
على جميع مجالس الجماعات الترابية من خلال استمرار استثناء مجالس العمالات والأقاليم
من دائرة الجماعات الترابية التي لا يجري انتخاب مجالسها بهذه الكيفية، الشيء الذي
من شأنه أن يبقي هذا النوع من المجالس في دائرة الشك حول مدى مصداقية ونزاهة انتخابها،
حيث أثبتت التجارب السابقة كيف سمح ترك مصير تشكيل مجالس الجماعات الترابية بيد الناخبين
الكبار بتحویل انتخابات مكاتبها إلى مناسبة للتلاعب بإرادة الناخبين
ü
و استمرار التقسيم الانتخابي والتقسيم الترابي
للجماعات الترابية متفلتين من دائرة اختصاص البرلمان، وهما اللذين لا موضوع جدل حول
مدى توظيفها من طرف الإدارة، وتحديدا وزارة الداخلية، في التحكم في مجريات العمليات
الانتخابية وفي رسم خريطة نتائجها. بحيث إذا كان إدراج الدستور الميادين تحشيد الدوائر
الترابية للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع دوائرها الانتخابية في إطار اختصاص القانون[28]، قد شكل
خطوة في اتجاه عدم إبقاء موضوع التقسيم الترابي والانتخابي محتكرا من طرف السلطة التنفيذية
فإنها تظل خطوة غير مكتملة في ظل عدم جعل هندسة التقسيم الترابي والانتخابي نفسها وليس
مجرد مبادئها . من اختصاص الجهاز التشريعي
.
ü
الغموض الذي لا يزال يلف طبيعة علاقة مجالس
الجماعات الترابية وممثلي
السلطة المركزية
في الجهات والعمالات والأقاليم، فالمشرع الدستوري، ومعه المشرع العادي، تجنبا الحديث
عن الوصاية الإدارية في علاقة المجالس بالسلطات المذكورة في استحضار واضح للاعتراضات
التي ظلت تواجه بها هذه المسألة على امتداد التجارب الجماعية السابقة، وتحدثا بدلا
عن ذلك عن تخويل للولاة في الجهات والعمال في العمالات والأقاليم صلاحية ممارسة المراقبة
الإدارية"، كما أناطا بهم مهمة مساعدة رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس
الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية[29]، بيد أن
التأكيد على عدم وجود أي تناقض بين المراقبة الإدارية وطبيعة الجماعات الترابية باعتبارها
ذات شخصية قانونية وتتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، خصوصا في دولة موحدة . ال يمنع
من التأكيد على أن الرقابة الإدارية لا تكون كذلك الا إذا اقتصرت على مراقبة الشرعية
التي لا يمكن أن تكون لا رقابة لاحقة، أما عندما تتحول إلى رقابة قبلية، وفقا الاتجاه الذي سلكه المشرع العادي
عندما ربط قابلية مقررات محددة |
المجالس الجماعات
الترابية للتنفيذ بضرورة التأشير القبلي عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية
بالنسبة لمجالس الجهات، ومجالس الجماعات عندما
يتعلق الأمر بالمقررات الخاصة بالتدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية الجماعية، أو العامل بالنسبة لمجالس العمالات والأقاليم، ومجالس الجماعات فيما يتعلق بعدد من الاختصاصات غير تلك المتعلقة بالتدبير المفوض ، فإن ذلك يجعل من هذه الرقابة أشبه بوصاية مقنعة. علما أن تدخل ممثلي السلطة المركزية في شؤون مجال من الجماعات الترابية لا ينحصر عند هذا الحد، بل يمكن أن يمتد ليشمل إمكانية الحلول محل رؤساءها في اختصاصاتهم في بعض الحالات
خاتمة
نخلص في الأخير إلى
أن دستور 2011 جاء بمتغيرات كبرى همت تدبير المجال المحلي خصوصا فيما يخص عند المقتضيات
الدستورية التي تؤطر الأن الترابي للملكة ، وربط اجراءاتها و تفعليها بالإحالة على
القوانين التنظيمية
حري بالذكر أن كل
هذا التخصيص الدستوري لم ينقع رؤساء الجماعات الترابية من الافلات من هيئة ممثلي السلطة
المركزية ، ساهم في ذلك ضبابية طبيعة العلاقة بين هؤلاء الفاعلين، على اعتبار أن المشرع
الدستور ومعه المشرع العادي تجنبا الحديث عن الوصاية الإدارية و تحدثا بدلا عن ذلك
عن تخويل ممثلي السلطة المركزية صلاحية ممارسة المراقبة الادارية مع تقديم مساعدة لرؤساء
المجالس الجهوية في اطار تنفيذ المخططات و البرامج التنموية .
تهم المراقبة الادارية
مراقبة الشرعية التي لا يمكن أن تكون الا لاحقة بعدية ، أما عندما تتحول الى قبلية
كما كان الأمر وفق الاتجاه الذي سلكه المشرع العادي فانه عندئذ تتحدث عن الوصاية المقنعة لا عن مراقبة الشرعية .
نرى كذلك أنه و امام
تردي الخدمات بمختلف أصنافها و تجلياتها و عدم الرضى الذي يطبع علاقة المرتفق بالمرافق
المنتخبة على مستوى المحلي ، اضف الى ذلك ضعف مستوى الفاعل المحلي يسعنا أن نقول بضرورة
تواجد ممثلي السلطة المركزي بجانب المحلي في التدبير الشأن المحلي أملا في تجويد الخدمات
المقدمة.
[1] محمد الاع رج القانون الاداري المغربي الجزء
الاول م م ا م ت سلسلة مواضيع الساعة دار
النشر المغربية الرباط ، العدد 66 مكرر 2010 مص 73 .
[2] يصادر الامر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 91 – 11 -1 صادر في 27 شعبان 1432 ( 29 يوليو
2011 ) ، بجريدة رسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو ) ص 3600
.
[3] الفصل 1
من دستور 2011 .
[4] الفصل
136 من دستور 2011.
[5] عبد
الرحمان حداد : " الوصاية في المشاريع التنظيمية للجماعة الترابية " ، المجلة المغربية
للسياسات العمومية ، عدد 16 صيف 2015 ص 92-93
.
[6] الفصل
145 من دستور 2011
[7] الفصل
السابق
[8] الفصل
136 من دستور 2011
[9] فصل
135 من دستور 2011
[10] فصل 168
من دستور 2011
[11] فصل 138
من دستور 2011
[12] فصل 135
من دستور 2011
[13] فصل 11
من دستور 2011
[14] الفصل
63 من دستور 2011
[15] الفصل
139 من دستور 2011
[16] الفصل
السابق 2011
[17] الفصل
141 من دستور 2011
[18] الفصل 141 من دستور 2011
[19] فصل
142 من دستور 2011
[20] كما في
حالة اعتراض الوالي على النظام
الداخلي لمجلس الجهة و على المقررات
التي لا تدخل في صلاحيات المجلس او المتخذة خرقا لأحكام القانون التنظيمي ، و إبقاء المجلس
المعني على المقرر موضوع التعرض ، المنصوص عليها في م 114 من القانون التنظيمي للجهات .
[21] الفصل 19 من دستور 2011
[22] الفصل
30 من دستور 2011
[23] الفصل
146 من دستور 2011
[24] قرار المجلس الدستوري رقم 2011 -818 صادر بتاريخ
20 اكتوبر 2011 و المتعلق بمراقبة دستورية القانون التنظيمي للأحزاب السياسية .
[25] مذكرة
جمعية الجهات المغربية حول مسودة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهة، بتاريخ
يوليو 2014
[26] مذكرة
جمعية الجهات المغربية حول مسودة
مشروع القانون التنظيمي حول الجهة، يوليوز غشت – 2014
[27] الفصل
143 من دستور 2011
[28] - الفصل 71من دستور 2011