الوسائل البديلة لحل المنازعات :
الوسائل البديلة لحل المنازعات هي الآليات التي يلجأ إليها الأطراف لحل منازعاتهم بواسطة شخص محايد ودون اللجوء إلى المحاكم .
وتتميز هذه الوسائل بالسرعة وقلة التكاليف والسرية. كما تمنح للأطراف مرونة وحرية لا تتوفر عادة في المساطر القضائية. ويتم تنفيذ هذه الوسائل في إطار مبادئ الاستقلالية والحياد وشفافية المساطر والفعالية. ومن أهم هذه الوسائل، الوساطة الاتفاقية والتحكيم والصلح.
الوساطة الاتفاقية
الصلح
التحكيم
تعريف الصلح :
الصلح عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقیان قیامه. وذلك بتنازل كل منهما للأخر عن جزء مما يدعيه لنفسه أو بإعطائه مالا معينا أو حقا.
عمد المشرع المغربي بالإضافة إلى مقتضيات الصلح المنظمة في المادة المدنية إلى تبني مبدأ الصلح في قانون المسطرة الجنائية الجديد. كالية حديثة وحضارية لاستبدال العقوبة السالبة للحرية ولفض النزاع قبل تحريك الدعوى العمومية.
شروط إبرام الصلح :
· يلزم لإجراء الصلح التمتع باهلية التفويت بعوض في الأشياء التي يرد الصلح عليها.
· لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام.
· لا يجوز الصلح بين المسلمين على ما لا يجوز شرعا التعاقد عليه.
· لا يجوز الصلح على حق النفقة.
آثار الصلح :
يترتب على إبرام الصلح الآثار التالية :
· انقضاء الحقوق والادعاءات التي كانت محلا له.
· أن يتأكد لكل من طرفي الصلح ملكية الأشياء التي سلمت له والحقوق التي اعترف له بها من الطرف الآخر.
· الصلح على الدين في مقابل جزء من المبلغ المستحق يقع بمثابة الإيراء لما بقي منه. ويترتب عليه تحلل المدين منه.
· بعض مخالفات قانون السير.
· بعض مخالفات قانون الصيد البحري.
مزايا الصلح في المادة الجنائية:
· تكمن إيجابيات مسطرة الصلح في المادة الجنائية في النقط الاتية :
· الطابع الاختياري للصلح.
· تخفيف العبء على المحاكم وربح الوقت.
· جعل القضاء يركز مجهوده على القضايا الأساسية.
· محاربة البطء في البت في القضايا ، خاصة منها ما يرتبط بحرية الأفراد.
· تطويق النزاعات القائمة بخصوص بعض الجرائم المحدودة.
· تخفيف الاكتظاظ الذي تعاني منه السجون.
· تحقيق نوع من التوازن بين حقوق الإنسان وحقوق المجتمع.
دور النيابة العامة في الإشراف على مسطرة الصلح:
جعل المشرع المغربي الصلح في المادة الجنائية من اختصاص النيابة العامة التي تتوفر على سلطة تقديرية في التحري والبحث عند مباشرتها لإجراء الصلح.
لا تعتبر مسطرة الصلح مسقطة للدعوى بل موقفة لها فقط، حيث يمكن للنيابة العامة مباشرة الدعوى العمومية في حالتين:
· عدم مصادقة المحكمة على مقرر الصلح.
· تراجع المشتكى به عن تنفيذ مقرر الصلح المصادق عليه.
الصلح في القوانين المدنية:
هناك مقتضيات مدنية توجب اللجوء إلى الصلح ومقتضيات مدنية أخرى تجيزه فقط.
يمكن إيجاز المقتضيات المدنية التي توجب الصلح في:
· قضايا الطلاق والتطليق.
· القضايا الاجتماعية.
· قضايا الكراء المعد للاستعمال التجاري والصناعي.
· قضايا التعويض عن حوادث السير.
المقتضيات القانونية التي تميز اللجوء إلى الصلح:
· قانون التحفيظ العقاري.
· الصلح في المهن الحرة.
الصلح في القوانين الجنائية:
القوانين الجنائية كلها من النظام العام ولا يملك الأطراف صلاحية تحديد نطاقها للاضطراب الاجتماعي الذي قد تخلقه. وفي جرائم معينة فإن المشرع ونظرا للطابع الاجتماعي والأسري الذي يهيمن عليها، سمح للأطراف بإبرام مصالحة بشأنها يترتب عنها وضع حد للمتابعة. ومن أهم هذه الجرائم تلك الواردة في القانون الجنائي أو في بعض القوانين الجنائية الخاصة:
· قضايا إهمال الأسرة.
· الخيانة الزوجية.
· السرقة بين الأقارب.
فهذه الجرائم لا تحرك المتابعة بشأنها إلا بناء على شكوى من المجني عليه و يؤدي التنازل عن الشكاية إلى انقضاء المتابعة وسقوط الدعوى العمومية.
· بعض المخالفات الجمركية.
· ظهور أدلة جديدة لم تعرف من قبل تقتضي تحريك المتابعة.
كما أن النيابة العامة تسهر على تنفيذ مقرر الصلح بعد المصادقة عليه من قبل المحكمة.
دور المحكمة في مسطرة الصلح:
يصادق رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه على محضر الصلح المحال عليه من قبل النيابة العامة بحضور الأطراف بغرفة المشورة بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن. وإذا لم تصادق المحكمة على مقرر الصلح يصبح لاغيا.
يتضمن الأمر القضائي ما اتفق عليه الأطراف، وعند الاقتضاء ما يلي:
· أداء غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا.
· تحديد أجل تنفيذ الصلح.
مقرر الصلح:
· يتمتع مقرر الصلح بقوة الشيء المقضي به ولا يقبل أي طعن.
· تسهر النيابة العامة على تنفيذ مقرر الصلح بعد المصادقة عليه من غرفة المشورة.
· لا يؤدي الصلح إلى سقوط الدعوى العمومية بل إلى إيقافها فقط إذ يمكن للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية في حال ظهور أدلة جديدة لم تعرف من قبل أو في حالة تراجع المشتكى به عن تنفيذ مقرر الصلح. أو عدم المصادقة عليه من طرف المحكمة.
يتضمن عقد التحكيم تحت طائلة البطلان :
· تحديد موضوع النزاع.
· تعيين الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها.
ماهو شرط التحكيم ؟
هو الإتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ على العقد المذكور. ويجب حت طائلة البطلان أن يضمن شرط التحكيم كتابة في العقد الأصلي أو في وثيقة تحيل إليه بشكل لا لبس فيه. وأن ينص في شرط التحكيم على تعيين المحكم أو على طريقة تعيينه.
ما هي أنواع التحكيم ؟
التحكيم إما خاص أو مؤسساتي :
في التحكيم الخاص تتكفل الهيئة التحكيمية بتنظيمه مع تحديد المسطرة الواجب إتباعها. ما عدا إذا إتفق الأطراف على خلاف ذلك أو إختاروا نظام تحکیم معين؛
أما في التحكيم المؤسساتي فتتكفل مؤسسة التحكيم بتنظيم التحكيم وضمان حسن سيره طبقا لنظامها. وتحترم في جميع الأحوال الحقوق المتعلقة بالدفاع. ويلزم المحكمون بكتمان السر المهني.
حالة اللجوء إلى المحكمة مع وجود إتفاق التحكيم:
عندما يعرض نزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية على نظر إحدى المحاكم، يجب عليها التصريح بعدم القبول بشرط أن يدفع المدعى عليه وقبل الدخول في الجوهر بوجود إتفاق تحكيم.
وإذا كان النزاع لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية يجب على المحكمة التصريح بعدم قبول الدعوى متى دفع بذلك المدعى عليه. قبل الدخول في جوهر النزاع وما لم يكن بطلان إتفاق التحكيم واضحا .
ماذا نقصد بالتحكيم ؟
يراد بالتحكيم حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على إتفاق تحکیم بشأن الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها.
ويمكن أن تكون محل إتفاق تحكيم النزاعات الداخلة في إختصاص المحاكم التجارية، والنزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة، والجماعات المحلية، والمقاولات العامة الخاضعة لقانون الشركات التجارية، والمؤسسات العامة.
ولا يمكن أن تكون محل إتفاق تحكيم النزاعات التي تهم حالة الأشخاص وأهليتهم ، أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة. وكذلك النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة بإختصاصات السلطة العمومية. غير النزاعات المالية الناتجة عن التصرفات الأحادية المذكورة، يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق قانون جبائي.
ماهو إتفاق التحكيم ؟
يقصد بإتفاق التحكيم إلتزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ، أو قد ينشأ عن علاقة قانونية معينة، تعاقدية أو غير تعاقدية.
يحرر إتفاق التحكيم كتابة. إما بعقد رسمي أو عرفي. وإما بمحضر يحرر أمام الهيئة التحكيمية المختارة.
ويعتبر إتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في رسائل متبادلة، أو إتصال بالتلكس، أو برقيات، أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال.
يكتسي إتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحکیم.
ما هو عقد التحكيم ؟
هو الإتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ بينهم بعرض هذا النزاع على هيئة حكيمية، ويمكن إبرامه ولو أثناء دعوی جارية أمام المحكمة.
لايمنع إتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة لطلب إتخاذ أي إجراء وقتي أو خفظي.
ما هي مهام الهيئة التحكيمية ؟
تختص الهيئة التحكيمية بالبت في صحة وحدود إختصاصها. أو في صحة إتفاق التحكيم بأمر غير قابل للطعن.
تضبط الهيئة التحكيمية إجراءات مسطرة التحكيم دون أن تكون ملزمة بتطبيق الإجراءات المتبعة لدى المحاكم. ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك في إتفاق التحكيم.
تقوم الهيئة التحكيمية بجميع إجراءات التحقيق بالإستماع إلى الشهود أو بتعيين خبراء أو بأي إجراء آخر.
يحق للهيئة التحكيمية أن تطلب من الطرف الحائز لوسيلة إثبات ما الإدلاء بها.
تتخذ الهيئة التحكيمية ما لم يتم الإتفاق على خلاف ذلك بطلب من أحد الأطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه لازما في حدود مهمتها.
تطبق هيئة التحكيم في موضوع النزاع القواعد القانونية التي يتفق عليها الأطراف، وفي حال غياب هذا الإتفاق تطبق هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه أكثر إتصالا بالنزاع.
على الهيئة التحكيمية أن تراعي في جميع الأحوال شروط العقد موضوع النزاع وتأخذ بعين الإعتبار الأعراف التجارية والعادات. وما جرى عليه التعامل بين الطرفين.
وإذا إتفق الطرفان على تفويض هيئة التحكيم صفة وسطاء بالتراضي. تفصل الهيئة في هذه الحالة في موضوع النزاع بناء على قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بالقانون.
ما المقصود بالحكم التحكيمي ؟
يصدر الحكم التحكيمي بأغلبية الأصوات بعد مداولة الهيئة التحكيمية. ويكتسب بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه.
يكتسب الحكم التحكيمي بمجرد صدوره حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه. ولا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية بصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها.
أما الحكم التحكيمي الصادر في الحالة التي يكون فيها أحد طرفي النزاع من أشخاص القانون العام، فلا يكتسب حجية الشيء المقضي به إلا بناء على أمر بتخويل الصيغة التنفيذية.
تذييل الأحكام التحكيمية بالصيغة التنفيذية:
يختص بأمر تخويل الصيغة التنفيذية رئيس المحكمة الصادر الحكم التحكيمي في دائرتها.
وإذا تعلق التحكيم بإستئناف حكم ما، فإن الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية يصدره الرئيس الأول لهذه المحكمة.
ولا يقبل الأمر الصادر بتحويل الصيغة التنفيذية أي طعن. وإذا ما تم رفض تخويل الصيغة التنفيذية فيجب أن يكون القرار معللا ويمكن إستئنافه داخل 15 يوما من تاریخ تبليغه.
الطعن في الحكم التحكيمي:
لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن من طرق الطعن بإستثناء إعادة النظر، وتعرض الغير الخارج عن الخصومة.
ويمكن أن تكون الأحكام التحكيمية قابلة للطعن بالبطلان أمام محكمة الإستئناف في حالات محددة. داخل أجل 15 يوما من تبليغ الحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية، وإذا أبطلت محكمة الاستئناف الحكم التحكيمي تبت في جوهر النزاع في إطار المهمة المسندة إلى الهيئة التحكيمية.
التحكيم الدولي:
ما المقصود بالتحكيم الدولي ؟
يعتبر دوليا التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية، والذي يكون لأطرافه على الأقل موطن أو مقر بالخارج.
تطبق على التحكيم الدولي المقتضيات القانونية المتعلقة بالتحكيم الدولي الواردة بقانون المسطرة المدنية. دون الإخلال بما ورد في الإتفاقيات الدولية المصادق عليها من لدن المملكة المغربية والمنشورة بالجريدة الرسمية.